علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
الأحاديث القدسيّة
علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
إذا كذب الأصل الفرع أو أنكر أو نسي روايته
المؤلف:
أبو الحسن علي بن عبد الله الأردبيلي التبريزي
المصدر:
الكافي في علوم الحديث
الجزء والصفحة:
ص 351 ـ 356
2025-06-29
18
[إذا كذب الأصل الفرع (1) أو أنكر أو نسي روايته]:
العاشرة: إذا روى ثقة حديثًا عن ثقة، ورُوجِعَ المرويّ عنه، فنفاه؛ نُظِرَ، فإن كان جازمًا بنفيه بأن يقول: ما رويته له (2)، أو كذب عليّ، وجب ردّ ذلك الحديث لكذب واحد منهما. ثم لا يكون ذلك قدحا في عدالتهما، ولا يقدح في باقي رواياتهما.
وإن قال المروي عنه: لا أعرفه، أو لا أذكره، أو نحو ذلك؛ لم يقدح ذلك في هذا الحديث على المختار، كما أنّ سهيل بن أبي صالح روى لربيعة، عن أبيه، عن أبي هريرة أنّ رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم - قضى بالشاهد واليمين (3)، ثم روجع سهيل فقال: لا أدري أّني هل رويت ذلك لربيعة أم لا، ثم بعد ذلك يقول لسهيل: حدّثني ربيعة عنّي، أنّي حدّثته عن أبي هريرة (4).
وكذا الحكم فيمن روى حديثًا ثم نسيه عند جمهور المحدّثين، والفقهاء، والمتكلّمين أنّه لم يسقط العمل (5).
وقال بعض أصحاب أبي حنيفة: يجب إسقاطه في الصورتين (6)، ولذلك ردّوا حديث أبي هريرة في الشاهد واليمين (7)، وردّوا حديث سليمان بن موسى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة عن رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم -: "إذا نكحت المرأة بغير إذن وليّها فنكاحها باطل" (8)، وذلك لأنّ ابن جريج قال: لقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث؛ فلم يعرفه.
والصحيح ما عليه الجمهور؛ لأنّ المروي عنه بصدد النسيان، والراوي عنه ثقة جازم في السماع (9)، لا ترد روايته بالاحتمال، كما أنّه إذا مات المروي عنه أو جُنَّ.
وقد روى كثير من الأكابر أحاديث نسوها بعدما حدّثوها عمّن سمعها منهم، فكان أحدهم يقول: حدّثني فلان عنّي، عن فلان بكذا.
وجمع الخطيب ذلك في كتاب "أخبار من حدّث ونسي" (10).
[كراهة الرواية عن الأحياء]:
ولأجل أنّ الإنسان معرّض للنسيان كره بعض العلماء الرواية عن الأحياء، منهم الشافعي قال لابن عبد الحكم: "إيّاك والرواية عن الأحياء" (11).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إلى هنا في هامش الأصل، وقبله: "مسألة".
(2) الصحيح في هذه الحالة أنّه موضع اجتهاد بخلاف قوله: "كذب عليّ"، إذ في قوله: "ما رويته لي" موضع اجتهاد إذ لكلّ جهة ترجيح، أمّا الراوي، فلكونه مثبتا، وأمّا الشيخ فلكونه نفى ما يتعلق به مع احتمال نسيانه، فينظر في أيّهما أصدق، وأحفظ، وأكثر جزما، وأقلّ تردّدا، وكذلك أيّهما أكثر، الفرع أو الأصل، ويجب استعمال طرق الترجيح بينهما كسائر الأخبار المتعارضة. قاله الصنعاني في "توضيح الأفكار" وبسط فيه الأقوال، منها الرد المطلق، والقبول المطلق، وذكر أنّه مذهب كثير من العلماء، بناء على قاعدة (المثبت مقدم على النافي) انظر منه (2/ 243 - 247).
قلت: نعم، هذا الذي درج عليه الرواة، وللخطيب جمع فيمن وقع له ذلك، وسيأتي التنويه عليه - وهو - أعني القبول المطلق - لا يعارض التفصيل المذكور، بل هو حالة من حالاته، وانظر: "الكفاية" (138 - 139)، مقدمة "جامع الأصول" (1/ 45)، "نكت الزركشي على مقدمة ابن الصلاح" (3/ 411 - 412)، "محاسن الاصطلاح" (302)، "فتح المغيث" (1/ 316). قال أبو عبيدة: أخرج البخاري (842) ومسلم (583) بعد (121) من طريق عمرو بن دينار عن أبي معبد مولى ابن عباس أنّه سمعه يخبر عن ابن عباس قال: ما كنّا نعرف انقضاء صلاة رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم - إلّا بالتكبير.
قال عمرو: فذكرت ذلك لأبي معبد فأنكره، وقال: لم أحدّثك بهذا. قال عمرو: وقد أخبر فيه قبل ذلك. هذا لفظ مسلم. وزاد الشافعي في "مسنده" (ص 16): "كأنّه نسي"، فدلّ إخراج البخاري ومسلم على أنّهما لم يؤثرا إنكار أبي معبد، فتأمّل! وينظر "فتح الباري" (2/ 221) فإنّه حرّر مسألة رواية الثقة عن راوٍ ينفي أنّه حدّثه، فلينظر.
(3) هكذا رواه القعنبي وإسماعيل بن أبي أويس ويحيى الحماني وزياد بن يونس وعبد الله بن وهب جميعا عن سليمان بن بلال عن ربيعة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة به. أخرجه أبو داود (3611) وابن الجارود (1007) وابن حبان (5073) والطحاوي (4/ 144) والخطيب في "الكفاية" (381) من طرق عن سليمان به.
وأخرجه الشافعي في "المسند" (2/ 179 - السندي) والترمذي (1343) وأبو داود (3610) وابن ماجة (2368) والطحاوي (4/ 144) والدارقطني (4/ 213) والخطيب في "الكفاية (381) من طريق الدراوردي عن ربيعة به.
(4) وقع خلاف فيه على سليمان بن ربيعة، قال الدارقطني في "العلل" (10/ 139): "والصحيح عن سليمان بن بلال عن ربيعة، وقد بين ذلك زياد بن يونس في روايته عن سليمان، فقال فيه: قال سليمان: فلقيت سهيلاً، فسألته عنه؟ فلم يعرفه، فقلت: حدّثني به عنك ربيعة، فقال: فحدّث به ربيعة عنّي".
وأقرّ أبو حاتم في "العلل" (4/ 238 رقم 1/ 1392) أنّه "ليس نسيان سهيل دافع لما حكى عنه ربيعة، وربيعة ثقة"، والرجل يحدث وينسى" ولكنّه نازع في حجّيّة هذا الحديث لوجه آخر، انظر كلامه فيه. وبسط الدارقطني سائر أوجه الاختلاف فيه، ولابن القيّم كلام قوي عليه في "الطرق الحكميّة" وكدت أن أفرغ من تحقيقه، والحمد لله وحده.
(5) انظر: "البرهان" (1/ 650)، "العدّة" (3/ 959)، "المستصفى" (1/ 167)، "الإحكام" للآمدي (2/ 96 - 98)، "المحصول" (4/ 604 - 606)، "فتح المغيث" (1/ 317)، "توضيح الأفكار" (1/ 248).
(6) حكاه ابن الصبّاغ في "العدّة" عن أصحاب أبي حنيفة، لكن قال إلكيا الطبري: إنّه "لا يعرف لهم كلام في هذه المسألة بخصوصها، إلّا كونه أخذ من ردّهم هذا الحديث"
كذا في "نكت الزركشي" (3/ 414) ولذا قال السخاوي: "في التعميم نظر، إلّا أن يريد المتأخّرين منهم". انظر: "فتح المغيث" (1/ 317)، "توضيح الأفكار" (1/ 248).
(7) مضى تخريجه قريبًا.
(8) أخرجه أبو داود برقم (2083) والترمذي برقم (1102) - وقال: "هذا حديث حسن" -، وابن ماجة (1879) والنسائي في "الكبرى" - كما في "تحفة الأشراف" (12/ 43) -، وأحمد في "المسند" (6/ 47، 165)، والطيالسي في "المسند" (رقم 1463)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (4/ 128)، وعبد الرزاق في "المصنف" (6/ 195، رقم 10472)، والدارمي في "السنن" (2/ 137)، وابن الجارود في "المنتقى" (رقم 700)، والشافعي في "الأم" (2/ 11)، والحميدي في "المسند" (1/ 112 - 113/ رقم 228)، وإسحاق بن راهويه في "المسند" (رقم 698، 699)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/ 7)، وابن حبان في "الصحيح" (9/ 384/ رقم 4074 - الإحسان)، والدارقطني في "السنن" (3/ 221، 225، 226)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 168)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 105، 113، 124 - 125، 138)، وابن عدي في "الكامل" (3/ 1115 - 1116)، والبغوي في "شرح السنة" (9/ 39/ رقم 2262)، والخطيب في "الكفاية" (ص 380)، والسهمي في "تاريخ جرجان" (1/ 8)، وأبو نعيم في "الحلية" (6/ 188)، من طرق كثيرة عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعًا.
قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين".
قلت: بل هو حسن؛ فسليمان بن موسى لم يخرج له البخاري وأخرج له مسلم في "المقدّمة"، وقال ابن حجر في "التقريب": "صدوق، فقيه، في حديثه بعض لين، وخلط قبل موت بقليل".
وقد أعلّه أحمد بن صالح بقوله: "أخبرني من رأى هذا الحديث في كتاب ذاك الخبيث محمد بن سعيد - أي: المصلوب - عن الزهريّ، وأنا أظنّ أنّه ألقاه إلى سليمان بن موسى وألقاه سليمان إلى ابن جريج"، كذا أسنده عنه أبو أحمد الحاكم في "الأسامي والكنى" (1/ 295).
قلت: ولا يتلزم من وجوده في كتاب ذاك الخبيث أنّه تفرّد به، والمشهور أنّ من ضعّف هذا الحديث يستدلّ بما ذكره أحمد في "مسنده" (6/ 27) عقبه؛ فقال: "قال ابن جريج: فلقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث؛ فلم يعرفه". وتعقّبه الترمذي بقوله: "وذكر عن يحيى بن معين أنّه قال: لم يذكر هذا الحرف عن ابن جريج إلا إسماعيل بن إبراهيم، قال يحيى بن معين: وسماع إسماعيل بن إبراهيم عن ابن جريج ليس بذلك، إنّما صحّح كتبه على كتب عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد ما سمع من ابن جريج، وضعّف يحيى رواية إسماعيل بن إبراهيم عن ابن جريج".
قال الترمذي: "والعمل في هذا الباب على حديث النبي - صلى الله عليه [وآله] وسلم -: "لا نكاح إلا بولي، عند أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه [وآله] وسلم-، منهم: علي بن أبي طالب [عليه السلام]، وعبد الله بن عباس، وغيرهم".
وقال الحاكم بعد أن صحح الحديث: "فقد صحّ وثبت بروايات الأئمّة الأثبات سماع الرواة بعضهم من بعض؛ فلا تعلّل هذه الروايات بحديث ابن عليّة وسؤاله ابن جريج عنه، وقوله: إنّي سألت الزهري عنه فلم يعرفه؛ فقد ينسى الثقة الحافظ الحديث بعد أن حدّث به، وقد فعله غير واحد من حفّاظ الحديث".
وذكره الحافظ في "التلخيص" (3/ 157) وقال: "وليس أحد يقول فيه هذه الزيادة غير ابن عليّة، وأعلّ ابن حبّان وابن عدي وابن عبد البر والحاكم وغيرهم الحكاية عن ابن جريج، وأجابوا عنها على تقدير الصحّة بأنّه لا يلزم من نسيان الزهري له أن يكون سليمان بن موسى وهم فيه". وانظر: "السنن الكبرى" للبيهقي (7/ 107)، و"الكامل في الضعفاء" لابن عدي (3/ 1115 - 1116).
على أنّ سليمان بن موسى لم يتفرّد به؛ فقد تابعه جعفر بن ربيعة عند أحمد في "المسند" (6/ 66)، وأبي داود في "السنن" (رقم 2084)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/ 7)، والبيهقي في "الكبرى" (7/ 106)، وعبيد الله بن أبي جعفر عند الطحاوي (3/ 7)، وحجاج بن أرطاة عند ابن ماجة في "السنن" (رقم 1886)، وأحمد في "المسند" (1/ 250 و 6/ 260)، وابن أبي شيبة في "المصنّف" (4/ 130)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/ 7)، والبيهقي في "الكبرى" (7/ 106 و 106 - 107). وأخرجه الترمذي في "العلل الكبير" (1/ 430) من طريق زمعة بن صالح، والدارقطني في "السنن" (227/ 3) من طريق محمد بن يزيد بن سنان عن أبيه، كلاهما عن الزهري به، وزمعة بن صالح ومحمد بن يزيد بن سنان وأبوه فيهم ضعف؛ فبمجموع هده الطرق يتقوّى الحديث ويصح.
وصحّحه ابن حبّان وابن الجارود وأبو عوانة وغيرهم، وأعلّه الطحاوي بالحكاية الباطلة عن ابن جريج، وللحديث شواهد منها حديث جابر المتقدّم وقد جمع شواهده صديقنا الشيخ مفلح بن سليمان الرشيدي في كتابه المطبوع "التحقيق الجلي لحديث لا نكاح إلا بولي" وانظر: "نصب الراية" (3/ 185)، "التقييد والإيضاح" (135).
(9) قال مغلطاي في "إصلاح كتاب ابن الصلاح" (ق 32/ ب) هنا: "لقائل أنْ يقول: والراوي عنه أيضًا معرض للسهو والنسيان، إذ السهو من جبلة البشر، وسمّيت إنسانا لأنّك ناس، فينبغي أنّهما يتهاترا، وينظر في ترجيح أحدهما على الآخر".
قال أبو عبيدة: وهذا ما قدمناه مفصلا قريبا، والحمد لله وحده.
(10) ولعلي بن عمر الدارقطني (شيخ شيخ الخطيب) كتاب في هذا أيضا، واسم كتاب الخطيب "أخبار من حدّث ونسي" في جزء، كما تراه في "المنتظم" (8/ 266)، "إرشاد الأريب" (4/ 20)، "تذكره الحفّاظ" (3/ 1140)، "كتاب يوسف العش عن الخطيب" (ص 132)، ولخصه السيوطي في "تذكرة المؤتسي فيمن حدّث ونسي"، وهو مطبوع عن الدار السلفيّة بالكويت، بتحقيق الشيخ صبحي السامرائي، وانظر: "محاسن الاصطلاح" (303).
(11) أخرجه الخطيب في "الكفاية" (1/ 417) بإسناد صحيح، وذكره البيهقي في "مناقب الشافعي" (2/ 38). وأسنده في "المدخل" (ص 204).
والكراهة المذكورة ليست على إطلاقها ولا بُدَّ لها من قيود، هي:
أولا: إذا كان له طريق آخر سوى طريق الحي، أمّا إذا لم يكن طريق سواها، وحدثت واقعة فلا معنى الكراهة، لما في الإمساك من كتم العلم، وقد يموت الراوي قبل موت المروي عنه إذا لم يحدّث به غيره فيضيع العلم، وهو حسن، إذ المصلحة متحقّقة، والمفسدة مظنونة.
ثانيا: يحسن تقييد الكراهة بما إذا كانا في بلد واحد، أمّا إذا كانا في بلدين، فلا؛ لاحتمال أن يكون الحامل له على الإنكار، لنفاسته مع قلّتها بين المتقدّمين، انظر: "فتح المغيث" (1/ 320). ووجّه مغلطاي في "إصلاح كتاب ابن الصلاح" (ق 32/ ب) الكراهة على احتمال أن يزيد الشيخ شيئًا أو ينقص شيئًا، أمّا مع الضبط في الرواية أو التصنيف كما كان يفعله مالك بن أنس وغيره من العلماء فلا.
الاكثر قراءة في علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
