1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : المجتمع و قضاياه : النظام المالي والانتاج :

البطالة والطبقة المعدمة

المؤلف:  د. معن خليل العمر

المصدر:  علم اجتماع المثقفين

الجزء والصفحة:  ص178-180

21-1-2016

2021

ومن أجل التساوق مع مهمة المثقف في مجتمع ما بعد التصنيع ندلف إلى مدار الانكماش الاقتصادي الذي أصاب الدول الغربية قبل ثلاثة عقود من الزمن وما آل إلى خلق العديد من المشكلات الاجتماعية، كان أكبرها وأولها البطالة التي سيطرت على الهرم الطبقي فباتت ظاهرة جلية يمكن مشاهدتها في الحياة اليومية في الشوارع والأزقة والحدائق العامة والساحات العامة وسواها أشبه ما تكون بالكرة الزجاجية البلورية (الصافية في بياضها وشفافيتها) بسبب كونها عاطلة عن العمل أو غير قادرة على العمل، بمعنى فقراء لا دخل لهم معوزون وجياع إنما يحصلون على بعض النقود من خلال المعونات أو الصدقات. في الوقت ذاته يحصلون على الإهانات وسخرية الناس. هاك مثالاً على ذلك : في مجتمع الولايات المتحدة الأمريكية هناك من الأفراد من يعيشون دون مستوى خط الفقر إذ كان عددهم في عام 1959 يبلغ19.5 ‏مليون فقير صعد في عام1969‏إلى 24.1‏مليون ثم ارتفع بعد ذلك في عام 1980 إلى 29.3 ‏مليون (Etzioni, 1985, p.58) هذه الأرقام البيانية جذبت اهتمام المثقفين فكتبوا عنها وطرحوا تفاسيرهم وتأويلاتهم الأمر الذي دفعهم للانخراط في تنظيمات هدفها الأول استئصال أو اجتثاث الفقر من المجتمع الأمريكي.

‏لنأخذ مثالا على ذلك من تاريخ المجتمع الأمريكي الحديث لأنه ينشر مثل هذه الحقائق من أجل تشخيص مشاكله ومعالجتها على عكس ما هو سائد في مجتمعنا العربي، إذ لا يقوم المسئولون بنشر أرقام تتعلق بالفقراء لكي لا ينفضح إهمالهم وقصورهم في المسئولية وعدم اهتمامهم بالفقراء والعاطلين عن العمل وتستخدم ورقة ضاغطة عليهم من قبل الصحافيين والإعلاميين في ظل الفضائيات الفاضحة لمثل هذه الأعمال الفاسدة . فقد ‏اتصل المثقفون الأميركان بإدارة الرئيس الأمريكي جون كنيدي والرئيس جونسن وتدخلوا بشكل مكثف ومركز، سمي في ذلك الحين بالحرب ضد الحرب وكان ذلك في عام 1960 ‏لكن دانيال مونيهان وعدد كبير من المحللين أكدوا بأن سياسة محاربة الفقر الأمريكية كانت ناجحة وموفقة، وكان ذلك في عام1969 ‏لكنهم أشعلوا فتيل الحرب بين السياسيين والإداريين الذي بدوره خلق حرب جديدة سميت بالحرب على الفقر بدلا من حرب ضد الفقر . لكن على الرغم من هذه الجعجعة والتبويق التي زمروا لها ودقوا على وترها كانت فائدتهم قليلة ظهر ذلك عند إعادة توزيع مصادر الطاقة الذي عمل على هبوط معدل الفقر في عام 1960 ‏وقد ساهم المثقفون في الكتابة عن هذا الموضوع دفاعا عن الفقراء لكن بسبب وجود تحسن في الاقتصاد الأمريكي آنذاك تحسن وضع الفقراء إنما اليس بسبب تدخل المثقفين في دفاعهم عن الفقراء. إلا أنه عندما تتأزم الظروف الاقتصادية يزداد عدد الفقراء تباعا وتزداد حالتهم سوءا كتحصيل حاصل لهذا التأزم الاقتصادي ‏ينطوي كل ذلك على تركز بعض الفئات الاجتماعية المسحوقة ضمن التركيبة السكانية والبناء الطبقي لا يكون لها أي نصيب في التأثير الاجتماعي على أفراد المجتمع على الرغم من وجودها ضمن التشكيلة الاجتماعية وذلك لأنها تعيش على حافة النسق الاجتماعي، لا تحظى إلا بالنزر اليسير من اهتمامه (أي اهتمام النسق) ولكونها تعيش بالقرب من الطبقة العاملة فإنها غالباً ما تكون مصدر اضطراب ومشاكل تطالب بما حرمت منه، مع ذلك فإنها لا تشكل خطورة على مصلحة المجتمع لكنها تتحرك بسرعة وتؤذي باقي الفئات الاجتماعية وتعمل على تمزيق النسيج الاجتماعي من خلال سلوكها العدواني عندما تخضع لظروف قاسية ومؤذية وبالذات إذا تكررت هذه الظروف فإن انتفاضتها العدوانية سوف ‏لا ترحم المجتمع الذي ظلمها وغمط حقوقها.

‏غايتي من هذه المقدمة هي القول بأن هذه الفئة المسحوقة والمزرية في عيشها تكون مصدر خطر ليس فقط بسبب الظروف القاسية التي تعيشها بل عندما تشعر بأنها غريبة عن المحيط الذي تعيش فيه وأنها مستلبة لصالح الأغنياء، وعندما تشعر بذلك فإنها تتخذ موقف اللامبالاة والسلبية من النسق السياسي. وقد حصلت حالة شبيهة لهذه الحالة في استراليا 1983 وهي في الحملة الانتخابية ظهر فيها أكثر من (600.000 ) ‏استرالي لم يسجل في القوائم الانتخابية ولم ينتخبوا وهم من الشباب والعاطلين عن العمل، الأمر الذي جعلهم يقفون موقفاً سلبياً من الحكومة والنسق السياسي وهذا بدوره أدى إلى إضعاف معنوياتهم تجاه الحكومة فانخرطوا في تسبيب مشاكل عويصه لها. وازاء هذه الحالة وقف المثقفون موقفاً حازماً منها ‏قدموا تفاسيرهم وتحاليلهم لها وساهموا في صياغة السياسة الاجتماعية للبلد وقدموا توصيات لتخفيف مدة السلبية عند الشباب والعاطلين عن العمل(Etzioni,1985,p.60).

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي