1

بمختلف الألوان
إنَّ الفَضلَ في كتابِ اللهِ عَظيمٌ، واسِعٌ لا يُحَدُّ، فَقَد أغدَقَ اللهُ تَعالى على عِبادِهِ نِعَمًا ظاهِرَةً وباطِنَةً، مَنَحَهُمُ المالَ والبَنينَ، وأعلى شأنَهُم بالعِزَّةِ والكرامَةِ. وهذا الفَضلُ الإلهيُّ ليسَ مَحصُورًا في النِّعَمِ الدُّنيَوِيَّةِ فَحَسبُ، بَلْ يَتَجَلَّى بأسمَى... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات اجتماعية
صناعة الأوهام في البحث العلمي العربي: حين تتحول الورقة إلى سلعة، والنزاهة إلى استثناء
"كم ورقة نشرت هذا العام"
سؤال بات يُطرح على كل باحث عربي، لا باعتباره مؤشرًا على جودة معرفية أو أثر علمي، بل كوسيلة ترقيم جامدة، تحوّلت فيها البحوث إلى سلعة، والمجلات إلى واجهات زائفة. في بيئة أكاديمية متعبة، أنهكتها البيروقراطية وغذّتها نظم ترقية مشوهة، لم يعد من المستغرب أن تتحوّل النزاهة العلمية إلى رفاهٍ اختياري، وأن يصبح "النشر المفترس" أحد أكثر الظواهر انتشارًا وتطبيعًا في جسد البحث العربي.

أزمة الكم على حساب المعنى
في الأصل، العلم لا يُقاس بعدد الأوراق المنشورة، بل بجودة الأفكار، صدق المنهج، وأثر النتائج لكن واقع الحال تغيّر و مع تصاعد ثقافة "انشر أو اندثر"، أصبح الباحث يُقيَّم بحسب عدد الصفحات لا عمق التحليل، وتُمنح الترقية الأكاديمية بناءً على تصنيف المجلة، لا على موثوقية محتواها.
في هذا السياق، ظهرت "دور النشر المفترسة" كأطراف انتهازية في مشهد مأزوم. مجلات تقبل النشر مقابل رسوم، دون تحكيم، دون مراجعة، ودون احترام لجوهر العملية العلمية وهي لا تقدم علمًا، بل تصنع وهمًا: بيتًا من طابوق هشّ، يبدو من الخارج منتظمًا، لكنه ينهار عند أول اختبار معرفي.

الحوار مع الذات الأكاديمية: كيف وصلنا إلى هنا
قد يتساءل البعض: ما المشكلة إذا نشر الباحث خمسين ورقة سنويًا أليس ذلك دليلًا على الاجتهاد
المشكلة ليست في الطموح، بل في الأدوات. حين يغدو النشر سهلًا لدرجة أن يُنجز خلال أيام بلا مراجعة علمية، فنحن لا نتحدث عن اجتهاد، بل عن تزييف. وحين تكافئ الجامعات هذا التزييف بعمد أو عن جهل فإننا أمام نظام ينتج الوهم ويمنحه شرعية مؤسسية.

من التزييف الفردي إلى الانهيار المؤسسي
الأخطر أن هذه الظاهرة لم تعد محصورة بأفراد. إنها امتدت لتشمل مؤسسات بأكملها، كما أكده تقرير مؤشر النزاهة الأكاديمية (RI²) الصادر في يونيو 2025، والذي صنّف ثماني جامعات عراقية ضمن فئات "الخطر العالي" و"الراية الحمراء" وهي درجات إنذار تشير إلى خلل مؤسسي في أخلاقيات النشر وضبط الجودة البحثية.
هنا، لم نعد نتحدث عن أبحاث ضعيفة فقط، بل عن انعدام ثقة دولية بمؤسساتنا، وعن خطر حقيقي على سمعة العراق الأكاديمية، إذ باتت أبحاثه تُراجع مرتين، وتُقابل بشكّ مضاعف عند طلب التمويل، أو التقديم لمجلات علمية رصينة.

من المسؤول
كلنا مسؤولون. الباحث الذي ينشر دون تدقيق، المؤسسة التي تحتفي بالكم، الوزارة التي تغيب عنها آليات الرقابة، والمجتمع الأكاديمي الذي يصمت عن الانحرافات بدعوى المجاملة أو الخوف من المساءلة.
حتى المجلات المزيفة لا تعمل في فراغ. إنها تنشط في ظل تساهل رسمي، وتهاون أخلاقي، وسوق مفتوح للترقيات والجوائز الشكلية. وهكذا، يُقصى الباحث النزيه، ويُكرَّم من يتقن تزييف الجهد العلمي.

الحل عودة إلى جذور الفكرة
الحل ليس تقنيًا بحتًا، ولا قانونيًا فقط، بل يبدأ بإعادة تعريف البحث العلمي كرسالة لا وظيفة. نحتاج إلى:
وعي مبكر: من خلال تدريب طلبة الدراسات العليا على التمييز بين المجلات الحقيقية والمفترسة.
قواعد تقييم جديدة: لا تقيس "عدد" الأبحاث بل "قيمتها".
إصلاح نظام الترقية الأكاديمية: ليعتمد على الأثر العلمي لا على عدد المنشورات.
تشريعات وطنية: تجرّم النشر في مجلات مفترسة، وتُلزم المؤسسات بمراجعة دورية لإنتاجها البحثي.
لجان نزاهة حقيقية: لا شكلية، تتابع وتراجع وتواجه، لا تُبرر وتُجامل.

تأمل أخير: العلم لا يُبنى على ورق هشّ
في النهاية، الورقة البحثية ليست مجرد منتج للنشر، بل عقد أخلاقي بين الباحث والمجتمع العلمي وهي وعدٌ بأن ما كُتب مبني على حقيقة، وموجّه نحو تقدم أما حين تتحوّل الورقة إلى وسيلة تسلق، والنشر إلى عمل تجاري، فإننا لا نخدع الآخرين فقط بل نخدع أنفسنا.
إن النشر العلمي، في جوهره، لا يتعلق بعدد الكلمات، ولا بتصنيف المجلة، بل بالمسؤولية الأخلاقية تجاه الحقيقة. وكل ورقة تُنشر بلا مراجعة، وكل اقتباس مسروق، وكل نتيجة ملفقة، هي طعنة في ظهر هذه المسؤولية وإذا أردنا أن نستعيد مكانتنا كعرب في ساحة العلم العالمية، فلا يكفي أن نكتب أكثر بل يجب أن نكتب بصدق.
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 1 يوم
2025/07/20م
الاجازة الدراسية تعني تفرغ الموظف للدراسة تفرغا تاما بغية الحصول على الشهادة المتعاقد عليها ، وهي تمنح براتب تام ، والراتب التام يشمل الراتب الاساسي للموظف اي راتب الدرجة والمرحلة التي هو فيها تضاف اليه المخصصات الثابتة التي تمنح بقوة القانون وتلتصق بالراتب الاساسي وتدور معه بقاء وزوالا . هذا ومن... المزيد
عدد المقالات : 142
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 ايام
2025/07/18م
منذ ظهور مفهوم التطهير الأرسطي اكتسبت الفنون أهميةً بالغة في معالجة مشكلات الحياة عبر تفريغ الشحنات السلبية المتراكمة لدی الفرد الواحد ثم المجتمع بعمومه، فالفن وسيلة للسمو، وسيلة للجمال، والفن سلاح يواجه القبح الذي يزداد مع ازدياد الانحرافات وازدياد التعقيد في الحياة العامة،وانحسار دور... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 ايام
2025/07/18م
في مدينةٍ موغلةٍ في قُدسيتها، حيث يتعانق التاريخ مع الإيمان، وُلد سليم، طفلًا لا يحمل في جسده قوة، بل يحمل في عينيه وعدًا لا يُخلف: وعد الأمل. لم يكن مولده بدءًا لزمنٍ جديد فحسب، بل كان نشيدَ تحدٍّ طويل، ستنقشه الأيام على جبين الصبر. نشأ في كنف والده، الحاج محمود، الانسان الوقور، ومع والدته ، التي كانت... المزيد
عدد المقالات : 22
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 1 اسبوع
2025/07/14م
هنـــاك في الكرادة،حيث عبق الكرم وعباءة العقيدة التي تركها الأجدادُ للقادمين من أولادهم،هناك نشأ الشيخ خيري هادي الأسدي،سليل ذاك البيت الذي يذوب في حب الحسين ابن التنور الذي لاينطفئ والرغيف الساخن والمضيف الضاحك دائما في وجوه الوافدين، وُلد الشيخ الأسدي عام 1960م وركضت الأيام سريعا،وكأنّ الأمر... المزيد
عدد المقالات : 53
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 1 يوم
2025/07/20م
أيّها المغترّ بهم رويداً لا عجبَ أن يتبدّلَ رأي الإنسان ويتغيّرَ نظرُه، فإنّ من طبع العقل النقيّ أن يُراجع، ومن دأب النفس الباحثة أن تُنقّب، ومن شأن الموضوعيّ أن لا يستحيي من التحوّل إذا لاح له الحقّ وتجلّى له الصواب. ولا ريب أنّ هذا التبدّل يُعدّ من الحُسن إذا كان انتقالاً من ظلمات الضلال إلى... المزيد
عدد المقالات : 136
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2025/07/07م
مـن زفـيرِ اليُـتم أشعلتُ اللظى ... وارتـشفتُ الحزنَ جمراً يُلفظا فاحـتواني وجــعٌ مـِن حـافـرٍ ... يشتكي ظـُلـماً بـوجهي يُلحظـا حـَسبكم رمشي يواري دمعةً ... لو جراحُ الطفِ ماجتْ بالشظى او يـُدوّي بين عمري هائماً ... يستغيثُ الصمتَ شعراً يُقرظـا إنني مُــذ كـنتُ غِـرّاً يـافـعاً ... قــدَّ سهوي... المزيد
عدد المقالات : 29
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 اسابيع
2025/07/02م
كان جالسا وفي حضنه الطفل الملكوتيّ، وكنتُ جالسا أتأمل وجهيهما، ماهذا الجمع النورانيّ (محمد والحسين) أي صلواتٍ تفي بهذا اللقاء مازلتُ صامتا، مفعما بالمحبة، أنظرُ ولا أشبع، تُرى لماذا قلبي نهم لايعرف الاكتفاء لماذا روحي عطشی لاتصل الی الامتلاء الرسول الأعظم مازال يداعب صغيره، ومازلت أنا أجوب... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 اسابيع
2025/07/02م
في البيداء وردة كسيرة عطشى أحاطت بها ضاريات الفلا فلا معين لها يروى ولا ساقي لها يسقى وقفت حيرى ورمقت بناظرها رب السما رباه لا تكسر خاطر أمرأة ثكلى... صليل سيوف غدت مسموعة فأودت بحياة أخيها صرعى... رفع رأسه على الرمح فاعتلى... فأصبحت في خربة الغربى... أسيرة البلدان... ومن حواليها أطفال تبكى... كأني... المزيد
عدد المقالات : 87
علمية
سلسلة في مفاهيم الفيزياء الجزء السادس والعشرون اختزال الدالة الموجية بين التأمل والاحتمال الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 17/7/2025 يستحسن أن نشير هنا إلى أن الفيزياء النظرية تبدأ في معظم الأحيان بأفكار تأملية، الأفكار في نماذج رياضية... المزيد
في وقت يتخبط فيه الاقتصاد العالمي تحت وطأة الاضطرابات الجيوسياسية، والتقلبات النقدية، وارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، تبرز مصر كحالة استثنائية بين الاقتصادات الناشئة، وفقًا لتقارير حديثة من مؤسسات مالية دولية مرموقة. فقد وصف كل من معهد التمويل... المزيد
سلسلة في مفاهيم الفيزياء الجزء الخامس والعشرون: بين التداخل والاختزال ما الذي تصفه ميكانيكا الكم الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 16/7/2025 قلنا في المقالة السابقة: إذا كانت ميكانيكا الكم تنفي وجود اختزال فعلي، فقد يكون من المفيد أن نعيد... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
تجربة شخصية ومراجعة علمية لحالة حنف القدم:...
محسن حسنين مرتضى السندي
2025/06/15م     
عظمة أهل البيت (عليهم السلام) وحدود القياس...
السيد رياض الفاضلي
2025/02/20م     
النخب والمفاهيم النمطية الموروثة
عبد الخالق الفلاح
2024/11/16م     
اخترنا لكم
إصدارات
2025/06/23
صدر عن قسمِ الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، دليلُ القصص الفائزة في مسابقة القصة القصيرة عن الامام الحسن العسكري...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
2025/06/23
( تأخير التوبة اغترار، وطول التسويف حيرة )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com