1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تأملات قرآنية

مصطلحات قرآنية

هل تعلم

علوم القرآن

أسباب النزول

التفسير والمفسرون

التفسير

مفهوم التفسير

التفسير الموضوعي

التأويل

مناهج التفسير

منهج تفسير القرآن بالقرآن

منهج التفسير الفقهي

منهج التفسير الأثري أو الروائي

منهج التفسير الإجتهادي

منهج التفسير الأدبي

منهج التفسير اللغوي

منهج التفسير العرفاني

منهج التفسير بالرأي

منهج التفسير العلمي

مواضيع عامة في المناهج

التفاسير وتراجم مفسريها

التفاسير

تراجم المفسرين

القراء والقراءات

القرآء

رأي المفسرين في القراءات

تحليل النص القرآني

أحكام التلاوة

تاريخ القرآن

جمع وتدوين القرآن

التحريف ونفيه عن القرآن

نزول القرآن

الناسخ والمنسوخ

المحكم والمتشابه

المكي والمدني

الأمثال في القرآن

فضائل السور

مواضيع عامة في علوم القرآن

فضائل اهل البيت القرآنية

الشفاء في القرآن

رسم وحركات القرآن

القسم في القرآن

اشباه ونظائر

آداب قراءة القرآن

الإعجاز القرآني

الوحي القرآني

الصرفة وموضوعاتها

الإعجاز الغيبي

الإعجاز العلمي والطبيعي

الإعجاز البلاغي والبياني

الإعجاز العددي

مواضيع إعجازية عامة

قصص قرآنية

قصص الأنبياء

قصة النبي ابراهيم وقومه

قصة النبي إدريس وقومه

قصة النبي اسماعيل

قصة النبي ذو الكفل

قصة النبي لوط وقومه

قصة النبي موسى وهارون وقومهم

قصة النبي داوود وقومه

قصة النبي زكريا وابنه يحيى

قصة النبي شعيب وقومه

قصة النبي سليمان وقومه

قصة النبي صالح وقومه

قصة النبي نوح وقومه

قصة النبي هود وقومه

قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف

قصة النبي يونس وقومه

قصة النبي إلياس واليسع

قصة ذي القرنين وقصص أخرى

قصة نبي الله آدم

قصة نبي الله عيسى وقومه

قصة النبي أيوب وقومه

قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله

سيرة النبي والائمة

سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام

سيرة الامام علي ـ عليه السلام

سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله

مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة

حضارات

مقالات عامة من التاريخ الإسلامي

العصر الجاهلي قبل الإسلام

اليهود

مواضيع عامة في القصص القرآنية

العقائد في القرآن

أصول

التوحيد

النبوة

العدل

الامامة

المعاد

سؤال وجواب

شبهات وردود

فرق واديان ومذاهب

الشفاعة والتوسل

مقالات عقائدية عامة

قضايا أخلاقية في القرآن الكريم

قضايا إجتماعية في القرآن الكريم

مقالات قرآنية

التفسير الجامع

حرف الألف

سورة آل عمران

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

سورة إبراهيم

سورة الإسراء

سورة الأنبياء

سورة الأحزاب

سورة الأحقاف

سورة الإنسان

سورة الانفطار

سورة الإنشقاق

سورة الأعلى

سورة الإخلاص

حرف الباء

سورة البقرة

سورة البروج

سورة البلد

سورة البينة

حرف التاء

سورة التوبة

سورة التغابن

سورة التحريم

سورة التكوير

سورة التين

سورة التكاثر

حرف الجيم

سورة الجاثية

سورة الجمعة

سورة الجن

حرف الحاء

سورة الحجر

سورة الحج

سورة الحديد

سورة الحشر

سورة الحاقة

الحجرات

حرف الدال

سورة الدخان

حرف الذال

سورة الذاريات

حرف الراء

سورة الرعد

سورة الروم

سورة الرحمن

حرف الزاي

سورة الزمر

سورة الزخرف

سورة الزلزلة

حرف السين

سورة السجدة

سورة سبأ

حرف الشين

سورة الشعراء

سورة الشورى

سورة الشمس

سورة الشرح

حرف الصاد

سورة الصافات

سورة ص

سورة الصف

حرف الضاد

سورة الضحى

حرف الطاء

سورة طه

سورة الطور

سورة الطلاق

سورة الطارق

حرف العين

سورة العنكبوت

سورة عبس

سورة العلق

سورة العاديات

سورة العصر

حرف الغين

سورة غافر

سورة الغاشية

حرف الفاء

سورة الفاتحة

سورة الفرقان

سورة فاطر

سورة فصلت

سورة الفتح

سورة الفجر

سورة الفيل

سورة الفلق

حرف القاف

سورة القصص

سورة ق

سورة القمر

سورة القلم

سورة القيامة

سورة القدر

سورة القارعة

سورة قريش

حرف الكاف

سورة الكهف

سورة الكوثر

سورة الكافرون

حرف اللام

سورة لقمان

سورة الليل

حرف الميم

سورة المائدة

سورة مريم

سورة المؤمنين

سورة محمد

سورة المجادلة

سورة الممتحنة

سورة المنافقين

سورة المُلك

سورة المعارج

سورة المزمل

سورة المدثر

سورة المرسلات

سورة المطففين

سورة الماعون

سورة المسد

حرف النون

سورة النساء

سورة النحل

سورة النور

سورة النمل

سورة النجم

سورة نوح

سورة النبأ

سورة النازعات

سورة النصر

سورة الناس

حرف الهاء

سورة هود

سورة الهمزة

حرف الواو

سورة الواقعة

حرف الياء

سورة يونس

سورة يوسف

سورة يس

آيات الأحكام

العبادات

المعاملات

القرآن الكريم وعلومه : قصص قرآنية : مواضيع عامة في القصص القرآنية :

أغراض القصّة في القرآن الكريم *

المؤلف:  محمد باقر الحكيم

المصدر:  علوم القرآن

الجزء والصفحة:  ص 354-366 .

11-10-2014

8638

لقد جاءت القصّة في القرآن الكريم لتساهم في عملية التغيير الإنساني بجوانبها المتعددة ، فما هي الأغراض ذات الأثر الرسالي التي استهدفتها القصة القرآنية؟

وبهذا الصدد نجد القصّة القرآنية تكاد تستوعب في مضمونها وهدفها جميع الأغراض الرئيسة التي جاء من أجلها القرآن الكريم (1) ، ونظراً لكثرة هذه الأغراض وتشعّبها نجد من المستحسن أن نقتصر في عرضنا لأغراض القصّة في القرآن على الأغراض القرآنية المهمّة ، لنتعرّ ف ـ من خلال ذلك ـ أهميّة ذكر القصّة في القرآن الكريم والفوائد التي تترتّب عليها :  

أ ـ إثبات الوحي والرسالة :

إنّ ما جاء به القرآن الكريم لم يكن من عند محمّدٍ (صلّى الله عليه وآله) وإنّما وحيٌ أوحاه الله تعالى إليه وأنزله هدايةً للبشريّة.

وقد أشرنا إلى هذا الهدف القرآني من القصّة عند بحثنا لإعجاز القرآن الكريم حيث عرفنا : أنّ حديث النبي محمّدٍ (صلّى الله عليه وآله) من أخبار الأُمم السالفة وأنبيائهم ورسلهم بهذه الدقّة والتفصيل والثقة والطمأنينة ، مع ملاحظة ظروفه الثقافية والاجتماعية كلّ ذلك يكشف عن حقيقةٍ ثابتةٍ وهي تلقّيه هذه الأنباء والأخبار من مصدرٍ غيبيٍّ مطّلعٍ على الأسرار وما خفي من بواطن الأُمور ، وهذا المصدر هو الله سبحانه وتعالى.

وقد نصّ القرآن الكريم على أنّ من أهداف القصّة هو هذا الغرض السامي ، وذلك في مقدّمة بعض القصص القرآنية أو ذيلها ، فقد جاء في سورة يوسف :

{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} [يوسف : 3].

وجاء في سورة القصص بعد عرضه لقصّة موسى :

{وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (44) وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45) وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [القصص : 44 - 46].

وجاء في سورة آل عمران في مبدأ قصّة مريم :

{ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} [آل عمران : 44].

وجاء في سورة (ص) قبل عرضه لقصّة آدم :

{قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (67) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (68) مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (69) إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} [ص : 67 - 70].

وجاء في سورة هود بعد قصّة نوح :

{تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} [هود : 49].

فكلّ هذه الآيات الكريمة وغيرها تشير إلى أنّ القصّة إنّما جاءت في القرآن تأكيداً لفكرة الوحي التي هي الفكرة الأساس في الشريعة الإسلامية. 

ب ـ وحدة الدين والعقيدة لجميع الأنبياء :

أكّدت القصّة أنّ الدين كلّه من الله سبحانه ، وأنّ الأساس للدين الذي جاء به الأنبياء المتعدّدون هو أساس واحد لا يختلف بين نبيٍّ وآخر ، فالدين واحدٌ ومصدر الدين واحدٌ ـ أيضاً ـ وجميع الأنبياء أُمّة واحدة تعبد هذا الإله الواحد وتدعو إليه.

وهذا الغرض ، من الأهداف الرئيسة للقرآن الكريم ، حيث يهدف القرآن من جملة ما يهدف إليه : إبراز الصلة الوثيقة بين الإسلام الحنيف وسائر الأديان الإلهيّة الأُخرى التي دعا إليها الرسل والأنبياء الآخرون؛ ليحتلّ الإسلام منها مركز الخاتميّة التي يجب على الإنسانية أن تنتهي إليها ، ويسد الطريق على الزيغ الذي يدعو إلى التمسّك بالأديان السابقة على أساس أنّها حقيقيةٌ موحاة من قِبَل الله تعالى.

إضافةً إلى ذلك تظهر الدعوة على أنّها ليست بدعاً في تأريخ الرسالات ، وإنّما هي وطيدة الصلة بها في أهدافها وأفكارها ومفاهيمها : {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ ...} [الأحقاف : 9] ، بل إنّها تمثّل امتداداً لهذه الرسالات الإلهيّة وتلك الرسالات تمثّل الجذر التأريخي للرسالة الإسلامية ، فهي رسالة أخلاقية وتغييرية لها هذا الامتداد في التأريخ الإنساني ، ولها هذا القدْر من الأنصار والمضحّين والمؤمنين.

وعلى أساس هذا الغرض تكرّر ورود عددٍ من قصص الأنبياء في سورةٍ واحدةٍ ومعروضة بطريقة خاصّة؛ لتؤكّد هذا الارتباط الوثيق بينهم في الوحي والدعوة التي تأتي عن طريق هذا الوحي ، ولنضرب لذلك مثلاً ، ما جاء في سورة الأنبياء : [الأنبياء : 48 ـ 92]

{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْراً لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ * وَهَذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ}.

{وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ * إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ * قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ}.

إلى قوله :

{وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ}.

{وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ * وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ}.

{وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ * وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ}

{وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ * وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ}.

 {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ * وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ}.

{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ}.

{وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ * وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ}.

{وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لا إِلَهَ إِلاّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ}. 

{وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}.

{وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ}.

{إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء : 81 ـ 92].

ويبدو أنّ القرآن الكريم يريد أن يُشير إلى الغرض الأصيل من هذا الاستعراض لقصص الأنبياء بالآية الخاتمة المعبّرة عن هذه الوحدة العميقة الجذور في القِدَم للأُمّة المؤمنة بالإله الواحد ، وتأتي بقيّة الأغراض الأُخرى في ثنايا هذا الغرض.

ومثالٌ آخر يوضّح وحدة العقيدة الأساسية التي استهدفها الأنبياء في تأريخهم الطويل وفي نضالهم المتواصل ، هذه العقيدة التي تدعو إلى الإيمان بالله سبحانه إلهاً واحداً لا شريك له في ملكه ، وذلك ما جاء في سورة الأعراف :

 {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ...} [الأعراف : 59].

{وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ...} [الأعراف : 65].

{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ...} [الأعراف : 73].

{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ...} [الأعراف : 85].

فالإله واحد ، والعقيدة واحدة ، والأنبياء أُمّةٌ واحدة ، والدين واحدٌ وكلّه لواحدٍ هو الله سبحانه.

 ج ـ تشابه طُرُق الدعوة والمجابهة :  

من أغراض القصّة بيان أن وسائل الأنبياء وأساليبهم في الدعوة واحدة ، وطريقة مجابهة قومهم لهم واستقبالهم متشابهة ، وأنّ القوانين والسنن الاجتماعية التي تتحكّم في تطوّر الدعوة وسيرها واحدةٌ أيضاً ، فالأنبياء يدعون إلى الإله الواحد ويأمرون بالعدل والإصلاح ، والناس يتمسّكون بالعادات والتقاليد البالية ، ويصرّ على ذلك أصحاب المنافع الشخصيّة والأهواء الخاصّة بشكلٍ خاص ، والطواغيت والجبابرة منهم بشكلٍ أخص.

وتبعاً لهذه الأهداف ترد قصصٌ كثيرةٌ من الأنبياء مجتمعة مكرّرة ، فيها طريقة الدعوة على نحو ما جاء في سورة هود :

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ * أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ * فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ}

إلى أن يقول :

{وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ...}

وإلى أن يقولوا له :

{... يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [هود : 25 ـ 32].

{وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ * يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}

إلى قوله :

{قَالُواْ يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ * إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهَ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ} [هود : 50 ـ 55].

{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ * قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ}[هود : 61 ـ 62].

ومثل هذه المواقف نجدها في سورة الشعراء أيضاً. 

د ـ النصر الإلهي للأنبياء :

بيان نصرة الله لأنبيائه ، وأنّ نهاية المعركة تكون في صالحهم مهما لاقوا من العنت والجور والتكذيب ـ كل ذلك تثبيتاً لرسوله محمّد (صلّى الله عليه وآله) وأصحابه ، وتأثيراً في نفوس من يدعوهم إلى الإيمان.

وقد نصّ القرآن الكريم على هذا الهدف الخاص ـ أيضاً ـ بمثل قوله تعالى :

{وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَـذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}[هود : 120].

وتبعاً لهذا الغرض وردت بعض قصص الأنبياء مؤكّدةً على هذا الجانب بل جاءت بعض هذه القصص مجتمعةً ومختومةً بمصارع من كذّبوهم وقد يتكرّر عرض القصّة نتيجةً لذلك ، كما جاء في سورة هود والشعراء والعنكبوت ، ولنضرب مثلاً من سورة العنكبوت :

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاّ خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ * فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ}[العنكبوت : 14 ـ 16].

إلى أن يقول :

{فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاّ أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[العنكبوت : 24].

{وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت : 28].

إلى أن يقول :

{إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}.

{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ}.

{وَعَاداً وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ}.

 {وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءهُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ}.

{فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}[العنكبوت : 34 ـ 40]

فهذه هي النهاية الحتميّة التي يريد أن يصوّرها القرآن الكريم لمعارضي الأنبياء والمكذِّبين بدعوتهم. 

هـ ـ تصديق التبشير والتحذير :

فقد بشّر الله ـ سبحانه ـ عباده بالرّحمة والمغفرة لمن أطاعه منهم ، وحذّرهم من العذاب الأليم لمن عصاه منهم.

ومن أجل إبراز هذه البشارة والتحذير بصورةٍ حقيقيّةٍ متمثّلةٍ في الخارج؛ عرض القرآن الكريم لبعض الوقائع الخارجية التي تتمثّل فيها البشارة والتحذير؛ فقد جاء في سورة الحجر : التبشير والتحذير أوّلاً ، ثمّ عرض النماذج الخارجية لذلك ثانياً :

{نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ}[الحجر : 49 ـ 50].

وتصديقاً لهذه أو ذلك جاءت القصص على النحو التالي :

{وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْراَهِيمَ * إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ * قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ}[الحجر : 51 ـ 53]... وفي هذه القصّة تبدو الرحمة والبشارة ، ثمّ :

{فَلَمَّا جَاء آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ * قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ * قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ * وَأَتَيْنَاكَ بَالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ * فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ * وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ}[الحجر : 61 ـ 66].

وفي هذه القصّة تبدو (الرحمة) في جانب لوطٍ ويبدو (العذاب الأليم) في جانب قومه المهلَكين.

ثمّ : {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ * وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ * وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ * فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}[الحجر : 80 ـ 84].

وفي هذه القصّة يبدو (العذاب الأليم) للمكذِّبين ، وهكذا يصدق الإنباء ويبدو صدقه في هذه القصص الواقع بهذا الترتيب. 

و ـ اللُّطف الإلهي بالأنبياء :

بيان نعمة الله على أنبيائه ورحمته بهم وتفضّله عليهم وذلك توكيداً لارتباطهم وصلتهم معه ، كبعض قصص سليمان وداود وإبراهيم ومريم وعيسى وزكريا ويونس وموسى.

ذلك أنّ الأنبياء يتعرّضون ـ عادةً ـ إلى مختلف ألوان الآلام والمحن والعذاب ، فقد يتوهّم السُذّج والبسطاء من الناس أنّ ذلك إعراضٌ من الله تعالى عنهم ، فيأتي الحديث عن هذه النعم والألطاف الإلهيّة التي شملتهم تأكيداً لعلاقة الله سبحانه وتعالى بهم ، ولذلك نشاهد أنّ بعض الحلقات من قصص هؤلاء الأنبياء تبرز فيها النعمة في مواقف شتّى ، ويكون إبرازها هو الغرض الأوّل منها وما سواه يأتي في هذا الموضوع عرضاً. 

ز ـ عداوة الشيطان :

بيان غواية الشيطان للإنسان وعداوته الأبديّة له وتربّصه به الدوائر والفرص ، وتنبيه بني آدم لهذا الموقف المعيّن منه ، ولا شكّ أنّ إبراز هذه المعاني والعلاقات بواسطة القصّة يكون واضحاً وأدعى للحذر والالتفات ، لذا نجد قصّة آدم تُكرّر بأساليب مختلفة؛ تأكيداً لهذا الغرض ، بل يكاد أن يكون هذا الغرض هو الهدف الرئيس لقصّة آدم كلِّها. 

ح ـ أهداف بعثة الأنبياء   :

بيان أنّ الغايات والأهداف من إرسال الرسل والأنبياء ، هي : من أجل هداية الناس وإرشادهم وحلّ الاختلافات ، والحكم بالعدل بينهم ، ومحاربة الفساد في الأرض ، وفوق ذلك كلِّه ، هو : إقامة الحجّة على الناس ، ولذا جاء استعراض قصص الأنبياء بشكلٍ واسعٍ لبيان هذه الحقائق.

وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الهدف من القصّة في عدّة مواضع :

{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ...} [البقرة : 213].

{رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء : 165].

{وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الأنعام : 48].

فإنّها وردت في سياق قوله تعالى :

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ...} [الأنعام : 42].

{وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلاً * وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُواً}[الكهف : 55 ـ 56].

وكذلك ما ورد في تعقيب قصص الأنبياء من سورة الشعراء من قوله تعالى :

{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}[الشعراء : 158 ـ 159]. 

ط ـ أهدافٌ تربويّةٌ أُخرى :

وبيان أغراض أُخرى ترتبط بالتربية الإسلامية وجوانبها المتعدّدة ، فقد استهدف القرآن بشكلٍ رئيسٍ تربية الإنسان على الإيمان بالغيب ، وشمول القدرة الإلهيّة لكلِّ الأشياء ، كالقصص التي تذكر الخوارق والمعاجز :

كقصّة خلق آدم ، ومولد عيسى ، وقصّة إبراهيم مع الطير الذي آب إليه بعد أن جعل على كلّ جبلٍ جزءاً منه ، وقصّة :

{...الَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا...}[البقرة : 259] وإحياء الله له بعد موته مائة عام.

كما استهدف تربية الإنسان على فعل الخير والأعمال الصالحة وتجنّبه الشر والفساد ، وذلك ببيان العواقب المترتبة على هذه الأفعال : كقصّة النبي آدم وقصّة صاحب الجنّتين ، وقصص بني إسرائيل بعد عصيانهم ، وقصّة سد مأرب ، وقصّة أصحاب الأخدود.

وممّا استهدفه القرآن الكريم في التربية : الاستسلام للمشيئة الإلهيّة والخضوع للحكمة التي أرادها الله سبحانه من وراء العلاقات الكونيّة والاجتماعية في الحياة ، وذلك ببيان الفارق بين الحكمة الإلهيّة ذات الهدف البعيد والعميق في الحياة الإنسانية والفهم الإنساني للظواهر في الحياة الدنيا ، والحكمة الإنسانية القريبة العاجلة ، كما جاء في قصّة موسى التي جرت مع عبدٍ {... مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا...} [الكهف : 65] ، إلى آخر ذلك من الأغراض الوعظيّة والتربوية الأُخرى التي سوف نطّلع على بعضها في دراستنا التفصيليّة لقصّة موسى (عليه السلام) .

______________________

(*) راجع في بحث أغراض القصّة ما كتبه سيّد قطب في كتابه (التصوير الفني في القرآن) : 120 ـ 141 ، وما سيجعله السيّد رشيد رضا في مواضع مختلفة من كتابه : (تفسير المنار) .

(1) يمكن أن نقسّم الأغراض القرآنية للقصّة إلى قسمين رئيسين :

أوّلاً : الأغراض ذات المدلول الموضوعي ، كمحاولة القرآن الكريم من وراء سرد القصّة إثبات صحّة  النبوّة أو إثبات وحدة الرسالات الإلهيّة أو شرح بعض القوانين والسنن التأريخية التي تتحكّم في مسيرة المجتمع الإنساني.

ثانياً : الأغراض ذات المدلول الذاتي التربوي ، كمحاولة القرآن الكريم من وراء سرد القصّة تربية الإنسان على الإيمان بالغيب أو خضوعه للحكمة الإلهيّة أو التزامه بالأخلاق الإسلامية والاعتبار أو الاقتداء بسيرة الماضين.

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي