الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
الماء الصالح للشرب
المؤلف:
السيد حسين نجيب محمد
المصدر:
الشفاء في الغذاء في طب النبي والأئمة (عليهم السلام)
الجزء والصفحة:
ص579ــ584
2025-05-18
16
في الرسالة الذهبية للإمام علي الرضا (عليه السلام): ((وخير الماء شرباً لمن هو مقيم أو مسافر ما كان ينبوعه من الجهة المشرقية من الخفيف الأبيض. وأفضل المياه ما كان مخرجها من مشرق الشمس الصيفي، وأصحها وأفضلها ما كان بهذا الوصف الذي نبع منه وكان مجراه في جبال الطين، وذلك أنها تكون في الشتاء باردة، وفي الصيف ملينة للبطن، نافعة لأصحاب الحرارات.
وأما الماء المالح والمياه الثقيلة فإنَّها تيبّس البطن. ومياه الثلوج والجليد رديّة لسائر الأجساد وكثيرة الضرر جداً. وأما مياه السحب فإنَّها خفيفة عذبة صافية نافعة للأجسام، إذا لم يطل خزنها وحبسها في الأرض. وأما مياه الجب فإنَّها عذبة صافية نافعة، إن دام جريها ولم يدم حبسها في الأرض))(1).
يقول الدكتور القباني: ((والماء على أنواع منه العذب ومنه المالح، ومنه الملوّث وبين هذه الأنواع المتعددة يجد الإنسان أنَّ النوع الصالح له من أنواع الماء ليس هو الماء الصافي أو المقطر، وإنما ذاك الذي يحتوي على الأملاح والغازات المفيدة، فالماء يمر بطبقات الأرض المختلفة في طريقه إلى السطح، وعن طريق هذه الطبقات، والخصائص المميزة لكل منها يكتسب الماء الصفات التي تجعله صالحاً للشرب، وخير أنواع الماء الصالحة للشرب، ذاك الذي ينبع في أرض رملية، لأنَّ الرِّمال تعتبر مصفاة حقيقية للمياه، ولكنها لا تجردها من أملاحها المعدنية المفيدة وهناك أنواع من الماء تحتوي على مواد النشاط الإشعاعي (راديو اكتيف) ولهذه المياه خاصية القدرة على شفاء بعض الأمراض.
على أنَّ الماء الجيد الصالح للشرب ليس متوفراً ـ لسوء الحظ ـ في كل البقاع، ولذا فلا بُدَّ من إصلاحه بطرق متعددة، بعضها يتطلب أجهزة وآلات وذلك بالنسبة للمدن والقرى وبعضها يمكن ممارسته بوساطة شخص واحد ... ومن هذه الطرق طريقة الغلي، وهذه طريقة تفيد في قتل الجراثيم الضارة الموجودة في الماء، ولكنها تفقده خصائصه في الوقت نفسه، إذا ما زادت مدة الغلي عن الحد المعقول، فهو يفقد الهواء المنحل فيه، كما تعلق الأملاح على جوانب إناء الغلي، ويصبح الماء المغلي عسير الهضم، بسبب فقده القسم الأكبر من أملاحه، فإذا أردنا أن نعيد لماء هذا شأنه أملاحه النافعة، فيمكننا أن نضيف مقدار نصف غرام من ثاني كربونات الصودا إلى الليتر الواحد، أو كمية ضئيلة جداً من الفوسفات أو كاربونات الكلس فيصبح الماء عندها سهل الهضم)).
الشرب بعد الطعام الدسم:
عن الإمام علي (عليه السلام): ((كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا أكل اللحم لا يعجل بشرب الماء.
فقال له بعض أصحابه من أهل بيته يا رسول الله، ما أقل شربك للماء على اللحم!
فقال: ليس أحدٌ يأكل هذا الودك(2)، ثمَّ يكف عن شرب الماء إلى آخر الطعام إلا استمرأ(3).
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): الشرب على أثر الدسم داء في البطن(4).
عنه (صلى الله عليه وآله): شرب الماء على أثر الدَّسم يهيَّج الدَّاء))(5).
النوفلي بإسناده كان النَّبي (صلى الله عليه وآله) إذا أكل الدسم أقل من شرب الماء.
فقيل: يا رسول الله، إنَّك لتقل من شرب الماء؟
قال (صلى الله عليه وآله): ((هو أمرأ لطعامي))(6).
الأشربة الباردة والساخنة:
لقد ألف النَّاس أن يتناولوا الماء مثلجاً أيَّام الحر، اعتقاداً منهم أنَّه يخفّف وطأة الجو الخانق، ولكنهم قد يدهشون إذا من علموا أنَّ هذا العمل ليس له أدنى تأثير على شعورهم بالحر، وأن العكس هو الصحيح، أي أن تناول السوائل الساخنة والاستحمام بالماء الساخن هما اللذان يخفّفان من وطأة الحر، ويرطبان الجسم.
كيف يحدث ذلك؟
عندما يكون الجو حاراً، فإنَّ الأوعية الدموية السطحية تتسع - مِمَّا يكسب الجلد لوناً وردياً - ولكن الحرارة تنتقل إلى الجسم بكامله، فإذا ما وصلت الحرارة الخارجية إلى درجة أعلى من المعدل الطبيعي، وهذا المعدل يختلف من شخص لآخر، شعر الإنسان بالإرهاق والضيق، بسبب التأثير المعاكس الذي يتناول القلب والأوعية الدموية العميقة، فإذا قام الإنسان بمجهود زائد عن الحد، في حالة كهذه أصيب ((بضربة حرارة)) مع تقطّع في الأوعية، كما نرى لدى الذين يصابون بضربة الشَّمس، إذ نراهم يحشرجون، وقد تجمع على أشداقهم زبد وردي اللون، وربما تطورت هذه الحالة إلى احتقان دماغي أو رئوي. وفي هذه الحالة يعمد البعض إلى وضع خرقة مبتلة بالماء البارد فإذا بالأوردة السطحية تتقلص، وإذا بالأوردة العميقة تتمدد بصورة مفاجئة، وهذا ما يؤدي إلى نفس حوادث الاحتقان. وهذه الحوادث تقع أيضاً إذا ما تناول الإنسان شراباً بارداً أو مثلجاً وهو في حالة شعور بالغيظ ذلك أنَّ انتقال شعور أوعية القناة الهضمية إلى البرودة، يؤدي إلى ضغط الدم في بقية أوعية الجسم وخاصة الدماغ.
صحيح أنَّ الإنسان يشعر بالارتياح وانخفاض الحرارة عندما يُدخل إلى جوفه شراباً بارداً أو ينال حماماً بارداً، إلا أن هذا الإحساس يكون مؤقتاً إذا ظل الهواء ساخناً، وحرارة الجو مرتفعة، إذ لا يلبث إحساسه السالف بالضيق أن يتكرر من جديد.
إذن فكيف نكافح الحر؟
إنَّ أفضل وسيلة لذلك، كما سبق أن ذكرنا، هي تناول الأشربة الساخنة، وأخذ حمامات ساخنة، ونستطيع أن نفهم السبب في ذلك إذا أدركنا آلية الشعور بالحرارة والبرودة، فعندما نتناول شراباً ساخناً، فإنَّه يؤدي بك إلى الشعور بارتفاع حرارة جسمك الموضعية، إذا ما زالت هذه الحرارة بانتشارها في أرجاء الجسم، شعرت ببرودة نسبية، كما أنَّ الأوعية التي كانت متمددة تتقلص، مما ينجم عنه بطء انتقال الحرارة في جسمك، وهو ما يحدث أيضاً عندما تأخذ حماماً ساخناً... والمقصود بالساخن هنا، هو المعنى الحرفي للكلمة، وليس «الفاتر».
ماذا تفعل إذا وجدت نفسك في مجرى هواء بارد؟
هنا يكون من الأفضل لك أن تتناول أشربة ساخنة، وهذا ما يفعله الناس – بالفطرة – في إفريقيا الشمالية وآسيا الوسطى، إذ نراهم يتناولون الشاي أو القهوة الحارين في الواحات والبساتين المشجرة، وقد أثبت العلم الحديث صحة هذه الطريقة وفائدتها، ولا شك أنَّك تذكر شعورك اللذيذ بالبرودة عقب حمام ساخن في الصيف، أو عندما تتناول شاياً ساخناً في جو حار جداً.
وهكذا نرى أنَّ الفارق بين الأشربة الساخنة والأشربة الباردة، جدير حقاً، بالاعتبار، ولذا يجب أن نحذر محاولة تبريد شخص مصاب بضربة شمس بإعطائه شراباً ساخناً، بل يجب إعطاؤه شراباً بارداً على دفعات قليلة، مع تهويته ووضعه في الظل وإعطائه محلول الكافور والكافئين لمعالجة القلب، فهناك فارق بين مجرد الشعور بالحر الشديد، وبين الإصابة بضربة الشمس، أما إذا كانت الإصابة خطيرة، فيجب أن نعمد إلى إجراء تنفس اصطناعي للمصاب والفصد ونقل الدم، وفي كل الحالات يكون خفض حرارة الجسم بالتبريد المباشر، ضرورة واجبة.
أما في الحالات العادية، فيداوى الداء بالداء، أي بتناول أشربة ساخنة في جو ساخن(7).
___________________________
(1) طب المعصومين (عليهم السلام): ص 368.
(2) الودك: دسم اللحم ودهنه الذي يستخرج منه (النهاية، ج5، ص 169).
(3) الجفريات، ص 161 عن الإمام الكاظم عن آبائه (عليهم السلام).
(4) الفردوس، ج 2، ص 362، ح 3616 عن الإمام علي (عليه السلام).
(5) المحاسن، ج2، ص 398، ح2390؛ بحار الأنوار، ج 66، ص 456، ح41. (6) المحاسن، ج2، ص398.
(7) الغذاء لا الدواء: 552.