1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

التوحيد

النظر و المعرفة

اثبات وجود الله تعالى و وحدانيته

صفات الله تعالى

الصفات الثبوتية

القدرة و الاختيار

العلم و الحكمة

الحياة و الادراك

الارادة

السمع و البصر

التكلم و الصدق

الأزلية و الأبدية

الصفات الجلالية ( السلبية )

الصفات - مواضيع عامة

معنى التوحيد و مراتبه

العدل

البداء

التكليف

الجبر و التفويض

الحسن و القبح

القضاء و القدر

اللطف الالهي

مواضيع عامة

النبوة

اثبات النبوة

الانبياء

العصمة

الغرض من بعثة الانبياء

المعجزة

صفات النبي

النبي محمد (صلى الله عليه وآله)

الامامة

الامامة تعريفها ووجوبها وشرائطها

صفات الأئمة وفضائلهم

العصمة

امامة الامام علي عليه السلام

إمامة الأئمة الأثني عشر

الأمام المهدي عجل الله فرجه الشريف

الرجعة

المعاد

تعريف المعاد و الدليل عليه

المعاد الجسماني

الموت و القبر و البرزخ

القيامة

الثواب و العقاب

الجنة و النار

الشفاعة

التوبة

فرق و أديان

علم الملل و النحل ومصنفاته

علل تكون الفرق و المذاهب

الفرق بين الفرق

الشيعة الاثنا عشرية

أهل السنة و الجماعة

أهل الحديث و الحشوية

الخوارج

المعتزلة

الزيدية

الاشاعرة

الاسماعيلية

الاباضية

القدرية

المرجئة

الماتريدية

الظاهرية

الجبرية

المفوضة

المجسمة

الجهمية

الصوفية

الكرامية

الغلو

الدروز

القاديانيّة

الشيخية

النصيرية

الحنابلة

السلفية

الوهابية

شبهات و ردود

التوحيـــــــد

العـــــــدل

النبـــــــوة

الامامـــــــة

المعـــاد

القرآن الكريم

الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)

الزهراء (عليها السلام)

الامام الحسين (عليه السلام) و كربلاء

الامام المهدي (عليه السلام)

إمامة الائمـــــــة الاثني عشر

العصمـــــــة

الغلـــــــو

التقية

الشفاعة والدعاء والتوسل والاستغاثة

الاسلام والمسلمين

الشيعة والتشيع

اديان و مذاهب و فرق

الصحابة

ابو بكر و عمر و عثمان و مشروعية خلافتهم

نساء النبي (صلى الله عليه واله و سلم)

البكاء على الميت و احياء ذكرى الصاحين

التبرك و الزيارة و البناء على القبور

الفقه

سيرة و تاريخ

مواضيع عامة

مقالات عقائدية

مصطلحات عقائدية

أسئلة وأجوبة عقائدية

التوحيد

اثبات الصانع ونفي الشريك عنه

اسماء وصفات الباري تعالى

التجسيم والتشبيه

النظر والمعرفة

رؤية الله تعالى

مواضيع عامة

النبوة والأنبياء

الإمامة

العدل الإلهي

المعاد

القرآن الكريم

القرآن

آيات القرآن العقائدية

تحريف القرآن

النبي محمد صلى الله عليه وآله

فاطمة الزهراء عليها السلام

الاسلام والمسلمين

الصحابة

الأئمة الإثنا عشر

الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام

أدلة إمامة إمير المؤمنين

الإمام الحسن عليه السلام

الإمام الحسين عليه السلام

الإمام السجاد عليه السلام

الإمام الباقر عليه السلام

الإمام الصادق عليه السلام

الإمام الكاظم عليه السلام

الإمام الرضا عليه السلام

الإمام الجواد عليه السلام

الإمام الهادي عليه السلام

الإمام العسكري عليه السلام

الإمام المهدي عليه السلام

إمامة الأئمة الإثنا عشر

الشيعة والتشيع

العصمة

الموالات والتبري واللعن

أهل البيت عليهم السلام

علم المعصوم

أديان وفرق ومذاهب

الإسماعيلية

الأصولية والاخبارية والشيخية

الخوارج والأباضية

السبئية وعبد الله بن سبأ

الصوفية والتصوف

العلويين

الغلاة

النواصب

الفرقة الناجية

المعتزلة والاشاعرة

الوهابية ومحمد بن عبد الوهاب

أهل السنة

أهل الكتاب

زيد بن علي والزيدية

مواضيع عامة

البكاء والعزاء وإحياء المناسبات

احاديث وروايات

حديث اثنا عشر خليفة

حديث الغدير

حديث الثقلين

حديث الدار

حديث السفينة

حديث المنزلة

حديث المؤاخاة

حديث رد الشمس

حديث مدينة العلم

حديث من مات ولم يعرف إمام زمانه

احاديث متنوعة

التوسل والاستغاثة بالاولياء

الجبر والاختيار والقضاء والقدر

الجنة والنار

الخلق والخليقة

الدعاء والذكر والاستخارة

الذنب والابتلاء والتوبة

الشفاعة

الفقه

القبور

المرأة

الملائكة

أولياء وخلفاء وشخصيات

أبو الفضل العباس عليه السلام

زينب الكبرى عليها السلام

مريم عليها السلام

ابو طالب

ابن عباس

المختار الثقفي

ابن تيمية

أبو هريرة

أبو بكر

عثمان بن عفان

عمر بن الخطاب

محمد بن الحنفية

خالد بن الوليد

معاوية بن ابي سفيان

يزيد بن معاوية

عمر بن عبد العزيز

شخصيات متفرقة

زوجات النبي صلى الله عليه وآله

زيارة المعصوم

سيرة وتاريخ

علم الحديث والرجال

كتب ومؤلفات

مفاهيم ومصطلحات

اسئلة عامة

أصول الدين وفروعه

الاسراء والمعراج

الرجعة

الحوزة العلمية

الولاية التكوينية والتشريعية

تزويج عمر من ام كلثوم

الشيطان

فتوحات وثورات وغزوات

عالم الذر

البدعة

التقية

البيعة

رزية يوم الخميس

نهج البلاغة

مواضيع مختلفة

الحوار العقائدي

* التوحيد

* العدل

* النبوة

* الإمامة

* المعاد

* الرجعة

* القرآن الكريم

* النبي محمد (صلى الله عليه وآله)

* أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)

* فضائل النبي وآله

* الإمام علي (عليه السلام)

* فاطمة الزهراء (عليها السلام)

* الإمام الحسين (عليه السلام) وكربلاء

* الإمام المهدي (عجل الله فرجه)

* زوجات النبي (صلى الله عليه وآله)

* الخلفاء والملوك بعد الرسول ومشروعية سلطتهم

* العـصمة

* التقيــة

* الملائكة

* الأولياء والصالحين

* فرق وأديان

* الشيعة والتشيع

* التوسل وبناء القبور وزيارتها

* العلم والعلماء

* سيرة وتاريخ

* أحاديث وروايات

* طُرف الحوارات

* آداب وأخلاق

* الفقه والأصول والشرائع

* مواضيع عامة

العقائد الاسلامية : العدل : البداء :

تلميحات للبداء في الذكر الحكيم

المؤلف:  الشيخ جعفر السبحاني

المصدر:  أضواء على عقائد الشيعة الإمامية وتاريخهم

الجزء والصفحة:  ص449-455

6-08-2015

920

قال سبحانه : {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات: 101، 102] .

أخبر إبراهيم ( عليه السلام ) ولده إسماعيل ( عليه السلام ) بأنه رأى في المنام أنه يذبحه ، ورؤيا الأنبياء (كما ورد في الحديث ) من أقسام الوحي ، فكانت رؤياه صادقة حاكية عن حقيقة ثابتة ، وهي أمر الله إبراهيم بذبح ولده ، وقد تحقق ذلك الأمر ، أي أمر الله سبحانه به .

ولكن قوله : { إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ } يكشف عن أمرين :

أولا : الأمر بذبح الولد أمر تشريعي كما عرفت وقد تحقق .

ثانيا : الحكاية عن تحقق ذلك في الواقع الخارجي وأن إبراهيم سيمتثل ذلك ، والحال أنه لم يتحقق لفقدان شرطه وهو عدم النسخ ، ويحكي عن كلا الأمرين قوله : {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 107] .

وعندئذ يطرح هذا السؤال نفسه : بأنه كيف أخبر خليل الرحمن بشيء من الملاحم والمغيبات ، ثم لم يتحقق ؟ والجواب عن هذا السؤال يكمن في الأمر الذي أشرنا إليه سابقا وهو أن إبراهيم (عليه السلام ) وقف على المقتضى فأخبر بالمقتضي ، ولكنه لم يقف على ما هو العلة التامة ، وليس لعلمه هذا مصدر سوى اتصاله بلوح المحو والإثبات .

2 - وأما يونس ( عليه السلام ) فإنه أنذر قومه بأنهم إن لم يؤمنوا فسوف يصيبهم العذاب إلى ثلاثة أيام (الطبرسي ، مجمع البيان 3 : 135)

 وما كان قوله تخرص أو تخويف ، بل كان يخبر عن حقيقة يعلم بها ، إلا أن هذا الأمر لم يقع كما هو معروف ، وفي هذا إشارة واضحة إلى أنه ( عليه السلام ) وقف على المقتضي ولم يقف على المانع ، وهو أن القوم سيتوبون عند رؤية العذاب توبة صادقة يعلمها الله تعالى ترفع عنهم العذاب الذي وعدوا به ، وإلى ذلك يشير قوله سبحانه : {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} [يونس: 98].

3 - أخبر موسى قومه بأنه سيغيب عنهم ثلاثين ليلة ، كما روي عن ابن عباس حيث قال : إن موسى قال لقومه : إن ربي وعدني ثلاثين ليلة أن ألقاه وأخلف هارون فيكم ، فلما فصل موسى إلى ربه زاده الله عشرا، فكانت فتنتهم في العشر التي زاده الله (الطبرسي ، مجمع البيان 2 : 115) .

وإلى هذا الأمر يشير قوله سبحانه : {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} [الأعراف: 142].

فلا شك أن موسى أطلع على الخبر الأول ولم يطلع على نسخه ، وأن التوقيت سيزيد ، ولا مصدر لعلمه إلا الاتصال بلوح المحو والإثبات .

هذه جملة الأخبار التي تحدث بها الذكر الحكيم عن أحداث ووقائع كان النبيون ( عليهم السلام ) قد أخبروا بحتمية وقوعها على حد علمهم ، إلا أنها لم تتحقق ، وعندها لا مناص من تفسيرها بوقوف أنبياء الله تعالى على المقتضي دون العلة التامة .

فعندما يظهر عدم التحقق يطلق عليه البداء ، والمراد به أنه بدا من الله لنبيه وللناس ما خفي عليهم ، على غرار قوله سبحانه : {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ } [الزمر: 47] فالبداء إذا نسب إلى الله سبحانه فهو بداء منه ، وإذا نسب إلى الناس فهو بداء لهم .

وبعبارة أخرى : البداء من الله هو إظهار ما خفي على الناس ، والبداء من الناس بمعنى ظهور ما خفي لهم ، وهذا هو الحق الصراح الذي لا يرتاب فيه أحد .

[تلميحات للبداء في الروايات الشريفة]

ما ورد في الروايات [تلميحا بالبداء] ، فهو بين خمسة أو أزيد بقليل :

1 - إن المسيح ( عليه السلام ) مر بقوم مجلبين ( 1 ) ، فقال : " ما لهؤلاء " ؟ قيل يا روح الله فلانة بنت فلانة تهدى إلى فلان في ليلته هذه ، فقال : " يجلبون اليوم ويبكون غدا " ، فقال قائل منهم : ولم يا رسول الله ؟ قال : " لأن صاحبتهم ميتة في ليلتها هذه " . . . فلما أصبحوا وجدوها على حالها ، ليس بها شيء ، فقالوا : يا روح الله إن التي أخبرتنا أمس أنها ميتة لم تمت.

فدخل المسيح دارها فقال : " ما صنعت ليلتك هذه " ؟ قالت : لم أصنع شيئا إلا وكنت أصنعه فيما مضى، إنه كان يعترينا سائل في كل ليلة جمعة فننيله ما يقوته إلى مثلها . فقال المسيح : " تنح عن مجلسك " فإذا تحت ثيابها أفعى مثل جذعة ، عاض على ذنبه ، فقال ( عليه السلام ) : " بما صنعت ، صرف عنك هذا " ( 2 ) .

2 - روي الكليني عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنه قال : " مر يهودي بالنبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : السام عليك ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : عليك , فقال أصحابه : إنما سلم عليك بالموت فقال : الموت عليك . فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : وكذلك رددت . ثم قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : إن هذا اليهودي يعضه أسود في قفاه فيقتله . قال : فذهب اليهودي فاحتطب حطبا كثيرا فاحتمله، ثم لم يلبث أن انصرف ، فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ضعه ، فوضع الحطب فإذا أسود في جوف الحطب عاض على عود ، فقال : يا يهودي ما عملت اليوم ؟ قال : ما عملت عملا إلا حطبي هذا حملته فجئت به وكان معي كعكتان، فأكلت واحدة وتصدقت بواحدة على مسكين ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : بها دفع الله عنه ، قال : إن الصدقة تدفع ميتة السوء عن الإنسان " ( 3) . ولا يمكن لأحد تفسير مضامين الآيات الماضية وهذين الحديثين إلا عن طريق البداء بالمعنى الذي تعرفت عليه، وهو اتصال النبي بلوح المحو والإثبات ، والوقوف على المقتضي ، والإخبار بمقتضاه دون الوقوف على العلة التامة .

3 - روى الصدوق عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) : " إن الله تعالى عرض على آدم أسماء الأنبياء وأعمارهم ، فمر بآدم اسم داود النبي ( عليه السلام ) فإذا عمره في العالم أربعون سنة ، فقال آدم : يا رب ما أقل عمر داود وما أكثر عمري ، يا رب إن أنا زدت داود من عمري ثلاثين سنة ، أتثبت ذلك له ؟ قال الله : نعم يا آدم ، فقال آدم : فإني قد زدته من عمري ثلاثين سنة " قال أبو جعفر الباقر ( عليه السلام ) : " فأثبت الله عز وجل لداود في عمره ثلاثين سنة " ( 4 ) .

ترى أنه سبحانه أثبت شيئا ، ثم محاه بدعاء نبيه ، وهذا هو المراد من قوله سبحانه : {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39] فلو أخبر نبي الله عن عمر داود بأربعين سنة لم يكن كاذبا في إخباره ، لأنه وقف على الإثبات الأول ، ولم يقف على محوه .

4 - أوحى الله تعالى إلى نبي من أنبيائه أن يخبر أحد ملوك عصره بأنه تعالى متوفيه يوم كذا ، فما كان من ذلك الملك إلا أن رفع يديه بالدعاء إلى الله تعالى قائلا : رب أخرني حتى يشب طفلي وأقضي أمري ، فأوحى الله عز وجل إلى ذلك النبي : أن ائت فلانا الملك وأخبره أني قد زدت في عمره خمس عشرة سنة ( 5 ) .

5 - روى عمرو بن الحمق ، قال : دخلت على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) حين ضرب على قرنه ، فقال لي : " يا عمرو إني مفارقكم ، ثم قال : سنة سبعين فيها بلاء " - قالها ثلاثا - فقلت: فهل بعد البلاء رخاء ؟ فلم يجبني وأغمي عليه ، فبكت أم كلثوم فأفاق . . . فقلت : بأبي أنت وأمي قلت : إلى السبعين بلاء ، فهل بعد السبعين رخاء ؟ قال : " نعم يا عمرو إن بعد البلاء رخاء و { يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ } " ( 6 ) .

هذه جملة ما ورد في البداء في مقام الإثبات ، وإن شئت قلت في ثمرات البداء في الثبوت ، ولا تجد في الأحاديث الشيعية بداء غير ما ذكرنا ، ولو عثر المتتبع على مورد ، فهو نظير ما سبق من الموارد ، والتحليل في الجميع واحد.

إذا وقفت على ذلك تدرك بوضوح ضعف مقالة الرازي التي يقول فيها : إن أئمة الرافضة وضعوا مقالتين لشيعتهم ، لا يظهر معهما أحد عليهم:

الأول : القول بالبداء ، فإذا قال : إنهم سيكون لهم قوة وشوكة ، ثم لا يكون الأمر على ما أخبروا ، قالوا : بدا لله فيه ( 7 ) .

إن الذي نقله أئمة الشيعة هو ما تعرفت عليه من الروايات ، وليس فيها شيء مما نسبه الرازي إليهم ، فقد نقلوا قصة رسول الله مع اليهودي ، وقصة المسيح مع العروس ، كما نقلوا قصة عمر داود وعمر الملك ، فهل يجد القارئ المنصف شيئا مما ذكره الرازي ؟ ! وأما ما رواه عمرو بن الحمق فإنما هو خبر واحد ذيل كلامه بالآية قائلا : بأن هذا ليس خبرا قطعيا وأنه في مظان المحو والإثبات .

أفيصح لأجل مثله رمي أئمة الشيعة " بأنهم وضعوا قاعدتين ، وأنهم كلما يقولون سيكون لهم قوة ثم لا يكون ، قالوا بدا لله تعالى فيه " ؟ ! وقد سبق الرازي في هذا الزعم أبو القاسم البلخي المعتزلي على ما حكاه شيخنا الطوسي في تبيانه ( 8 ) .

... ثم إن إكمال البحث يتوقف على ذكر أمور :

الأمر الأول : إن البداء بالمعنى المذكور يجب أن يكون على وجه لا يستلزم تكذيب الأنبياء ووحيهم ، وذلك بأن تدل قرائن على صحة الإخبار الأول كما صح الخبر الثاني ، وهو ما نراه واضحا في قصة يونس وإبراهيم الخليل ، فإن القوم قد شاهدوا طلائع العذاب فأذعنوا بصحة خبر يونس ، كما أن التفدية بذبح عظيم دلت على صحة إخبار الخليل ، وهكذا وجود الأفعى تحت الثياب أو في جوف حطب اليهودي يدلان على صحة إخبار النبي الأعظم .

كل ذلك يشهد على أن الخبر الأول كان صحيحا ومقدرا ، غير أن الإنسان يمكن له أن يغير مصيره بعمله الصالح أو الطالح كما في غير تلك المقامات .

وبالجملة : يجب أن يكون وقوع البداء مقرونا بما يدل على صحة إخبار النبي ( عليه السلام ) ولا يكون البداء على وجه يعد دليلا على كذبه ، ففي هذه الموارد دلت القرائن على أن المخبر كان صادقا في خبره .

الأمر الثاني : إن البداء لا يتحقق فيما يتعلق بنظام النبوة والولاية والخاتمية والملاحم الغيبية التي تعد شعارا للشريعة ، فإذا أخبر المسيح بمجئ نبي اسمه أحمد ، أو أخبر النبي بكونه خاتما للرسل ، أو أن الخلافة بعده لوصيه ، أو أنه يخرج من ولده من يملأ الأرض قسطا وعدلا ، ونظير ذلك ، فلا يتحقق فيه البداء قطعا ، لأن احتمال البداء فيه ناقض للحكمة ، وموجب لضلال العباد ، ولو كان احتمال هذا الباب مفتوحا في تلك المسائل الأصولية لما وجب لأحد أن يقتفي النبي المبشر به ، ولا يوالي الوصي المنصوص عليه ، ولا يتلقى دين الإسلام خاتما ، ولا ظهور المهدي أمرا مقضيا ، بحجة أنه يمكن أن يقع فيه البداء . ففتح هذا الباب في المعارف والعقائد والأصول والسنن الإسلامية مخالف للحكمة وموجب لضلالة الناس ، وهذا ما يستحيل على الله سبحانه ، وإنما مصب البداء هو القضايا الجزئية أو الشخصية ، كما هو الحال في الأخبار الماضية .

الأمر الثالث : أن إطلاق البداء في هذه الموارد ، إنما هو بالمعنى  الذي عرفت ، وأن حقيقته بداء من الله للناس وإظهار منه ، ولو قيل بدا لله ، فإنما هو من باب المشاكلة والمجاز ، والقرآن ملئ به ، فقد نسب الذكر الحكيم إليه سبحانه المكر وقال : {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران: 54] وليست المناقشة في التعبير من دأب المحققين ، فلو كان أهل السنة لا يروقهم التعبير عن هذا الأصل بلفظ البداء لله ، فليغيروا التعبير ويعبروا عن هذه الحقيقة الناصعة بتعبير يرضيهم . ولكن الشيعة تبعت النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) في هذا المصطلح ، وهو أول من استعمل تلك اللفظة في حقه سبحانه ، وما يؤكد ذلك هو ما رواه البخاري في كتاب النبوة " قصة بدء الخليقة " وفيها هذه اللفظة التي يستهجنها البعض ويتهم الشيعة بابتداعها واختلاقها ، فقد روى أبو هريرة : أنه سمع من رسول الله ( صلى الله عليه وآله) : " أن ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى بدا لله أن يبتليهم ، فبعث إليهم ملكا فأتى الأبرص فقال : أي شيء أحب إليك ؟ قال : لون حسن ، وجلد حسن ، قد قذرني الناس ، قال : فمسحه فذهب عنه فأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا ، فقال : أي المال أحب إليك ؟ قال : الإبل أو قال : البقر - هو شك في ذلك أن الأبرص والأقرع قال أحدهما : الإبل وقال الآخر : البقر - فأعطي ناقة عشراء ، فقال : يبارك الله لك فيها .

وأتى الأقرع فقال : أي شيء أحب إليك ؟ قال : شعر حسن ويذهب عني هذا ، قد قذرني الناس, قال : فمسحه ، فذهب ، وأعطي شعرا حسنا ، قال : فأي المال أحب إليك ؟ قال : البقر . قال : فأعطاه بقرة حاملا ، وقال : يبارك لك فيها .

وأتى الأعمى فقال : أي شيء أحب إليك ؟ قال : يرد الله إلي بصري ، فأبصر به الناس ، قال : فمسحه فرد الله إليه بصره . قال : فأي المال أحب إليك ؟ قال : الغنم ، فأعطاه شاة والدا ، فأنتج هذان وولد هذا ، فكان لهذا واد من إبل ، ولهذا واد من بقر ، ولهذا واد من الغنم .

ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته فقال : رجل مسكين تقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك . أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيرا أتبلغ عليه في سفري ، فقال له : إن الحقوق كثيرة . فقال له : كأني أعرفك ألم تكن أبرص يقذرك الناس ، فقيرا فأعطاك الله ؟ فأجابه : لقد ورثت لكابر عن كابر ! فقال : إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت . وأتى الأقرع في صورته وهيئته فقال له مثل ما قال لهذا ، فرد عليه مثلما رد

عليه هذا ، فقال : إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت . وأتى الأعمى في صورته فقال : رجل مسكين وابن سبيل وتقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ اليوم إلا بالله ، ثم بك . أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفرى ، فقال : قد كنت أعمى فرد الله بصري ، وفقيرا فقد أغناني ، فخذ ما شئت ، فو الله لا أجحدك اليوم بشيء أخذته لله ، فقال : أمسك مالك فإنما ابتليتم فقد رضى الله عنك وسخط على صاحبيك " ( 9 ) .

________________

( 1 ) أي تعلو منهم أصوات الفرح .

( 2 ) المجلسي ، بحار الأنوار 4 : 94 .

( 3 ) المجلسي ، بحار الأنوار 4 : 121 .

( 4 ) المجلسي ، بحار الأنوار 4 : 102 .

( 5 ) المجلسي ، بحار الأنوار 4 : 121 ( وفي رواية أخرى أن ذلك النبي هو حزقيل ، البحار 4 : 112 وذكر مثله في قضية شعيا ص 113 ) .

( 6 ) المجلسي ، بحار الأنوار 4 : 119 / ح 60 .

( 7 ) الرازي ، نقد المحصل : 421 ، نقله عن سليمان بن جرير الزيدي ، والأمر الثاني هو التقية كما عرفت .

( 8 ) الطوسي ، التبيان 1 : 13 - 14 ، ط النجف ، وقد عرفت بعض المتشدقين بهذه الكلمة المكذوبة .

( 9 ) البخاري ، الصحيح 4 : 208 ، كتاب الأنبياء ، باب 51 حديث أبرص وأعمى وأقرع في بني إسرائيل .

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي