تاريخ الفيزياء
علماء الفيزياء
الفيزياء الكلاسيكية
الميكانيك
الديناميكا الحرارية
الكهربائية والمغناطيسية
الكهربائية
المغناطيسية
الكهرومغناطيسية
علم البصريات
تاريخ علم البصريات
الضوء
مواضيع عامة في علم البصريات
الصوت
الفيزياء الحديثة
النظرية النسبية
النظرية النسبية الخاصة
النظرية النسبية العامة
مواضيع عامة في النظرية النسبية
ميكانيكا الكم
الفيزياء الذرية
الفيزياء الجزيئية
الفيزياء النووية
مواضيع عامة في الفيزياء النووية
النشاط الاشعاعي
فيزياء الحالة الصلبة
الموصلات
أشباه الموصلات
العوازل
مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة
فيزياء الجوامد
الليزر
أنواع الليزر
بعض تطبيقات الليزر
مواضيع عامة في الليزر
علم الفلك
تاريخ وعلماء علم الفلك
الثقوب السوداء
المجموعة الشمسية
الشمس
كوكب عطارد
كوكب الزهرة
كوكب الأرض
كوكب المريخ
كوكب المشتري
كوكب زحل
كوكب أورانوس
كوكب نبتون
كوكب بلوتو
القمر
كواكب ومواضيع اخرى
مواضيع عامة في علم الفلك
النجوم
البلازما
الألكترونيات
خواص المادة
الطاقة البديلة
الطاقة الشمسية
مواضيع عامة في الطاقة البديلة
المد والجزر
فيزياء الجسيمات
الفيزياء والعلوم الأخرى
الفيزياء الكيميائية
الفيزياء الرياضية
الفيزياء الحيوية
الفيزياء العامة
مواضيع عامة في الفيزياء
تجارب فيزيائية
مصطلحات وتعاريف فيزيائية
وحدات القياس الفيزيائية
طرائف الفيزياء
مواضيع اخرى
النتائج الثلاث المتعاقبة للأوتار المشدودة
المؤلف:
ـ برايان غرين
المصدر:
الكون الأنيق
الجزء والصفحة:
ص170
2025-05-29
38
أولاً، بينما تكون نهايتا الوتر في البيانو والكمان مثبتتين لتحديد طول ثابت له، فإنه لا يوجد شيء مشابه ليثبت طول الوتر الأساسي. وفي المقابل فإن التوتر الهائل للوتر يتسبب في تقلص الحلقات في نظرية الأوتار إلى أحجام متناهية الضالة. وتؤدي الحسابات التفصيلية إلى أنه في حالة وجود توتر بلانك، فإن ذلك يعني أن يصبح طول الوتر النمطي مساوياً لطول بلانك - 103 سنتيمتر – كما ذكرنا من قبل.
ثانياً، ونظرا للتوتر الرهيب فإن الطاقة النمطية الحلقة تتذبذب في نظرية الأوتار تكون عالية بدرجة قصوى. وحتى نفهم ذلك فإننا نعرف أنه كلما زاد توتر الوتر أصبح دفعه للاهتزاز أصعب. فمثلاً، أسهل كثيراً أن تضرب وتراً في الكمان وجعله يهتز، من أن تفعل ذلك مع وتر البيانو. فإذا كان لوترين توتر مختلف، وكانا يتذبذبان بنفس الطريقة تماماً، فلن يكون لهما نفس الطاقة. فالوتر ذو التوتر الأعلى ستكون طاقته أعلى من الوتر ذي التوتر الأقل، لأنه يتطلب طاقة أكثر لدفعه للاهتزاز. وينبهنا ذلك إلى حقيقة أن طاقة الوتر المتذبذب تتحدد بشيئين: الطريقة الدقيقة التي يتذبذب بها الأنساق الأكثر هياجاً تقابل طاقات أعلى) وتوتر الوتر (التوتر الأعلى يقابل طاقة أعلى). وفي البداية قد يجعلك هذا الوصف تفكر بأنه إذا تناولنا أنساق اهتزاز أهدأ فأهدأ - أنساقاً لها سعات أصغر فأصغر وعدد أقل من القمم والانخفاضات - فإن الوتر يمكن أن يحتوي على طاقة أقل فأقل. ولكن، كما وجدنا في الفصل الرابع وفي صياغة مختلفة ، فإن ميكانيكا الكم تنبئنا بأن هذا المنطق غير صحيح، فمثل كل الاهتزازات أو الاضطرابات الموجية، تنص ميكانيكا الكم على أن تلك الاهتزازات والاضطرابات لا توجد إلا في وحدات منفصلة. ويمكن عموماً القول بأنه تماماً مثل قطع العملة التي تم تكليف بعض الأفراد بها، فإن الطاقة المتضمنة في نسق اهتزاز الوتر تكون أيضاً مضاعفات صحيحة لفئات من قيم دنيا من الطاقة وبالتحديد فإن فئات القيم الدنيا للطاقة هذه تتناسب مع توتر الوتر (كذلك تتناسب مع عدد القمم والانخفاضات في النسق الاهتزازي المعين)، بينما يتحدد العدد الصحيح للمضاعفات بسعة نسق الاهتزاز.
والنقطة المحورية في هذا النقاش هي: حيث أن الفئات الدنيا للطاقة تتناسب مع توتر الوتر، وحيث أن هذا التوتر هائل فإن الطاقات الدنيا الأساسية هي بالمثل هائلة جداً، وذلك بالمقاييس العادية لفيزياء الجسيمات الأولية. وهي مضاعفات لما هو معروف بطاقة بلانك ولندرك هذا المقياس، فإننا إذا حولنا طاقة بلانك إلى كتلة مستخدمين معادلة آينشتاين الشهيرة ، فإن هذه الطاقات ستقابل كتلاً في حدود عشرة مليارات مليارات المرات أكبر من كتلة البروتون (مرة). وتسمى هذه الكتلة الهائلة - بمعايير الجسيمات الأولية - بكتلة بلانك" ، وهي تساوي تقريباً كتلة حبة من الغبار أو تجمع لما يقرب من مليون بكتيريا. وهكذا يصبح المكافئ الكتلي النمطي لحلقة متذبذبة في نظرية الأوتار عموماً أعداداً صحيحة لمضاعفات كتلة بلانك (1 ، 2 ، 3 ، ...). وغالباً ما : يعبر الفيزيائيون عن ذلك بقولهم مقياس الطاقة الطبيعي" أو "النمطي (وبالتالي مقياس الكتلة) في نظرية الأوتار وهو مقياس بلانك.
ويثير ذلك سؤالاً محورياً يتعلق مباشرة بالهدف من إعادة الحصول على نفس خواص الجسيمات المذكورة في الجدولين رقمي (1-1) و(1-2): فإذا كان المقياس الطبيعي للطاقة في نظرية الأوتار هو حوالى عشرة مليارات مليارات مرة أكبر من البروتون، فكيف يمكن أن تحسب الجسيمات الأخف كثيراً مثل
الإلكترون والكواركات والفوتونات وغيرها التي يتكون منها العالم حولنا؟
ويأتي الجواب مرة ثانية من ميكانيكا الكم فيؤكد مبدأ عدم التيقن أنه لا شيء في حالة سكون تام. فكل الأجسام تعاني من الهياج الكمي، لأنها إذا لم تفعل ذلك فسنعرف أين هي وما هي السرعة التي تتحرك بها بدقة كاملة، الأمر الذي يتعارض مع مقولة هيزنبرغ المأثورة. وينطبق ذلك أيضاً على الحلقات في نظرية الأوتار، مهما بدا ظاهرياً أن الوتر هادئ، إلا أنه يقوم بشيء من الاهتزازات الكمية. والشيء الجدير بالملاحظة، كما ظهر في السبعينيات من القرن العشرين، هو أنه من الممكن أن يحدث تلاش" للطاقة بين هذه الهياجات الكمية ونوع اهتزازات الوتر الأكثر حدسية والذي ناقشناه سابقاً وهو موضح في الشكلين رقمي (6-2) و(6-3). وبالفعل، ومن خلال غرابة ميكانيكا الكم فإن الطاقة المصاحبة للهياج الكمي للوتر تكون سالبة"، و"يقلل" هذا من محتوى الطاقة الكلي للوتر المتذبذب بمقدار مساو تقريباً لطاقة بلانك. ويعني ذلك أن الطاقة الأدنى لأنساق اهتزازات الأوتار، التي يمكن أن نتوقع ببساطة أنها مساوية تقريباً لطاقة بلانك (أي مرة واحدة مثل طاقة بلانك على الأرجح تتلاشى مؤدية بذلك إلى طاقات اهتزاز محصلتها منخفضة، وهي الطاقات التي لها مكافئات قريبة من كتل المادة و جسيمات الطاقة الموضحة في الجدولين رقمي (1-1) و (1-2). إنها هذه الطاقات الضئيلة لأنساق الاهتزازات التي لذلك تمثل حلقة الوصل بين الوصف النظري للأوتار والعالم التجريبي المتاح لفيزياء الجسيمات وكمثال هام، فقد وجد تشيرك وشوارتز أنه بالنسبة للنسق الاهتزازي ذي الخواص التي ترشحه ليكون جسيمة غرافيتون، المرسال، فإن الطاقة تتلاشى تماماً مؤدية إلى جسيمة قوى جاذبية كتلتها صفر. وهو المتوقع تماماً من الغرافيتون، حيث قوى الجاذبية تنتقل بسرعة الضوء ولا ينتقل بهذه السرعة القصوى سوى الجسيمات عديمة الكتلة. لكن الجسيمات منخفضة الطاقة الاهتزازية هي الاستثناء وليست القاعدة والوتر الأساسي المتذبذب الأكثر نمطية عبارة عن جسيمة كتلتها أكبر مليارات المرات من كتلة البروتون.
ويدلنا ذلك على أن الجسيمات الأساسية الخفيفة نسبياً الموجودة في الجدولين رقمي (1-1) و (1-2) لا بد أن تنشأ بشكل ما، من الضباب الرقيق الذي يحوم فوق المحيط الهائج للأوتار ذات الطاقة العالية. ويمكن لجسيمة في ثقل الكوارك القمة الذي كتلته تساوي 189 مرة تقريباً كتلة البروتون أن تنشأ وتر يتذبذب فقط إذا تلاشت الطاقة الهائلة الخاصة بالوتر بمقياس بلانك بواسطة هياجات عدم التيقن الكمي بدقة أكثر من جزء من المائة من الجزء من المليون من جزء من المليار. ويبدو الأمر كأنه برنامج "السعر المناسب' The Price is Right) حيث يعطيك بوب باركر - مقدم البرنامج - عشرة مليارات المليارات من الدولارات، ويتحداك أن تشتري منتجات تساوي كل المبلغ ما عدا 189 دولاراً بلا زيادة أو نقص. ولكي تصل لمثل هذه الدقة الهائلة من دون أن تكون على دراية دفينة بالأسعار الدقيقة للأغراض موضع التقويم، فإن ذلك سيربك بشدة حتى أعظم المتسوقين خبرة في العالم. وفي نظرية الأوتار حيث الطاقة هي العملة البديلة، فإن الحسابات التقريبية قد بينت بما لا يدع مجالاً للشك أن التلاشي المشابه للطاقة يمكن أن يحدث بكل تأكيد ؛ لكن ولأسباب ستبدو أكثر وضوحاً في الفصول التالية، فإن التحقق من هذا التلاشي بهذه الدرجة العالية من الدقة يقع عموماً خارج نطاق إدراكنا النظري. وبالرغم من ذلك، وكما أشرنا من قبل، فإننا سنرى أن الكثير من الخواص الأخرى لنظرية الأوتار، التي هي أقل حساسية لمثل تلك التفاصيل الدقيقة يمكن استنتاجها وإدراكها بكل ثقة.
ويأخذنا ذلك إلى النتيجة المتعاقبة الثالثة للقيمة الهائلة لتوتر الأوتار. تستطيع الأوتار أن تقوم بعدد لا نهائي من أنساق الاهتزازات المختلفة. فمثلاً في الشكل رقم (26)، بينا البدايات لاحتمالات متتابعة لا تنتهي تتميز بأعداد متزايدة من القمم والانخفاضات. ألا يعني ذلك أنه في المقابل لا بد من أن توجد تتابعات من الجسيمات الأولية لا تنتهي تبدو وكأنها تتناقض مع الموقف التجريبي المعروض في الجدولين رقمي (1-1) و(1-2)؟ والجواب نعم : فإذا كانت نظرية الأوتار صحيحة، فإن كل نسق من الأنساق الرنينية للأوتار المتذبذبة لا بد أن تقابله جسيمة أولية غير أن النقطة الأساسية هي أن التوتر المرتفع للوتر يؤكد أن كل أنساق الاهتزازات - ما عدا القليل – سيقابلها جسيمات ثقيلة بدرجة قصوى والقليل هنا هو الاهتزازات الأقل طاقة، والتي عانت من تلاش للطاقة شبه تام مع الهياج الكمي للأوتار). ومرة أخرى، فإن تعبير ثقيل" هنا يعني أثقل مرات كثيرة من كتلة بلانك وحيث أن أعظم مسرعات الجسيمات قدرة يمكن أن تصل بالطاقة إلى ما يقرب من ألف ضعف كتلة البروتون فقط، أي أقل من جزء من المليون من جزء من المليار من طاقة بلانك، فإننا بعيدون جداً عن أن نجري أبحاثاً مخبرية على أي من هذه الجسيمات الجديدة التي تنبأت بها نظرية الأوتار.
لكن هناك طرق غير مباشرة يمكن استخدامها في دراسة تلك الجسيمات. فمثلاً الطاقة المتضمنة أثناء مولد الكون لا بد من أنها كانت من الكبر بحيث تتمكن من إنتاج هذه الجسيمات بوفرة. وعموماً لا يتوقع أحد أن تظل هذه الجسيمات حتى يومنا هذا، لأن مثل تلك الجسيمات الفائقة الثقل عادة ما تكون غير ثابتة، فتتخلص من كتلتها الهائلة بتفككها إلى سلسلة من الجسيمات الأخف نسبياً، لتنتهي إلى الجسيمات الخفيفة نسبياً التي تملأ العالم حولنا.
ومع ذلك من الممكن أن مثل هذه الحالة فائقة الثقل من الأوتار المتذبذبة - كتذكار من الانفجار الهائل- قد صمدت حتى وقتنا هذا وسيصبح اكتشاف مثل هذه الجسيمات، كما سنشرح بتفصيل أكثر في الفصل التاسع اكتشافاً تذكارياً هائلاً على أقل تقدير.