النحو
اقسام الكلام
الكلام وما يتالف منه
الجمل وانواعها
اقسام الفعل وعلاماته
المعرب والمبني
أنواع الإعراب
علامات الاسم
الأسماء الستة
النكرة والمعرفة
الأفعال الخمسة
المثنى
جمع المذكر السالم
جمع المؤنث السالم
العلم
الضمائر
اسم الإشارة
الاسم الموصول
المعرف بـ (ال)
المبتدا والخبر
كان وأخواتها
المشبهات بـ(ليس)
كاد واخواتها (أفعال المقاربة)
إن وأخواتها
لا النافية للجنس
ظن وأخواتها
الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل
الأفعال الناصبة لمفعولين
الفاعل
نائب الفاعل
تعدي الفعل ولزومه
العامل والمعمول واشتغالهما
التنازع والاشتغال
المفعول المطلق
المفعول فيه
المفعول لأجله
المفعول به
المفعول معه
الاستثناء
الحال
التمييز
الحروف وأنواعها
الإضافة
المصدر وانواعه
اسم الفاعل
اسم المفعول
صيغة المبالغة
الصفة المشبهة بالفعل
اسم التفضيل
التعجب
أفعال المدح والذم
النعت (الصفة)
التوكيد
العطف
البدل
النداء
الاستفهام
الاستغاثة
الندبة
الترخيم
الاختصاص
الإغراء والتحذير
أسماء الأفعال وأسماء الأصوات
نون التوكيد
الممنوع من الصرف
الفعل المضارع وأحواله
القسم
أدوات الجزم
العدد
الحكاية
الشرط وجوابه
الصرف
موضوع علم الصرف وميدانه
تعريف علم الصرف
بين الصرف والنحو
فائدة علم الصرف
الميزان الصرفي
الفعل المجرد وأبوابه
الفعل المزيد وأبوابه
أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)
اسناد الفعل الى الضمائر
توكيد الفعل
تصريف الاسماء
الفعل المبني للمجهول
المقصور والممدود والمنقوص
جمع التكسير
المصادر وابنيتها
اسم الفاعل
صيغة المبالغة
اسم المفعول
الصفة المشبهة
اسم التفضيل
اسما الزمان والمكان
اسم المرة
اسم الآلة
اسم الهيئة
المصدر الميمي
النسب
التصغير
الابدال
الاعلال
الفعل الصحيح والمعتل
الفعل الجامد والمتصرف
الإمالة
الوقف
الادغام
القلب المكاني
الحذف
المدارس النحوية
النحو ونشأته
دوافع نشأة النحو العربي
اراء حول النحو العربي واصالته
النحو العربي و واضعه
أوائل النحويين
المدرسة البصرية
بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في البصرة وطابعه
أهم نحاة المدرسة البصرية
جهود علماء المدرسة البصرية
كتاب سيبويه
جهود الخليل بن احمد الفراهيدي
كتاب المقتضب - للمبرد
المدرسة الكوفية
بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في الكوفة وطابعه
أهم نحاة المدرسة الكوفية
جهود علماء المدرسة الكوفية
جهود الكسائي
الفراء وكتاب (معاني القرآن)
الخلاف بين البصريين والكوفيين
الخلاف اسبابه ونتائجه
الخلاف في المصطلح
الخلاف في المنهج
الخلاف في المسائل النحوية
المدرسة البغدادية
بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في بغداد وطابعه
أهم نحاة المدرسة البغدادية
جهود علماء المدرسة البغدادية
المفصل للزمخشري
شرح الرضي على الكافية
جهود الزجاجي
جهود السيرافي
جهود ابن جني
جهود ابو البركات ابن الانباري
المدرسة المصرية
بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو المصري وطابعه
أهم نحاة المدرسة المصرية
جهود علماء المدرسة المصرية
كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك
جهود ابن هشام الانصاري
جهود السيوطي
شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك
المدرسة الاندلسية
بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في الاندلس وطابعه
أهم نحاة المدرسة الاندلسية
جهود علماء المدرسة الاندلسية
كتاب الرد على النحاة
جهود ابن مالك
اللغة العربية
لمحة عامة عن اللغة العربية
العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)
العربية الجنوبية (العربية اليمنية)
اللغة المشتركة (الفصحى)
فقه اللغة
مصطلح فقه اللغة ومفهومه
اهداف فقه اللغة وموضوعاته
بين فقه اللغة وعلم اللغة
جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة
جهود القدامى
جهود المحدثين
اللغة ونظريات نشأتها
حول اللغة ونظريات نشأتها
نظرية التوقيف والإلهام
نظرية التواضع والاصطلاح
نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح
نظرية محاكات أصوات الطبيعة
نظرية الغريزة والانفعال
نظرية محاكات الاصوات معانيها
نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية
نظريات تقسيم اللغات
تقسيم ماكس مولر
تقسيم شليجل
فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)
لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية
موطن الساميين الاول
خصائص اللغات الجزرية المشتركة
اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية
تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)
اللغات الشرقية
اللغات الغربية
اللهجات العربية
معنى اللهجة
اهمية دراسة اللهجات العربية
أشهر اللهجات العربية وخصائصها
كيف تتكون اللهجات
اللهجات الشاذة والقابها
خصائص اللغة العربية
الترادف
الاشتراك اللفظي
التضاد
الاشتقاق
مقدمة حول الاشتقاق
الاشتقاق الصغير
الاشتقاق الكبير
الاشتقاق الاكبر
اشتقاق الكبار - النحت
التعرب - الدخيل
الإعراب
مناسبة الحروف لمعانيها
صيغ اوزان العربية
الخط العربي
الخط العربي وأصله، اعجامه
الكتابة قبل الاسلام
الكتابة بعد الاسلام
عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه
أصوات اللغة العربية
الأصوات اللغوية
جهود العرب القدامى في علم الصوت
اعضاء الجهاز النطقي
مخارج الاصوات العربية
صفات الاصوات العربية
المعاجم العربية
علم اللغة
مدخل إلى علم اللغة
ماهية علم اللغة
الجهود اللغوية عند العرب
الجهود اللغوية عند غير العرب
مناهج البحث في اللغة
المنهج الوصفي
المنهج التوليدي
المنهج النحوي
المنهج الصرفي
منهج الدلالة
منهج الدراسات الانسانية
منهج التشكيل الصوتي
علم اللغة والعلوم الأخرى
علم اللغة وعلم النفس
علم اللغة وعلم الاجتماع
علم اللغة والانثروبولوجيا
علم اللغة و الجغرافية
مستويات علم اللغة
المستوى الصوتي
المستوى الصرفي
المستوى الدلالي
المستوى النحوي
وظيفة اللغة
اللغة والكتابة
اللغة والكلام
تكون اللغات الانسانية
اللغة واللغات
اللهجات
اللغات المشتركة
القرابة اللغوية
احتكاك اللغات
قضايا لغوية أخرى
علم الدلالة
ماهية علم الدلالة وتعريفه
نشأة علم الدلالة
مفهوم الدلالة
جهود القدامى في الدراسات الدلالية
جهود الجاحظ
جهود الجرجاني
جهود الآمدي
جهود اخرى
جهود ابن جني
مقدمة حول جهود العرب
التطور الدلالي
ماهية التطور الدلالي
اسباب التطور الدلالي
تخصيص الدلالة
تعميم الدلالة
انتقال الدلالة
رقي الدلالة
انحطاط الدلالة
اسباب التغير الدلالي
التحول نحو المعاني المتضادة
الدال و المدلول
الدلالة والمجاز
تحليل المعنى
المشكلات الدلالية
ماهية المشكلات الدلالية
التضاد
المشترك اللفظي
غموض المعنى
تغير المعنى
قضايا دلالية اخرى
نظريات علم الدلالة الحديثة
نظرية السياق
نظرية الحقول الدلالية
النظرية التصورية
النظرية التحليلية
نظريات اخرى
النظرية الاشارية
مقدمة حول النظريات الدلالية
أخرى
المعجم (تحليل المعنى المعجمي)
المؤلف:
تمام حسان
المصدر:
اللغة العربية معناه ومبناها
الجزء والصفحة:
ص323- 334
16-4-2019
10295
والآن ننتقل إلى تناول المعنى المعجمي بالتحليل من النواحي الآتية:
أ- التعدد والاحتمال في المعنى المعجمي:
ب- شرح المعنى كيف يكون.
جـ- صلة المعنى المعجمي بأنظمة اللغة الثلاثة الصوتي والصرفي والنحوي.
أ- قلنا: إن من طبيعة المعنى المعجمي أن يكون متعددًا ومحتملًا, وهاتان الصفتان من صفاته تقود كل منهما إلى الآخر, فإذا تعدَّد معنى الكلمة المفردة حال انعزالها تعددت احتمالات القصد وتعدد احتمالات القصد يعتبر تعددًا في المعنى, والذي يجب ألّا يغيب عن أذهاننا دائمًا أن الكلمة في المعجم لا تفهم إلّا منعزلة عن السياق, وهذا هو المقصود بوصف الكلمات في المعجم بأنها "مفردات", على حين لا توصف بهذا الوصف وهي في النص حاشا بعد استخراجها منه لتحديد معناها المناسب. وإن تعدد معنى الكلمة في المعجم يرجع إلى صلاحيتها للدخول في أكثر من سياق, وثبوت ذلك لما بسبق استعمالها في نصوص عربية قديمة وحديثة. ومن صلاحيتها للدخول في أكثر من سياق ما يأتي
ص323
تعدد معناها واحتماله في حالة الإفراد, وإذا أردنا أن نضرب مثلًا لتعدد معاني الكلمة المفردة واحتمالها, فلدينا مثالان نوردهما هنا ونرصد تعدد المعنى فيهما, وهما كلمتا "صاحب" و"ضرب".
فأما كلمة صاحب فيتعدد معناها على النحو التالي:
1- لقب "أي: ذو" نحو: صاحب الجلالة.
2- مالك نحو: صاحب البيت.
3- صديق نحو: صاحبي.
4- رفيق نحو: صاحب رسول الله.
5- منتفع نحو: صاحب المصلحة.
6- مستحق نحو: صاحب الحق.
7- مقتسم نحو: صاحب نصيب الأسد.
فكلمة صاحب بمفردها تحتمل هذه المعاني السبعة ولا تختص بواحد منها إلّا عند التضام مع المضاف إليه, وهذا التضام أضعف صورة من صور الدخول في سياق, ولذلك يعتبر كل مثال من الأمثلة السبعة الواردة مما يحدد معنى واحدًا معينًا للكلمة, وأما كلمة "ضرب" فمن معانيها ما يأتي:
1- عاقب نحو: ضرب زيد عمرًا.
2- ذكر نحو: ضرب الله مثلًا.
3- أقام نحو: ضرب له قبة.
4- صاغ نحو: ضرب العملة.
5- حدد نحو: ضرب له موعدًا.
6- سعى نحو: ضرب في الأرض.
7- حسب نحو: ضرب خمسة في ستة.
وقد تأتي في تعبير فتفيد بالتضام غير ذلك؛ كإفادة معنى "الارتباك" في عبارة "ضرب أخماسًا في أسداس" والمعنى معجمي في الكلمة المفردة فقط, أما حين تدخل في السياق فإن معناه لا يسمَّى معجميًّا نظرًا إلى أن السياق يحفل بالكثير من القرائن الحالية والمقالية التي قد تعطي الكلمة من المعاني
ص324
ما لا يرد على بال صاحب المعجم, وقد سبق أن شرحنا بعض ذلك عند دراسة النبر والتنغيم حين وازنا بين "اذكر الله" و"اذكري الله", وحين قلنا عن بعض العبارات مثل: "نعم" و"لا" و"يا سلام" إنها قد تفيد بالنغمة من المعاني ما يتعارض مع معناها المعطى لا في المعجم. ولعل تعدد المعنى واحتماله من جهة وتحدده وتعينه من جهة أخرى هو الفارق الأساسي بين الكلمة التي في المعجم واللفظ الذي في السياق.
ب- ما الذي يتوقعه المرء عندما يمسك بالمعجم ليكشف عن معنى الكلمة ما؟ أو بعبارة أخرى: أي نوع من أنواع المعلومات يتوقّع الطالب أن يجده في المعجم, وأيها لا يتوقع أن يجده؟ دعنا أولًا نقول: إن المعجم ليس كتاب قواعد؛ لأنه ليس نظامًا من أنظمة اللغة, فلا ينبغي للطالب أن يكشف في المعجم عن قاعدة صوتية أو صرفية أو نحوية؛ لأن القواعد بفروعها المذكورة تتكفَّل بشرح المعنى الوظيفي بواسطة وصف سلوك الرمز التي دون الكلمة, أي سلوك الأجزاء التحليلية, ويجمع هذه الفروع كلمة "قواعد" التي تقابلها الكلمة الإنجليزية grammar, فالقواعد تشمل النظام الصوتي والنظام الصرفي والنظام النحوي. وأما المعجم فهو الخطوة التالية بعد القواعد في تتابع المستويات التحليلية للمعنى, ولا يأتي بعد المعجم من هذه المستويات إلّا علم الدلالة semantics, تلك كانت إجابة سلبية على السؤال المتقدم. أما الإجابة الإيجابية فهي: إن الطالب ينبغي أن يتوقّع من المعجم أن يقدم له المعلومات الآتية:
1- طريقة النطق: من المعروف أن أنظمة الكتابة في اللغات المختلفة تقصر دون تمثيل النطق تمثيلًا صوتيًّا دقيقًا؛ لأن الأغراض العملية للكتابة الإملائية لا تتطلّب الرمز للفروق الصوتية الدقيقة التي لا تهمّ القارئ العادي كالإخفاء والإقلاب والإدغام بغنّة وهلم جرا, وإنما ينبغي لكل نظام إملائي أن تكون غايته المنشودة أن يمثل الحروف phonemes في الكتابة بأن يجعل لكل حرف من حروف اللغة "وقد يشتمل الواحد منها على عدد من الأصوات
ص325
كما بينا بالنسبة للنون" رمزًا كتابيًّا واحدًا مستقلًّا، وهذه الغاية المنشودة لم تصل إليها لغة من لغات العالم حتى الآن, ولم يصل إليها نظام الإملاء العربي كذلك, ومن شاء أن يعرف تفصيل ذلك فليرجع إلى كتابي "اللغة بين المعيارية والوصفية". ولكننا نستطيع أن نضرب المثل هنا بالحروف التي لا تنطق كالواو التي في "عمرو", والحروف التي لا تكتب كواو المد في "داود", والحروف التي تنطق ويكتب رمز غيرها من الحروف كالألف في "رمى" وهلم جرّا. ولهذا السبب أصبح من المحتمل للكلمة العربية كما يمثلها نظام الإملاء أن تكون عرضة للخطأ في النطق, ومن ثَمَّ يتوقع طالب المعجم حين يكشف عن معنى الكلمة أن يبدأ المعجم بأن يحدد له طريقة نطقها ما دام النظام الإملائي لا يصل إلى هذه الغاية. وفي لغات العالم الحية معاجم خاصة لنطق الكلمات؛ كالمعجم الذي وضعه دانيال جونز لنطق كلمات اللغة الإنجليزية, وأطلق عليه اسم: English Pronouncing Dictionary ولعل الصلة الشديدة الانفكاك بين الهجاء الإنجليزي ونطق الكلمات في تلك اللغة يبرر وضع معجم خاص لنطق كلماتها. أما الطريقة التي درجت عليها المعاجم العربية للوصول إلى هذه الغاية "إيضاح طريقة النطق" فهي أن تصف حركات الكلمة ومدها وإعجام الحروف أو إهمالها, فتقول مثلًا في كلمة "تبعة" بفتح فكسر ففتح, أو تقول عند خوف اللبس المطبعي: بالتاء الفوقية المثناة فالباء التحتية فالعين المهملة, ومن ذلك أيضًا ألّا تفصل القول في حركاتها وحروفها, وإنما تلجأ إلى قياس هذه الكلمة على كلمة أخرى أشهر منها في الاستعمال, فتجعل الكلمة الشهيرة كالميزان الصرفي للكلمة المشروحة فتقول مثلًا: "ردح البيت كمنع" فيعرف أن هذا الفعل من باب فعل يفعل -بفتح العين- في الصيغتين, فيفيد القارئ من ذلك من جهة النطق -وربما الصرف كذلك- في الوقت نفسه.
2- الهجاء: وما دامت الأنظمة الإملائية لا تتطابق مع النطق بالضرورة ولا سيما حين تراعى اعتبارات أخرى بعضها تاريخي وبعضها لغوي "صوتي أو صرفي أو نحوي" وهلمَّ جرا, فلا بُدَّ أن يكون هجاء الكلمات غير متَّسم أحيانًا بالاطراد التام, ولا بُدَّ أن يختلف أساس هجاء كلمتين قد يبدو لأول
ص326
وهلة أنهما متشابهتان مثل: "غزا" و"جزى", فعلى المعجم في هذه الحالة أن يكون مظنَّة من مظانِّ الإجابة على كيفية كتابة كلمة ما, فيقدم هذا العون لمن لا يعرف ما يختفي خلف هاتين الألفين من اعتبارات صرفية, ومثل ذلك يقال في الكلمات التي تشتمل على الهمزات التي يختلف موضعها من الصورة الكتابية للكلمة بين الإفراد والكتابة على ألف أو واو أو ياء, فعلى المعجم أيضًا أن يكون مظنة الوصول إلى هجاء هذه الكلمات.
أما الرجل العادي الذي لا بصر له بقواعد اللغة فليرجع في شأن الهجاء إلى المعجم.
3- التحديد الصرفي: ومما ينبغي للمعجم أن يقدمه للقارئ تحديد المبنى الصرفي للكلمة, كما إذا كانت الكلمة اسمًا أو صفة أو فعلًا أو غير ذلك, فتقديم هذا التحديد الصرفي للكمة يعتبر الخطوة الضرورية في طريق الشرح؛ لأنه لا يمكن لإنسان أن يربط ما بين كلمة وما بين معناها المعجمي إلّا إذا عرف مبناها الصرفي فحدَّد معناها الوظيفي أولًا, ويحدث أحيانًا أن تأتي كلمة على صيغة صرفية محايدة مثل:
فاعل: لصفة الفاعل والأمر من فاعل نحو: "قاتل".
فعل: للصفة المشبهة والمصدر نحو: "عدل".
فعيل: لصيغة المبالغة ولمعنى مفعول نحو: "رفيع".
أفعل: للفعل الماضي وصفة التفضيل والصفة المشبهة نحو: "أسمى".
فانعزال الكلمة في المعجم قد يكون بيئة صالحة للبس في معناها, فعلى المعجم أن يعطيها من طرق الشرح ما يوضح معناه الصرفي كالتضامِّ بأن يقول مثلًا: "الأشرف الفاضل في الشرف" فنعلم من هذا أن المقصود صفة التفضيل بقرينة التضامِّ مع أداة التعريف, أو يقول: "أشرف على الشيء" أطل عليه" فيعرف من التضام أن المقصود الفعل. وفي كلمة مثل "المختار" لا بُدَّ للمعجم قبل شرحها أن يقول مثلًا: "والمختار بمعنى الفاعل الذي يختار
ص327
لنفسه وبمعنى المفعول من يقع عليه الاختيار" أو شيئًا شبيهًا بذلك, فقوله: بمعنى الفاعل وبمعنى المفعول تحديد صرفي لكلمة محايدة, أو يقول: "العدل بمعنى الصفة العادل, وبمعنى المصدر الإقساط في الحكم". فلا يمكن في حالة "المختار" و"العدل" ولا في غيرهما أن يكون الشرح مفيدًا إفادة تامة دون التحديد الصرفي للكمة.
4- الشرح: ويكون شرح الكلمة بذكر معانيها المتعددة التي يصلح كل واحد منها لسياق معين, ولكن هذا الشرح أيضًا يتطلب أمورًا لا بُدَّ للمعجم من الوفاء بها حتى تتحقق فائدته بالنسبة لطلاب معاني الكلمات.
أولًا: لا بُدَّ أن يعنى المعجم بعرض الأشكال المختلفة إن وجدت للكلمة التي يشرحها, وهذه الأشكال المتعددة قد توجد جنبًا إلى جنب في الاستعمال في عصر واحد؛ كأن يسجل المعجم وجود صورتين مثلًا لكلمة "ميزة" تبدأ إحداهما للهيئة بالكسر والمد, وتبدأ الثانية للمرة بالفتح فالسكون, فيذكرهما باعتبارهما جاريتين على الألسنة بدرجة واحدة أو متقاربة. وقد تكون الأشكال المختلفة للكلمة مختلفة العصور كأنّ للكلمة صورة قديمة إما مهجورة أو مستعملة, وصورة أخرى أحدث منها مستعملة في الوقت الحاضر, وذلك مثل: "بكة" و"مكة". والمؤسف حقًّا أن المعاجم العربية قليلة العناية بتسجيل التطور الشكلي للكلمات على عكس ما تفعل المعاجم الأوربية كمعجم أوكسفورد الكبير الذي أعطى الكثير من العناية لما أطلق عليه اسم "وجهة النظر التاريخية" بالنسبة لتطور الكلمات.
ثانيًا: تخصيص مدخل لكل اشتقاق من اشتقاقات المادة, أو على الأصح: لكل مشتق من مشتقات المادة؛ لأن الاشتراك في حروف المادة يعتبر صلة رحم بين الكلمات من حيث الشكل, ولا يعتبر بالضرورة صلة رحم من حيث المعنى, وقد ضربنا مثلًا لهذا بالحل والحل والحلول, تشترك ثلاثتها في الأصول وتختلف في المعاني، ولقد درجت المعاجم العربية على جعل حروف المادة
ص328
هي المدخل, ثم تعدد الكلمات الداخلة تحتها على غير ترتيب وبلا قاعدة محددة لهذا التعدد.
وقد كنا نسمع أن معاجم اللغات الأخرى تشتمل على أعداد من الكلمات أكثر مما تشتمل عليه المعاجم العربية. فإذا قد عرفنا أن المعاجم العربية لا تعدد الكلمات بمداخل مستقلة, وإنما تعدد المواد كلًّا منها بمدخل خاصٍّ أدركنا أن المعاجم الأجنبية ربما كانت أكثر عدد مداخل لا عدد كلمات من المعاجم العربية. فاللغة العربية دون شك واسعة الثروة بما منحها التاريخ العربي المجيد من مفردات وهي قابلة لزيادة هذه الثروة بما وهبتها طبيعتها العبقرية في الصياغة من إمكان الاشتقاق والارتجال والتعريب وتغليب الصيغ على نحو ما اقترحناه تحت عنوان: "النظام الصرفي" وهلم جرا.
ثالثًا: شرح المعاني المختلفة المتعددة للكلمة الواحدة, وينبغي للشرح أن يكون واضحًا وأن يتجنب قدر الطاقة الشرح بالمرادف فقط؛ لأن الترادف التامّ مشكوك في أمره لما أصبح معروفًا في دراسة أصول التعارف على وضع الرموز للمعاني من ضرورة استقلال المعنى الواحد بالرمز الواحد, فالكلمتان اللتان تعتبرهما مترادفتين لا يوجد بينهما في الواقع إلّا منطقة مشتركة من المعنى, ثم يستقل كلٌّ منهما بأقليمه الخاص خارج منطقة التداخل, فاختلاف ظلال المعنى بهذه الصورة مطعَن خطير في فكرة الترادف.
ومَنْ ذَا الذي يقول: إن السيف والمشرفي والحسام والهندواني والفرند كلها بمعنى واحد؟ لا شَكَّ أن كل اسم من أسماء السيف هنا يستقل بملحظ خاص، ومن ثَمَّ يحسن في الشرح أن يستوفي ذلك الشرح قدر الطاقة بأكثر من مجرد المرادف. كما ينبغي أن تستوفى استعمالات الكلمة لغويًّا وفنيًّا إذا كانت الكلمة قد دخلت الاستعمال الاصطلاحي, فإذا تعددت معانيها الفنية كما في كلمة "الفاعل" مثلًا، فهو في النحو اسم مرفوع, وفي علم الجريمة هو المجرم, وفي الفلسفة هو المؤثر, وهو ضد القابل، فيحسن في هذه الحالة أن يشير المعجم إلى فروع العلم التي تستخدم فيها الكلمة استخدامًا اصطلاحيًّا قبل البدء في شرح معناها الاصطلاحي؛ كأن يقال مثلًا:
ص329
الفاعل الذي يفعل, وفي النحو الاسم المرفوع الذي يسند إليه فعل متقدم مبنى للمعلوم، وفي الجريمة الذي الجناية, وفي الفلسفة المؤثر وهو ضد القابل إلخ.
ومما يرد على الخاطر في هذا الصدد أن الكتاب العرب المعاصرين يبدون الكثير من الإهمال عند اختيار مصطلحاتهم الفنية, فيختارون للتعبير الاصطلاحي كلمات لا تتصل بما أريد بها من معنى, وذلك كأن يريد الكاتب التعبير عن معنى الإحساس" فيسوق لذلك المعنى كلمة "الشعور", وهي كلمة لها معنًى فني آخر، أو حين يريد الكاتب أن يعبر عن فكرة فنية ما فيأتي للتعبير عنها بكلمة ذات استعمال عرفي عام, فليس لها استعمال سابق في الاصطلاح, وذلك كالتعبير عن فكرة "الطلاق" بكلمة "اليمين"، أو حين يريد الكاتب أن يعبّر عن معنى يوصل إليه لغة بصيغة صرفية معينة, فيستعمل للتعبير عن هذا المعنى صيغة أخرى ذات معنى يختلف تمامًا عن المعنى المقصود؛ كأن يريد التعبير عن معنى "محددة" أي: لها حد وتعريف تتعين به, فيستعمل لهذا المعنى كلمة "محدودة" غير عابئ, أو لعله غير فطن إلى هذه الكلمة الأخيرة معناها "قاصرة", أي: لا توصف بالعموم ولا بالشمول.
رابعًا: الاستشهاد على كل معنى من المعاني التي يوردها المعجم للكلمة؛ لأن شرح المعنى بدون استشهاد على الشرح لا يعطي فكرة واضحة عن طريقة استعمال الكلمة, أي: إن القيمة الحقيقية لهذا الاستشهاد تكمن في الكشف عن الطرق المختلفة التي يمكن بها أن تستعمل الكلمة في نطاق التركيب بعد أن عرف معناها المفرد؛ لأن مجرد الكشف عن هذا المعنى مهما تعددت المعاني المشروحة لا يمكن أن يرشد إلى طريقة الاستعمال في التراكيب المختلفة باختلاف الرتبة والتضام وغيرهما من القرائن. وينبغي للاستشهاد أن يختار اختيارًا حسنًا بحيث يمثل المعنى المقصود تمثيلًا أمينًا؛ سواء أكان هذا المعنى فنيًّا أم أدبيًّا جماليًّا أم عرفيًّا عامًّا. فإذا ذكر المعجم للكلمة معنى سوقيًّا كان الأفضل أن يكون الاستشهاد عليه من كلام السوقة, أما إذا كان المعنى المختار أدبيًّا جماليًّا فإن الشاهد ينبغي أن يؤخذ من النصوص الأدبية الجميلة.
ص330
خامسًا: أن يتوخَّى المعجم تحديد ضمائم الكلمة طبقًا للوجه الأول من وجهي فهمنا للتضام(1) وهو الذي أطلقنا عليه "التوارد", والوجه الآخر وهو "التلازم", وقد أشرنا إليهما في دراسة النظام النحوي.
وينبغي هنا أن يشير المعجم إلى تغيّر المعنى مع كل ضميمة تتوارد مع الكلمة أو تتلازم معها, فيقول في الحالة الأولى مثلًا: صاحب الدار مالكها, وصاحب رسول الله رفيقة, وصاحب الفضيلة المثقّف في الشريعة الإسلامية, وصاحب الجلالة الملك, وصاحب المعالي الوزير, وصاحبي صديقي, وهلم جرا. ذلك هو المراد بالتوارد الذي هو أحد وجهي التضام, ويقول في الحالة الثانية وهي حالة التلازم: رغب فيه طلبه, وعنه كرهه, وإليه استعانه, وهكذا. ومن قبيل التضام ما يساق من أمثلة التعبيرات المشكوكة مثل: يضرب أخماسًا في أسداس, ويلقي الحبل على الغارب, ويضع الأمور في نصابها, وغير ذلك من العبارات التي تنوسي فيها ما كان لها من المعنى البياني حتى أصبحت كالأمثال لا تحتمل التغيير, ومن هنا جاء وصفها "بالمسكوكة". وإنما ينبغي ذكر الضمائم هنا؛ لأن الاكتفاء بذكر الكلمة دون ضمائمها لا يصل بالمعجم إلى غايته المنشودة, ويضيف إلى ما في المعجم من عموم المعنى وتعدده واحتماله عنصرًا آخر سلبيًّا جديدًا خطيرًا هو "اللبس".
جـ- والذي لا أملّ من تكراره في هذا المقام أن المعنى المعجمي متعدد ومحتمل, وهذا هو وجه الشبه من جهة بينه وبين المعنى الوظيفي للعناصر التحليلية, ووجه الاختلاف من جهة أخرى بين هذين المعنيين والمعنى الدلالي للسياق. ومما أود أن أشير إليه ههنا أن المعجم ينتفع بنتائج المستويات التحليلية التي سبقت, وهي النظام الصوتي والنظام الصرفي والنظام النحوي, وهي النظم المسئولة عن تحديد المعنى الوظيفي, أي: إن المعنى المعجمي يستعين بالمعنى الوظيفي. وقد رأينا كيف توقعنا للمعجم أن يحدد طريقة النطق وطريقة الهجاء والمبنى الصرفي, كما يرتبط شرح المعنى المعجمي في تحديد ضمائم الكلمة وسوق شواهدها بضرورة إيراد بعض الإشارات النحوية.
ص331
وفيما يلي نصٌّ من القاموس المحيط للفيروز آبادي يمكن أن ننظر فيه لنرى مقدار وفائه بمطالب علم المعجم أو مقدار قصوره في هذا المضمار:
"ردح" البيت كمنع, وأردحه أدخل شقة في مؤخرة, أو تكاثف عليه الطين، والردحة -بالضم- سترة في مؤخرة البيت، أو قطعة تزاد في البيت. وكسحاب الثقيلة الأوراك، والجفنة العظيمة، والكتيبة الثقيلة الجرارة، والدوحة الواسعة، والجمل المثقل حملًا، والمخصب، ومن الكباش الضخم الإلية، ومن الفتن الثقيلة العظيمة, جمعه: ردح، ومنه قول علي بن أبي طالب -رضي الله عنه: إن من ورائكم أمورًا متحاملة ردحًا, ويروى: والردح الوجع الخفيف، والردحي بالضم -بقال القرى, ولك عنه ردحة -بالضم- ومرتدح أي سعة".
وبعد فقد رأينا من هذا النص ما يأتي:
1- تعدد المعنى المعجمي لكلمة "ردح" إذ كان لها معنيان، وكان للردحة معنيان أيضًا، وللرداح ثمانية معانٍ مختلفة, وكل واحد من المعاني المتعددة للكلمة المفردة يظل محتملًا للقصد حتى ترد الكلمة في سياق فيكون لها معنًى واحد فقط.
2- رأينا كذلك كيف حدَّد القاموس طريقة نطق الكلمة بقوله: ردح كمنع, فما دمنا نعلم الحركات التي في كلمة "منع", وأنها ثلاث فتحات متوالية, فإن قوله: "كمنع" يصبح في قوة قوله: مفتوحة الأول والوسط والآخر.
3- أما من ناحية هجاء الكلمة: فقد لمحنا في كل مشتق من مشتقات هذه المادة كيف يكتب, ولكن غالبية المشتقات جاءت على القواعد الإملائية المحضة, فلم يكن فيها ما يدعو إلى النظر في طريقة هجائها, ولكن واحدة منها مثلًا هي "الردحي" قد اختلطت فيها قواعد الإملاء بالاعتبارات الصرفية
ص332
فأصبح هجاؤها وكتابة آخرها بالياء مما يطلبه بعض الناظرين في معناها, فجاءت صورتها الإملائية هنا عونًا لهذا البعض.
4- وحين قال القاموس: "ردح كمنع" أعطانا معلومات صرفية محدَّدة, فبيّن لنا باب الفعل الثلاثي الذي ينتمي إليه "ردح"؛ إذ لم تقتصر هذه المعلومات التي عرفناها من قوله: "كمنع" على صورة الماضي, وإنما دلت الكلمة أيضًا على حركة عين مضارعه, وأنها فتحة, فكأنه قال: ومضارعه "يردح" مفتوح العين.
5- أعطانا القاموس هنا صورة توضح لنا قيمة التضامّ في إيضاح المعنى وطريقة الاستعمال؛ إذ قال: "ولك عنه ردحة بالضم ومرتدح أي: سعة", ولو أنه قال: "والردحة السعة" لما أمكن لنا أن نعرف متى تكون كذلك, ولكان في قوله تعميم غير حميد لا يذهب بأثره إلّا إيراد الضمائم التي يكون هذا المعنى بها.
6- وربما أرجعنا قوله: "ويروى ردحًا" إلى محاولة إيفاء حق "وجهة النظر التاريخية" بإيراد الروايات المختلفة للكلمة، ولكن ذلك بأية صورة من صوره لا يمكن اعتباره من قبيل التطور الصرفي لشكل الكلمة etemology, وهو أمر تفتقر إليه معاجمنا العربية أشدّ الافتقار, كما تفتقر هذه المعاجم أيضًا إلى دراسة التطور الدلالي للكلمة الواحدة من عصر إلى عصر. وهذا الجانبان من "وجهة النظر التاريخية" المذكورة يستحقان عناية المجامع اللغوية والهيئات والأفراد لما يكمن وراءهما من الفائدة الكبيرة التي تعود على تاريخ حياة اللغة الفصحى.
7- ولقد رأينا في قول القاموس: "ومنه قول علي -رضي الله عنه: "إن من ورائكم أمورًا متماحلة ردحًا" مثلًا للاستشهاد على المعنى, وقد علمنا أن الاستشهاد يعين على معرفة طريقة الاستعمال في التراكيب.
ص333
ذلك هو المعجم، وتلك طبيعة منهجه وحدود ما يطلب منه. ولعل التعدد والاحتمال اللذين ذكرناهما للمعنى الوظيفي أولًا ثم للمعنى المعجمي ثانيًا يشيران إلى ضرورة عدم الاكتفاء بمعنى المقال مهما توافرت القرائن المقالية؛ لأن هذه القرائن "معنوية أو لفظية" لا تغني بأي حال عن القرائن الحالية التي نستمدها من المقام. والمقام وما يمكن أن يستمد منه من القرائن التي تعين على تحديد المعنى هو موضوع الفصل التالي تحت عنوان "الدلالة".
ص334
__________
(1) راجع معنى التضام في دراسة القرائن اللفظية في النظام النحوي.