دور وسائل الإعلام في التصدي للشائعات
المؤلف:
الدكتور بطرس خالد
المصدر:
الإعلام والحرب النفسية
الجزء والصفحة:
ص 142- 145
2025-12-04
45
دور وسائل الإعلام في التصدي للشائعات:
يواجه الإعلام المسؤول الرسمي أو غير الرسمي مسؤولية التصدي للشائعة، وعلى وسائل الإعلام المختلفة من إذاعة وتلفزيون وصحافة ووكالات أنباء وغيرها الواجب الهام في دحض الشائعات التي تنتشر في مجتمع ما.
أ- دور الصحافة:
على الصحافة مسؤولية التصدي للشائعات التي تتناول شؤون السياسة والاقتصاد أو المجتمع في مجالات الفن والشباب والرياضة من خلال نشر التحقيقات الميدانية المصورة لنفي الشائعة التي أثارت البلبلة وشغلت الرأي العام، وعليها أن تتحرك إلى موقع الحدث وتغطي كل جوانب الخبر والشائعة بما يدحضه تماماً ويفنده تفنيداً مقنعاً، وذلك بعرض الوقائع والأحداث من مصادرها الحقيقية بالصورة المناسبة التي تقنع القارئ وتبدد كل السحب التي تجمعت في ذهنه وكل الحجب التي غطت فكره وكل التشويش الذي ألم بعقله، وبهذا تؤكد أنها مرآة للحقيقة، وناطقة بالحق، وساعية وراء المصلحة العامة.
والصحافة إن فعلت ذلك فإنها تؤكد أنها في خدمة القارئ وأنها تعمل على مده بالمعلومة الصحيحة ناشرة لواء الإبانة والإفصاح ناطقة بالصدق، وهذا الأمر يجعل القارئ يحترم صحافته ويؤكد مصداقيتها لديه وسيكون لمثل هذا العمل الإيجابي ما بعده في مستقبل الأيام التي هي حبلى بالأحداث والملاحظ أن الصحف تكتسب احترامها من مصداقيتها، ولذلك فإن الشائعة القادمة، ستجد النفي المصدق، إذا كانت الصحافة ذات مصداقية عند القراء أو كانت "جهينة" الذي عندها الخبر اليقين لا الخبر الكاذب.
إن رأسمال الصحافة هو صدقها، ولذلك فإن دورها هام وضروري وناجز وناجح ومطلوب في التصدي للشائعة، أما إذا كانت الصحافة لا تملك الحيوية والرغبة الصادقة ولا تتحرك لمواقع الشائعة لكشف خطئها وشدة ضررها وبشاعة تأثيرها ولا تملك الأدوات والوسائل التحريرية والفنية أو المبادرة والمبادأة بالتصدي للشائعات فإنها تصبح صحافة باهتة لا تملك أي مؤهلات لكسب ثقة الناس أو تنويرهم في الإعلام والتوجيه وتحري المصداقية من كما أن هناك صحافة تلعب الدور النقيض وهي صحافة الإثارة الأحداث.
التي تعيش على نشر الشائعات والأخبار المختلفة والوقائع الملفقة، ومثل هذه الصحافة ضارة ومخربة وغير جديرة بأن تكون في الساحة الإعلامية، فهي مثل مصدر الشائعة تعاني من خلل نفسي واضطراب مسلكي وفشل مهني، فرسالة الصحافة رسالة سامية أو هكذا يجب أن تكون.
إن أهمية الصحافة تتبع من أنها اتصال يومي ومباشر بالناس، وهو اتصال هدفه الرئيسي نقل الخبر والرأي والتحليل والصورة، وعبر هذه الوسيلة الهامة سواء كانت يومية أو أسبوعية أو حتى دورية يقوى الاتصال إلى درجة تصبح ذات تأثير كبير في الرأي العام، لذلك فإن دورها في محاربة الشائعة هام وحيوي وضروري.
إن الصحافة كغيرها من وسائل الإعلام تلعب دوراً مقدراً في مهمة التوجيه والإعلام وتكوين المواقف والاتجاهات لدى الناس، وإن توجيه المجتمع إلى الصواب هو دور الصحافة مع وسائل الإعلام الأخرى ومسؤوليتها التي يجب أن تقوم بها، ولا شك أن دورها في محاربة الشائعة بكتابة المعلومة الصحيحة ونشر الخبر الأكيد وعرض التحليل الموضوعي دور مستمر ومرغوب ومطلوب.
ب- دور الإذاعة والتلفزيون:
رغم أن الصحافة وسيلة إعلام فعالة إلى درجة أنها تعتبر وسيلة رئيسية لدى المجتمعات الحديثة، إلا أنها في بعض المجتمعات النامية والمتخلفة تترك مكانها لوسائل إعلامية تقنية حديثة أيضاً هي الإذاعة والتلفزيون وغيرهما، وسبب ذلك عائد إلى أن الصحافة تفترض وجود مستوى ثقافي معين لدى جمهور القراء، أما الإذاعة والتلفزيون فوسائل سمعية وبصرية بإمكانها التوجه إلى جمهور واسع ليس مهماً إذا كان يعرف القراءة والكتابة أم لا، هذا إلى جانب أنهما وسيلتان جذابتان لأنهما وسيلتا ترفيه.
ومن هنا فإن دور الإذاعة والتلفزيون كبير وهام في القضاء على الشائعة إذا وضعنا في الاعتبار مساحة انتشارهما الواسعة وديناميكية الاستفادة منهما على مدار ساعات البث، فيمكن في حال انتشار شائعة ما تتناول شخصية ما في المجتمع مثلاً أو حدوث كارثة في بلدة ما أو أي حدث مهم قطع الإرسال وظهور الشخصية محور الشائعة على الشاشة مباشرة أو سماع صوته عبر أثير الإذاعة في الوقت نفسه ويكون هذا قطعاً لدابر الشائعة وقبراً لها في مهدها.
كما يمكن استضافة شخصيات متخصصة على الهواء مباشرة تتناول بالشرح والعرض والتحليل الشائعة المطلوب نفيها للناس أو إجراء مقابلات حية من موقع الشائعة تدحض كل ما أثير حولها وتوضح الحقيقة.
إن ميزة الإذاعة والتلفزيون، أنهما يتماشيان مع عصر السرعة، فالإعلام اليوم إعلام عصر السرعة المذهلة الذي يغطي الأحداث أثناء وقوعها، وينطبق ذلك على النقل الحي لمباريات كرة القدم والمنافسات الرياضية بشكل عام، وعلى المؤتمرات الصحافية وعلى البرامج التي تبث على الهواء ويشارك فيها أناس من خارج الاستوديو بل ومن قارات أخرى بعيدة.
وإذا أدركنا أن الإذاعة والتلفزيون يصلان إلى الجماهير العريضة إلى درجة القول بأنهما يعملان على مستوى الكوكب الأرضي حيث أصبحت الكرة الأرضية القرية الإلكترونية، وإذا أدركنا أننا في عصر السرعة فإن عامل السرعة نفسه حاسم وهام في القضاء على الشائعة، ذلك لأن الإسراع في الرد على الشائعة هام جداً في نفيها، ولأن التباطؤ في نفي الشائعة قد يعني إثباتها أو إتاحة المجال الزمني لها كي تمتد وتنتشر، وبالتالي يمتد ضررها وتأثيرها السالب.
إن الاستفادة من التطور التقني في الإعلام وسرعته عامل حاسم في القضاء على الشائعة، وذلك بانتهاز الفرصة العاجلة للرد الحاسم والسريع عليها، وتأكيد الحقيقة وإبانة الواقع الفعلي للحدث، فالعصر عصر السرعة والإعلام سلاح ذلك العصر، أداة ذلك السلاح وطلقته التي توجه إلى الهدف، والسرعة هي لذلك فإن دور الإعلام وسرعة تفاعله وتغطيته للإحداث خاصة الإذاعة والتلفزيون دور كبير وذو تأثير فعال في القضاء على الشائعة.
ولا يقف دور وسائل الإعلام من صحافة وإذاعة وتلفزيون وغيرها من وسائل مقروءة أو مطبوعة أو مسموعة أو مرئية عند حدود النفي السريع للشائعة، وإيراد البرهان على خطئها وتفنيدها وإثبات عدم وجودها بالصورة والصوت والكلمة فقط، وإنما هناك دور وقائي لهذه الأجهزة، ودائماً الوقاية خير من العلاج.
الاكثر قراءة في الدعاية والحرب النفسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة