تأملات قرآنية
مصطلحات قرآنية
هل تعلم
علوم القرآن
أسباب النزول
التفسير والمفسرون
التفسير
مفهوم التفسير
التفسير الموضوعي
التأويل
مناهج التفسير
منهج تفسير القرآن بالقرآن
منهج التفسير الفقهي
منهج التفسير الأثري أو الروائي
منهج التفسير الإجتهادي
منهج التفسير الأدبي
منهج التفسير اللغوي
منهج التفسير العرفاني
منهج التفسير بالرأي
منهج التفسير العلمي
مواضيع عامة في المناهج
التفاسير وتراجم مفسريها
التفاسير
تراجم المفسرين
القراء والقراءات
القرآء
رأي المفسرين في القراءات
تحليل النص القرآني
أحكام التلاوة
تاريخ القرآن
جمع وتدوين القرآن
التحريف ونفيه عن القرآن
نزول القرآن
الناسخ والمنسوخ
المحكم والمتشابه
المكي والمدني
الأمثال في القرآن
فضائل السور
مواضيع عامة في علوم القرآن
فضائل اهل البيت القرآنية
الشفاء في القرآن
رسم وحركات القرآن
القسم في القرآن
اشباه ونظائر
آداب قراءة القرآن
الإعجاز القرآني
الوحي القرآني
الصرفة وموضوعاتها
الإعجاز الغيبي
الإعجاز العلمي والطبيعي
الإعجاز البلاغي والبياني
الإعجاز العددي
مواضيع إعجازية عامة
قصص قرآنية
قصص الأنبياء
قصة النبي ابراهيم وقومه
قصة النبي إدريس وقومه
قصة النبي اسماعيل
قصة النبي ذو الكفل
قصة النبي لوط وقومه
قصة النبي موسى وهارون وقومهم
قصة النبي داوود وقومه
قصة النبي زكريا وابنه يحيى
قصة النبي شعيب وقومه
قصة النبي سليمان وقومه
قصة النبي صالح وقومه
قصة النبي نوح وقومه
قصة النبي هود وقومه
قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف
قصة النبي يونس وقومه
قصة النبي إلياس واليسع
قصة ذي القرنين وقصص أخرى
قصة نبي الله آدم
قصة نبي الله عيسى وقومه
قصة النبي أيوب وقومه
قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله
سيرة النبي والائمة
سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام
سيرة الامام علي ـ عليه السلام
سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله
مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة
حضارات
مقالات عامة من التاريخ الإسلامي
العصر الجاهلي قبل الإسلام
اليهود
مواضيع عامة في القصص القرآنية
العقائد في القرآن
أصول
التوحيد
النبوة
العدل
الامامة
المعاد
سؤال وجواب
شبهات وردود
فرق واديان ومذاهب
الشفاعة والتوسل
مقالات عقائدية عامة
قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
مقالات قرآنية
التفسير الجامع
حرف الألف
سورة آل عمران
سورة الأنعام
سورة الأعراف
سورة الأنفال
سورة إبراهيم
سورة الإسراء
سورة الأنبياء
سورة الأحزاب
سورة الأحقاف
سورة الإنسان
سورة الانفطار
سورة الإنشقاق
سورة الأعلى
سورة الإخلاص
حرف الباء
سورة البقرة
سورة البروج
سورة البلد
سورة البينة
حرف التاء
سورة التوبة
سورة التغابن
سورة التحريم
سورة التكوير
سورة التين
سورة التكاثر
حرف الجيم
سورة الجاثية
سورة الجمعة
سورة الجن
حرف الحاء
سورة الحجر
سورة الحج
سورة الحديد
سورة الحشر
سورة الحاقة
الحجرات
حرف الدال
سورة الدخان
حرف الذال
سورة الذاريات
حرف الراء
سورة الرعد
سورة الروم
سورة الرحمن
حرف الزاي
سورة الزمر
سورة الزخرف
سورة الزلزلة
حرف السين
سورة السجدة
سورة سبأ
حرف الشين
سورة الشعراء
سورة الشورى
سورة الشمس
سورة الشرح
حرف الصاد
سورة الصافات
سورة ص
سورة الصف
حرف الضاد
سورة الضحى
حرف الطاء
سورة طه
سورة الطور
سورة الطلاق
سورة الطارق
حرف العين
سورة العنكبوت
سورة عبس
سورة العلق
سورة العاديات
سورة العصر
حرف الغين
سورة غافر
سورة الغاشية
حرف الفاء
سورة الفاتحة
سورة الفرقان
سورة فاطر
سورة فصلت
سورة الفتح
سورة الفجر
سورة الفيل
سورة الفلق
حرف القاف
سورة القصص
سورة ق
سورة القمر
سورة القلم
سورة القيامة
سورة القدر
سورة القارعة
سورة قريش
حرف الكاف
سورة الكهف
سورة الكوثر
سورة الكافرون
حرف اللام
سورة لقمان
سورة الليل
حرف الميم
سورة المائدة
سورة مريم
سورة المؤمنين
سورة محمد
سورة المجادلة
سورة الممتحنة
سورة المنافقين
سورة المُلك
سورة المعارج
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة المرسلات
سورة المطففين
سورة الماعون
سورة المسد
حرف النون
سورة النساء
سورة النحل
سورة النور
سورة النمل
سورة النجم
سورة نوح
سورة النبأ
سورة النازعات
سورة النصر
سورة الناس
حرف الهاء
سورة هود
سورة الهمزة
حرف الواو
سورة الواقعة
حرف الياء
سورة يونس
سورة يوسف
سورة يس
آيات الأحكام
العبادات
المعاملات
خرق العادات والنواميس الطبيعية
المؤلف:
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
المصدر:
نفحات القران
الجزء والصفحة:
ج8 , ص237- 243
3-12-2015
3432
ممّا لا شك فيه أنّ لنبي الإسلام معجزات اخرى كثيرة غير القرآن الكريم، وقد أجمع المسلمون في العالم كافة على هذه المسألة ودلت عليها روايات متواترة أيضاً، وكما أنّ القرآن الكريم أشار إليها مراراً وتكراراً، فذكرها تارة بشكل مجمل ومقتضب، وتارة بشكل مفصل من خلال الإشارة والتنويه إلى المعجزات الخاصة.
وممّا تجدر الإشارة إليه هنا هو المقطع الأول من الآية التالية :
1- {وَاذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ* وَاذَا رَأَوا آيَةً يَستَسخِرُونَ* وَقَالُوا انْ هَذَا الَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ} (الصافات/ 13- 15).
التعبير ب (رأَوا آية) يدل بوضوح على أنّهم لو شاهدوا معجزة أو معاجز للنبي، فبدلًا من أن يؤمنوا بها صدرت منهم ردود فعل وممارسات سلبية، من بينها، أولًا : إنّهم أخذوا يتوسلون بمنطق الاستهزاء والسخرية، وثانياً : إنّهم اعتبروا ذلك «سحراً مبيناً».
ومن المسلَّم أنّ الآيات القرآنية سمعيّة وليست بصريّة، وعليه لا يمكن أن تكون لفظة «الآية» هنا ناظرة إلى الآيات القرآنية، بالإضافة إلى ذلك فإنّ التعبير ب «السحر المبين» يتناسب تماماً مع المعجزات وخوارق العادات، والواقع أنّ اتهامهم نبي الإسلام بالسحر، وترويجهم لهذه المسألة بشكل واسع يدل على أنّهم رأوا منه خوارق عادات ومعجزات، وفضلًا عن ذلك كله كيف يتأتى للنبي الأكرم صلى الله عليه و آله أن ينقل في كتابه السماوي المعاجز الحسية للأنبياء السابقين كمعجزة «اليد البيضاء»، و «عصا موسى»، والمعجزات التسعة الصادرة منه (النمل/ 12)، أو المعجزات المتعددة للسيد المسيح، نظير «إحياء الأموات»، «وشفاء المكفوفين الذين فقدوا بصرهم منذ الولادة»، و «المرضى الذين يستحيل علاجهم» وما شابه ذلك، وكذلك المعاجز التي جاء بها الأنبياء العظام إبراهيم، وصالح، ويوسف، وسليمان، وداود، والتي ورد ذكرها جميعاً في القرآن- ثم لا يأتي بنفسه بمعجزة حسية؟! كيف يمكن له أن يقنع الناس بأنّ جميع الأنبياء كانوا يمتلكون معاجز حسية وهو لا يمتلك شيئا منها في حين أنّ نبوّته أفضل النبوّات، ودينه أفضل الأديان؟ إنّ كل هذه القرائن- مضافاً إلى الآية السابقة- تدل على أنّه كانت له صلى الله عليه و آله معجزات اخرى.
بالإضافة إلى الآية السابقة فهناك آيات كثيرة اخرى بصدد بيان مسألة معاجز نبي الإسلام، وقد وردت عن ائمة الدين روايات في تفسيرها وذكر سبب وتاريخ نزولها، إنّ معاجز نبيّ الإسلام لا تعدّ ولا تحصى، فعلى سبيل المثال لا الحصر نلاحظ نماذج منها :
1- نطالع في قوله تعالى : {سُبْحَانَ الَّذِى اسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ الَى المَسْجِدِ الاقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِن آيَاتِنَا انَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (الاسراء/ 1).
لا شك أنّ الذهاب من «المسجد الحرام» إلى «المسجد الاقصى»، وأكثر من ذلك الصعود إلى السماوات، خاصة في الظروف الموضوعية لذلك الزمان، كان أمراً خارقاً للعادة، بيدَ أنّه ما لم يشاهد الناس هذا المشهد لا يمكن أن تكون له صبغة إعجازية ولا يمكن أن يقع في طريق إثبات دعوى النبي صلى الله عليه و آله، إلّا أنّ الروايات الإسلامية تدل على أنّ الناس اطلعوا على هذه القضية عن طريق الأخبار التي ألقاها النبي على القافلة أو القوافل التي كانت تشق طريقها بين مكة والشام (1).
2- جاء في ذيل قوله تعالى : {انّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئينَ} (الحجر/ 95).
أنّ ستة مجموعات (أو أقل) كانت كل واحدة منها تتعامل مع نبي الإسلام بنوع من أنواع الاستهزاء، وكلما انبرى إلى دعوة الناس كانوا يسعون من خلال أحاديثهم إلى تفريق الناس من حوله، غير أنّ اللَّه تعالى ابتلى كل واحد منهم ببلاء معين، ووصل الأمر بهم إلى أن ينشغلوا بأنفسهم كثيراً بحيث نسوا النبي الأعظم صلى الله عليه و آله (2).
3- يقول تعالى : {يَا ايُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُم اذْ هَمَّ قَوْمٌ انْ يَبْسُطُوا الَيْكُم ايْدِيَهُمْ فَكَفَّ ايْدِيَهُمْ عَنْكُم}. (المائدة/ 11)
ورد في بعض الروايات أنّ هذه إشارة مستبطنة ناظرة إلى المؤامرة التي دبرها «يهود بني النضير» لاغتيال نبي الإسلام، وذلك حينما توجه النبي إليهم مع جمع من أصحابه ليتباحثوا حول الاتفاقية التي كانت معقودة بينهم بالنسبة إلى دِيَة المقتولين، فقالوا : لا مانع من ذلك، اجلسوا وتناولوا الطعام حتى يتحقق مرادكم، وفي تلك الحالة كان في نيّتهم أن يقوموا بحملة مباغتة ويقضوا على النبي وأصحابه، فأطلع اللَّه تعالى النبي على ذلك وأخبر النبي بذلك أصحابه فعادوا بسرعة، «وكانت هذه احدى معجزات النبي» (3).
4- تعقيباً على قوله تعالى : {وَاذَا قَرأْتَ القُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَايُؤمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابَاً مَّسْتُوراً}. (الاسراء/ 45)
ورد أنّ بعض الأعداء كانوا ينوون القضاء على حياة النبي الأكرم صلى الله عليه و آله في حالة انشغاله بتلاوة القرآن، فأسدل اللَّه تعالى حجاباً على أبصارهم يحول بينهم وبين رؤية نبيّه.
وورد في الحديث الذي نقله المرحوم الطبرسي في الاحتجاج عن علي عليه السلام : إنّ اللَّه تعالى أسدل خمسة حجب على انظارهم للحيلولة بينهم وبين رؤية محمد صلى الله عليه و آله، وقد اشير إلى هذه الحجب الخمسة في القرآن الكريم.
في أحد المواضع من سورة يس يقول : {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ ايْدِيهِم سَدَّاً}، فهذا هو الحجاب الأول ثم يعقب بقوله : {وَمِنْ خَلْفِهِم سَدَّاً} (يس/ 9) .
وهذا هو الحجاب الثاني.
ثم يقول بعدها : {فَاغْشَيْنَاهُم فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} وهذا هو الحجاب الثالث.
ثم إنّه يقول : {وَاذَا قَرأْتَ القُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذينَ لَايُؤمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابَاً مَّسْتُوراً}.
وهذا هو الحجاب الرابع.
وقال تعالى بعد ذلك : {انَّا جَعَلْنَا فِى اعْنَاقِهِم اغْلَالًا فَهِىَ الَى الاذْقَانِ فَهُمْ مُّقمَحُونَ} (4).
(يس/ 8)
ولذا لا يرون شيئاً، وهذا هو الحجاب الخامس.
إنّ هذه الحجب سواء كان لها صبغة مادية أو معنوية، فهي وقفت حاجزاً أمام المؤامرات المختلفة المدبرة ضد النبي الأكرم صلى الله عليه و آله، وهذه بحد ذاتها تمثل إحدى المعاجز النبوية الشريفة.
5- نطالع في قوله تعالى : {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ} (البقرة/ 137).
إنّ الأشخاص المحيطين علماً بالتاريخ الإسلامي هم القادرون على الاطلاع على عمق مفهوم هذه الآية التي يُستشف من ظاهرها أنّ الأعراب المعاندين والمتعصبين الجاهليين وخاصة الاشراف من مشركي مكة الذين تعرضت منافعهم اللامشروعة للخطر مع ظهور الإسلام، لم يدخروا جهداً في القضاء على الإسلام والنبي الأكرم صلى الله عليه و آله.
في الوقت ذاته تعطي الآية التي نحن بصددها وعداً صريحاً بأنّ اللَّه تعالى سوف يدفع شرورهم، ويسفِّه أحلامهم، ويفشل مؤامراتهم، وهذه من إحدى النبوءات الاعجازية.
6- وردت الإشارة في القرآن الكريم إلى اعجاز آخر حدث في حرب الأحزاب، يقول عز من قائل : {يَا ايُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُم اذْ جَاءَتْكُم جُنُودٌ فَارْسَلْنَا عَلَيهِم رِيحَاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصيِراً}. (الأحزاب/ 9)
إنّ الذين يطالعون قصة «حرب الأحزاب» في القرآن الكريم، والروايات والتواريخ، يجزمون على وجود بون شاسع بين المسلمين واعدائهم، فقد فرض الأعداء حصاراً شديداً على المدينة بحيث أصبح سقوطها حتمياً بحسب الظاهر، ووصلت الحالة بالمسلمين إلى
أنّ يُعبِّر القرآن عنهم بقوله : {وَاذْ زَاغَتِ الابْصَارُ وَبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَنَاجِرَ ... وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيداً}. (الاحزاب/ 10- 11)
في خضم هذه الظروف هبَّت- على حين غِرّة- نسمة الرحمة الإلهيّة، وانقلبت الامور رأساً على عقب وتتابعت فيوضات المدد الإلهي على المسلمين وقذف اللَّه في قلوب المشركين الرعب والفزع الشديد فتراجعوا خائبين بدون أن يحققوا عملًا معيناً وعادوا إلى مكة.
وفي الواقع أنّ جميع الأخبار الغيبية في القرآن التي بحثناها مفصلًا في الفصل السابق، يمكن الاستناد إليها في هذا البحث أيضاً، وذلك لأنّ كل واحد منها يعتبر معجزة من معاجز نبي الإسلام ودليلًا على صدق قوله وادّعائه. طالعوا مرة اخرى كل ما ذكرناه في الفصول العشرة من بحث الاعجاز القرآني من ناحية الأخبار الغيبية، إذ كل واحد من تلك الفصول يعتبر شاهداً على البحوث التي بين ايدينا في هذا الفصل.
وأمّا الموارد الخاصة التي حددها القرآن الكريم، ففي مقدمتها قصة شق القمر التي جاء ذكرها في قوله تعالى : {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ القَمَرُ* وَانْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ* وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا اهْوَاءَهُم وَكُلُّ امْرٍ مُّسْتَقِرٌّ}. (القمر/ 1- 3)
الكلام يقع في أنّ المقصود من شق القمر هل هو بعنوان معجزة من المعاجز الواقعة في هذا العالم، أو أنّه إشارة إلى انشقاق القمر في المستقبل أو في نهاية العالم بصفته واحدة من العلامات على بداية الآخرة، فالمشهور بين المسلمين هو الاحتمال الأول على حد قول الفخر الرازي الذي يقول : «والمفسرون بأسرهم على أنّ المراد أنّ القمر انشق وحصل فيه الانشقاق، ودلت الأخبار على حديث الانشقاق، وفي الصحيح خبر مشهور رواه جمع من الصحابة» (5).
وينقل المرحوم «الطبرسي» أيضاً حديث انشقاق القمر عن جمع كبير من صحابة النبي الأكرم صلى الله عليه و آله، وجماعة من المفسرين ويعد المخالفين لهذه المسألة ثلاثة أشخاص فقط، هم :
(عثمان بن عطاء، عن أبيه وكذلك الحسن والبلخي)، ثم يقول بعد ذلك : «وهذا لا يصح لأنّ المسلمين أجمعوا على ذلك فلا يعتد بخلاف من خالف فيه ولأنّ اشتهاره بين الصحابة يمنع من القول بخلافه» (6).
وذكر جماعة من المفسرين عبارات متشابهة لما نقلناه عن «الطبرسي» و «الرازي».
علاوة على ذلك فانه توجد قرائن واضحة على هذا المعنى في نفس هذه الآيات من جملتها :
1- جملة «وانشق القمر» المذكورة بصيغة الفعل الماضي التي تدل على وقوع مثل هذا الأمر، وأمّا كون الفعل الماضي بمعنى المضارع فإنّه وإن ورد ذكره في موارد معينة من القرآن الكريم، لكن نظراً لكونه استعمالًا مجازياً فهو بحاجة إلى القرينة، ولا توجد قرينة في هذا المقام.
2- إنّ أفضل شاهد على هذا المعنى هي الآية الثانية التي تقول : {وَانْ يَرَوا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ}، لأنّ مشاهدة «الآية» و «الإعراض» عنها، ونسبة السحر إلى النبي كلها تدل في الظاهر على وجود معجزة.
3- تخبر جملة : «وكَذَّبوا واتَّبَعوا أَهْواءَهم» في الآية الثالثة عن تكذيب هؤلاء لنبي الإسلام صلى الله عليه و آله حتى بعد مشاهدة المعجزة، ولو لم يكن إعجازاً في البين لما كان لهذه التعابير أساس من الصحة بأي شكل من الأشكال.
4- بالإضافة إلى ذلك فقد نقلت روايات كثيرة في مصادر الحديث الإسلامى أخبار عن حدوث هذا الإعجاز وقد وصلت إلى حد الشهرة والتواتر، وقد أقر جمع من المفسرين مسألة تواتر الأخبار الواردة في شق القمر، من جملتهم : الطبرسي، والفخر الرازي، وسيّد قطب، والبروسوي في روح البيان فلا يمكن الإعراض عن هذه الآيات والروايات بالاستناد إلى بعض الهواجس والفرضيات البعيدة على الاطلاق.
وممّا يمكن ذكره بعنوان قرينة على وقوع هذه الحادثة في المستقبل هو اقتران قرب وقوع يوم القيامة إلى جانب شق القمر حينما في قوله تعالى : {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ القَمَرُ}.
إلّا أنّ الذي ذهب إليه جماعة من المفسرين هو أنّ اقتراب يوم القيامة تحقق مع ظهور نبي الإسلام، لأنّنا نقرأ في المأثور عنه : «بعثت أنا والساعة لهاتين» وقد أشار إلى اصبعين متوازيين من أصابعه المباركة (7).
ولذا نقرأ في قوله تعالى : {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُم وَهُم فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ}.
(الأنبياء/ 1)
ونقرأ في قوله تعالى : {قُلْ انَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبَاً}.
(الأحزاب/ 63)
وذلك حينما سألوا النبي صلى الله عليه و آله عن موعد حصول يوم القيامة.
ووفقاً لما ورد في الروايات المشهورة فإنّ المشركين جاؤوا إلى رسول اللَّه وقالوا : «إذا كنت صادقاً في قولك وإنّك نبي حقاً فاشطر القمر لنا شطرين» (8).
ولم يمض شيء من الوقت حتى اتصل أحد شقي القمر بالآخر وعاد إلى حالته الاولى.
وقد نقل الصحابي المشهور حذيفة قصة انشقاق القمر بحضور جمع من الناس في مسجد المدائن، فلم يعترض عليه أحد مع أنّهم أدركوا عصر النبي، وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدل على قطعية هذه المسألة في أوساطهم (9).
__________________
(1) جاء في إثبات الهداة، ج 1، ص 247، عن الإمام الصادق عليه السلام أنّ النبي صلى الله عليه و آله أخبر عن رؤية قافلة أبي سفيان ومرورها ببئر قبيلة فلان بحثاً عن ناقة لهم ذات وبر أحمر، كما وصف سوق الشام الذي لم يره قط (تفسير مجمع البيان ج 1، ص 395؛ وسيرة ابن هشام، ج 2، ص 43- 44).
(2) نقل الطبرسي في تفسير مجمع البيان، ج 5- 6، ص 346، وكذلك العلّامة المجلسي في بحار الأنوار، ج 18، ص 48، وابن هشام في السيرة ج 2، ص 50، وبقية المفسرين والمؤرخين شرحاً وافياً لهذه الواقعة.
(3) تفسير مجمع البيان، ج 3، ص 165.
(4) تفسير البرهان، ج 2، ص 423، ح 2.
(5) تفسير الكبير، ج 29، ص 28.
(6) تفسير مجمع البيان، ج 9 و 10، ص 186.
(7) تفسير الكبير، ج 29، ص 29؛ و تفسير مجمع البيان ذيل آية 18 من سورة محمد.
(8) تفسير مجمع البيان وكتب التفسير الاخرى في ذيل الآية مورد البحث.
(9) نقل السيوطي هذا الحديث في تفسير در المنثور، وتفسير القرطبي في ذيل الآية مورد البحث.