الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
مبادئ رعاية الطفل
المؤلف: جون باولبي
المصدر: رعاية الطفل ونمو المحبة
الجزء والصفحة: ص 170 ــ 172
2025-01-13
35
كان هناك تردد من مؤسسات رعاية الطفل في الزمن الماضي، وحتى الآن في أغلب الأحيان، في الاعتراف بالمبادئ الثلاثة الآتية:
(أ) لا يمكن الفصل بشكل قاطع بين الطفل وبيته.
(ب) ليس في استطاعة دور الرعاية والمؤسسات إمداد الأطفال بالأمن والمحبة اللذين هم في حاجة إليهما، إذ أن هذه المؤسسات ترمز دائماً إلى الانفصال في نظر الطفل.
(ج) الترتيبات التي تتخذ من يوم إلى يوم تخلق في الطفل شعوراً بعدم الأمن وعدم الرضا عن المربية. والخطط الطويلة الأجل المعقولة ضرورية منذ البداية إذا أريد للطفل ألا يتألم.
لقد كان من المعتقدات الخاطئة والذائعة الشيوع أن إبعاد الطفل عن بيته سينتهي به إلى نسيانه والبدء من جديد. وقد أدى هذا الاعتقاد الزائف إلى ممارسة منع الأطفال والآباء من أن يرى كل منهما الآخر، اعتقاداً بأن الأطفال بذلك سيكونون أكثر استقراراً. وهذه الافتراضات تهزأ بكل ما هو معلوم عن صغار الأطفال وتقف في وجه كل حجة صالحة. ويمكن أن يذكر هنا بحثان: فقد اتضح من مراقبة الأطفال الذين تم إجلاؤهم إلى كمبردج في أثناء الحرب العالمية الثانية، أن زيارات الآباء لم تكن ضارة، ولكنها كانت فعلا مساعدة على استقرار الطفل في دار الحضانة. وحتى قبل هذا، قام باحثان في الولايات المتحدة الأمريكية بعمل بحث منظم قارنا فيه بين درجة الشعور بالأمن البادية في سلوك الأطفال الذين سمح لهم ببعض اتصالات مع بيوتهم السابقة (إما بيوتهم وإما دور الحضانة) ودرجته لدى من لم يسمح لهم بذلك. وقد أظهرت المشاهدات أن الأطفال الذين كانوا قد فصلوا فصلا تاماً عن كل ما يتصل ببيوتهم السابقة كانوا بوجه عام أقل شعوراً بالأمن وأكثر شراسة من أولئك الذين سمح لهم ببعض الاتصالات ببيئاتهم السابقة.
وتثبت هذه الأبحاث ما يعرف من قبل عن الأطفال من أنهم ليسوا ألواحاً من الاردواز يمكن محو الماضي منها بطلاسة أو بقطعة من الأسفنج، ولكنهم كائنات بشرية يحملون معهم تجاربهم السابقة، وسلوكهم في الحاضر يتأثر تأثراً عميقاً بما قد جرى لهم من قبل. وهي تثبت أيضاً المغزى العاطفي العميق للرابطة بين الوالدين والطفل التي، ولو أنها يمكن أن تفسد، لا يمكن التخلص منها بمجرد الفصل الجسمي وأخيراً تثبت ما هو معلوم من أنه من السهل دائماً على الكائن البشري أن يوائم نفسه جيداً مع شيء ما له معه تجارب مباشرة أكثر مما يتواءم مع شيء غير موجود ومتخيل.
وقد أدى التحقق من أن الطفل في دور الحضانة (أو في المعهد) يعيش في عالمين - دور الحضانة أو المعهد وبيته - إلى النظرة الجديدة الخاصة برعاية الطفل. ولم يعد من الممكن أن يتخيل الباحث الاجتماعي وجود بيت يعتبره الطفل بديلا تاماً لبيته فمهما تكن الأم بالتربية صالحة، فإن الطفل يعتبرها لا أكثر ولا أقل من عوض سخيف عن أمه سيتخلص منه بأسرع ما يمكن. أما إذا أودع الطفل قبل الثانية من عمره تقريباً، فمن المحتمل أن يشعر بخلاف ذلك. والباحثة الاجتماعية قادرة على مساعدة الأم بالتربية على فهم حقيقة موقفها المؤقت والتكيف وفقاً له لأنها تعرف ما سيشعر به الطفل، ولأن تشجيع هذه الأم على الاعتقاد بأنها ستحصل على كل ما يرضي الأم الحقيقية إنما هو مجرد رفع لروحها المعنوية التي يمكن أن تتحطم.
وفضلا عن ذلك فإن الباحثة الاجتماعية بعلمها لأهمية الطفل بالنسبة لأبويه الحقيقيين ستدرك الحاجة إلى مساعدتهما أيضا إذا أريد أن يكون مستقبل الطفل مضموناً. ولهذا فمن الضروري، قبل النظر في النتيجة التي طال الجدل حولها والخاصة بكيفية رعاية الطفل بعيداً عن منزله، أن تتبصر في بعض الأمور الهامة التي يجب أن تراعي مع الآباء إذا ما أريد لوضع الطفل في مكان ما خارج بيته الطبيعي أن يكون خطوة إيجابية في حياته. وتؤدي هذه الخطوة به إلى مستقبل سعيد، لا إلى فترة طويلة من الشك والحيرة حيث تقوده تماسته وشعوره بعدم الأمن في أثنائها، إما إلى أن يتقوقع وإما إلى أن يصبح نشيطاً نشاطاً مزعجاً.