الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
طبيعة التربية والتعليم في بنية الثقافة
المؤلف: الاستاذ فاضل الكعبي
المصدر: الطفل بين التربية والثقافة
الجزء والصفحة: ص42 ـ 44
2-1-2022
2408
مع ان التربية تشكل الإطار العلمي والعملي لجوهر التنشئة الاجتماعية للفرد، ومحرك فاعليتها لأداء وظائفها الاجتماعية في التطبع والتكيف والاعداد والضبط الأخلاقي والسلوكي والغرائزي والانفعالي لنظم الشخصية ودوافعها الذاتية لتعزيز وجودها وسماتها في المحيط الاجتماعي.. الا انها ـ أي التربية ـ لا تتطور وتخرج من اطارها الذاتي الى الأطر الأخرى، الأكثر فاعلية في تفعيل أهدافها وغاياتها ووظائفها في جوهر الفرد وفي جوهر المجتمع، ما لم تلتق بالثقافة وتستمد منها المقومات المضافة لمقومات بقائها وتجددها وتجاوبها مع طبيعة الحياة المتجددة..
وبما ان التربية هي التي تقود الى التعلم فان التعلم يقود الى الثقافة، لذلك فان التربية هي الأداة الاجتماعية بيد الثقافة لتجدد المجتمع وتثبيت ركائزه الحضارية، كون الثقافة تتمظهر بمظهرين أساسيين أحدهما معنوي والآخر مادي ويظهر هذا بوضوح في شكل التكنولوجيات والمخترعات والصناعات والتقدم العلمي في العلوم المختلفة التي تقوم بالتأثير في مجمل حياة الفرد وانماطه السلوكية وفي عاداته وقيمه الاجتماعية.. وقد انطلق من هذا الفهم (رالف لينتون) حين اعتبر الثقافة منظومة كلية تضم في اطارها وجوهرها ثلاثة مكونات هي (العموميات والخصوصيات والبدائل)(1)..
وخلص في وصفه لذلك بالقول (العموميات هي العناصر ذات الطابع المشترك بين الغالبية العظمى من افراد المجتمع كاللغة واللباس والاكل وأساليب الحياة العامة، والانماط الأساسية للعلاقات الاجتماعية كالطاعة والاحترام، والقيم والمعتقدات، وهذه العناصر تعمل على توحيد النمط الثقافي للمجتمع وتميزه عن غيره من المجتمعات، وتعمل على تقارب اتجاهات وأفكار افراد وجماعات ذلك المجتمع مما يؤدي الى تضامنهم).. اما (الخصوصيات) بحسب وصف (رالف لنيتون) فهي العناصر التي تخص فريقا معينا من الكبار في مجتمع معين ويعرفها ذلك الفريق ويمارسها دون غيره من جماعات المجتمع، مثل طرق التفكير والعمل التي تتصل بفئات الحرفيين والمهنيين، وليس معنى هذا ان هذه العناصر حكر على مجموعة خاصة من الناس، بل يمكن للأفراد الانتقال من فئة الى أخرى، كانتقال أبناء الفلاحين من فلاحة الأرض الى مهن أخرى كالطب او التدريس او الصناعة، وتعتمد الخصوصيات على اكتساب المهارات الخاصة بالمهنة او الحرفة مما يعود نفعها على المجتمع ككل.. ولا يمنع ان يكون لدى أفراد المجتمع معرفة تلك العناصر الثقافية كمعرفة أي مواطن لدور المدرس او الطبيب، دون إدراك ومعرفة كاملة لعناصر المهنة)(2).. اما البدائل فقد وصفها (لينتون) على انها (العناصر الثقافية التي لا تنتمي الى أي من العناصر السابقة، ولا يمارسها الا القلة من افراد المجتمع في بداية الامر، وهي طرق تفكير ووسائل عمل تمر بمرحلة صراع اجتماعي بين القبول والرفض، بين الاستساغة وعدمها، وذلك كطرق التدريس، وطرق الطهي، وطرق الصناعة، وطرق اللباس وغيرها، وتنتشر هذه البدائل وتندمج في ثقافة المجتمع وتدخل ضمن عموميات او خصوصيات الثقافة حسب قبول واستخدام الافراد لها، أي انها تدخل ضمن الخصوصيات اذا اقبل عليها واستخدمتها مجموعة من الناس، او فئة معينة، وتدخل ضمن العموميات اذا اقبل عليها واستخدمتها عامة الناس، واذا ما اعرض عنها غالبية الناس فأنها تندثر وتتلاشي ويتم نسيانها.. وتعتبر كثرة البدائل بحسب (لنتون) دليلا على نمو المجتمعات ومرونة ثقافاتها)(3)..
ان الميل او الاتجاه الى أي من هذه الجوانب في الثقافة تحدده طبيعة التربية التي تعرض لها الفرد في محيطه الاجتماعي وما وصل اليه من مستوى ثقافي في الوعي.. فالتربية هنا هي العامل المؤثر في الجانب الثقافي، كما ان لهذا الجانب الثقافي القدرة الفاعلة على تمكين التهذيب من أداء وظائفه الأساسية في الفرد للوصول الى العناصر الثقافية المتوافقة مع ميله وتطلعاته وتجدد نظرته الى الحياة، وبهذا الإطار تصبح العالقة مشتركة بين الثقافة والتربية في بناء الشخصية ونمو قدراتها..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رالف لينتون ـ راجع منهج رياض الأطفال ص 123.
(2) المرجع نفسه.
(3) المرجع نفسه.