القانون العام
القانون الدستوري و النظم السياسية
القانون الاداري و القضاء الاداري
القانون الاداري
القضاء الاداري
القانون المالي
المجموعة الجنائية
قانون العقوبات
قانون العقوبات العام
قانون العقوبات الخاص
قانون اصول المحاكمات الجزائية
الطب العدلي
التحقيق الجنائي
القانون الدولي العام و المنظمات الدولية
القانون الدولي العام
المنظمات الدولية
القانون الخاص
قانون التنفيذ
القانون المدني
قانون المرافعات و الاثبات
قانون المرافعات
قانون الاثبات
قانون العمل
القانون الدولي الخاص
قانون الاحوال الشخصية
المجموعة التجارية
القانون التجاري
الاوراق التجارية
قانون الشركات
علوم قانونية أخرى
علم الاجرام و العقاب
تاريخ القانون
المتون القانونية
اثبات السلامة العقلية بوسائل الاثبات الحديثة
المؤلف:
ولاء سعد حسن
المصدر:
وسائل الاثبات الحديثة ودورها في مسائل الأحوال الشخصية
الجزء والصفحة:
ص 107-118
2025-07-16
24
الزواج حق كفلته الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الانسان اذ نصت المادة (2/23) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على ( يكون للرجل والمرأة ابتداء من بلوغ سن الزواج حق معترف به في التزوج وتأسيس أسرة ) ، فلا يحق لأي جهة او شخص حرمان اي فرد من حقه في الزواج ، من جهة أخرى فان الزواج عقد قانوني يتطلب رضا اطرافه ، والرضا لا يصدر الا من شخص عاقل مدرك لما هو مقدم عليه ، في العقود المدنية يعد العقد المبرم من شخص عديم او ناقص الاهلية اما عقد باطل او موقوف للإجازة ، اما في عقد الزواج فيُسمح لبعض المصابين باضطرابات الدماغ بإبرام عقود زواجهم و لكن يختلف الموقف التشريعي والقضائي من دولة لأخرى بشأن المعيار المتبع في تحديد الفئة التي تمنح ذلك الحق .
لقد اجاز المشرع العراقي زواج المريض عقلياً في المادة (7/2) من قانون الاحوال الشخصية والتي تنص على (للقاضي أن يأذن بزواج احد الزوجين المريض عقلياً إذا ثبت بتقرير طبي إن زواجه لا يضر بالمجتمع وانه في مصلحته الشخصية إذا قبل الزوج الأخر بالزواج قبولاً صريحاً) ، يتبين من نص هذهِ المادة ان المشرع منح القاضي السلطة التقديرية لإجازة أو رفض زواج المريض العقلي بناء على شهادة الخبير العلمي والثابتة في التقرير الطبي ، على ان يراعي الخبير في فحصه للمريض ان هذا الزواج لا يضر بالمجتمع ولا الزوج الآخر ولا المريض نفسه ، وقد اشترط المشرع الموافقة الصريحة للزوج الآخر ، وقد انتقد الدكتور (احمد الكبيسي ) الاطلاق الذي أورده المشرع في عبارة (تقرير طبي الواردة في نص المادة (7/2) ولم يقيد صدوره من قبل هيئة طبية معينة (1) ، ولكننا نجد ان المشرع لم يطلق جهة الاصدار من هذه العبارة ، وانما منح القاضي سلطة الاجازة او الرفض بناء على تقرير طبي والتقرير الطبي لا يصدر الا من قبل خبير علمي يدون فيه الأمور التي توصل اليها والأسباب التي بنى عليها رأيه (2) ، واحكام الخبرة والتقرير الطبي ثابتة في قانون الاثبات والتي على القاضي مراعاتها أولاً في ذلك ، فضلاً عن ان المحكمة لا تستعين برأي اي خبير وانما بأولئك الذين تم تقييد اسمائهم في جدول الخبراء(3) أو أولئك الذين اثبتوا كفاءتهم وجدارتهم في اضاءة الحقائق العلمية
وفي الولايات المتحدة الامريكية ينص القسم الثالث من قانون 458، 24 يوليو 1913) على (لا يجوز إصدار أي ترخيص بالزواج إذا كان أي من الطرفين المتعاقدين معتوها أو مصابًا بالصرع أو غير سليم العقل أو خاضعًا للوصاية كشخص غير سليم العقل ، ولا لأي شخص ذكر كان في غضون خمس سنوات نزيل في أي مقاطعة لجوء أو منزل للأشخاص المعوزين ما لم يظهر بشكل مُرض أن سبب هذه الحالة قد تم إزالته وأن مقدم الطلب الذكر قادر جسديًا على إعالة أسرة )(4) ، بموجب هذه المادة تم فسخ عقد زواج سبق ان ابرمه المدعى عليه الذي اخفى حقيقة حالته الجسدية اذ افادت الشهادة الطبية التي وصفت نوبات المدعى عليه أن المدعى عليه كان ولعدة سنوات قبل الزواج مصابًا بالصرع على هذا النحو لم يكن يحق له الحصول على رخصة زواج ولا يحق له الزواج في هذه الدولة شهد الطبيب أن فسخ الزواج سيكون مفيدًا طبيًا للمدعى عليه (5) ، وفي قضية A MARRIAGE LICENSE . كانت المرة الأولى التي يُطلب فيها من المحكمة تأويل أحكام قانون الزواج الجديد (22 آب 1953 ، 1344 P. L 48 PS §1 ) المتعلقة بإصدار رخصة زواج لشخص مصاب بمرض عقلي خلال فترة خمس سنوات قبل تاريخ الزواج اذ لم يعرف القانون الأمراض المحظورة ولم يمنح المحكمة أي سلطة تقديرية فيما يتعلق بالطريقة التي يُنفذ بها القانون ، خاصة وان التطور العلمي المتمثل باكتشاف عقاقير جديدة ادى إلى الحد بشكل كبير من الآثار السيئة للصرع وتحسن حالتهم الصحية ، ويعتبر الرأي الطبي المستنير أن العائق المطلق أمام زواج المصابين بالصرع قاس وغير عادل وغير ضروري وبالتالي فهو لم يعد مؤثراً على زواجهم ولا يؤدي الى مخاطر تجاه انفسهم او ازواجهم او نسلهم، من خلال قرارها بينت محكمة الاستئناف المشتركة في مقاطعة فيلادلفيا ، بنسلفانيا ان الامراض العقلية ليست على نوع واحد وبالتالي لا يمكن حجب رخصة الزواج من جميع الذين يعانون من المرض العقلي ، فتمنح رخصة الزواج للأشخاص الذين تمت معالجتهم بصورة تامة من المرض العقلي أو من تحسنت حالتهم لدرجة أنه يمكن توقع أن يعيش حياة طبيعية وأن يأخذ مكانه في المجتمع دون مخاطر جسيمة على نفسه أو على المجتمع بشكل عام ، ولا يجوز تحت أي ظرف من الظروف إصدار رخصة زواج للأشخاص الذين يعانون من نقص عقلي شديد الدرجة ، مثل الابله او المعتوه ، ومن الواضح أيضا أن الأشخاص الذين يعانون من إصابات دماغية غير علاجية ، أو متلازمات دماغية عضوية متدهورة ذات طبيعة تقدمية أو لا رجعة فيها ، مثل خرف الشيخوخة ، لا ينبغي السماح لهم بالزواج ، اما الأشخاص غير القادرين على التعامل مع الضغوط الشديدة للعصر الحديث مما يطلق عليه عادة الانهيارات العقلية" ويتم إيداعهم مؤسسات فتمنح رخصة الزواج لمن يستجيب منهم بشكل إيجابي للعلاج ، ولكن تنشأ الصعوبات الحقيقية فيما يتعلق بالأشخاص الذين يعانون من نقص عقلي معتدل أو الذين تم إدخالهم إلى المستشفى بسبب أمراض عقلية أكثر خطورة ، مثل الذهان الهوس الاكتئابي) ، والفصام (السكيزوفرينيا) ، والذهان بعد الولادة ، والكآبة اللاإرادية فهؤلاء لا يمكن إصدار قاعدة عامة بشأنهم فكل حالة فريدة من نوعها ويجب البت فيها بناء على الحقائق الخاصة بها ، وقد خلصت المحكمة الى المبادئ التالية بشأن الحصول على رخصة الزواج للمريض العقلي : (1) يجب الإفصاح الكامل لكل من المتقدمين عن جميع تفاصيل تاريخ الحالة لمقدم الطلب الذي تعرض لأزمة عقلية ؛ (2) يجب أن تقتنع المحكمة بأن مقدم الطلب قد تعافى بشكل كافٍ للتكيف بشكل طبيعي مع مشاكل الحياة اليومية ، ولا سيما تلك الناشئة عن علاقة الزواج ، و (3) يجب أن تكون المحكمة مطمئنة بشكل معقول إلى أنه إذا ولد الأطفال من الزواج ، سيكون هؤلاء الأطفال أطفالا عاديين وأصحاء ، وخاليين من عيب المرض العقلي أو النقص (6) .
تستخدم قوانين الولايات المتحدة عدة مصطلحات مختلفة لوصف هذا الشرط مثل ( نقص في الفهم ، عقل غير سليم ، مجنون ، أحمق ، ضعيف الذهن، متخلف عقلياً ، نقص القدرة العقلية ، معتوه ، غير قادر على الموافقة على الزواج ، مريض عقلي ، غير مؤهل قانونياً ، معيب عقلياً ) (7) ، ولا يوجد ثمة تعريف لتحديد الاعاقة العقلية المقصودة ولكن اوضحت المحكمة العليا في شمال داكوتا في قرارها الصادر في قضية Johnson v. Johnson المعيار المتبع في تحديد القدرة العقلية اللازمة لعقد الزواج لدى معظم محاكم الولايات والمتمثل بـ (الفهم العام لطبيعة واهمية العلاقة الزوجية والواجبات المترتبة عليها) (8) ، ويعد هذا المعيار أقل تعقيداً نسبة الى المعيار الصارم المعتمد في تحديد نقص القدرة العقلية للشخص الذي يبرم عقد المستهلك على سبيل المثال ، ويبرر عدم اعتماد المعيار الصارم لان تطبيقه سيؤدي الى استبعاد العديد من الافراد ذوي الكفاءة العقلية المحدودة وحرمانهم من حق التمتع بعلاقة اساسية محمية بموجب الدستور (9) يعتمد النظام الانجليزي على السوابق القضائية في تنظيم هذا الشرط ، ففي كل من قضية Durham v Durham و Re Park حددت المحكمة شرط القدرة العقلية لكي ينعقد الزواج صحيحاً (يجب ان يكون المريض قادر على فهم وادراك طبيعة العقد ، والواجبات والمسؤوليات التي تم إنشاؤها ، وان يكون خالي من الأوهام المرضية ، فبدون هذه الدرجة العقلية لا يمكن التسليم بفهمه لطبيعة العقد) (10) وقد بين القاضي في قضية Durham ان عقد الزواج عقد بسيط للغاية ولا يتطلب درجة عالية من الذكاء لفهمه (11)، وفي قضية Sheffield City Council v E and S سعت المحكمة الى تحديد الحد الأدنى للقدرة على الزواج للمريض العقلي واتباع معيار في ذلك ، اذ طالب مجلس مدينة Sheffield المحكمة بمنع زواج (E) و (S) كون ان E تعاني من استسقاء في الدماغ والسنسنة المشقوقة ، وان S مجرم تاریخه حافل بجرائم العنف الجنسي مما يجعل هذا الزواج ليس في مصلحة E ، بينت المحكمة ان ليس من اختصاصها تحديد ما اذا كان الزواج في مصلحة الشخص ام لا ، وهنالك فرق واضح ما بين المصلحة التي تتطلب حكمة الشخص ، والقدرة على الزواج الذي يتطلب فهم طبيعة الزواج ، استعانت المحكمة بالطبيب النفسي كخبير لاكتشاف ما اذا كانت E تفهم هذه الطبيعة وليست الآثار المترتبة على الزواج ، ويجب ان تكون الاسئلة عامة تتعلق بالواجبات والمسؤوليات وحددتها بـ (هل يدرك المريض ان الزواج ينطوي على تقاسم المنزل ، ومشاركة الحياة معاً ، والدخول في علاقة جنسية لشخص واحد ، ودعم بعضهم البعض ) ، اعتمدت المحكمة معياراً غير صارم لأنها ترى بان المعيار الصارم سيعمل كحاجز غير عادل او ضروري وتمييزي ضد المعاقين عقليا (12) ، ويعد هذا بمثابة خرقاً للمادة 12 من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الانسان التي تنص على (للرجل والمرأة في سن الزواج حق التزوج وتكوين أسرة وفقاً للقوانين الوطنية التي تحكم ممارسة هذا الحق ) ، وفي رؤية حديثة لمحكمة الاسرة تمت اعادة صياغة مبادئ تحديد القدرة على النحو المنصوص عليه في قانون القدرات العقلية (MCA) لسنة 2005 في قضية 7 LB of Southwark KA : ( وجود القدرة مفترض مالم يثبت عكس ذلك ، 2) يتم تحديد القدرة على ميزان الاحتمالات (اي تقوم المحكمة بتقييم الادلة المطروحة وترجيح الرأي الأكثر احتمالاً )، 3) يجب أن تنظر المحكمة أولاً في الفحص الطبي هل يعاني الشخص من خلل أو اضطراب في عمل العقل أو الدماغ؟) ثم تجري اختبار اتخاذ القرار (هل الشخص قادر على فهم المعلومات ذات الصلة والاحتفاظ بها وتقييمها وإبلاغ القرار؟) ، 4) التأكد من اتخاذ جميع الخطوات العملية لمساعدة الشخص على اتخاذ قرار ، اما فيما يخص ما اذا كان الشخص قادر على اقامة العلاقة الجنسية فأوضحت المحكمة ان المعلومات التي يجب ان يعرفها المريض العقلي هي ( آليات الفعل ، ان العلاقات الجنسية يمكن ان تؤدي الى الحمل ، قد ينجم عن هذه العلاقة مخاطر صحية ) ، وأكدت على ما جاء بالسوابق القضائية من حيث فهم طبيعة العقد وادراكه (13) ، اضافت المحكمة من خلال هذا القرار قدرة الشخص و موافقتة على العلاقات الجنسية المترتبة على عقد الزواج (14)
يشترط القانون الفرنسي لإبرام عقد الزواج موافقة العاقدين اذ تنص المادة (146) من القانون المدني على (ولا يوجد زواج في حالة عدم وجود موافقة ، وتبطل الموافقة في حال صدورها من شخص عديم الاهلية ، مما يؤدي الى بطلان عقد الزواج ، ومن ضمن الحالات التي تعدم الاهلية (جنون العقل) ، لم يبين المشرع ماهية جنون العقل ولكن السوابق القضائية اسقطت تلك المهمة إذ جاء في حكم محكمة النقض الذي بين الجنون العقلي الذي يعد سبباً للبطلان لا يقتصر على حالات الوهن العقلي او ضعف العقل وانما يشتمل على جميع الامراض العقلية او الجسدية التي تحول دون القدرة التمييزية وتؤثر على قدرة فهم نطاق التزامه (15) ، يخضع تنظيم وتقييم جنون العقل للسلطة التقديرية للقضاء (16) ، ومن خلال السوابق القضائية تبين لنا ان المعيار المتبع لاعتبار الجنون مبطلاً للموافقة وبالتالي لعقد الزواج هو ان يكون الشخص مصاباً بالجنون لحظة انعقاد العقد وان يحول ذلك الجنون دون تقدير الشخص وفهمه لنطاق التزامه، ولكي تبطل المحكمة العقد على اساس الجنون العقلي تراعي الظروف الملابسة في ذلك كانعدام نية الزواج لدى الطرف الآخر واقدامه على ابرام العقد استغلالاً لثروة الشخص المصاب (17) ، تستعين المحكمة لإثبات وجود الجنون بالشهادة ولكن الوسيلة الاكثر اعتماداً هي شهادة الخبراء فمن خلال التشخيص الطبي والسجلات والشهادات الطبية يتم اثبات ما اذا كان الشخص مصاباً بجنون عقلي يخضع للمعيار المتبع في النهج القضائي (18)، وعادة ما يستعين الاطباء باختبار فلوشتاين أو اختبار الحالة العقلية المصغر ((M.M.S.E)) لاختبار الذاكرة العقلية للشخص ويتكون من اسئلة عامة تلائم المستوى العمري والثقافي للشخص (19) .
اما الفقه الاسلامي والذي لا يشترط ان يكون العاقد نفسه الزوج فقد يكون ولياً أو وكيلاً عن الزوج فاشترط العقل في العاقد (20) اما الزوج فلم يشترط فيه العقل (21) فيصح تزويج المجنون والمعتوه شريطة ان يبرم العقد وليه (22) ، واشترط الشافعية ان لا يكون تزويج الذكر الا لحاجته للزواج ، اما الانثى فتشترط المصلحة في تزويجها ان كان وليها الاب او الجد ، اما ان كان وليها غيرهم فلا تزوج الا بعد بلوغها للحاجة لا المصلحة ويكون وليها السلطان (القاضي) ، واشترط الحنابلة لتزويج الانثى شهادة الاطباء التي تفيد ان الزواج يفيد في زوال علتها (23).
علمياً تشتمل اضطرابات الدماغ على عدة اصناف من بينها الاضطرابات العصبية والاضطرابات النفسية ، تعرف الاضطرابات العصبية بانها مجموعة من الاضطرابات أو الأمراض التي تصيب الجهاز العصبي المركزي والمحيطي مثل مرض الصرع ، مرض الزهايمر وأنواع أخرى من الخرف ، الشلل الرعاش ، فقدان الذاكرة ، متلازمة توريت ، قد يؤدي وجود هذه الاضطرابات الهيكلية أو البيوكيميائية أو الكهربائية المتواجدة في الدماغ أو النخاع الشوكي أو الأعصاب الأخرى إلى سلسلة من الأعراض الجسدية مثل ضعف العضلات ، النوبات العصبية ، صعوبة القراءة والكتابة ، ضعف القدرات المعرفية (ضعف الذاكرة) ، قلة الوعي وتغير مستوياته ، الشلل ، فقدان الإحساس ، الارتباك ، والألم ، ايضاً فانها تتسبب بأعراض عاطفية مثل تعرضهم للتقلبات المزاجية أو النوبات المفاجئة وقد تؤدي هذه الاضطرابات الى التسبب باضطرابات نفسية مثل الاكتئاب والأوهام (24)
اما الاضطرابات النفسية فهي حسب تعريف الجمعية الأمريكية للطب النفسي حالات صحية تنطوي على تغيرات في العاطفة أو التفكير أو السلوك أو مزيج من هذه ، مثل القلق ، الهلع ، الاكتئاب ، الاضطراب ثنائي القطب ، الاضطرابات الذهنية بما في ذلك الفصام ، والسلوكيات المسببة للإدمان ، يتسبب تعرض الانسان لهذه الاضطرابات بآلام جسدية غير مبررة ، ايضاً تتسبب بمعاناته كالشعور بالذنب الشديد ، المخاوف المفرطة ، الشعور بالحزن ، الهلوسة ، عدم القدرة على التعامل مع المشاكل اليومية ، الإجهاد الغضب المفرط، العداء ، العنف، والتفكير الانتحاري .
كثيراً ما يتم الخلط ما بين الاضطرابات العصبية والنفسية خاصة وانهما يستهدفان العضو نفسه (الدماغ) على الرغم من ان التمييز فيما بينهما يساهم في ضمان الاحالة الصحيحة للخبير المختص مما ينتج عن تشخيص سليم للحالة ، فان قلة من الدراسات تدعم هذا التمييز وقد اسست ذلك على اساس فلسفي وتشريحي اذ صنفت الاضطرابات التي تصيب المناطق الدماغية المرتبطة بوظائف "أساسية" كالحركة والإحساس (العقد القاعدية ، الفص الجزيري ، الفص الجبهي الظهري ، والخلايا الحركية والحسية ) على انها اضطرابات عصبية ، اما تلك التي تصيب المناطق الدماغية الأعلى المرتبطة بالوعي الذاتي والهوية (قشرة الارتباط البصري، الفص الجبهي الإنسي ) فهي اضطرابات نفسية، ومازال الأمر غير محسوم بالنسبة للقشرة الصدغية (25) .
وفقاً للتوجهات التشريعية والقضائية تبين لنا أن منح رخصة الزواج للمصاب بالاضطرابات الدماغية يتوقف على الاجابة من قبل الخبير العلمي حول أثر الزواج على الاضطراب فهل يساهم الزواج سلباً ام ايجاباً، ام ينعدم أثره؟ ، مراعاة للمصلحة الشخصية للمعتل ، تشير الابحاث النفسية الى ان الاضطرابات النفسية ليست على درجة واحدة في ذلك (26) ، وبالتالي بعض هذه الاضطرابات قد تتفاقم بعد الزواج مثل الاضطراب ثنائي القطب اذ يعمل الزواج على زيادة النوبات العصبية ، ويعاني المصابين بالفصام من انخفاض معدل الخصوبة والإنجاب ، و للزواج تأثير ضار كبير خاصة على الإناث أكثر من الذكور في مرض الاكتئاب ، ايضاً فان زواج المدمنين يؤثر على التكوين الاسري مما يؤدي الى ارتفاع معدل العنف المنزلي والطلاق (27)
ان عقد الزواج عقد ما بين طرفين تمتد آثاره الى المجتمع لذا تراعى فيه المصلحة الشخصية للمصاب من حيث ان لا يتسبب الزواج في تدهور حالته الصحية ، والمصلحة العامة للمجتمع خاصة وان كثير من تلك الامراض تنتقل جينياً مثل الزهايمر والصرع مما تتسبب بتكوين نسل مصاب بذات الاضطراب (28) ، ايضاً فينبغي مراعاة الحق الشخصي للطرف الآخر الذي سيكون في مواجهة يومية مع الضغوطات التي تولدها حالة المصاب الصحية خاصة وانه يعد هو المسؤول عن نجاح العلاقة الزوجية (29) ، لذا فإننا نوجه الى ان تمتد عملية الاثبات لفحص مدى القدرة التحملية للطرف الآخر وامكانيته للتعامل مع نوعية الاضطراب لضمان تكوين أسري مستقر .
لإثبات السلامة العقلية للشخص (وجود الاضطراب من عدمه )، أو لإثبات أثر الزواج على الاضطراب نفعاً او ضراً ، يستعين القضاء بالخبرة العلمية (العصبية او النفسية) كوسيلة للإثبات ، ويستعين الخبير بعدة وسائل مجتمعه لإثبات ذلك يطلق عليها علمياً ( الوسائل التشخيصية) ، سنوجز بعض منها في التالي:
1- التقييم النفسي : بالنسبة للحالات النفسية تتم مقابلة الشخص لتقييم الحالة الاولية او اللاحقة وفي احيان يقابل مجموعة الاشخاص الذين يمثلون الدائرة القريبة في حياته ، تدور المقابلات النفسية عادة في احاديث عادية تتعلق بالشخص ومراحل حياته وتشخيص ألمه ومعاناته ، من خلال ملاحظة الاعراض يتوصل الخبير الى تشخيص نوع الاضطراب ، وبالاستعانة بالوسائل التشخيصية الأخرى والمقابلات النفسية اللاحقة يسدي الخبير رأيه بشأن السلامة العقلية وأثر الزواج على الاضطراب ان وجد (30) .
2 - الفحص السريري : او ما يطلق عليه (الفحص العصبي) هو فحص شامل للقدرة البدنية والمعرفية والفسيولوجية للشخص والتي تتم من خلال عدة اختبارات مثل فحص وظائف الرئة والقلب ، والتحقق من سلامة الاعصاب الدماغية من خلال اختبار الرؤية أو السمع أو حاسة الشم أو حاسة التذوق أو الكلام وفحص مدى القدرة الحركية من خلال قياس مدى القدرة على تحريك الذراع والساق والقدرة على الكتابة دون جهد وفحص الشعور من خلال القدرة على الشعور بالألم أو اللمس ايضاً يتم قياس القدرات المعرفية والذاكرة والعقل من خلال اختبارات اللغة والرياضيات بالإضافة إلى الأسئلة والاختبارات المتعلقة بالاحتفاظ بالذاكرة ، أن وجود مشكلة غير اعتيادية في تلك الوظائف مثل مشاكل التركيز أو التعب والفتور الطويل الأمد قد تشير الى وجود الاضطراب (31).
3- الاختبارات المعملية : تساعد اختبارات الفحص المعملي للدم أو البول أو سوائل الجسم الأخرى الخبراء في الكشف عن وجود الاضطراب وفهم شدته ، اذ تعمل الاختبارات الجينية للحمض النووي المستخرج من خلايا الدم أو اللعاب على تشخيص بعض الاضطرابات الوراثية وامكانية انتقالها وراثياً مثل داء هنتنغتون (32) ، ومن الممكن ان تشير الاختبارات الكيميائية والتمثيل الغذائي للدم إلى بعض اضطرابات العضلات أو البروتينات أو الاضطرابات المرتبطة بالدهون التي تؤثر على الدماغ والأخطاء الوراثية في عملية التمثيل الغذائي مثل اختبار هرمون البرولاكتين في الدم الذي يفيد في تشخيص اضطرابات النوبات كالصرع (33) ، ايضاً فان تحليل السائل المحيط بالدماغ والنخاع الشوكي يكشف عن بعض الاضطرابات العصبية التنكسية واضطرابات المناعة الذاتية (34) .
4- التصوير الشعاعي : تفيد تقنيات التصوير والتي تشمل التصوير المقطعي المحوسب (CT) والتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) ، والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET) ، ومسح انبعاث البروتون الفردي (SPECT) ، هي الأخرى في الكشف عن وجود بعض الاضطرابات مثل بعض الاضطرابات التنكسية العصبية وحبسة بروكا و مرض باركنسون والصرع من خلال انتاجها للصور الشعاعية السريعة ذات الدقة العالية (35)
5- مخطط كهربية الدماغ (EEG) : وهو إجراء فسيولوجي يعمل على تسجيل النشاط الكهربائي المستمر للدماغ من خلال أقطاب كهربائية متصلة بفروة الرأس ، ويشير حدوث اية تغييرات في النمط الطبيعي لموجات الدماغ الى وجود احدى الاضطرابات الدماغية ، فتدل الزيادة في إيقاع مخطط كهربية الدماغ على نشاط الدماغ المرتفع والذي يؤدي إلى درجات عالية من الوعي مما يعني ان الاضطراب هو احدى اضطرابات زيادة الوعي مثل الصرع والقلق واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) وتعاطي المخدرات بينما تدل الموجات البطيئة على النشاط المنخفض للدماغ وبالتالي فان الاضطراب يكون احدى الاضطرابات التي ينخفض فيها نشاط الدماغ مثل الاكتئاب والتوحد وأورام المخ واضطراب الوسواس القهري واضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة (36) .
________________
1- أحمد الكبيسي ، الوجيز في شرح قانون الاحوال الشخصية وتعديلاته ، ج 1 (الزواج والطلاق وآثارهما ) ، مكتبة السنهوري ، بغداد ، 2008 ، ص50
2- المادة (144/2) ، قانون الاثبات رقم (107) لسنة 1979
3- المادة (133) ، قانون الاثبات رقم (107) لسنة 1979
4 -United States. Public Health Service, State Laws and Regulations Pertaining to Public Health Adopted During the Year 1915, 2015, p.397.
5-Snyder v. Snyder, 43 Pa. D. & C. 115 (1941) . https://cite.case.law/pa-d-c/43/115/
6-SANFORD N. KATZ, Family Law in America, Oxford University Press, Inc., New F. A. MARRIAGE LICENSE, 4 Pa. D. & C. 2 1 (1955) York, 2011, p.40; https://www.leagle.com/decision/195554padampc2d115
7- William P. Statsky, Family Law: The Essentials, 3rd Edition, Cengage Learning , 2014, p.109.
8- Johnson v. Johnson, 104 N.W.2d 8 (1960), https://law.justia.com/cases/north- dakota/supreme-court/1960/7842-2.html
9-Lynn Dennis Wardle and William C. Duncan; Laurence C. Nolan; Family and Succession Law in the USA, 4th Edition, Wolters Kluwer, 2019, sec.
10- Durham v Durham (1885) 10 PD 80, https://swarb.co.uk/durham-v-durham-hunter-v- edney-orse-hunter-cannon-v-smalley-orse-cannon-1885/ ; In re Estate of Park (deceased), Park v Park: CA 2 Jan 1953, 2 All ER 1411, [1954] P 112, [1954] 97 Sol Jo 830, https://swarb.co.uk/in-re-estate-of-park-deceased-park-v-park-ca-2-jan-1953/
11- Durham v Durham (1885) 10 PD 80, https://swarb.co.uk/durham-v-durham-hunter-v- edney-orse-hunter-cannon-v-smalley-orse-cannon-1885/
12- Ruth Gaffney-Rhys, Capacity to Marry and the Rights and Responsibilities of Married Couples, PUBLISHED IN CHILD AND FAMILY LAW QUARTERLY 2006 Vol. 18(1), p. (Fam) 2808 EWHC [2004] E V Sheffield City Council 139 http://www.mentalhealthlaw.co.uk/Sheffield City Council v E (2004) EWHC 2808 (F am)
13- part (112) (People who lack capacity), Mental Capacity Act 2005; LB of Southwark v (Fam) 661 EWHC [2016] to Marry) (Capacity KA https://www.familylawweek.co.uk/site.aspx?i=ed160060
14- Janice A. Mackenzie and Kate E. Wilkinson, Assessing Mental Capacity: A Handbook to Guide Professionals from Basic to Advanced Practice, Routledge, 2020.
15- Cass. civ., 4 février 1941, Non publié
16- Cour de Cassation, Chambre civile 1, du 5 octobre 2000, 99-11.231, Inédit, https://www.legifrance.gouv.fr/affich Juri Judi.do?idTexte=JURITEXT000007411493
17- Cour de cassation, civile, Chambre civile 1, 4 mai 2011, 09-68.983, Publié au bulletin
https://www.legifrance.gouv.fr/affichJuriJudi.do?oldAction=rechJuriJudi&idTexte=JURIT EXT000023960375&fastReqld=1344915095&fastPos=1
18-Cour de Cassation, Chambre civile 1, du 28 mai 1980, 79-12.784, Publié au bulletin, https://www.legifrance.gouv.fr/affich JuriJudi.do?idTexte=JURITEXT000007006044
19- Laurence Hugonot-Diener, Guide pratique de la consultation en gériatrie, Elsevier Masson, 2014, p.5.
20- عبد الرحمن الجزيري في مؤلفه الفقه على المذاهب الأربعة ، ج 4 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 2 ، 2003 ، ص 15
21- وهبه الزحيلي ، الفقه الاسلامي وأدلته ، ج 7 ، دار الفكر ، دمشق ، ط2 ، 1985 ، ص183
22- علاء الدين أبي بكر بن مسعود / الكاساني ، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ، ج 2، ط 2 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 1986 ، ص 241 ؛ ابي منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الأسدي الحلي ، ارشاد الأذهان الى أحكام الايمان ، ج 2، مؤسسة النشر الاسلامي ، ط 1 ، 1989 ، ص7؛ علي الحسيني السيستاني ، منهاج الصالحين ، ج 3، بدون دار نشر ، 2018 ، ص 31 ؛
23- وهبه الزحيلي ، الفقه الاسلامي وادلته ، ج7، مصدر سابق، ص 183 : 184 ؛ إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الحنفي / الحلبي ، حواشي على ملتقى الأبحر في الفقه على المذهب الحنفي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 2018 ، ص 65 :
66
24- Lucio Tommaso De Paolis and Patrick Bourdot, Augmented Reality, Virtual Reality, and Computer Graphics, Springer , 2018, p.239 : BRAIN, SPINAL CORD, AND NERVE DISORDERS, https://www.merckmanuals.com/home/brain,-spinal-cord,-and- nerve-disorders; Lone Star Neurology, What Are The Different Types of Neurological Disorders? . https://lonestarneurology.net/uncategorized/what-are-the-different-types- of-neurological-disorders/
25- Anthony S. David and Timothy Nicholson, Are neurological and psychiatric disorders different?, Article in The British Journal of Psychiatry, 2015, p.373: 374.
26- NIH Curriculum Supplement Series, Biological Sciences Curriculum Study, Bethesda (MD): National Institutes of Health (US), 2007.
27- Doug Thorburn, How to Spot Hidden Alcoholics: Using Behavioral Clues to Recognize Addiction in Its Early Stages, Galt Publishing, 2004, p.89 : Nambi S. Marriage, mental health and the Indian legislation. Indian J Psychiatry. 2005;47(1):3-14 ; Behere PB, Rao ST, Verma K. Effect of marriage on pre-existing psychoses. Indian J Psychiatry. 2011;53(4):287-288; Goel N, Behere P. Effect of Marriage on Clinical Outcome of Persons with Bipolar Affective Disorder: A Case-control Study. Int J Sci Study 4 (2016)46-50 بواسطة Steven G. Gabbe Jennifer R. Nietyl Joe Leigh Simpson Mark B Landon Henry L Galan Eric R. M. Jauniaux Deborah A Driscoll. Vincenzo Berghella William A Grobman, Obstetrics: Normal and Problem Pregnancies E-Book, 7th, Elsevier, 2016, p.1164 : Shaily Mina, Predictors of Marriage in Psychiatric Illness: A Review of Literature, Journal of Psychiatry and Psychiatric Disorders ,2019 , http://www.fortunejournals.com/articles/predictors-of- marriage-in-psychiatric-illness-a-review-of-literature.html
28- Edward J. Larson, Sex, Race, and Science: Eugenics in the Deep South, The Johns Hopkins University Press; Revised ed, 1995, p.22; Suzanne Tink Martin and Mary Kessler, Neurologic Interventions for Physical Therapy, second edition, Elsevier, 2007, p.184 : Personalized Medicine - Medical Genetics, article in https://www.northshore.org/personalized-medicine/medical-genetics/hereditary-conditions/neurological-conditions/.
29- Michele R Davidson, Marriage and mental illness, chapter in Shehan, Constance L. The Wiley Blackwell Encyclopedia of Family Studies, 2015.
30- Michael J. Vergare etal, PRACTICE GUIDELINE FOR THE Psychiatric Evaluation of Adults, Second Edition, American Journal of Psychiatry, 2006,163(6):1-36, p.9.
31- by Robert D. Stevens; Tarek Sharshar; E. Wesley Ely, Brain Disorders in Critical Illness: Mechanisms, Diagnosis, and Treatment, Cambridge University Press, uk, 2013, p.219; Informed Health.org, What happens during a neurological examination?, Cologne, Germany: Institute for Quality and Efficiency in Health Care (IQWIG); 2006.
32- U.S. DEPARTMENT OF HEALTH AND HUMAN SERVICES Public Health Service National Institutes of Health, Neurological Diagnostic Tests and Procedures, Cov.qxd, 2016, p.2: 3.
33- Peter Kaplan and Robert Fisher, Imitators of Epilepsy, 2nd Edition, Demos Medical 2004, p.8.
34- Michael J. Zigmond; Lewis P. Rowland; Joseph T. Coyle, NEUROBIOLOGY OF BRAIN DISORDERS, Elsevier, UK, 2015, p. 179; U.S. DEPARTMENT OF HEALTH AND HUMAN SERVICES Public Health Service National Institutes of Health, Op Cit p.7.
35- Michael J. Zigmond; Op Cit,P.11; U.S. DEPARTMENT OF HEALTH AND HUMAN SERVICES Public Health Service National Institutes of Health, Op Cit, P.7.
36- Roohi-Azizi M, Azimi L, Heysieattalab S, Aamidfar M. Changes of the brain's bioelectrical activity in cognition, consciousness, and some mental disorders. Med J Islam Repub Iran. 2017:31:53
الاكثر قراءة في قانون الاثبات
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
