تأملات قرآنية
مصطلحات قرآنية
هل تعلم
علوم القرآن
أسباب النزول
التفسير والمفسرون
التفسير
مفهوم التفسير
التفسير الموضوعي
التأويل
مناهج التفسير
منهج تفسير القرآن بالقرآن
منهج التفسير الفقهي
منهج التفسير الأثري أو الروائي
منهج التفسير الإجتهادي
منهج التفسير الأدبي
منهج التفسير اللغوي
منهج التفسير العرفاني
منهج التفسير بالرأي
منهج التفسير العلمي
مواضيع عامة في المناهج
التفاسير وتراجم مفسريها
التفاسير
تراجم المفسرين
القراء والقراءات
القرآء
رأي المفسرين في القراءات
تحليل النص القرآني
أحكام التلاوة
تاريخ القرآن
جمع وتدوين القرآن
التحريف ونفيه عن القرآن
نزول القرآن
الناسخ والمنسوخ
المحكم والمتشابه
المكي والمدني
الأمثال في القرآن
فضائل السور
مواضيع عامة في علوم القرآن
فضائل اهل البيت القرآنية
الشفاء في القرآن
رسم وحركات القرآن
القسم في القرآن
اشباه ونظائر
آداب قراءة القرآن
الإعجاز القرآني
الوحي القرآني
الصرفة وموضوعاتها
الإعجاز الغيبي
الإعجاز العلمي والطبيعي
الإعجاز البلاغي والبياني
الإعجاز العددي
مواضيع إعجازية عامة
قصص قرآنية
قصص الأنبياء
قصة النبي ابراهيم وقومه
قصة النبي إدريس وقومه
قصة النبي اسماعيل
قصة النبي ذو الكفل
قصة النبي لوط وقومه
قصة النبي موسى وهارون وقومهم
قصة النبي داوود وقومه
قصة النبي زكريا وابنه يحيى
قصة النبي شعيب وقومه
قصة النبي سليمان وقومه
قصة النبي صالح وقومه
قصة النبي نوح وقومه
قصة النبي هود وقومه
قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف
قصة النبي يونس وقومه
قصة النبي إلياس واليسع
قصة ذي القرنين وقصص أخرى
قصة نبي الله آدم
قصة نبي الله عيسى وقومه
قصة النبي أيوب وقومه
قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله
سيرة النبي والائمة
سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام
سيرة الامام علي ـ عليه السلام
سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله
مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة
حضارات
مقالات عامة من التاريخ الإسلامي
العصر الجاهلي قبل الإسلام
اليهود
مواضيع عامة في القصص القرآنية
العقائد في القرآن
أصول
التوحيد
النبوة
العدل
الامامة
المعاد
سؤال وجواب
شبهات وردود
فرق واديان ومذاهب
الشفاعة والتوسل
مقالات عقائدية عامة
قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
مقالات قرآنية
التفسير الجامع
حرف الألف
سورة آل عمران
سورة الأنعام
سورة الأعراف
سورة الأنفال
سورة إبراهيم
سورة الإسراء
سورة الأنبياء
سورة الأحزاب
سورة الأحقاف
سورة الإنسان
سورة الانفطار
سورة الإنشقاق
سورة الأعلى
سورة الإخلاص
حرف الباء
سورة البقرة
سورة البروج
سورة البلد
سورة البينة
حرف التاء
سورة التوبة
سورة التغابن
سورة التحريم
سورة التكوير
سورة التين
سورة التكاثر
حرف الجيم
سورة الجاثية
سورة الجمعة
سورة الجن
حرف الحاء
سورة الحجر
سورة الحج
سورة الحديد
سورة الحشر
سورة الحاقة
الحجرات
حرف الدال
سورة الدخان
حرف الذال
سورة الذاريات
حرف الراء
سورة الرعد
سورة الروم
سورة الرحمن
حرف الزاي
سورة الزمر
سورة الزخرف
سورة الزلزلة
حرف السين
سورة السجدة
سورة سبأ
حرف الشين
سورة الشعراء
سورة الشورى
سورة الشمس
سورة الشرح
حرف الصاد
سورة الصافات
سورة ص
سورة الصف
حرف الضاد
سورة الضحى
حرف الطاء
سورة طه
سورة الطور
سورة الطلاق
سورة الطارق
حرف العين
سورة العنكبوت
سورة عبس
سورة العلق
سورة العاديات
سورة العصر
حرف الغين
سورة غافر
سورة الغاشية
حرف الفاء
سورة الفاتحة
سورة الفرقان
سورة فاطر
سورة فصلت
سورة الفتح
سورة الفجر
سورة الفيل
سورة الفلق
حرف القاف
سورة القصص
سورة ق
سورة القمر
سورة القلم
سورة القيامة
سورة القدر
سورة القارعة
سورة قريش
حرف الكاف
سورة الكهف
سورة الكوثر
سورة الكافرون
حرف اللام
سورة لقمان
سورة الليل
حرف الميم
سورة المائدة
سورة مريم
سورة المؤمنين
سورة محمد
سورة المجادلة
سورة الممتحنة
سورة المنافقين
سورة المُلك
سورة المعارج
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة المرسلات
سورة المطففين
سورة الماعون
سورة المسد
حرف النون
سورة النساء
سورة النحل
سورة النور
سورة النمل
سورة النجم
سورة نوح
سورة النبأ
سورة النازعات
سورة النصر
سورة الناس
حرف الهاء
سورة هود
سورة الهمزة
حرف الواو
سورة الواقعة
حرف الياء
سورة يونس
سورة يوسف
سورة يس
آيات الأحكام
العبادات
المعاملات
تفسير آية (23-24) من سورة التوبة
المؤلف: اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
المصدر: تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة: ......
6-8-2019
4123
قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (23) قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة : 23 - 24] .
تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هاتين الآيتين (1) :
نهى الله سبحانه المؤمنين عن موالاة الكافرين ، وإن كانوا في النسب الأقربين ، فقال : {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء} وهذا في أمر الدين ، فأما في أمر الدنيا فلا بأس بمجالستهم ومعاشرتهم ، لقوله سبحانه : {وصاحبهما في الدنيا معروفا} قال ابن عباس : لما أمر الله تعالى المؤمنين بالهجرة ، وأرادوا الهجرة ، فمنهم من تعلقت به زوجته ، ومنهم من تعلق به أبواه وأولاده ، فكانوا يمنعونهم من الهجرة ، فيتركون الهجرة لأجلهم ، فبين سبحانه ان أمر الدين مقدم على النسب ، وإذا وجب قطع قرابة الأبوين فالأجنبي أولى {إن استحبوا الكفر على الإيمان} أي : إن اختاروا الكفر ، وآثروه على الإيمان .
قال الحسن : من تولى الشرك فهو مشرك ، وهذا إذا كان راضيا بشركه {ومن يتولهم منكم} فترك طاعة الله لأجلهم ، وأطلعهم على أسرار المسلمين {فأولئك هم الظالمون} نفوسهم ، والباخسون حقها من الثواب ، لأنهم وضعوا الموالاة في غير موضعها ، لأن موضعها أهل الإيمان .
{قل} يا محمد لهؤلاء المتخلفين عن الهجرة إلى دار الاسلام {إن كان آباؤكم} الذين ولدوكم ، {وأبناؤكم} الذين ولدتموهم ، وهم الأولاد الذكور ، {وإخوانكم} في النسب ، {وأزواجكم} اللاتي عقدتم عليهن عقدة النكاح ، {وعشيرتكم} أي : وأقاربكم ، {وأموال اقترفتموها} أي اكتسبتموها ، واقتطعتموها ، وجمعتموها ، {وتجارة تخشون كسادها} أي : تخشون أنها تكسد إذا اشتغلتم بطاعة الله تعالى ، والجهاد ، {ومساكن ترضونها} أي : مساكن اخترتموها لأنفسكم ، ويعجبكم المقام فيها {أحب إليكم} أي : آثر في نفوسكم ، وأقرب إلى قلوبكم {من الله ورسوله} أي : من طاعة الله ، وطاعة رسوله ، {وجهاد في سبيله} أي : ومن والجهاد في سبيل الله {فتربصوا} أي : انتظروا {حتى يأتي الله بأمره} أي : بحكمه فيكم . وقيل : بعقوبتكم على اختياركم هذه الأشياء على الجهاد ، وطاعة الله ، إما عاجلا ، وإما آجلا ، وفيه وعيد شديد ، عن الحسن ، والجبائي .
وقيل : بفتح مكة ، عن مجاهد . وقال بعضهم : وهذا لا يصح لأن سورة (براءة) نزلت بعد فتح مكة ، {والله لا يهدي القوم الفاسقين} مضى تفسيره .
___________________________
1 . تفسير مجمع البيان ، ج5 ، ص 30 .
تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير هاتين الآيتين (1) :
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمانِ} . المراد بالولاية هنا النصرة . لقد أمر الإسلام بصلة الرحم ، وحث عليها ، واعتبر عقوق الوالدين من الكبائر ، وأوصى بالجار ، وبالوفاء للأصدقاء وبكل عقد وعهد ، وأباح للمسلمين ان يبروا ويقسطوا إلى المشركين ، كل أولاء جائز على شريطة ان لا تحرّم حلالا ، أو تحلل حراما ، فإذا وقف الأب في جانب الباطل - مثلا - فلا يجوز للابن ان يناصره في موقفه هذا ، بل عليه أن يقاومه ويردعه ان استطاع ، فقوله تعالى : { إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمانِ } . يشمل كل معصية بطبيعة الحال ، فإذا كان أبوك أو أخوك مسلما ، وظلم سواه فعليك ان تنصر المظلوم على الظالم ، وان كان أباك أو أخاك { ومَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } . جاء في الحديث : « العامل بالظلم والمعين عليه والراضي به شركاء » . وبكلمة ان الحق فوق القرابة والصداقة .
{ قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وأَبْناؤُكُمْ وإِخْوانُكُمْ وأَزْواجُكُمْ وعَشِيرَتُكُمْ وأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها ومَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ ورَسُولِهِ وجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ واللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ } . قيل : نزلت هذه الآية في حادثة خاصة ، وقد يكون هذا حقا ، ولكن لفظها عام ، وكذلك حكمها ، فهي تحدد المؤمن بحد واضح ودقيق ، فمن آثر الحق على مصلحته الخاصة عند صراعهما واصطدامهما فهو مؤمن وطيب ، ومن آثر مصلحته على الحق فهو منافق وخبيث . . هذا هو مفترق الطريق بين المؤمن وغير المؤمن ، كما حددته الآية ، وما جاء فيها من ذكر الأرحام والأموال والمساكن انما ذكر على سبيل المثال لمن قدم منفعته على الحق الذي عبر عنه تعالى بحب اللَّه ورسوله ، وإلا فإن هناك منافع أخرى كالحرص على الحياة ، وحب الجاه والسلطان ، وما إليهما .
والإنسان بفطرته يحب نفسه وأهله وأمواله ، والدين لا يأبى ذلك ، ولا يحجر على أحد ان يستمتع بما يشاء ، ويحب من يريد ، شريطة أن يتقي اللَّه في هذا الاستمتاع والحب ، وأن يكون على حساب جهوده ، لا على حساب الآخرين . .
فعن البخاري ان عمر بن الخطاب قال للنبي ( صلى الله عليه وآله ) : « لأنت أحب إليّ من كل شيء إلا نفسي التي بين جنبي ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : لا والذي نفسي بيده ، حتى أكون أحب إليك من نفسك التي بين جنبيك » . ولا معنى لحب النبي ( صلى الله عليه وآله ) الا طاعته والعمل بشريعته . وتكلمنا عن هذا الموضوع في ج 2 ص 457 .
___________________________
1. تفسير الكاشف ، ج4 ، ص 22-23 .
تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هاتين الآيتين (1) :
قوله تعالى : ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء﴾ إلى آخر الآية نهى عن تولي الكفار ولو كانوا آباء وإخوانا فإن الملاك عام ، والآية التالية تنهى عن تولي الجميع غير أن ظاهر لفظ الآية النهي عن اتخاذ الآباء والإخوان أولياء إن استحبوا الكفر ورجحوه على الإيمان .
وإنما ذكر الآباء والإخوان دون الأبناء والأزواج مع كون القبيلين وخاصة الأبناء محبوبين عندهم كالآباء والإخوان لأن التولي يعطي للولي أن يداخل أمور وليه ويتصرف في بعض شئون حياته ، وهذا هو المحذور الذي يستدعي النهي عن تولي الكفار حتى لا يداخلوا في أمورهم الداخلية ولا يأخذوا بمجامع قلوبهم ، ولا يكف المؤمنون ولا يستنكفوا عن الإقدام فيما يسوؤهم ويضرهم ، ومن المعلوم أن النساء والذراري لا يترقب منهم هذا الأثر السيء إلا بواسطة ، فلذلك خص النهي عن التولي بالآباء والإخوان فهم الذين يخاف نفوذهم في قلوب المؤمنين وتصرفهم في شئونهم .
وقد ورد النهي عن اتخاذ الكفار أولياء في مواضع من كلامه تقدم بعضها في سورة المائدة وآل عمران والنساء والأعراف وفيها إنذار شديد وتهديدات بالغة كقوله تعالى : ﴿ومن يتولهم منكم فإنه منهم﴾ [المائدة : 51] ، وقوله : ﴿ويحذركم الله نفسه﴾ [آل عمران : 28] ، وقوله : ﴿ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء﴾ [آل عمران : 28] ، وقوله : ﴿أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا﴾ [النساء : 144] .
وأنذرهم في الآية التي نحن فيها بقوله : ﴿ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون﴾ ولم يقل : ﴿ومن يتولهم منكم فإنه منهم﴾ إذ من الجائز أن يتوهم بعض هؤلاء أنه منهم لأنهم آباؤه وإخوانه فلا يؤثر فيه التهديد أثرا جديدا يبعثه نحو رفض الولاية .
وكيف كان فقوله : ﴿ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون﴾ بما في الجملة من المؤكدات كاسمية الجملة ، ودخول اللام على الخبر وضمير الفصل يفيد تحقق الظلم منهم واستقراره فيهم ، وقد كرر الله في كلامه أن الله لا يهدي القوم الظالمين ، وقال في نظير الآية من سورة المائدة : ﴿ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين﴾ فهؤلاء محرومون من الهداية الإلهية لا ينفعهم شيء من أعمالهم الحسنة في جلب السعادة إليهم ، والسماحة بالفوز والفلاح عليهم .
قوله تعالى : ﴿قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم﴾ إلى آخر الآية التفت من مخاطبتهم إلى مخاطبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إيماء إلى الإعراض عنهم لما يستشعر من حالهم أن قلوبهم مائلة إلى الاشتغال بما لا ينفع معه النهي عن تولي آبائهم وإخوانهم الكافرين ، وإيجاد الداعي في نفوسهم إلى الصدور عن أمر الله ورسوله ، وقتال الكافرين جهادا في سبيل الله وإن كانوا آباءهم وإخوانهم .
والذي يمنعهم من ذلك هو الحب المتعلق بغير الله ورسوله والجهاد في سبيل الله ، وقد عد الله سبحانه أصول ما يتعلق به الحب النفساني من زينة الحياة الدنيا ، وهي الآباء والأبناء والإخوان والأزواج والعشيرة - وهؤلاء هم الذين يجمعهم المجتمع الطبيعي بقرابة نسبية قريبة أو بعيدة أو سببية - والأموال التي اكتسبوها وجمعوها ، والتجارة التي يخشون كسادها والمساكن التي يرضونها - وهذه أصول ما يقوم به المجتمع في المرتبة الثانية - .
وذكر تعالى أنهم إن تولوا أعداء الدين ، وقدموا حكم هؤلاء الأمور على حب الله ورسوله والجهاد في سبيله فليتربصوا ولينتظروا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين .
ومن المعلوم أن الشرط أعني قوله : ﴿إن كان آباؤكم﴾ إلى قوله : ﴿في سبيله﴾ في معنى أن يقال : إن لم تنتهوا عما ينهاكم عنه من اتخاذ الآباء والإخوان الكافرين أولياء باتخاذكم سببا يؤدي إلى خلاف ما يدعوكم إليه ، وإهمالكم في أمر غرض الدين وهو الجهاد في سبيل الله .
فقوله في الجزاء : ﴿فتربصوا حتى يأتي الله بأمره﴾ لا محالة إما أمر يتدارك به ما عرض على الدين من ثلمة وسقوط غرض في ظرف مخالفتهم ، وإما عذاب يأتيهم عن مخالفة أمر الله ورسوله والإعراض عن الجهاد في سبيله .
غير أن قوله تعالى في ذيل الآية : ﴿والله لا يهدي القوم الفاسقين﴾ يعرض لهم أنهم خارجون حينئذ عن زي العبودية ، فاسقون عن أمر الله ورسوله فهم بمعزل من أن يهديهم الله بأعمالهم ويوفقهم لنصرة الله ورسوله ، وإعلاء كلمة الدين وإمحاء آثار الشرك .
فذيل الآية يهدي إلى أن المراد بهذا الأمر الذي يأمرهم الله أن يتربصوا له حتى يأتي به أمر منه تعالى ، متعلق بنصرة دينه وإعلاء كلمته فينطبق على مثل قوله تعالى في سورة المائدة بعد آيات ينهى فيها عن تولي الكافرين : ﴿يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم﴾ [المائدة : 54] .
والآية بقيودها وخصوصياتها - كما ترى - تنطبق على ما تفيده الآية التي نحن فيها .
فالمراد - والله أعلم - إن اتخذتم هؤلاء أولياء ، واستنكفتم عن إطاعة الله ورسوله والجهاد في سبيل الله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره ، ويبعث قوما لا يحبون إلا الله ، ولا يوالون أعداءه ويقومون بنصرة الدين والجهاد في سبيل الله أفضل قيام فإنكم إذا فاسقون لا ينتفع بكم الدين ، ولا يهدي الله شيئا من أعمالكم إلى غرض حق وسعادة مطلوبة .
وربما قيل : إن المراد بقوله : ﴿فتربصوا حتى يأتي الله بأمره﴾ الإشارة إلى فتح مكة ، وليس بسديد فإن الخطاب في الآية للمؤمنين من المهاجرين والأنصار وخاصة المهاجرين ، وهؤلاء هم الذين فتح الله مكة بأيديهم ، ولا معنى لأن يخاطبوا ويقال لهم : إن كان آباؤكم وأبناؤكم أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فواليتموهم واستنكفتم عن إطاعة الله ورسوله والجهاد في سبيله فتربصوا حتى يفتح الله مكة بأيديكم والله لا يهدي القوم الفاسقين ، أو فتربصوا حتى يفتح الله مكة والله لا يهديكم لمكان فسقكم فتأمل .
___________________________
1. تفسير الميزان ، ج9 ، ص 171-173.
تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هاتين الآيتين (1) :
كلّ شيء فداء للهدف :
إنّ آخر وسوسة أو ذريعة يمكن أن يتذرع بها جماعة من المسلمين للامتناع عن جهاد المشركين (و فعلا فقد تذرع بعضهم وفقا لما ورد في قسم من التفاسير) بأن من بين المشركين وعبدة الأوثان أقارب لهم ، فقد يسلم الأب ويبقى ولده في الشرك على حاله ، وقد يقع العكس إذ يخطو الابن نحو توحيد اللّه ويبقى أبوه مشركا ، وهذه الحالة ربّما كانت موجودة بين الأخ وأحيه ، والزوج وزوجه ، والفرد وعشيرته أو قبيلته ، وهكذا .
فإذا كان القرار أن يجاهد الجميع المشركين فلا بدّ أن يغمضوا أعينهم عن أرحامهم وأقاربهم وعشيرتهم إلخ . هذا كلّه من جهة .
ثمّ ومن جهة أخرى كانت رؤوس الأموال والقدرة التجارية بيد المشركين تقريبا ، ولهذا يسبب تردد المشركين إلى مكّة ازدهار التجارة .
ومن جهة ثالثة كان للمسلمين في مكّة بيوت عامرّة نسبيا ، فإذا قاتلوا المشركين فمن المحتمل أن يهدمها المشركون ، أو تفقد قيمتها إذا عطل المشركون مراسم الحاج ومناسكه بمكّة .
فالآيتان- محل البحث- ناظرتان إلى مثل هؤلاء الأشخاص ، وتردّان عليهم ببيان صريح ، فتقول الآية الأولى منهما : {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ} .
ثمّ تعقب- على وجه التأكيد- مضيفة : {ومَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} .
وأي ظلم أسوأ من أن يظلم الإنسان نفسه بتعلقه بأعداء الحق والمشركين ، ويظلم مجتمعه ، ويظلم نبيّه أيضا؟! أمّا الآية التالية فهي تتناول هذا الموضوع بنحو من التفصيل والتأكيد والتهديد والتقريع ، فتخاطب النّبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ليعنف أولئك الذين لا يرغبون في جهاد المشركين لما ذكرناه آنفا ، فتقول {قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وأَبْناؤُكُمْ وإِخْوانُكُمْ وأَزْواجُكُمْ وعَشِيرَتُكُمْ وأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها ومَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ ورَسُولِهِ وجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} .
ولما كان ترجيح مثل هذه الأمور على رضا اللّه والجهاد في سبيله ، يعدّ نوعا من العصيان والفسق البيّن ، وإن من تشبث قلبه بالدنيا وزخرفها وزبرجها غير جدير بهداية اللّه ، فإنّ الآية تعقب في الختام قائلة {واللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ} .
وقد جاء في تفسير علي بن إبراهيم القمي في شأن الآيتين ما يلي : «لما أذّن أمير المؤمنين أن لا يدخل المسجد الحرام مشرك بعد ذلك ، جزعت قريش جزعا شديدا ، وقالوا : ذهبت تجارتنا وضاعت علينا وخربت دورنا ، فأنزل اللّه في ذلك قل (يا محمّد) إلخ ...
والآيتان- محل البحث- ترسمان خطوط الإيمان الأصيل وتميزانها عن الإيمان المبطن بالشرك والنفاق.
كما أنّهما تضعان حدا فاصلا بين المؤمنين الواقعيين وبين ضعاف الإيمان ، وتقول إحداهما بصراحة : إن كانت هذه الأمور الثمانية «في الحياة المادية» التي يتعلق أربعة منها بالأرحام والأقارب {آباؤُكُمْ وأَبْناؤُكُمْ وإِخْوانُكُمْ وأَزْواجُكُمْ} .
ويتعلق قسم منها بالمجتمع و«العشيرة» .
والقسم السّادس يرتبط بالمال .
والسابع بالتجارة والاكتساب .
وأمّا الثامن- وهو الأخير- فيتعلق بالمساكن ذات الأناقة «و مساكن ترضونها».
فإذا كانت هذه الأمور الثمانية- المذكورة آنفا- أغلى وأعزّ وأحب عند الإنسان من اللّه ورسوله ، والجهاد في سبيله وامتثال أوامره ، حتى أن الإنسان لا يكون مستعدا بالتضحية بتلك الأمور الثمانية من أجل اللّه والرّسول والجهاد ، فيتّضح أن إيمانه الواقعي لم يكمل بعد ! فحقيقة الإيمان وروحه وجوهره ، كل ذلك يتجلّى بالتضحية بمثل هذه الأمور من دون تردد .
ف إلى ذلك ، فإن من لم يكن مستعدا للتضحية بمثل تلك الأمور ، فقد ظلم نفسه ومجتمعه في الواقع ، كما أنّه سيقع في ما كان يخاف من الوقوع فيه لأنّ الأمّة التي تتلكأ في اللحظات الحساسة من تأريخها المصيري ، وفي المآزق الحاسمة ، فلا يضحي أبناؤها بمثل ذلك ، فستواجه الهزيمة عاجلا أو آجلا ، وسيتعرض كلّ ما تعلقت القلوب به فلم تجاهد من أجله الى خطر الضياع والتلف بيد الأعداء .
_____________________________
1. تفسير الامثل ، ج5 ، ص 179-181 .