1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تأملات قرآنية

مصطلحات قرآنية

هل تعلم

علوم القرآن

أسباب النزول

التفسير والمفسرون

التفسير

مفهوم التفسير

التفسير الموضوعي

التأويل

مناهج التفسير

منهج تفسير القرآن بالقرآن

منهج التفسير الفقهي

منهج التفسير الأثري أو الروائي

منهج التفسير الإجتهادي

منهج التفسير الأدبي

منهج التفسير اللغوي

منهج التفسير العرفاني

منهج التفسير بالرأي

منهج التفسير العلمي

مواضيع عامة في المناهج

التفاسير وتراجم مفسريها

التفاسير

تراجم المفسرين

القراء والقراءات

القرآء

رأي المفسرين في القراءات

تحليل النص القرآني

أحكام التلاوة

تاريخ القرآن

جمع وتدوين القرآن

التحريف ونفيه عن القرآن

نزول القرآن

الناسخ والمنسوخ

المحكم والمتشابه

المكي والمدني

الأمثال في القرآن

فضائل السور

مواضيع عامة في علوم القرآن

فضائل اهل البيت القرآنية

الشفاء في القرآن

رسم وحركات القرآن

القسم في القرآن

اشباه ونظائر

آداب قراءة القرآن

الإعجاز القرآني

الوحي القرآني

الصرفة وموضوعاتها

الإعجاز الغيبي

الإعجاز العلمي والطبيعي

الإعجاز البلاغي والبياني

الإعجاز العددي

مواضيع إعجازية عامة

قصص قرآنية

قصص الأنبياء

قصة النبي ابراهيم وقومه

قصة النبي إدريس وقومه

قصة النبي اسماعيل

قصة النبي ذو الكفل

قصة النبي لوط وقومه

قصة النبي موسى وهارون وقومهم

قصة النبي داوود وقومه

قصة النبي زكريا وابنه يحيى

قصة النبي شعيب وقومه

قصة النبي سليمان وقومه

قصة النبي صالح وقومه

قصة النبي نوح وقومه

قصة النبي هود وقومه

قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف

قصة النبي يونس وقومه

قصة النبي إلياس واليسع

قصة ذي القرنين وقصص أخرى

قصة نبي الله آدم

قصة نبي الله عيسى وقومه

قصة النبي أيوب وقومه

قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله

سيرة النبي والائمة

سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام

سيرة الامام علي ـ عليه السلام

سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله

مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة

حضارات

مقالات عامة من التاريخ الإسلامي

العصر الجاهلي قبل الإسلام

اليهود

مواضيع عامة في القصص القرآنية

العقائد في القرآن

أصول

التوحيد

النبوة

العدل

الامامة

المعاد

سؤال وجواب

شبهات وردود

فرق واديان ومذاهب

الشفاعة والتوسل

مقالات عقائدية عامة

قضايا أخلاقية في القرآن الكريم

قضايا إجتماعية في القرآن الكريم

مقالات قرآنية

التفسير الجامع

حرف الألف

سورة آل عمران

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

سورة إبراهيم

سورة الإسراء

سورة الأنبياء

سورة الأحزاب

سورة الأحقاف

سورة الإنسان

سورة الانفطار

سورة الإنشقاق

سورة الأعلى

سورة الإخلاص

حرف الباء

سورة البقرة

سورة البروج

سورة البلد

سورة البينة

حرف التاء

سورة التوبة

سورة التغابن

سورة التحريم

سورة التكوير

سورة التين

سورة التكاثر

حرف الجيم

سورة الجاثية

سورة الجمعة

سورة الجن

حرف الحاء

سورة الحجر

سورة الحج

سورة الحديد

سورة الحشر

سورة الحاقة

الحجرات

حرف الدال

سورة الدخان

حرف الذال

سورة الذاريات

حرف الراء

سورة الرعد

سورة الروم

سورة الرحمن

حرف الزاي

سورة الزمر

سورة الزخرف

سورة الزلزلة

حرف السين

سورة السجدة

سورة سبأ

حرف الشين

سورة الشعراء

سورة الشورى

سورة الشمس

سورة الشرح

حرف الصاد

سورة الصافات

سورة ص

سورة الصف

حرف الضاد

سورة الضحى

حرف الطاء

سورة طه

سورة الطور

سورة الطلاق

سورة الطارق

حرف العين

سورة العنكبوت

سورة عبس

سورة العلق

سورة العاديات

سورة العصر

حرف الغين

سورة غافر

سورة الغاشية

حرف الفاء

سورة الفاتحة

سورة الفرقان

سورة فاطر

سورة فصلت

سورة الفتح

سورة الفجر

سورة الفيل

سورة الفلق

حرف القاف

سورة القصص

سورة ق

سورة القمر

سورة القلم

سورة القيامة

سورة القدر

سورة القارعة

سورة قريش

حرف الكاف

سورة الكهف

سورة الكوثر

سورة الكافرون

حرف اللام

سورة لقمان

سورة الليل

حرف الميم

سورة المائدة

سورة مريم

سورة المؤمنين

سورة محمد

سورة المجادلة

سورة الممتحنة

سورة المنافقين

سورة المُلك

سورة المعارج

سورة المزمل

سورة المدثر

سورة المرسلات

سورة المطففين

سورة الماعون

سورة المسد

حرف النون

سورة النساء

سورة النحل

سورة النور

سورة النمل

سورة النجم

سورة نوح

سورة النبأ

سورة النازعات

سورة النصر

سورة الناس

حرف الهاء

سورة هود

سورة الهمزة

حرف الواو

سورة الواقعة

حرف الياء

سورة يونس

سورة يوسف

سورة يس

آيات الأحكام

العبادات

المعاملات

القرآن الكريم وعلومه : التفسير الجامع : حرف الألف : سورة الأعراف :

تفسير آية (44-45) من سورة الأعراف

المؤلف:  المرجع الإلكتروني للمعلوماتية

المصدر:  تفاسير الشيعة

الجزء والصفحة:  ......

8-5-2019

12589

قال تعالى : {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ} [الأعراف : 44 ، 45] .

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

 حكى سبحانه ما يجري بين أهل الجنة والنار ، بعد استقرارهم في الدارين ، فقال ، {ونادى} أي : وسينادي {أصحاب الجنة أصحاب النار} أي : أهل الجنة أهل النار ، وإنما ذكر بلفظ الماضي ، لتحقيق المعنى ، جعل ما سيكون كأنه قد كان ، لأنه كائن لا محالة ، وذلك أبلغ في الردع {أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا} من الثواب في كتبه ، وعلى ألسنة رسله {حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم} من العقاب {حقا} وإنما أضافوا الوعد بالجنة إلى نفوسهم ، لأن الكفار ما وعدهم الله بالجنة إلا بشرط أن يؤمنوا ، فلما لم يؤمنوا ، فكأنهم لم يوعدوا بالجنة ، وإنما سألوهم هذا السؤال لأن الكفار كانوا يكذبون المؤمنين فيما يدعون لأنفسهم من الثواب ، ولهم من العقاب ، فهو سؤال توبيخ وشماتة يريد به سرور أهل الجنة ، وحسرة أهل النار .

{قالوا نعم} أي : قال أهل النار وجدنا ما وعدنا ربنا من العقاب حقا ، وصدقا {فأذن مؤذن بينهم} أي : نادى مناد بينهم أسمع الفريقين {أن لعنة الله على الظالمين} أي : غضب الله ، وسخطه ، وأليم عقابه على الكافرين ، لأنه وصف الظالمين بقوله {الذين يصدون عن سبيل الله} أي : يعرضون عن الطريق الذي دل الله سبحانه على أنه يؤدي إلى الجنة . وقيل : معناه يصرفون غيرهم عن سبيل الله أي دينه ، والحق الذي دعا إليه .

{ويبغونها عوجا} قال ابن عباس : معناه يصلون لغير الله ، ويعظمون ما لم يعظمه الله . وقيل : معناه يطلبون لها العوج بالشبه التي يلتبسون بها ، ويوهمون انه يقدح فيها ، وهي معوجة عن الحق بتناقضها {وهم بالآخرة} أي : بالدار الآخرة ، يعني القيامة ، والبعث ، والجزاء . {كافرون} جاحدون . وقيل في المؤذن إنه مالك خازن النار .

وروي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال : (المؤذن أمير المؤمنين علي عليه السلام) ، ذكره علي بن إبراهيم في تفسيره قال : حدثني أبي عن محمد بن فضيل عن الرضا عليه السلام ، ورواه الحاكم أبو القاسم الحسكاني بإسناده عن محمد بن الحنفية ، عن علي عليه السلام أنه قال : (أنا ذلك المؤذن له وبإسناده عن أبي صالح ، عن ابن عباس :

(إن لعلي عليه السلام في كتاب الله أسماء لا يعرفها الناس ، قوله : (فأذن مؤذن بينهم) فهو المؤذن بينهم ، يقول ألا لعنة الله على الذين كذبوا بولايتي ، واستخفوا بحقي) .

________________________________

1 . تفسير مجمع البيان ، ج4 ، ص 258-259 .

 

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير هاتين الآيتين (1) :

{ونادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا} . ان أصحاب الجنة على علم اليقين بأن أصحاب النار قد وجدوا صدق الوعيد والتهديد ، ولكنهم وجهوا إليهم هذا السؤال شكرا للَّه على ما أنعم عليهم ، وتقريعا لأهل النار على كفرهم وعنادهم ، وتذكيرا لهم بما كانوا يقولونه من الهزؤ والاستخفاف بدين الحق وأهله .

{قالُوا نَعَمْ} حيث لا وسيلة للإنكار {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} بهذه اللعنة يرفع المؤذن صوته يوم القيامة واصفا الظالمين بثلاثة أوصاف :

1 - {الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} أي يمنعون الناس من اتباع الحق بشتى الوسائل .

2 - {ويَبْغُونَها عِوَجاً} . لا يريدون الصدق والإخلاص والاستقامة ، وانما يريدون الكذب والنفاق والخيانة .

3 - {وهُمْ بِالآخِرَةِ كافِرُونَ} فلا يخافون حسابا ولا عقابا على جرائمهم وآثامهم .

_______________________

1. تفسير الكاشف ، ج4 ، ص 330 .

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

قوله تعالى : {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ} [الأعراف : 44] إلى آخر الآية .  

هذا في نفسه أخذ اعتراف من أصحاب النار بتوسط أصحاب الجنة وواقع موقع التهكم والسخرية يتهكم ويسخر به أصحاب الجنة من أصحاب النار .  

و الاستهزاء والسخرية إنما يكون من اللغو الباطل إذا لم يتعلق به غرض حق كالاستهزاء بالحق وأهله أما إذا كان لغرض المقابلة والمجاراة أو لغرض آخر حق من غير محذور فليس من قبيل اللغو الذي لا يصدر عن أهل الجنة قال تعالى حكاية عن نوح (عليه السلام) : {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ} [هود : 38] ، وقال : {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ - الى أن قال - فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ} [المطففين : 29 - 34] .  

وأما الفرق بين قولهم : {مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا} [الأعراف : 44] وقولهم : {مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ} [الأعراف : 44] حيث ذكر المفعول في الوعد الأول دون الثاني فلعل ذلك للدلالة على نوع من التشريف فإن الظاهر أن المراد بما وعد الله جميع ما وعده من الثواب والعقاب لعامة الناس .  

وهناك وجه آخر وهو أن متعلق اعتراف المؤمنين وإنكار الكفار من أمر المعاد مختلف في الدنيا فإن المؤمنين يثبتون البعث بجميع خصوصياته التي بينها الله لهم ووعدها إياهم ، وأما الكفار المنكرون فإنهم ينكرون أصل البعث الذي اشترك في الوعد به المؤمنون والكفار جميعا ، ولذلك احتج الله سبحانه ويتم الحجة عليهم بأصله دون خصوصياته كقوله تعالى : {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا} [الأنعام : 30] ، وقوله : {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا} [الأحقاف : 34] .      

وعلى هذا فقولهم : {أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا} [الأعراف : 44] اعتراف منهم بحقية ما وعدهم الله وكانوا يذعنون به ويشهدون من جميع خصوصيات البعث بما قصهم الله في الدنيا بلسان أنبيائه ، وأما الكفار فقد كانوا ينكرون أصل البعث والعذاب ، وهو مما يشتركون فيه هم والمؤمنون فلذا قيل : {فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا} [الأعراف : 44] ولم يقل ما وعدكم ربكم لأن الوعد بأصل البعث والعذاب لم يكن مختصا بهم .  

وبذلك يظهر الجواب عما قيل : إن الوفاء بالوعد واجب دون الوفاء بالوعيد على ما ذكره المتكلمون فما معنى أخذ الاعتراف بحقية ما ذكره الله من عقاب الكفار والمجرمين وأنذرهم به في الدنيا ، وليس تحققه بلازم .  

وذلك أن الملاك فيما ذكروه من الفرق أن الثواب حق العامل على ولي الثواب الذي بيده الأمر ، والعقاب حق الولي المثيب على العامل ، ومن الجائز أن يصرف الشخص نظره عن إعمال حق نفسه لكن لا يجوز إبطال حق الغير فإنجاز الوعد واجب دون إنجاز الوعيد ، وهذا إنما يتم في موارد الوعيد الخاصة ومصاديقه في الجملة ، وأما عدم إنجاز أصل العقاب على الذنب وإبطال أساس المجازاة على التخلف فليس كذلك إذ في إبطاله إبطال التشريع من أصله وإخلال النظام العام .  

وربما وجه الفرق في قوليه : ﴿وَعَدَنَا رَبُّنَا﴾ ﴿وَعَدَ رَبُّكُم﴾ بأن المراد بقوله : ﴿وعدنا﴾ ما وعد الله المتقين من خصوصيات ما يعاملهم به يوم القيامة ، وبقوله : ﴿وعد ربكم﴾ عموم ما وعد به المؤمنين والكفار من الثواب والعقاب يوم القيامة كالذي في قوله : {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ} [البقرة : 38] إلى آخر الآيتين .  

ومن المعلوم أن هذا الوعد لا يختص بالكفار حتى يقال : وعدكم ربكم بل التعبير الحق وعد ربكم .  

وفيه : أن أصل الفرق لا بأس به لكنه لا يقطع السؤال فللسائل أن يعود فيقول ما هو السبب الفارق في أن أصحاب الجنة لما أوردوا اعتراف نفسهم اقتصروا بذكر ما يخصهم من أمور يوم القيامة ، وأما إذا سألوا أصحاب النار سألوهم عن جميع ما وعد الله به المؤمنين والكفار؟ وبعبارة أخرى هناك ما يشترك فيه الطائفتان وما يختص به كل منهما فما بالهم إذا اعترفوا هم أنفسهم اعترفوا بما يختص بأنفسهم ويسألون أصحاب النار الاعتراف بما يشترك فيه الجميع؟ .  

وربما وجه الفرق بأن المراد بقوله {مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ} [الأعراف : 44] الذي وعده أصحاب الجنة من أنواع الثواب الجزيل فإن أصحاب النار يشاهدون ذلك كما يجدون ما بهم من أليم العقاب .  

وهو وجه سخيف على سخافته لا يغني طائلا .  

وقوله : {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [الأعراف : 44] تفريع على تحقق الاعتراف من الطائفتين جميعا على حقية ما وعده الله سبحانه ، والأذان هو قوله : ﴿ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ وهو إعلام عام للفريقين - والدليل عليه ظاهر قوله : ﴿بينهم﴾ - بقضاء اللعنة وهي الإبعاد والطرد من الرحمة الإلهية على الظالمين وقد فسر الظالمين الذين ضربت عليهم باللعنة بقوله : {الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ} [الأعراف : 45] فهم الكافرون المنكرون للآخرة الذين يصدون عن سبيل الله محرفة منحرفة ، ويصرفون غيرهم عن سلوك الصراط المستقيم فهؤلاء هم المعاندون للحق المنكرون للمعاد .  

وهذا الوصف يشمل جميع المعاندين للحق الكافرين بالجزاء حتى المنكرين للصانع الذين لا يدينون بدين فإن الله سبحانه يذكر في كتابه أن دينه وسبيله الذي يهدي إليه وبه هو سبيل الإنسانية الذي تدعو إليه الفطرة الإنسانية والخلقة خص بها الإنسان ليس وراءه إسلام ولا دين .  

فالسبيل الذي يسلكه الإنسان في حياته هو سبيل الله وصراطه وهو الدين الإلهي فإن سلكه على استقامة ما تدعو إليه الفطرة وهو الذي يسوقه إلى سعادته كان هو الصراط المستقيم والإسلام الذي هو الدين عند الله وسبيل الله الذي لا عوج فيه ، وإن سلك غير ذلك سواء كان فيه إذعان بألوهية وعبادة لمعبود كالملل والأديان الباطلة أو لم يكن فيه خضوع لشيء وعبادة لمعبود كالمادية المحضة فهو سلوك يبغون فيه سبيل الله عوجا وهو الإسلام محرفا عن وجهه ، ونعمة الله التي بدلت كفرا ، فافهم ذلك .   وقد أبهم الله هذا الذي يخبر عنه بقوله : {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ} [الأعراف : 44] ولم يعرفه من هو؟ أمن الإنس أم من الجن أم من الملائكة؟ لكن الذي يقتضيه التدبر في كلامه تعالى أن يكون هذا المؤذن من البشر لا من الجن ولا من الملائكة : أما الجن فلم يذكر في شيء من تضاعيف كلامه تعالى أن يتصدى الجن شيئا من التوسط في أمر الإنسان من لدن وروده في عالم الآخرة وهو حين نزول الموت إلى أن يستقر في جنة أو نار فيختم أمره فلا موجب لاحتمال كونه من الجن .  

وأما الملائكة فإنهم وسائط لأمر الله وحملة لإرادته بأيديهم إنفاذ الأوامر الإلهية ، وبوساطتهم يجري ما قضى به في خلقه ، وقد ذكر الله سبحانه أشياء من أمرهم وحكمهم في عالم الموت وفي جنة الآخرة ونارها كقولهم للظالمين حين القبض : {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} [الأنعام : 93] وقولهم لأهل الجنة : {سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ} [النحل : 32]  إلخ وقول مالك لأهل النار : {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف : 77] ، ونظائر ذلك .  

وأما المحشر وهو حظيرة البعث والسؤال والشهادة وتطاير الكتب والوزن والحساب والظرف الذي فيه الحكم الفصل فلم يذكر للملائكة فيه شيء من الحكم أو الأمر والنهي ولا لغيرهم صريحا إلا ما صرح تعالى به في حق الإنسان .  

كقوله تعالى في أصحاب الأعراف في ذيل هذه الآيات حكاية عنهم : {وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ } [الأعراف : 46] وقولهم لجمع من المؤمنين هناك : {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} [الأعراف : 49] وهذا حكم وأمر وتأمين بإذن الله ، وقوله تعالى فيما يصف يوم القيامة : {قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ} [النحل : 27] وقوله تعالى بعد ذكر سؤاله أهل الجمع عن مدة لبثهم في الأرض : {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الروم : 56] .  

فهذه جهات من تصدي الشئون ، والقيام بالأمر يوم القيامة حبا الله الإنسان به دون الملائكة مضافا إلى أمثال الشهادة والشفاعة اللتين له .

______________________________

1 . تفسير الميزان ، ج8 ، ص 119= 123 .

 

تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

بعد البحث في الآيات السابقة حول مصير أهل الجنّة وأهل النّار ، أشار هنا إلى حوار هذين الفريقين في ذلك العالم ، ويستفاد من ذلك أنّ أهل الجنّة وأهل النّار يتحادثون بينهم وهم في مواقعهم في الجنّة أو النّار .

فيقول أوّلا : {وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا}.

فيجيبهم أهل النّار قائلين : نعم وجدنا كل ذلك. عين الحقيقة {قالُوا : نَعَمْ}.

ويجب الالتفات إلى أن (نادى) وإن كان فعلا ماضيا ، إلّا أنّه هنا يعطي معنى المضارع ، ومثل هذه التعابير كثيرة في القرآن الكريم ، حيث يذكر الحوادث التي تقع في المستقبل حتما بصيغة الفعل الماضي ، وهذا يعدّ نوعا من التأكيد ، يعني أنّ المستقبل واضح جدّا ، وكأنّه قد حدث في الماضي وتحقق.

على أنّ التعبير بـ «نادى» الذي يكون عادة للمسافة البعيدة ، يصوّر بعد المسافة المقامية أو المكانية بين هذين الفريقين.

وهنا يمكن أن يطرح سؤال وهو : وما فائدة حوار هذين الفريقين مع أنّهما يعلمان بالجواب ؟

وجواب هذا السؤال معلوم ، لأنّ السؤال ليس دائما للحصول على المزيد من المعلومات ، بل قد يتّخذ أحيانا صفة العتاب والتوبيخ والملامة ، وهو هنا من هذا القبيل. وهذه هي واحدة من عقوبات العصاة والظالمين الذين عند ما كانوا يتمتعون بلذائذ الدنيا ، حيث كانوا يؤذون المؤمنين بالعتابات المرّة ، والملامات المزعجة ، فلا بدّ ـ في الآخرة ـ أن ينالوا عقابا من جنس عملهم كنتيجة طبيعة لفعلهم ، ولهذا الموضوع نظائر في سور القرآن المختلفة ، منها ما في آخر سورة المطففين.

ثمّ يضيف تعالى بأنّه في هذا الوقت بالذات ينادي مناد بنداء يسمعه الجميع : أن لعنة الله على الظالمين {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} .

ثمّ يعرّف الظالمين ويصفهم بقوله : {الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ} (2) .

ومن الآية الحاضرة يستفاد مرّة أخرى أنّ جميع الانحرافات والمفاسد قد اجتمعت في مفهوم «الظلم» وللظالم مفهوم واسع يشمل جميع مرتكبي الذنوب ، والآثام ، وخصوصا الضالون المضلّون.

_________________________

1. تفسير الأمثل ، ج4 ، ص 375-376 .

2. يبغونها عوجا بمعنى يطلبونها عوجا ، أي أنّهم يرغبون ويجتهدون في أن يضلوا الناس بإلقاء الشبهات والدعايات المسمومة عن الطريق المستقيم. كما أنّ الراغب قال في «المفردات» عوج (بفتح العين) يعني الاعوجاج الحسي ، وعوج بكسر العين يطلق على الاعوجاجات التي تدرك بالفكر والعقل ، ولكن هذا التفصيل لا ينسجم مع ظاهر طائفة من الآيات القرآنية مثل الآية (107) من سورة طه (فتأمل بدقّة).

 

 

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي