الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
اطمئنان الحسين (عليه السلام)
المؤلف:
محمد باقر الدلفي
المصدر:
كل ما يحتاجه المؤمن لترك الذنوب
الجزء والصفحة:
ص 151 ــ 155
2025-06-17
29
هنالك الكثير من التفاسير التي تشير إلى أن أية النفس المطمئنة نزلت بحق الأمام الحسين الشهيد (عليه السلام).
روي عن الأمام الصادق (عليه السلام) قال في تفسير هذه الآية: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: 27 - 30]، (يعني الحسين بن علي ـ عليهما السلام ـ) (1).
عندما نتكلم عن الاطمئنان يجب أن نتكلم عن اطمئنان الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء، كان الأمام يعلم أنه سيقتل على يد الكفار أن ذهب إلى الكوفة ولكن ذهب هنالك لأمر لله رضائاً بقدره.
ينقل أن الأمام الحسين (عليه السلام) لم يكن خائفاً من جمع الكفار بل كان وجهه منيراً راضياً حتى أنه لم يجزع عند هذه المصائب، كان مطمئن ويمتلك اطمئنان عجيب راضياً بقضاء الله وأقداره.
على يقين تام أن هذه الحوادث والمصائب هي بأذن الله وبقدرته ولوجود المصلحة فيها لحكمة الله، وهو على يقين أن الله أعلم وأحكم لذلك بقي الأمام الحسين على يقين تام قبل يوم عاشوراء وبيوم عاشوراء لم يدخله الخوف أو الجزع أو الحزن بل بقي مطمئنا حتى أن الكفار متعجبين لثبات الأمام ويقينه بالله.
الحسين (عليه السلام) يرى طفله الرضيع قتيلاً وهو بين يديه؟
عجيب هذا الاطمئنان والسكينة، مثل هذه المصيبة تهز الجبال، يقتلون أبنائه أمام عينه ويقتلون أخوته ويقتلون أصحابه، مصيبة تهز الجبال وتمزق القلوب، يقف مطمئن أمام الوف من الجيوش والأعداء وهو على ثبات تام.
لكن الحسين (عليه السلام) صاحب النفس المطمئنة يقول: (أنما هون عليَ ذلك انه بعين الله الناظرة).
هذه المصائب العظيمة هينة وسهلة عند الأمام الحسين لأنه بعين الله لأنه على يقين أن الله مطلع على ما يحدث، هذه المصائب كلها لا شيء أمام الحسين لأنه على يقين أن الله مطلع على كل شيء.
الأمام الحسين يعلم أن من بداية توجهه من مكة إلى الكوفة بأن الصعاب والمشاكل والمصائب والأحداث تنتظره وأن عياله ستتأسر على يد الكفار ولكن بما أن لله فيها حكمة ورضا وصلاح فأنه توجه إلى هذه الصعاب لأن فيها رضا الله وتقرباً إليهم.
الحسين له نفس مطمئنة وتسليم كامل لله راضياً بقضائه وأقداره وأحكامه، أينا اليوم يصبر على المصائب، البعض عندما تصيبه مصيبة واحدة يجزع ولا يصبر مؤمنا يصلي ويصوم ولكن عند الاختبار لا يصبر.
صاحب النفس المطمئنة يكون على يقين تام أن الله مطلع عليه وعلى أسراره على يقين أن الله يعلم كل شيء، على يقين أن الله بصير بالعباد.
هنالك أشخاص عندما يدخلون إلى السوق ويحاولون السرقة ولكنهم ينتبهون أن هنالك كامرات مراقبة في السوق فأنهم يتوقفون عن السرقة فوراً، وكذلك البعض عندما يلفت نظره إحدى الكاميرات فانه يتصرف تصرفات أخلاقية ويكون نظيفاً لا يرمي النفايات في الشارع وكذلك يتعامل باحترام مع الناس لأن المكان مراقب من قبل الناس؟
البعض لا يذنب أمام الناس لأنه يخجل ويستحي، البعض لا يزني أمام الناس ولا يرى حراماً أمامهم، ولكن عند الخلوات يذنب ويعصي وكأن شخصاً لم يره ابدأ، يتأكد من أن ليس هنالك أي بشر من حوله ويغلق الأبواب حتى لا أحد يطلع عليه؟
ولكن لا يعلم أن الله مطلع عليه وعلى كل أحواله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور يعلم كل شيء رقيب على كل شيء، ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
{وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق: 12].
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [إبراهيم: 19].
{يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ} [سبأ: 2].
{يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: 19].
{وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ} [المائدة: 99].
الواحد القهار يعلم كل شيء يعلم حتى بماذا تفكر يعلم أين ذهبت وماذا قلت وماذا تريد أن تقول يعلم كل شيء في الأرض وفي السماء لأنه الرقيب على كل شيء
لماذا تخجل وتستحي من البشر والله أحق أن تخجل وتستحي منه وتخاف منه، يخافون من الناس ولا يخافون من الله.
{وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} [الأحزاب: 37].
روي عن الأمام الصادق (عليه السلام) قال: (يا إسحاق خف الله كأنك تراه فان كنت لا تراه فإنه يراك، فإن كنت ترى أنه لا يراك فقد كفرت، وإن كنت تعلم أنه يراك ثم استترت عن المخلوقين بالمعاصي وبرزت له بها، فقد جعلته في حد أهون الناظرين اليك) (2).
خف الله كأنك تراه خف الله كما تخاف أن تسرق وهنالك كامرات في المكان، خف الله كأنك تراه بالتأكيد لا يمكنك رؤية الله ولكن خف كأنك تراه، خف الله وأنت على يقين أن الله مراقبك في كل أحوالك، وأن كنت تعلم أن الله يراك ومراقبك وتسترت من الناس وفعلت المعاصي حتى لا يراك أحد أنك تعصي فقد جعلت الله أهون الناظرين اليك، أي خجلت من الناس أن ينظروا اليك وأنت تعصي ولم تخجل من الله الذي يطلع عليك وأنت تعصيه، والأعجب أنك تطمئن عندما تتأكد أن ليس هنالك من ينظر اليك، ونسيت أن الله مطلع عليك وحتى على أفكارك وبماذا تفكر ألا تخجل من الله ، ألا تستحي من الله؟
صاحب النفس المطمئنة لا يعصي الله لأنه على يقين أن الله يراه ويسمعه، صاحب النفس المطمئنة عندما يصلي يكون على يقين انه يصلي ويسجد لله، حتى أن صلاتهم ليس فيها أي أفكار أو انشغال في الدنيا وزخرفها.
قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): (من ساء لفظه ساء حظه، ومن كثر كلامه كثر غلطه).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ بحار الانوار، ج 44، ص 219، ح 11.
2ـ المصدر السابق، ج 67، ص 386.