اسلام ثقيف
المؤلف:
هاشم معروف الحسني
المصدر:
سيرة المصطفى "ص"
الجزء والصفحة:
ص620-622
2025-12-09
30
وجاء في سيرة ابن هشام وغيرها ان عمرو بن أميّة أحد زعمائهم كان بينه وبين أحد قادتهم وهو عبد يا ليل بن عمرو خصومة بلغت أقصى حدودها ولما أيقن عمرو بن أميّة بالخطر وان موقفهم من الإسلام سيؤدي إلى هلاكهم ان هم اصروا عليه ، ذهب إلى خصمه عبد يا ليل ، ولما انتهى إلى باب داره ارسل إليه ان يخرج لمقابلته ، فقال للرسول ويلك أعمرو أرسلك إلي ؟ قال نعم وها هو ذا واقف في دارك ، فقال ان هذا لشيء ما كنت أظنه ، ان عمرا امنع في نفسه من ذلك ، ثم خرج إليه ورحب به ، فقال له عمرو لقد نزل بنا امر لا تصلح لنا معه الهجرة والمقاطعة ، لقد كان من امر هذا الرجل ما قد رأيت وقد أسلمت العرب كلها وليس لكم بحربهم طاقة فانظروا في امركم ، فاجتمعت ثقيف وتشاوروا في الامر وقال بعضهم لبعض : ألا ترون انه لا يأمن لكم سرب ولا يخرج منكم أحد الا تعرض لشر ، واجمع امرهم ان يرسلوا إلى رسول اللّه رجلا يتفاوض معه على شروط اتفقوا عليها ويأخذ منه كتابا بها ، واتفق رأيهم على كبيرهم عبد يا ليل ، ولكنه رفض ان يذهب إلى النبي ( ص ) وحده وخاف ان يصنعوا به ما صنعوه مع عروة بن مسعود حينما دعاهم إلى الإسلام ، وبعد مفاوضات استمرت أياما اتفقوا على وفد مؤلف من ستة من زعمائهم يمثلون مختلف قبائل ثقيف ، وهم عثمان بن أبي العاص من بني يسار ، وأوس بن عوف من بني سالم ، ونمير بن خرشة بن ربيعة من بني الحارث ، وعبد يا ليل ، والحكم بن عمرو وابن وهب بن معتب ، وشرحبيل بن غيلان بن سلمة بن معتب ، وهؤلاء الثلاثة ينتمون إلى قبيلة واحدة ، ورئاسة الوفد كانت لعبد يا ليل ، وخرج الوفد من الطائف متجها إلى المدينة ، وقبل دخولهم المدينة نزلوا في بعض ضواحيها والتقوا بالمغيرة بن شعبة وكان ثقيفا يرعى إبل الرسول حيث كانت نوبته في تلك الفترة فأخبروه بأمرهم ، فترك الإبل مع الثقفيين وذهب يشتد ليبشر رسول اللّه بقدوم الوفد ، وفي طريقه إلى الرسول ( ص ) التقى بأبي بكر واخبره ان ثقيفا قد أقبلت تريد الإسلام ، فرغب أبو بكر ان يكون هو المخبر لرسول اللّه وقال للمغيرة أقسمت عليك باللّه ان لا تسبقني إلى رسول اللّه حتى أكون انا الذي أحدثه بما يريدون فاستجاب المغيرة لطلبه .
ودخل أبو بكر على رسول اللّه ( ص ) واخبره بقدومهم ورجع المغيرة إلى الوفد فأخبرهم بما جرى معه وعلمهم تحية الإسلام ، ولما وفدوا على النبي ( ص ) انزلهم في مكان خارج المسجد ، وكان السفير بينه وبينهم خالد بن سعيد بن العاص ، وأرادوا ان يضعوا شروطا لدخولهم في الإسلام ، منها ان يترك لهم صنمهم اللات ثلاث سنوات فأبى عليهم ، وظلوا يتدرّجون معه وهو يصر على هدمها وأخيرا سألوه تركها ولو لمدة شهر واحد فأبى عليهم وأصر على هدمها فورا .
ومنها ان يعفيهم من الصلاة ، فلم يوافق معهم وقال لا خير في دين لا صلاة فيه ، وأخيرا طلبوا منه ان لا يكلفهم بتكسير أوثانهم بأيديهم ، فوافق معهم على ذلك ، وتم الاتفاق بينهم وبين النبي على أن يسلموا ويلتزموا بشروط الاسلام بلا قيد أو شرط وكتب لهم كتابا بذلك ، وامر عليهم أحد أعضاء الوفد وهو عثمان بن أبي العاص ، بعد ان رأى منه رغبة في الاسلام وحرصا على تعلم احكامه وأصوله .
وجاء عنه كما في رواية ابن إسحاق أنه قال : كان من آخر ما عهد إلي رسول اللّه حين بعثني على ثقيف ان قال لي : صل بهم وقدر الناس بأضعفهم فإن فيهم الكبير والصغير والضعيف وصاحب الحاجة . وبعث أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة إلى الطائف لهدم اللات فخرجا من المدينة مع الوفد ، فلما بلغا الطائف قال المغيرة لأبي سفيان بن حرب تقدم فاهدمها أنت ، فأبى عليه أبو سفيان وقال : ادخل أنت على قومك فإنك امنع عندهم مني ، فدخل المغيرة وأقام أبو سفيان بما له في مكان يدعى الهدم ، وباشر المغيرة هدمها فعلاها وجعل يضربها بالمعول وأحاط به قومه بنو معتب مخافة ان يرمى بالنبال والسهام كما رمي بها عروة بن مسعود ، وأتم هدمها من غير أن يتعرض له أحد بسوء ، كما لم تبدر من أحد بادرة تسيء إلى الوفد في حين ان الوفد دعاهم إلى الإسلام وأخبرهم بأن محمدا قد رفض شروطهم وأبى ان يهادنهم على حساب الاسلام ، ولكن النساء حين نظرن إلى اللات وقد تهدم خرجن حاسرات باكيات ينددن برجالهن لأنهم لم يدافعوا عنه .
ولما فرغ المغيرة من هدمه استولى على الأموال التي كانت فيه واخبر بها رسول اللّه فجاء أبو مليح بن عروة إلى رسول اللّه وسأله ان يقضي منها الديون التي على أبيه عروة بن مسعود فرحب رسول اللّه بذلك ، فقال له قارب بن الأسود ودين الأسود يا رسول اللّه ، فقال رسول اللّه : ان الأسود مات مشركا ، والأسود وعروة اخوان لأب وأم ، فقال قارب يا رسول اللّه انك ان قضيت دينه تصل بذلك مسلما يعني بذلك نفسه ومضى يقول للنبي انما الدين علي وانا الذي أطالب به ، فأمر رسول اللّه ان يقضي من ذلك المال دين عروة وأخيه الأسود .
الاكثر قراءة في حاله بعد الهجرة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة