الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
لنسعى في سبيل تكامل الشخصية
المؤلف: مجتبى اللّاري
المصدر: المشاكل النفسية والأخلاقية في المجتمع المعاصر
الجزء والصفحة: ص59 ـ 60
11-7-2022
1898
إن أهم عوامل السعادة، وأسمى ما يتحلى به الإنسان كمال الشخصية، إن هذه الجوهرة الكريمة والثمينة تهب للحياة عظمتها وأصالتها، وتبلغ بالإنسان إلى أرقى الرقيّ وأعلى مدارج الفخر والشرف. إن الناس من جهة الإنسانية متساوون متكافئون، وإنما يختلفون ويتفاوتون بالعقل والفكر والعادات الروحية والمزايا الأخلاقية، وقوام الشخصية هو كل ما يميز الأفراد بعضهم عن بعض ويعين قيمة كل رجل ومنزلته. وأن الشخصية لتؤثر فينا اثراً مباشراً بخلاف سائر المؤثرات غير المباشرة.
إن الإنسان إنما أتى إلى الوجود ليسعى جاداً في سبيل تربية ذخائره الموجودة فيه فيصنع بها سجاياه، وليوسع أفق تفكيره وإدراكه فيرفع مستوى معارفه، ولتتقوى روحه فيصل بذلك إلى كمال رشده، وبكلمة ليستطيع ان يؤدي جيداً وظيفته الإنسانية في هذه الدنيا.
إذن فيجب ان يكون هدف الجميع بناء شخصية سالمة وعميقة في النفس والعمل في سبيل السعادة، وكلما سعى الإنسان في هذا السبيل أكثر كان أمله في درك التوفيق الحقيقي أكثر كذلك، فليس هناك شيء في سبيل حصول السعادة وتأمين مصالح الانسان وإعطائه القدرة على الخوض في بحر الحياة المتلاطم، أكثر اثراً من بناء الشخصية السالمة والبارزة.
يقول شوبنهاور: (إن اختلاف الشخصية امر طبيعي تماماً، وإن أثرها في السعادة والشقاء أكثر بكثير من أثر الاختلاف الذي ينشأ من النظام الوضعي للبشر. فإن المميزات الشخصية من قبيل العقل الفعال والعواطف الطاهرة اللطيفة لا تقاس -أبداً- بما يستطيع ان يحصل عليه الإنسان في حياته من المميزات من قبيل المال والمقام وغيره. إن الرجل العاقل إذا كان في عزلة وانزواء كامل استطاع بفكره وخياله ان يصنع لنفسه الذ ساعات الحياة، بينما الجاهل مهما تنوع في وسائل الترفيه والتفريح، وصرف لذلك مبلغاً عظيماً من النقود لم يستطع ان يتخلص من الكسل الذي يؤذي جسمه وروحه. إن العقل والتدبير والأحاسيس اللطيفة والقدرة على ذلك من أهم العوامل التي تقرب الانسان إلى طريق الهدف في الحياة، وتفتح له ابواب السعادة. ولهذا فيجب علينا أن نهتم بتربية هذه العوامل أكثر مما نهتم لتحصيل المال).
إن لكل صفة من صفات الإنسان وعادة من عاداته نصيباً خاصاً في تقرير مصير الإنسان، وإن لكل إحساس وفكر أثراً في تلك الصفات والعادات ولهذا نرى أن الأخلاق لكل شخص في تحول دائم، فإما أن تكون في تقدم وتكامل، وإما أن تكون إلى تسافل وانحطاط.
إن الخطوة الأولى إلى تنمية الشخصية وتكاملها أن يتعلم الإنسان طريق الإستفادة من القوى والذخائر المودعة في وجوده، وأن يستعد لمكافحة جميع العوامل التي تشكل قيداً على الأرجل في سبيل الكمال، فيطهّر حجره من جميع الرذائل المدنسة، ولكنه ما لم يعرف قدر نفسه تماماً لا يوفق لإحيائها ابداً، ولا يتمكن من ان يوجد في نفسه تحولاً مثمراً، ولا يستطيع أن يطهر نفسه وروحه مما يلوثها، بل أنه بدلاً من التكامل سوف يرجع القهقرى إلى الوراء.
إنّه ما لم ينبع القول والعمل من أعماق الوجود فلا قيمة له، وإنما يكون الكلام معبراً عن (تماسك الشخصية وثباتها وأصالتها)، فيما إذا كان ترجمان القلب ومفصح أسراره، وكان يزخر بآيات الشرف والكمال. اما إذا كان هناك تباين وتضاد بين الكلام والقلب فإنه يكون من آيات (انفصام الشخصية وعدم تماسكها وعدم ثباتها)، ويكون له أسوأ الأثر وأمرّ النتائج في حياة الانسان.