لقد كانت هذه الغزوة في شهر رجب من السنة التاسعة للهجرة وكان فيما يذكر المؤلفون في سيرة الرسول قد اتصل به نبأ من بلاد الروم ان ملك الروم قد هيأ جيشا كبيرا لغزو العرب في شبه الجزيرة وأعد العدة للقضاء على محمد واتباعه الذين أصبحوا يهددون المناطق المتاخمة لحدود الحجاز .
وجاء في تاريخ الخميس ، ان جماعة الأنباط قدموا المدينة وأخبروا النبي بذلك وحينما اتصل به هذا النبأ لم يتردد في مواجهة تلك الحشود التي أعدتها الروم بنفسه على رأس جيش قوي يستطيع القضاء على كل امل يراود الغزاة .
وأرسل النبي إلى القبائل العربية في مختلف المناطق يعلمهم بما عزم عليه ويدعوهم للتهيؤ لإعداد أكبر جيش يمكن اعداده ، وقد خالف في هذه الغزوة وحدها الطريقة التي كان يتبعها من قبل حيث كان لا يخبر في الغالب إلا خواص أصحابه بما يريد ، وأحيانا لا يخبر أحدا بل يرسل فرقة من الجيش لتتحرك في غير الاتجاه الذي صمم عليه ، تضليلا لأعدائه وللمنافقين الذين اندسوا بين أصحابه مخافة ان يتصلوا بالعدو فيستعد للمقابلة أو الفرار .
واهتم النبي ( ص ) بتجهيز ذلك الجيش وصمم على أن يكون في المستوى المناسب لأنه سيقابل به أكبر دولة يومذاك ، ولما لم يكن بإمكانه ان يوفر لذلك الجيش كل ما يحتاجه من المؤن والعتاد رأى أن المصلحة تحتم عليه ان يكلف أغنياء المسلمين ويستعين بهم على تجهيزه بما يحتاج إليه من المؤن والعتاد ، فأرسل إلى جماعة منهم رغب إليهم ان يتعاونوا معه بما آتاهم اللّه من فضله ، فأسرع جماعة منهم إلى البذل بسخاء في هذا السبيل بالرغم من الفائقة التي أصابت الحجاز في ذلك العام وأصبحت ضرورات الحياة في حكم المتعذرة على الطبقات الضعيفة من آثار القحط والجفاف .
وكانت الغزوة في فصل الصيف اللاهب والناس ينتظرون موسما جديدا من ثمار المدينة وخيراتها ، ويتمنون لو كانت في فصل آخر من السنة أكثر اعتدالا ويسرا من ذلك الفصل ، بالرغم من كل ذلك فلقد استقبل جماعة من المسلمين هذه الدعوة بقلوب عامرة بالإيمان ونفوس مطمئنة بما وعد اللّه به المجاهدين تاركين نساءهم وأبناءهم ليقطعوا الصحاري والفيافي إلى عدد يفوقهم في العدد والعتاد في تلك السنة المجدبة التي سماها المؤرخون سنة العسرة بالنظر لما أصاب الناس فيها من القحط والجفاف .
واستقبل تلك الدعوة جماعة ممن دخلوا في الإسلام رغبة ورهبة متثاقلين يتلمسون الأعذار يحتجون بالحر تارة وبعد المسافة أخرى ، وقوة العدو الذي قهر جيش الفرس وجند في مقابل المسلمين في غزوة مؤتة أكثر من مائتي الف مقاتل حتى اضطرهم إلى الفرار تاركين قتلاهم في ارض المعركة ثالثة إلى غير ذلك مما كانوا يتعللون به ويتهامسون فيه لتثبيط عزيمة المسلمين ومعنوياتهم .
وانزل اللّه على رسوله سورة التوبة التي تحث على الجهاد في سبيل اللّه مهما كانت العقبات والصعاب ، وتتضح مع ذلك نوايا المنافقين والمتخاذلين وتنذرهم بالعذاب وسوء المصير .
وبينا رسول اللّه يجهز الناس إلى الخروج معه جاءه الجد بن قيس أحد بني سلمة فقال له النبي ( ص ) يا ابا قيس هل لك في جلاد بني الأصفر ولعلك تحتقب من بناتهم[1] فقال له الجد لقد علم قومي اني من أشدهم اعجابا بالنساء ، واني إذا رأيتهم لم اصبر عنهن ، فائذن لي ولا تفتني ، فأعرض عنه رسول اللّه وقال اذنت لك ، فجاء ابنه عبد اللّه وكان أخا لمعاذ بن جبل لأمه ، وجعل يلوم أباه على ما أجاب به رسول اللّه ( ص ) ، وقال له : أنت أكثر بني سلمة مالا فما منعك ، ان تخرج ، فقال ما لي وللخروج إلى بني الأصفر ، واللّه ما آمنهم وانا في منزلي هذا واني عالم بالدوائر ، فقال له ابنه لا واللّه ما بك الا النفاق ، واللّه لينزلن على رسول اللّه فيك قرآن تفتضح به فأخذ نعله وضرب به وجه ابنه فأنزل اللّه فيه :
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ ( التوبة 49 ) .
ولما تلا النبي ( ص ) الآية على الناس جاءه ابنه وقال له ألم أقل لك انه سوف ينزل فيك قرآن يقرؤه المسلمون ، فقال له أبوه اسكت يا لكع واللّه لا انفعك بنافعة ابدا ، وانك لأشد علي من محمد ، ثم جعل الجد يثبط قومه عن الجهاد ويمنعهم عن الخروج .
وقال جماعة من المنافقين لا تنفروا في هذا الفصل وانتظروا حتى ينتهي فصل الحر فأنزل اللّه فيهم :
وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ( التوبة 81 - 82 ) .
وجاء في كتب السيرة وغيرها ان اثنين وثمانين رجلا جاءوا إلى النبي ( ص ) يعتذرون إليه عن الخروج معه فلم يعذرهم وقعد جماعة في بيوتهم بدون عذر فأنزل اللّه فيهم وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ( التوبة 90 ) .
وبلغ النبي ان أناسا من المنافقين قد اجتمعوا في بيت من بيوت اليهود يثبطون الناس ويخوفونهم من لقاء الروم ، فلم يتهاون معهم مخافة ان يستفحل خطرهم ويسري التخاذل بين الناس فبعث إليهم طلحة بن عبيد اللّه في نفر من أصحابه واشعل النار في البيت ففر أحدهم من ظهر البيت وانكسرت رجله ، واقتحم الباقون النار فنجوا منها وكانوا مثلا لغيرهم ، ولم يعد بإمكان أحد بعد ذلك ان يتجاهر بعمل من هذا النوع ، وكان لهذه الشدة اثرها في خذلان المنافقين .
واقبل ذوو اليسار ينفقون على تجهيز الجيش كل حسب استطاعته .
وجاء في بعض المؤلفات في السيرة عن عبد الرحمن بن سمرة أنه قال : لقد قدم عثمان بن عفان للنبي ( ص ) ألف دينار مساهمة منه في تجهيز الجيش فصبها في كمه على حد تعبير الراوي ، فأخذ رسول اللّه يقلبها بيده ويقول ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم .
وقد وصف صاحب تاريخ الخميس هذا الحديث بالغرابة ، وروي عن قتادة ان عثمان حمل في جيش العسرة على ألف بعير وسبعين فرسا ، كما روي أيضا من حديث حذيفة انه قدم للنبي عشرة آلاف دينار فصبها بين يديه فجعل يقلبها ويقول : اللهم اغفر لعثمان ما قدم وأخّر وما أسر وما اعلن ما يبالي عثمان بما يفعل بعد اليوم .
لقد اختلفت الروايات حول ما قدمه عثمان في تلك الغزوة وتضاربت مضامينها كما ذكرنا ، وكلها تنص على أن النبي قد قال : ما ضر عثمان ما يفعل بعد اليوم ، ومن المقرر عند علماء الدراية ان الاختلاف في مضامين الروايات من الأسباب الموجبة لتوهينها وعدم الاعتداد بها وقد وصف بعضها البكري في تاريخه بالغرابة .
هذا بالإضافة إلى أنها من المراسيل ، والارسال من عيوب الرواية كما هو مقرر في محله ، على أنها قد اشتملت على ما يتنافى مع منطوق القرائن ، حيث جاء فيها ان النبي قال : ما ضر عثمان ما يفعل بعد اليوم ، والقرآن يقول : فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ .
ومن الجائز ان يكون عثمان قد ساهم في تسريح هذا الجيش كما ساهم غيره من المسلمين ، وقد جاء في أكثر المرويات ان النساء ساهمن بحليهن في هذه الغزوة وشاركن الرجال في ذلك .
فقد ورد في بعض المؤلفات في السيرة ان النساء قد اشتركن بكل ما قدرن عليه من مسك ومعاضد وخلاخيل وأقراط وخواتيم .
وجاءه سبعة من فقراء المسلمين يلتمسون منه ان يهيء لهم ما يمكنهم من الخروج معه فاعتذر إليهم وقال لا أجد ما أحملكم عليه فتولوا عنه وأعينهم تفيض من الدمع فسماهم الناس بالبكائين وانزل اللّه على النبي الآيات الكريمة التي تضع حدا لمن يجب عليه الجهاد ومن يسقط عنه . فقال سبحانه : لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ إلى قوله : وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ .
وجاء في تاريخ الطبري ان يامين بن عمير بن كعب النضري لقي أبا ليل عبد الرحمن بن كعب وعبد اللّه بن مغفل وهما يبكيان ، فقال لهما ما يبكيكما ؟ فقالا لقد جئنا رسول اللّه ( ص ) فلم نجد عنده ما يحملنا عليه وليس عندنا ما نتقوى به على الخروج معه فأعطاهما ناضحا وزودهما بمقدار من التمر فخرجا مع النبي ، وأتم النبي تجهيز جيش بلغ ثلاثين ألفا ، وقيل أربعين ألفا وقيل سبعين ألفا واتفق المؤرخون والمحدثون بأنه امر عليا ( ع ) بأن يبقى في هذه الغزوة بالمدينة وهي الغزوة الوحيدة التي لم يشترك بها علي ( ع ) وقد تركه في المدينة خوفا ان ينقض عليها المنافقون والاعراب ممن اسلموا خوفا وطمعا ، والنبي ( ص ) يعلم بأنه لا يصلح لهذه المهمة غيره .
ومما يؤكد ذلك ان الذين تخلفوا عنه من المنافقين والأعراب كانوا بمقدار من خرج معه كما يبدو ذلك مما جاء في كتب السيرة من أن الذين تخلفوا مع عبد اللّه بن أبي ليسوا بأقل العسكرين على حد تعبيرهم .
وهب ان هذا العدد مبالغ فيه كما هو ليس ببعيد ، ولكن من المتيقن انهم كانوا عددا كبيرا ، وبإمكانهم ان يعبثوا بالمدينة وخارجها إذا لم تكن ادارتها بيد شخص مرهوب الجانب لا يحسب لأحد حسابا مهما بلغ من القوة والمكانة وهذه الناحية لا تتوفر في غير علي بعد رسول اللّه ( ص ) .
وقيل إنه استخلفه على أهله وشؤونه الخاصة ، واستخلف على إدارة شؤون المدينة سباع بن عرفطة الأنصاري وقيل غيره .
ورجح منهم ابن عبد البر في الاستيعاب انه لم يستخلف على المدينة غير علي ( ع ) ويظهر ذلك من اليعقوبي في تاريخه حيث قال : واستخلف على المدينة عليا ولم يزد على ذلك .
وأكد ذلك الشيخ المفيد في ارشاده وغيره من محدثي الشيعة ، ولما سار النبي بالجيش ثقل على المنافقين بقاء علي في المدينة فقالوا ان محمدا لم يستخلفه في المدينة الا استثقالا له وكرها به ، لأنهم كما يبدو قد صمموا على أن يعبثوا في المدينة خلال غيبة الرسول عنها ، ووجود علي فيها سيحول بينهم وبين ما عزموا عليه وخططوا له ، وظنوا انهم إذا أثاروه بمثل هذه الشائعات سيلحق بالرسول ويستعمل غيره ممن هو أضعف منه ولا يستطيع ان يحول بينهم وبين ما يضمرون .
ولما شاعت مقالتهم في المدينة وبلغت عليا ( ع ) اخذ سلاحه ولحق بالنبي وهو نازل بالجرف فقال يا نبي اللّه لقد زعم المنافقون بأنك انما خلفتني لأنك استثقلتني وتخففت مني ، فقال له النبي ( ص ) كما جاء في رواية الطبري وابن هشام في سيرته وتاريخ أبي الفداء وغيره انما خلفتك لما ورائي ، وأضاف إلى ذلك المفيد ان المدينة لا تصلح الا بي أو بك فأنت خليفتي في أهل بيتي ودار هجرتي وقومي ، أما ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي .
والظاهر اتفاق المؤرخين والمحدثين على أن النبي ( ص ) قال لعلي : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي كما يبدو ذلك بعد التتبع في الصحاح الستة وغيرها من مجاميع الحديث ، وأضاف إلى ذلك في مستدرك الصحيحين أنه قال له : ان المدينة لا تصلح الا بي أو بك ، وأضاف إلى ذلك المحدث أحمد بن حنبل في مسنده أنه قال له : لا ينبغي ان اذهب الا وأنت خليفتي .
وجاء في فضائل الخمسة من الصحاح الستة ان الحديث مروي مع هذه الفقرة في الخصائص للنسائي ج 2 ص 203 وفي الموافقات للحافظ أبي القاسم الدمشقي وفي مجمع الزوائد للهيثمي وغيرهم[2].
ورجع علي إلى المدينة بناء لأمر النبي ( ص ) وكان ممن تخلف عنه جماعة منهم أبو الخيثمة أحد بني سالم فقد جاء إلى أهله بعد ان مضى رسول اللّه بأيام وعنده زوجتان فوجد كل واحدة منهما قد رشت عريشها وهيأت له الطعام والماء فوقف على باب العريشين ونظر إلى زوجتيه وإلى ما صنعتا له ، وقال رسول اللّه في الضح والريح والحر وأبو خيثمة في ظل بارد وطعام مهيأ وامرأة حسناء مقيم في ماله ما هذا بالنصف ، واللّه لا ادخل عريش واحدة منكما حتى الحق برسول اللّه فهيئا لي زادا ففعلتا ، ولما أتم تجهيزه قدم ناضحه وحمل عليه زاده والتحق برسول اللّه ( ص ) وفي الطريق أدرك عمير بن وهب الجمحي يطلب رسول اللّه فترافقا ولحقا رسول اللّه في تبوك .
ومضى رسول اللّه في طريقه وكان يتخلف عنه في الطريق جماعة ممن خرجوا معه من المدينة وكلما تخلف عنه شخص قال له أصحابه لقد تخلف فلان يا رسول اللّه ، فيقول دعوه فإن يكن به خير فسيلحقه اللّه بكم وان يكن غير ذلك فقد أراحكم اللّه منه .
ولما بلغ الحجر وبها اطلال لمنازل ثمود منقورة في الصخر ، هنالك امر رسول اللّه بالنزول واستقى الماء من بئر في ذلك المكان فلما خرج منها قال لهم : لا تشربوا من مائها شيئا ولا تتوضئوا منه للصلاة ، وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه الإبل ولا تأكلوا منه شيئا ولا يخرجن أحد منكم الليلة الا ومعه صاحب له ومن كان له بعير فليوثقه بعقاله ، ذلك ان المكان لم يكن أحد يمر به وكانت تعصف فيه أحيانا عواصف من الرمال فتطمر الناس والإبل فخرج منهم رجلان من بني ساعدة خرج أحدهما لحاجته وخرج الآخر في طلب بعير له فاحتملت الريح أحدهما وطمرت الآخر الرمال ووجدوا الرمال قد طمرت البئر ولم يبق فيها ماء ففزعوا من الظمأ في طريقهم الطويل .
وفي رواية ثانية انه لما مر بالحجر اسرع السير حتى جاوز الوادي والحجر ، وهو وادي قوم صالح وديارهم وهم ثمود الذين سكنوا ذلك الوادي وقال لا تدخلوا بيوت الذين ظلموا الا وأنتم باكون حتى لا يصيبكم ما أصابهم .
وأضاف إلى ذلك الراوي انه لما تجاوز الحجر أصبح ولا ماء معه ولا مع أصحابه وقد نزلوا على غير ماء فشكوا إليه العطش فاستقبل القبلة ودعا ولم يكن في السماء سحابة فما زال يدعو حتى اجتمعت السحب من كل ناحية فما برح من مكانه حتى نزل المطر وانكشفت السحب فسقى الناس وارتووا عن آخرهم وملأوا أسقيتهم ، فقال أحد المسلمين لبعض المنافقين : ويحك ابعد هذا شيء ، وهل بقي عندك شيء من الريب ، فقال انما هي سحابة مارة ، وانطلق الجيش في طريقه إلى تبوك ، وقبل وصولهم إليها نزلوا في مكان فضلت ناقة الرسول ( ص ) فخرج أصحابه في طلبها ، فقال زيد بن الصلت القينقاعي وكان من المنافقين :
أليس محمد يزعم أنه نبي يخبركم عن السماء وهو لا يدري الآن اين ناقته ، وعلم رسول اللّه بهذه المقالة عن طريق الوحي فقال وعنده عمارة بن حزم ، ان رجلا قال : ان محمدا يخبركم عن السماء وهو لا يدري اين ناقته ، واني واللّه لا اعلم الا ما علمني ربي ، وقد دلني الآن عليها وهي في الوادي قد حبستها شجرة بزمامها فانطلقوا حتى تأتوا بها فذهبوا فوجدوها كما اخبر رسول اللّه .
ثم مضى رسول اللّه وقصرت ببعض المسلمين رواحلهم منهم أبو ذر الغفاري ، فأخذ يعالج بعيره ليلحق بالجيش فلم تجده المحاولة فلما يئس اخذ متاعه عنه وحمله على ظهره وترك البعير في مكانه ، وجعل يجد السير ليلحق بالنبي ( ص ) فنظر أحد المسلمين فوجد رجلا مسرعا يسير ليلحق بهم فأخبر رسول اللّه ( ص ) قال رحم اللّه ابا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده .
وفي رواية ثانية أنه قال له : تعيش وحدك بدلا من تمشي وحدك .
وصدق رسول اللّه ( ص ) حيث عاش أبو ذر وحده ومشى على طريق الحق مع القلة القليلة من أصحاب رسول اللّه وناهض حكم الطغاة والجبابرة ، ولما لم يجدوا سبيلا إلى إسكاته نفوه إلى مفازة من الأرض خالية من السكان وبعيدة عن الناس حتى لا يتصل بأحد ، وظل فيها ما بقي من حياته ممنوعا عن الاتصال بأي كان من الناس كما توعدوا كل من يحاول الاتصال به وليس معه الا زوجته وابنته وأخيرا مات في ذلك المكان بعيدا عن جميع الناس ، ولولا ان يقيض اللّه له ركبا من الكوفة كانوا في طريقهم إلى الحجاز فاستغاثت بهم زوجته وأخبرتهم بمكانه وتبين ان فيهم من صحابة الرسول ممن عرفوه وسمعوا من الرسول ما كان يثني به عليه وحتى هذه المقالة التي قالها وهو في طريقه إلى تبوك ويؤكد الشيخ حسين الديار بكري ان عبد اللّه بن مسعود كان معهم وحدث الركب بقول رسول اللّه كما نص على ذلك في كتابه تاريخ الخميس ولولا هذا الركب لم تجد زوجته سبيلا لدفنه .
وسيبعث أبو ذر وحده كما قال رسول اللّه الصادق الأمين من بين عشرات الألوف من صحابة الرسول حاملا لواء الحق الذي عذب من اجله واقصي من اجله ، وقد عرفنا لمحة من حياة أبي ذر عندما تحدثنا عن اسلامه في الفصول الأولى من هذا الكتاب .
ومع أن رسول اللّه ( ص ) كان حريصا على أن لا يشترك معه المنافقون في هذه الغزوة وبخاصة بعد ان رجع ابن أبي سلول ، أو بعد ان ارجعه النبي كما في بعض المرويات ، وكان عدد الذين عسكروا مع ابن أبي سلول لا يقل عن العسكر الثاني كما ذكرنا ، ومع ذلك فلم يخل جيشه من المرتابين والمنافقين .
وحدث ابن هشام في سيرته عن ابن إسحاق ان رهطا من المنافقين كانوا في جيش رسول اللّه منهم وديعة بن ثابت من بني عمرو بن عوف ومخشن من حمير من حلفاء سلمة وغيرهما كانوا يشيرون إلى رسول اللّه وهو منطلق إلى تبوك ويقول بعضهم لبعض : أتحسبون ان جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضا واللّه لكأننا بكم غدا مقرنين في الحبال ، يقولون ذلك تخويفا وتخذيلا للمسلمين ، وأحس بعضهم بأن النبي سيعلم بمقالتهم وموقفهم عن طريق الوحي ، فقال وددت اني اقاضى على أن يضرب كل رجل منا مائة جلدة وانا نفلت من نزول القرآن فينا . وقبل ان يفشوا حديثهم بين الناس نزل الوحي على رسول اللّه فأخبره بمقالتهم ليتخذ الحيطة لما قد ينتج عن مقالتهم هذه ، فقال رسول اللّه لعمار بن ياسر رحمه اللّه : أدرك القوم يا عمار وسلهم عما قالوا فإن أنكروا فقل لهم لقد قلتم كذا وكذا ، وانطلق عمار بن ياسر ولما سألهم عما كانوا يتحدثون به اسرعوا إلى رسول اللّه يعتذرون إليه ، وتقدم وديعة واخذ بزمام ناقته وقال يا رسول اللّه لقد كنا نخوض ونلعب ولم نكن جادين في شيء قلناه فعفا عنهم النبي ( ص ) وانزل اللّه فيهم :
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَ بِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ ( التوبة 65 ) .
وقيل إن الآية نزلت في جماعة من المهاجرين والأنصار كانوا مع النبي في تبوك وهم اثنا عشر رجلا وقد تعاقدوا وتعاهدوا على اغتيال النبي وهو راجع من تبوك ، وقال بعضهم لبعض إذا لم نقدر عليه وسألنا بما ذا كنتم ؟ نقول له :
كنا نخوض ونلعب الآية وتمامها أَ بِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ ( التوبة 65 - 66 ) .
وجاء في بحار الأنوار عن كتاب دلائل النبوة للشيخ أبي بكر احمد البيهقي بسند ينتهي إلى عروة بن الزبير أنه قال لما رجع رسول اللّه قافلا من تبوك إلى المدينة حتى إذا كان ببعض الطريق مكر به ناس من أصحابه وتآمروا ان يطرحوه في العقبة وأرادوا ان يسلكوها معه لهذه الغاية ، فأخبر رسول اللّه خبرهم ، فقال لأصحابه من شاء منكم ان يأخذ بطن الوادي فإنه أوسع لكم ، فأخذ النبي العقبة واخذ الناس بطن الوادي إلا النفر الذين أرادوا المكر به ، فقد استعدوا وتلثموا وامر رسول اللّه حذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر فمشيا معه ، وامر عمارا ان يأخذ بزمام الناقة وحذيفة يسوقها ، فبينما هم يسيرون إذ سمعوا وكزة القوم من ورائهم قد غشوهم فغضب رسول اللّه ( ص ) وامر حذيفة ان يراهم ويتعرف عليهم فرجع ومعه محجن فاستقبل وجوه رواحلهم وضربها بالمحجن وابصر القوم وهم متلثمون فأرعبوا حين ابصروا حذيفة وظنوا ان مكرهم قد ظهر فأسرعوا حتى خالطوا الناس . وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول اللّه ، فلما ادركه قال اضرب الناقة يا حذيفة وامش أنت يا عمار فأسرعوا وخرجوا من العقبة ينتظرون الناس ، فقال النبي يا حذيفة هل عرفت أحدا منهم ، فقال عرفت راحلة فلان وفلان ، وكانت ظلمة الليل قد غشيتهم وهم متلثمون ، فقال رسول اللّه هل عرفت ما شأنهم وما يريدون قال لا يا رسول اللّه ، قال فإنهم فكروا ان يسيروا معي حتى إذا صرت في العقبة طرحوني فيها ، فقال اهلا ترأف بهم إذا جاءك الناس ، قال اكره ان يتحدث الناس ويقولوا ان محمدا قتل أصحابه ، ثم سماهم بأسمائهم[3].
وذكر قصة المؤامرة اليعقوبي في تاريخه بصورة مجملة وقال إن حذيفة كان يقول إنه يعرفهم بأسمائهم .
وقبل ان يصل النبي بجيشه إلى تبوك كانت اخباره قد بلغت الروم كما بلغتها من قبل اخبار انتصاراته المتتالية في جميع المعارك التي دارت بينه وبين قريش وغيرها من القبائل العربية ، فتجسدت لديهم المخاطر وقدروا ان محمدا لو انتصر في هذه المعركة سوف لا يقف عند حد ، وستتبعها انتصارات أخرى ، وبالتالي قد تتعرض الإمبراطورية الرومانية بكاملها لغزو هذا الجيش الذي زودته الانتصارات بكل أسباب القوة وذاق حلاوة النصر وأصبح يفكر فيه وحينما يدخل المعركة لا يتصور غيره ، وفي الوقت ذاته كان الجندي المسلم لا يرى للحياة وزنا ما دام سينتقل منها إلى حياة دائمة ونعيم دائم .
لقد عرف الرومان كل ذلك وتصوروا المخاطر التي يجرها الصدام مع هذا الجيش الذي يرى أن الجنة تحت ظلال الأسنة فهو ان حارب وقتل فله الجنة وان قتل فله الجنة فآثروا الانسحاب من مواقعهم التي كانوا عليها إلى داخل بلادهم ليلتزموا حصونهم ويدافعوا عنها فيما لو تعرضت لغزو المسلمين .
ولما انتهى المسلمون إلى تبوك وعلموا ان القوم قد انسحبوا منها إلى داخل بلادهم نزلوا بها ينازلون من يحاول ان يقف في طريقهم .
وكان يوحنا بن رؤبة صاحب ابلة من الأمراء المقيمين في تلك المنطقة فوجه إليه النبي رسالة يدعوه فيها إلى الإسلام أو إلى الجزية ، فجاءه يوحنا وعلى صدره صليب من ذهب فقدم للنبي الطاعة والهدايا وصالحه على الجزية في كل سنة ثلاثمائة دينار كما صالحه أهل الجرباء واذرح[4] على الجزية وكتب بينه وبينهم كتبا تتضمن شروط الصلح بما يحفظ للمسلمين حقهم في الجزية والتجول في تلك المناطق آمنين على أنفسهم وأموالهم ويضمن لأصحاب تلك المناطق حرية العقيدة والعيش مع جيرانهم المسلمين بسلام واطمئنان .
واطمأن النبي بعد معاهدة تلك القبائل المتاخمة لحدود الحجاز ، ولم يبق عليه الا أكيدر بن عبد الملك الكندي أمير دومة ، فقد تخوف النبي ان يتعاون مع جيوش الروم فيما لو حاولوا غزو الحجاز من ناحيته ، فأرسل إليه خالد بن الوليد مع خمسمائة من فرسان المسلمين وقال له انك ستجده يصيد البقر ، وفيما كان خالد في طريقه إليه كان أكيدر على سطح له في ليلة مقمرة وبينما هو على سطح قصره وإذا ببقر الوحش تحك باب قصره بقرونها ، فقالت له امرأته : هل رأيت مثل هذا ، فقال لا واللّه ، ثم نزل من قصره وركب فرسه ومعه اخوه حسان ونفر من جماعته ، وفيما هم يطاردون بقر الوحش وإذا بخالد بن الوليد يلتقي بهم وجها لوجه ، فوقع أكيدر أسيرا في أيدي المسلمين ، وحاول اخوه حسان ان يقاوم فقتل على الفور واخذ خالد أخاه أسيرا إلى رسول اللّه ، وكان عليه حلة من ديباج مطرزة بالذهب فأخذها منه خالد وأرسلها إلى رسول اللّه قبل قدومه عليه ، فلما رآها المسلمون جعلوا يلمسونها بأيديهم معجبين بها ، فقال لهم رسول اللّه أتعجبون من هذه ، فوالذي نفسي بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذه .
ولما التحق خالد ومعه أكيدر بالنبي عرض عليه الاسلام فأبى ان يسلم وصالحه على الجزية كما فعل مع غيره وكتب بينه وبينه عهدا وخلى سبيله .
وجاء في رواية ثانية ان خالد بن الوليد لما أسر أكيدر هدده بالقتل ان لم يفتح له أبواب دومة ففتح أهل المدينة أبوابها خوفا على أسيرهم ، فساق خالد منها الفي بعير وثمانمائة شاة وأربعمائة وسق من الحنطة وأربعمائة درع وذهب بها ومعه أكيدر إلى رسول اللّه فأسلم أكيدر ورجع داعيا إلى الاسلام .
ورجع النبي ( ص ) إلى المدينة بعد ان أقام بتبوك قرابة عشرين يوما لم يقاتل أحدا وغنموا ما كان في دومة كما جاء في الرواية السابقة ، وحقق المسلمون انتصارا قد يكون في معناه انفع للمسلمين من انتصاراتهم في بدر وحنين وغيرهما ، ذلك ان خطر تلك الدولة الكبرى المتاخمة لحدود الحجاز والتي ترتبط بعض قبائلها بقبائل الحجاز كان من أشد الأخطار .
ومن الصعب ان يستتب الأمن وتهدأ الحال في الحجاز ما دامت تلك الدولة ترى ان هذا التبدل الذي حدث في الحجاز من أقصاه إلى أقصاه إذا استتب واستقر يشكل خطرا عليها ، فحشدت جيوشها على الحدود لغزو الحجاز ، ولما بلغ النبي خبرهم تحرك من المدينة في ثلاثين ألفا أو أكثر من ذلك ، وحينما بلغتهم اخباره استولى عليهم الخوف فانسحبوا إلى داخل حصونهم واعتصموا بها خوفا من ذلك الجيش الزاحف بقيادة محمد بن عبد اللّه ( ص ) ، وحينما بلغ تبوك لم يجد غير سكان المنطقة فنزلوا على شروطه وعاهدوه ان لا يتعاونوا مع أحد عليه ، ولا يتخذوا من بلادهم مركزا للعدوان على أراضي الحجاز ، وبذلك يكون النبي قد حقق في هذه الغزوة انتصارا لم تحققه غزوة من غزواته ، فلقد انهار ذلك الجيش الذي يبلغ مائتي الف أو يزيد وانسحب عن خط المواجهة إلى حصونه ومعسكراته وسلمت للمسلمين تلك المناطق المتاخمة لحدود الحجاز بعد ان التزم أهلها بالجزية وعاهدوا النبي على أن لا يتعاونوا مع أحد ضده .
ولكن أكثر المسلمين لم يدركوا تلك النتائج التي حققتها تلك الغزوة ولم يقيموا لها وزنا ، وجعل جماعة من المنافقين يهزأون مما تم فيها ، لأنها لم تدر عليهم ربحا ماديا كبقية الغزوات ولم تحقق لهم الأهداف التي كانوا يحلمون بها .
وجاءه جماعة ممن تخلف عنه يعتذرون إليه فلم يقبل معذرتهم ، وبدأ يتشدد في معاملة المنافقين شدة لم يألفوها من قبل ، وتبين له بعد ان عسكر ابن أبي فيهم ولم يكونوا بأقل مما كان معه كما جاء في رواية ابن هشام وابن سعد وغيرهما ، تبين له ان التساهل معهم يشجعهم على الفساد وبث الفوضى في صفوف المسلمين .
وجاء القرآن الكريم ليطلعه على كثير من اخبارهم وتصرفاتهم ويحذره مكرهم ووساوسهم ويأمره ان لا يستعين بهم في حرب أعدائه وان لا يقبل لهم معذرة فقال سبحانه في سورة التوبة :
فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ ( التوبة 83 ) .
وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ ( التوبة 84 ) ، وجاء فيها أيضا .
يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ( التوبة 94 ) .
سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ( التوبة 95 ) .
إلى كثير من الآيات التي تعرضت لحالهم ووصفتهم بواقعهم ، ومن اجل ان سورة التوبة تعرضت للمنافقين واعمالهم ونواياهم التي كانوا يبيتونها ضد الاسلام والمسلمين سميت الفاضحة .
ومن المنافقين الذين تستروا بالاسلام منذ السنين الأولى لدخول النبي ( ص ) إلى المدينة أبو حبيبة بن الازعر ، وثعلبة بن حاطب وهلال بن أميّة ومعتب بن قشير ووديعة بن ثابت وعباد بن حنيف وهؤلاء مع جماعة غيرهم عددهم في مجمع البيان اثني عشر رجلا قد اشتركوا في بناء المسجد الذي نهى اللّه رسوله عن الصلاة فيه وسماه مسجد ضرار كما جاء في الآيات 107 و 108 و 109 من سورة التوبة .
[1] الاحتقاب هو الاحتمال والمحتقب هو الذي يردف وراءه واحدا .
[2] انظر فضائل الخمسة من الصحاح الستة ج 1 ص 299 وما بعدها .
[3] من المعلوم من سير الحوادث ان المسألة إذا كانت تتعلق بكبار الصحابة فلا ترد أسماؤهم صريحة فيها ، ويأتي التعبير عنهم بفلان وفلان ، وكل مورد من هذا القبيل فهو يعني جماعة يخاف الراوي من التصريح بأسمائهم ، اما إذا لم يكن الحادث مع الكبار من الصحابة فيأتي الاسم صريحا كما يبدو ذلك للمتتبع وقد تحدثنا عن هذه الناحية خلال حديثنا عن غزوة أحد .
[4] الجرباء قرية تابعة لعمان واذرح بلد في أطراف بلاد الشام من نواحي البلقاء وعمان متاخمة لحدود الحجاز .
الاكثر قراءة في حاله بعد الهجرة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة