الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
ترك الذنوب / جهاد النفس
المؤلف:
محمد باقر الدلفي
المصدر:
كل ما يحتاجه المؤمن لترك الذنوب
الجزء والصفحة:
ص 68 ــ 82
2025-06-23
17
يسئل الشاب كيف يمكنني ترك الذنوب وحتى لا أطيل عليك فان ترك الذنوب يعتمد على إرادتك القوية وتوكلك على الله والآن اليك اهم الطرق لترك الذنوب وهي:
جهاد النفس: (الأنسان الملكوتي)
قبل أن نتكلم عن جهاد النفس يجب أن نعرف ما هي النفس لذلك نبدأ بحديث جميل جداً يكون بداية لبحثنا.
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): (إن الله عز وجل ركب في الملائكة عقلاً بلا شهوة، وركب في البهائم شهوة بلا عقل وركب في بني آدم كلتيهما، فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة، ومن غلب شهوته عقله فهو شر من البهائم) (1).
أن الله خلق الملائكة بعقل بدون شهوة وخلق الحيوانات بشهوة دون عقل بينما خلق الأنسان بكليهما بعقل وشهوة وجعل الأنسان مخير أما يميل إلى العقل ويصبح أفضل من الملائكة أو يميل إلى غرائزه الحيوانية ويصبح أتعس من الحيوانات يصبح كالحيوان يأكل ويشرب وينكح وينام إلى أن يموت على هذه الحالة.
الإنسان لديه امتياز من بين كافة المخلوقات وهذا الامتياز هو أنه ذو بعدين بعد مادي، وبعد معنوي.
البعد المعنوي: هو الروح والنفس (كل شيء غير ملموس)
والبعد المادي: هو الجسد وفيه الغرائز التي تسمى أحياناً البعد الحيواني للإنسان. (كل شيء ملموس)
وأن ارتقاء وتكامل الإنسان، يجري عن طريق هذا التركيب، وبما أن الملائكة يمتلكون البعد المعنوي فقط، لذلك لم يشاهد، ولن يشاهد تكامل في الملائكة مع أن حضرة جبرائيل ملك مقرب، وله سعة وجودية على العالم وكما قال النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) لو تمكن المرء من استيعاب حقيقة جبرائيل، فإن له هيمنة على عالم الوجود أيضاً، إن سعته الوجودية كبيرة إذ أنه ملك الله المقرب.
كما هو الحال بالنسبة لحضرة عزرائيل. ولكن ليس هنالك تكامل في جبرائيل، ليس هنالك أدنى فرق بين جبرائيل الحالي وجبرائيل قبل مليار عام ولا يسير أنه منهمك في عبادة الله، وكما قال القرآن الكريم فإن جبرائيل لا يخالف ولا يعصي ربه، وشأنه شأن سائر الملائكة، ولكن لا يسر نحو التكامل.
كما أن الحيوانات ليس لها تكامل لأنها تمتلك بعد واحد وهو البعد المادي البعد الحيواني فقط، مثلاً دابة الأرض والنمل هذه حشرات تعيش بصورة جماعية، ولديها حضارة خاصة، وبالأخص دابة الأرض والنحل والنمل. النظام والطرق الحضارية المتبعة في حياة هذه الحشرات تفوق ما يتبعه الكثير من البشر، ولكن على رغم الحضارة التي يمتلكها النحل مثلاً، إلا أنه لا يسير نحو التكامل. قبل مليار عام كانت دابة الأرض تبني بيتاً راقياً جداً بحيث حازت على إعجاب وتقدير المهندسين في دقة تصميمها، ولكنها إلى الآن تبني نفس ذلك البيت لم يحدث أي تطور أو تكامل في بناء البيت أو في النظام لدى النمل لكي تصل إلى حضارة أرقى.
وايضاً بيوت العنكبوت من ملايين السنين والعنكبوت يبني بيتاً ضعيفاً سريع الهدم كما أشار اليه القرآن بقولة: {وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 41].
منذ خلق العنكبوت والى الآن لم يتكامل ويبني بيتاً قوي ولم يغير تصميم بيته لذلك فأن الحيوانات ايضاً لا تمتلك أي تكامل.
التكامل موجود في عالم الخلقة باسم الإنسان فقط، لأنه يمتلك بعدين بعد ملكوتي معنوي وبعد حيواني مادي يسمى الجسم.
التركيب أيضاً تركيب عجيب، بمعنى أن طريقة التركيب مجهولة إلى الآن، ولا يمكننا بطبيعة الحال أن ندركها، لا يستطيع أي فيلسوف أن يوضح طريقة التركيب بين الروح والجسم. بين البعد المادي والبعد المعنوي.
رواية عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في سفره إلى المعراج يقول فيها: (رأيت ملكاً في ليلة المعراج، كان نصفه من النار والنصف الآخر من الثلج، الثلج لم يكن يسري إلى النار، وكذلك النار إلى الثلج).
جميع رغباتنا الروحية لا يتلائم معها جسمنا، وعلى العكس جميع رغباتنا الجسمية تسبب المتاعب والألم لروحنا. أنتم لا يمكنكم أن تجدوا لذة روحية ترضي الجسم، كما ترضي بعدكم الحيواني: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ} [عبس: 24].
من المعلوم أن طعام الجسد هو الأكل وبعض الشهوات ولكن كما ورد في تفسير هذه الآية عن أهل البيت (عليهم السلام) قالوا طعامه هو علمه وهذا يعني أن للروح طعام أيضاً وطعام الروح هو العلم والعبادة والصلاة والتسبيح خير مثال على ذلك الأنسان يتكون من بعدين بعد مادي وبعد معنوي.
الملائكة تتكون من البعد المعنوي فقط ليس لديها أي جزء مادي ملموس لننظر إلى طعام الملائكة ستجده التسبيح والتهليل والصلاة والاستغفار وغيرها.
والبعد الحيواني نذهب إلى الحيوان سنجد طعامه الأكل والشرب والتزاوج وهذا يوضح لنا غذاء البعدين لذلك نستنتج أن الأنسان يتكون من بعدين أي أنه بحاجة إلى غذائيين فلو أهتم الأنسان بغذاء جسده فقط بالأكل والشرب واللبس والنكاح فانه من المؤكد سوف يميت نفسه وروحه ولكن لو أهتم الأنسان بغذاء روحه فقط بالتسبيح والصلاة والصوم وقراءة القرآن فهذا ايضاً من المؤكد أنه سوف يميت جسده ويمرض ويموت اذن ماذا على الأنسان أن يفعل؟
عليه أن يغذي الروح بالتسبيح والدعاء والصلاة أما الجسد بالأكل والشرب واللبس وإشباع الغرائز ولكن بالحلال وليس بالحرام.
لا تنسى كلما اعتنيت بالجسم فقط فأنك سوف تقتل الروح وتميتها أحيانا ما تجد أنسان غني وذو جسد قوي ولكنه في الحقيقة داخله مظلم لأنه أمات نفسه فتجده يعيش حاله من الحزن والهم وضيق الصدر وهذا ما أشار اليه القرآن بقولة تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 124].
أن من يعرض عن ذكر الله ولا يذكر الله الذي يعتبر ذكره غذاء للروح فأنه سيعيش حياة ضنكا حياة حزينة حتى لو رأيته يلعب ويلهو ويضحك ولكن في داخله حزين ضنك تعبان ولربما تجد هنالك أناس أغنياء وأثريا يمتلكون كل ما تشتهي النفس ولكنهم يعيشون بحالة حزن وهم وغم وبنفس الوقت تجد عائلة بسيطة فقيرة يعيشون حالة من الفرح والسرور وهذا سببه غذاء الروح أحدهم أهتم بتغذية الجسد ونسى الروح وهذا ما جعله يشعر بالحزن والهم وآخر أهتم بغذاء الروح والجسد سويا فأصبح بحالة سرور وبهجة وعلى حال سكينة واستقرار.
أن الله خلق الأنسان وجعله مخير بين أن يصبح كما قلنا في بداية الحديث أن يغلب شهوته ويصبح أفضل من الملائكة أو أن شهوته أو غريزته الحيوانية تغلبه وتسيطر علية فيصبح كالحيوانات أو أتعس من الحيوان: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} [الأنفال: 22].
أولئك الذين لديهم أعين لا يرون فيها وأذان لا يسمعون فيها وقلوب لا يعقلون فيها يجهلون الحقائق أولئك الذين سيطرت عليهم غرائزهم حب الدنيا وحب الرئاسة وحب النساء وحب المال وحب النكاح كل هذه هي من البعد الحيواني فمثلاً تجد الأسد يحكم الغابة ولا يحب أن ينازعه أحد في حكمه وتجد بعض الحيوانات تفضل النكاح ولا تحب أن يتقرب أحد إلى إناثها وتجد بعضهم يحب الأكل ويتنازع على الأكل كذلك بعض البشر بل هم أشر واتعس من الحيوانات لان الله فضلهم على الحيوانات ولكنهم يتصرفون كالحيوانات ويتبعون غرائزهم بدون أي عقل أو تفكر وهاذا ما يفعله الحيوان.
الأنسان الذي يتمكن من السيطرة على غرائزه الحيوانية أي شهواته ويعمل على تغذية الروح فأنه سيرتفع درجات عالية يصبح حتى أفضل من الملائكة: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: 30].
أن الأشخاص الذين تمكنوا من السيطرة على جزئهم الحيواني واستقاموا على هذا الطريق وأمنوا بالله هم أشخاص مباركون عند الله وفي خلق أعلى من الملائكة حتى أن الملائكة تتنزل عليهم ولربما بعض الأشخاص يصل إلى مرحلة يتكلم مع الملائكة ويكلمونه ويراهم ويرونه ويعلمونه بعض الأشياء شيئاً بعد شيء حتى أنه لو أرتقى درجات أكبر يصل إلى مرحلة التحكم بالملكوت أي كظاهرة طوي الأرض والدعاء المستجاب الذي يغير بعض الأحداث وأيضاً الاسم الأعظم وغيرها من الاتصال بالأمام الحجة (عجل الله فرجة الشريف).
وهذا ليس ببعيد ولم يحجب عن الناس ولكن الله جعله في مرتبة شبه عالية لا يمكن لأي شخص الحصول عليها ألا بعد التغلب على البعد المادي الحيواني وغلب النفس
جابر الجعفي، أحد الأشخاص الذين استطاعوا أن يسيطروا على رغباتهم ويمتطون البعد المادي نحو التكامل الملكوتي. الراوي يقول: قلت لجابر في الكوفة: لقد اشتقت إلى الإمام الصادق (عليه السلام).
قال: هل تريد الذهاب إليه؟
فتعجبت، وقلت: نعم،
ولكن كيف يمكن الذهاب إلى الإمام الصادق (عليه السلام)؟.
فذهبنا خارج الكوفة ثم قال: أعطني يدك وأغمض عينيك. أعطيته يدي ثم فتحت عيناي، فإذا بي في أزقة المدينة، فتعجبت. قال جابر: هذا بيت الإمام الصادق (عليه السلام) اذهب إلى هناك حتى آتي، عندما مررت في الأزقة سألت نفسي قد يكون هذا ضرباً من السحر، أين أنا من المدينة؟ الأفضل أن أضع مسماراً في الحائط، وفي العام القادم عندما آتي إلى مكة والمدينة سأرى هل المسمار موجود أم لا؟
يقول: بينما كنت على هذه الحال وإذ بجابر الجعفي قادم فأعطاني مسماراً وصخراً وقال: أضرب المسمار في الحائط
يقول: ذهبت عند الإمام الصادق (عليه السلام) ولكني كنت خائفاً جداً، فرأيت جابراً قادماً وأنفرد بالإمام (عليه السلام) أحياناً كان الإمام الصادق (عليه السلام) يناجيه وأحياناً كان هو يتحدث إلى الإمام - خلوة العاشق بالمعشوق - جلست عند الإمام (عليه السلام) مدة وبعد ذلك خرجنا سوية، فرآني جابر، وقد أصبت بالذهول فقال: هل تريد أن تذهب إلى الكوفة؟
قلت: نعم قال: أغمض عينيك وأمسك بيدي، ثم فتحت عيناي وإذا بي في الكوفة.
لا تستغرب وتتعجب لان هذه العجائب لها جذور قرآنية يؤكد على ذلك، وهنالك الكثير من الأشخاص الذين استطاعوا أن يغلبون هواهم ويتمكنون من طي الأرض كما عند أهل البيت (عليهم السلام) وعند بعض الأشخاص الصالحين ومن المؤكد حتى في زماننا هذا هنالك أشخاص ولربما من أقاربك يمتلكون هذه الخاصية ولكن لم يسمح لهم بالتحدث وأنت ايضاً تستطيع الوصول إلى هذه الدرجة من الكمال فقط توكل على الله واعمل على نفسك شهر أو شهرين أو حتة سنة وسنتين إلى أن تستطيع التغلب على هوى النفس لأنها معركة كبيرة.
الجذور القرآنية على طي الأرض التي نقرأها في القرآن الكريم التي تتحدث عن أصف بن برخيا مساعد نبي الله سليمان عندما جانوا بالخبر إلى نبي الله سليمان عن بلقيس ملكة اليمن قال سليمان: {قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} [النمل: 38].
أيها الحضور إيكم يستطيع أن يأتي بعرش بلقيس قبل أن تصل الينا وكانت بلقيس باليمن وسليمان بفلسطين فقال أحد كبار عفاريت الجن: {قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} [النمل: 39].
وهنا تكلم أصف وقال: {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} [النمل: 40].
وبالتأكيد استطاع أصف أن يجلب عرش بلقيس إلى سليمان بأقل من خمسة ثواني أي قبل أن ترمش عين نبي الله سليمان وهذه الظاهرة كفيلة أن تثبت الحادثة التي حدثت مع جابر الجعفي عندما استطاع أن ينتقل من مكان إلى مكان بأقل من ثانية وهذه الظاهرة تسمى بطي الأرض وهي لدى العباد الصالحين الذين تمكنوا من التغلب على جانبهم الحيواني وكما توضح الآية التي تتكلم عن اصف: {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ} [النمل: 40].
كان أصف يمتلك علم وهذا العلم جعله ينتقل من مكان إلى مكان وحسب ما وردت في الروايات أن علم أصف بالنسبة للقرآن وعلم أهل البيت (عليهم السلام) كقطرة في بحر لذلك جابر الجعفي كان من طلاب أهل البيت (عليهم السلام) وتعلم من علمهم لذلك تمكن من تسخير عالم الملكوت، كذلك أنت أن كنت تتشوق إلى أن يرزقك الله بهذه الصفة فعليك أن تعمل على السيطرة على جانبك الحيواني أضافة إلى بدء التعلم بكتاب الله ودينه وفهم سيرة محمد وال محمد علوم أهل البيت (عليهم السلام) منتشرة بكل مكان يمكنك التعلم منها بما شئت.
لو استطاع الأنسان أن يسيطر على البعد المادي الحيواني وأن يتغلب بعده الروحي الملكوتي على بعده الحيواني البهيمي يستطيع أن يصل إلى أي مكان يشاء ويستطيع أن يسخر عالم الملكوت ويصل إلى درجات عالية جداً وأن قلت كلا لا أستطيع لا يمكن ذلك؟
فهذا دليل على أنك لا تريد التحرك لا تريد أن تقفز لا تريد أن تتكامل أنت تجهل نفسك وتجهل قدرك الحقيقي لو أراد الأنسان كل شيء فهذا ممكن ويستطيع الأنسان أن يحققه ويحقق ما يريد بأذن الله ولكن للأسف الأنسان جهول لا يعرف قدر نفسه، (الله عز وجل) يقول: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: 72].
عرضت الأمانة على السماوات والأرض والجبال فلم يقبلنها لأنها أمانة كبيرة وبالتأكيد كل منهم لا يمكنه التكامل لذلك لا يمكنهم حمل الأمانة فقط الأنسان أستطاع حمل الأمانة خلافة الأرض وطاعة الله وعبادته ومعرفته.
لم يستطيع أي المخلوقات من حمل هذه الأمانة فقط الأنسان استطاع حملها ولكن الله (عز وجل) يوضح بنهاية الآية حقيقة كبيرة يقول إنه كان ظلوما جهولا!
الأنسان يجهل نفسه يجهل حقيقته يجهل قدرته نسى أن الله سخر كل المخلوقات لخدمة الأنسان فقط لخدمتك سئلت نفسك من أنا حتى تسخر الشمس كل يوم حتى تغرب والقمر والنجوم والليل والنهار والملائكة والحيوانات والنبات وغيرها كلها مسخرة اليك تتحكم ببعضها والبعض الآخر لا تتحكم فيه.
الحيوانات تعيش وتكبر من أجلك أنت حتى تأكلها وتستفيد منها والنبات ايضاً يحيى ويعيش من أجلك والشمس من أجلك والقمر من أجلك أنت، أجل أنت الذي تجهل نفسك كل الكون مسخر لخدمتك أنت: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم: 32، 34].
ملائكة لا يعصون الله طرفة عين ويعبدونه ومكرمين ومفضلين ولكن هم خدم اليك يخدمونك أتعلم أن معك ملائكة تحرسك وتحميك أتعلم أن المطر تتنزل معه الملائكة وقيل إن في كل قطرة ملك كلها مسخرة لخدمتك لكن للأسف أنت تجهل نفسك وتعيش حياة عادية لا تعرف لماذا خلقك الله وما الفائدة من خلقك أن كنت تأكل وتشرب وتنكح وتنام ماهي الفائدة من هذا كله؟
هل الله خلقك لأجل هذا وهل الله خلقك لأجل العبادة وهل الله يحتاج إلى عبادتك؟ لماذا خلقك وماذا يريد منك؟
أقول لك بكل إخلاص الذي لا يعرف نفسه لا يعرف ربه والذي يجهل نفسه لا يمكنه عبادة الله بل يعيش كما تعيش البهائم تأكل وتشرب وتنكح وتموت وها أنت تعيش بدائرة لا تعلم متى نهايتها أنت تجهل نفسك لا أكثر ولا اقل أنت لا تعرف من أنت!
الأنسان يمارس الظلم والجهل بحق نفسه فتجد أن علماء الغرب يؤكدون أنهم خلقوا بالصدفة أضافة إلى أنهم يقولون أن أصل الأنسان قرد وبعدها تغير حتى أصبح أنسان أنا لا أعلم إلى أي درجة وصل اليها علما الغرب من الغباء في هاذا الأمر ولربما حقيقة أنهم قوم السبت الذين مسخهم الله إلى قردة وخنازير وهذه حقيقتهم والله اعلم
بعض الأغبياء يتمنى لو خُلق كلباً عند الغرب لكن لماذا هذا يقول لأنه يعيش حياة سعيدة يأكل ويشرب ويلعب..!!
عجيب وتتمنى أن تكون كلباً وأنت تعلم أنك أكرم من الكلب وهل من المعقول أن يكون همك بطنك وراحتك ما هذا الغباء قرأت رواية عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) يقول: (من كان همه بطنه فقيمته ما يخرج منه) (2).
إذا أراد الإنسان أن يجعل كل اهتمامه لبطنه يعمل ويسهر الليالي من أجل بطنه فقط ولربما يدخل الحرام بسبب بطنه فهاذا قيمته ما يخرج من بطنه ولا يعني الأمام أن يترك الإنسان الأكل لا بالتأكيد لا يستطيع الإنسان العيش بدون أكل ولكن أن لا يجعل صب اهتمامه للأكل فقط يعيش من أجل أن يأكل فقط
هذا الإنسان الذي يجعل كل اهتمامه لبطنة فقط يكون مثله كمثل الدودة التي تبحث في الزبل من أجل أن تعيش فقط وبدون أي هدف هذه قيمة الإنسان الذي لا يعرف نفسه ولا يعرف إلى أي قدر يمكنه أن يصل
لو نضر إلى نفسه والى حقيقته لأكتشف أنه خلق عظيم ومكرم على سائر الخلائق.
الإنسان الذي لا يعلم لماذا خلق ولماذا خلقت مع هذه العائلة ولماذا أنت هنا ولماذا خلقت بهذه الدولة وهذه الديانة، أنت مسلم وهذه حقيقة كبيرة جداً وتؤكد أنك أفضل بكثير من الحمير الذين يعيشون بهذه الأرض ويعتقدون أن الأرض خلقت بالصدفة. أنت وأن كنت مسلما شيعياً فأنك أفضل بكثير من الذين يعتقدون بالخلافة لعمر وأبو بكر بدل علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنت مكرم ومفضل والكون مسخر لأجلك ومع كل هذا أنت جهول بنفسك حتى أنك لست راضياً بمكانك وحياتك ولديك الكثير من الاعتراضات.
الإنسان يجب أن يعلم قدر نفسه والى أي مدى يمكنه أن يصل لربما يصل إلى مرحلة ليست ببعيدة يصل إلى أن يمكنه رؤية الملائكة والتكلم معهم ويصبحون أصدقائه أجل من الممكن الوصول إلى هذه الدرجات أو اعلى ويسخر لك عالم الملكوت ولكن بعد أن تتمكن من التغلب على جانبك الحيواني من التغلب على الشهوات وبقية الذنوب.
ولكن لو حدث العكس، بمعنى أنه انجرف نحو السقوط وتم تركيب بعده المعنوي حيث تغلب البعد الحيواني على البعد الملكوتي الروحي حينها يهيمن البعد الحيواني ويمتطي الروح، مثل معاوية الذي أمتطى عقله. العقل يعمل لحسابه، والروح تعمل لحسابه، إنه يتحرك أيضاً ولكن أية حركة؟ حركة نزوليه، لا يمكن للإنسان أن لا يتحرك ولا يتكامل، ولكن أي تكامل؟ هنالك حرب دائمة تدور رحاها بين الروح والجسم، ذلك هو الجهاد الأكبر.
الإنسان في حركة مستمرة، تارة حركة صعودية يصل فيها إلى الله: {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} [الفجر: 28]، وأخرى حركة نزوليه، القرآن يقول إن الإنسان في الحالة الأخيرة يصبح أرذل من أي ميكروب أرذل من الحيوانات: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} [الأنفال: 22].
أرذل من أي ميكروب. ما مدى الضرر الذي يلحقه ميكروب السرطان بالمجتمع والفرد؟
الإنسان الذي ليس له عقل أو فكر وقد مات الجانب المعنوي فيه وقضي عليه، فإن مضاره لنفسه وللمجتمع أكثر من ميكروب السرطان أيهما يلحق ضرراً أكبر بالعراق ميكروب الكوليرا أم صدام؟
إذا هيمنت إحدى الغرائز على الإنسان، فهذا هو الإنسان لا شيء يسد نهمه، وإذا تورط في الجريمة يصل إلى ما وصل إليه الحجاج بن يوسف الثقفي عندما حان وقت الغداء يأتي بأحد شيعة علي (عليه السلام) ويقطع رأسه ثم يتركه ينازع الموت ويرفس برجلية، كان يتلذذ برؤية هذا المنظر البشع، كان يؤكد ما مضمونه اني استلذ حيث اقتل شيعة علي! شخص كهذا لديه حركة ولكن إلى أين؟
القرآن يقول: إلى جهنم.
قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): (لا يجلس في صدر المجلس إلا رجل فيه ثلاث خصال يجيب إذا سئل، وينطق إذا عجز القوم عن الكلام، ويشير بالرأي الذي فيه صلاح أهله، فمن لم يكن فيه شيء منهن فجلس فهو أحمق).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ بحار الأنوار، ج 57، ص 299.
2ـ ميزان الحكمة، ج 11، ح 21355.