الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
الجهاد الأكبر
المؤلف:
محمد باقر الدلفي
المصدر:
كل ما يحتاجه المؤمن لترك الذنوب
الجزء والصفحة:
ص 84 ــ 88
2025-06-07
34
هي معركة كبيرة تحدث داخل الأنسان بين الجانب الروحي الملكوتي والجانب الحيواني الغرائزي أما سبب تسميتي لهاذا البحث باسم الجهاد الأكبر نسبة إلى هذه الرواية:
بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) سرية فلما رجعوا قال: (أهلاً بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر؟ فقيل يا رسول الله ما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد النفس) (1).
رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث سرية جيش إلى الحرب فلما عادوا من الحرب التي هي جهاد في سبيل الله قال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) أهلاً بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر، جهاد النفس الأمارة بالسوء جهاد الذنوب جهاد النفاق والدجل، مجاهدة النفس بالكامل معركة كبيرة وليست صغيرة من اللفاظ.
رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يقول: (الشديد من غلب نفسه) (2).
ليس القوي الذي يتلاكم أو يحمل الأثقال ولكن القوي والشديد هو الذي يتمكن من السيطرة على نفسه وترويضها، الشجاع من غلب نفسه.
الشجاع من سيطر على عينه عندما تمر من جانبه بنت جميلة، الشجاع الذي يتمكن من الاستيقاظ من النوم لأداء صلاة الفجر، القوي الذي يملك غضبه، القوي الذي يتمكن من السيطرة على لسانه، القوي الذي يتمكن من السيطرة على جوارحه.
هذه المعركة مستمرة بداخل الأنسان معركة بين قوتين أما أن تنتصر روحك الطاهرة أو تنتصر النفس.
معركة طويلة جداً لربما تستمر عدة سنين لدى بعض الأشخاص ومنهم من يتمكن من الانتصار خلال سنة واحده ومنهم من يتمكن خلال أشهر ومنهم لربما يتمكن من تهذيب نفسه خلال أيام ولكن النفس الأمارة بالسوء مثلها مثل الإرهاب تستطيع الدولة بعض الأوقات أن تسيطر على الإرهاب ولكن يعود بعده فترة ولكن أن كانت الدولة قوية ستتمكن من القضاء على الإرهاب بالكامل وكذلك النفس أن كنت أنت قوياً وصاحب أرادة وعزيمة وإصرار ستتمكن من الانتصار في هذه الحرب على سبيل المثال:
كان من المقرر أن يأتي عمر بن سعد إلى إيران ويصبح والياً على إيران ذلك العهد فحدثت قضية كربلاء جاء ابن زياد إلى الكوفة في وقت تزامن مع موعد قدوم عمر بن سعد إلى إيران في الشورى التي شكلها ابن زياد قالوا له: عمر بن سعد يستطيع أن يخمد النار التي أضرمها الحسين (عليه السلام) لذلك استدعى عمر بن سعد، وقال له: مهمتك أن تذهب إلى كربلاء.
قال: لدي عهد من يزيد بأن أذهب إلى الري لأحكم هناك، ابن زياد قال: أنا لدي صلاحيات تامة من قبل يزيد، عليك أولاً الذهاب إلى كربلاء للقضاء على الحسين (عليه السلام) وبعدها تذهب إلى ولاية الري، فشعر ابن سعد بالخوف والقلق لأن قتل الإمام الحسين (عليه السلام) لم يكن عملا هيناً، كان عمر بن سعد رجلاً ماكراً.
إنه كان حائراً عند مفترق طريقين، العقل يقول: كلا، الغريزة والجانب البهيمي تقول: نعم. في تلك الجلسة، طلب مهلة لكي يفكر وفي ليلة من الليالي استمر يفكر حتى الصباح، المؤرخون يذكرون نقلاً عن ابنه أنه كان يسير في صحن الدار ويناجي نفسه: هل أذهب إلى كربلاء وأقتل الحسين (عليه السلام)؟
لو فعلت ذلك فسأنال الرئاسة والمال وستقبل عليّ الدنيا، ولكن أخيراً ستفنى حيث جهنم وعذاب الله وخزي المنقلب إذا لم أذهب إلى كربلاء لدي الآخرة وكرامات من الجنة ورضا الله ورسوله، وبالمقابل لن أحصل على الدنيا. الحالات السيئة للإنسان وتجرّه شيئاً فشيئاً نحو الكفر وعمر بن سعد انتابته هذه الحالة حيث مهدت الأرضية لخسرانه وتعاسته التي اختارها لنفسه. قبل أذان الفجر تغلبت نفسه على روحه وطغى الجانب البهيمي على الجانب الملكوتي، ومن أجل أن تطفئ ضربات الوجدان.
الجانب المعنوي جاء بعذر باهت يقولون هناك قيامة سنذهب إلى كربلاء ونقتل الحسين (عليه السلام) ونتمم الأمر ثم نعود إلى الري ونتولى الرئاسة فيها. وبعد ذلك نتوب قرر أن يذهب إلى كربلاء لماذا اتخذ هذا القرار الخطير؟
لأن غرائز حب المال وحب الجاه وضمان مستقبل الأولاد ملأته وهو نفسه كان يبحث عن إرضاء يزيد، كافة هذه الغرائز عن طريق الحرام. وفي الصباح ذهب إلى ابن زياد وقال: جئت لأخبرك بأني سأذهب إلى كربلاء.
ذهب عمر بن سعد إلى كربلاء، وأتم الأمر بشكل مفجع.
هذه الحرب التي حدثت مع ابن سعد تحدث مع بقية الناس ولكن بصورة أقل بكثير عندما يعرض ذنب للأنسان تحدث هذه المعركة ويبقى حائرا أفعل هذا الذنب واشبع رغباتي وبعدها أتوب أم اترك هذا الذنب حتى لا أعصي ربي وتبقى هذه الحرب مستمرة إلى أن يفعل الذنب أو يتركه وهذه الحرب تسمى (بالجهاد الأكبر) وهي عظيمة عند الله معركة كبيرة جداً تحدث بين بعدك المعنوي وبعدك المادي الغرائزي أما أن تنتصر وتتكامل وتصبح أفضل من الملائكة أو تفعل الذنوب وتصبح كالحيوان بلا عقل.
لذلك عليك أن تنتصر في هذه الحرب وللانتصار في هذه الحرب يجب أن تتعلم وتعرف مدى قوة وسياسة عدوك وتعرف كيف يمكنك الانتصار في هذه المعركة وما الذي يجعل جيشك ضعيف وما الذي يجعل جيشك قوي وبماذا استعين وأي صديق ينفعني والكثير من الأمور التي يجب عليك أن تعرفها حتى تنتصر في هذه المعركة.
هذه المعركة لا يمكن لأي شخص أن يتدخل فيها وينصرك على نفسك لربما يستطيع أن يقدم لك المساعدة من خلال النصيحة فقط وغير مسموح له بمساعدتك في الانتصار بهذه المعركة لأنها معركتك الخاصة الأمام الصادق (عليه السلام) يقول: (احمل نفسك لنفسك فإن لم تفعل لم يحملك غيرك) (3).
لا أحد يحملك وينتصر على نفسك، لن يحملك غيرك أنت يجب أن تحمل نفسك وتنتصر في هذه المعركة لا أحد يساعدك.
عندما خلق الأنسان جعلت فيه هذه المعركة من بداية عمره إلى نهاية عمره ولربما يستطيع شخص أن ينتصر على نفسه في بداية عمره ولكن في الأواني الأخيرة من عمره لربما تستطيع النفس أن تنتصر وتتغلب عليك لذلك هذه المعركة مستمرة من بداية عمرك إلى نهاية عمرك لذلك للانتصار في هذه المعركة يجب أن يكون الأنسان حذر من كل تصرفاته ومراقب لنفسه ومثلها كمثل الدولة التي ينتشر فيها الإرهاب أن لم تسيطر على الأمر وتحاسب وتعاقب يتمكن الإرهاب من نشر الفساد في دولتك ومملكتك لذلك أقتل الإرهاب قبل أن يكبر ويكثر وكذلك مثلها كمثل النار أن لم تطفئها وهي صغيرة ستكبر وتبتلع كل شيء أمامها.
النفس تتقسم إلى ثلاث درجات وهي: (النفس الأمارة بالسوء، والنفس اللوامة، والنفس المطمئنة).
كمثل الرتبة أو المقام الذي يحمله الجندي وصاحب الرتبة الأعلى من الجندي رتبة الضابط والأعلى قائد الجيش، كذلك النفس تبدأ بالأمارة بالسوء وتنتهي بالمطمئنة أنت الآن أي مرتبة تحمل نفسك هل أفلحت بتزكية نفسك أم لا؟
{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 7 - 10].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ وسائل الشيعة، ج 15، ص 161، ح 20208.
2ـ المصدر السابق، ص 162، ح 20212.
3ـ الكافي، ج 2، ص 454.