1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تأملات قرآنية

مصطلحات قرآنية

هل تعلم

علوم القرآن

أسباب النزول

التفسير والمفسرون

التفسير

مفهوم التفسير

التفسير الموضوعي

التأويل

مناهج التفسير

منهج تفسير القرآن بالقرآن

منهج التفسير الفقهي

منهج التفسير الأثري أو الروائي

منهج التفسير الإجتهادي

منهج التفسير الأدبي

منهج التفسير اللغوي

منهج التفسير العرفاني

منهج التفسير بالرأي

منهج التفسير العلمي

مواضيع عامة في المناهج

التفاسير وتراجم مفسريها

التفاسير

تراجم المفسرين

القراء والقراءات

القرآء

رأي المفسرين في القراءات

تحليل النص القرآني

أحكام التلاوة

تاريخ القرآن

جمع وتدوين القرآن

التحريف ونفيه عن القرآن

نزول القرآن

الناسخ والمنسوخ

المحكم والمتشابه

المكي والمدني

الأمثال في القرآن

فضائل السور

مواضيع عامة في علوم القرآن

فضائل اهل البيت القرآنية

الشفاء في القرآن

رسم وحركات القرآن

القسم في القرآن

اشباه ونظائر

آداب قراءة القرآن

الإعجاز القرآني

الوحي القرآني

الصرفة وموضوعاتها

الإعجاز الغيبي

الإعجاز العلمي والطبيعي

الإعجاز البلاغي والبياني

الإعجاز العددي

مواضيع إعجازية عامة

قصص قرآنية

قصص الأنبياء

قصة النبي ابراهيم وقومه

قصة النبي إدريس وقومه

قصة النبي اسماعيل

قصة النبي ذو الكفل

قصة النبي لوط وقومه

قصة النبي موسى وهارون وقومهم

قصة النبي داوود وقومه

قصة النبي زكريا وابنه يحيى

قصة النبي شعيب وقومه

قصة النبي سليمان وقومه

قصة النبي صالح وقومه

قصة النبي نوح وقومه

قصة النبي هود وقومه

قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف

قصة النبي يونس وقومه

قصة النبي إلياس واليسع

قصة ذي القرنين وقصص أخرى

قصة نبي الله آدم

قصة نبي الله عيسى وقومه

قصة النبي أيوب وقومه

قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله

سيرة النبي والائمة

سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام

سيرة الامام علي ـ عليه السلام

سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله

مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة

حضارات

مقالات عامة من التاريخ الإسلامي

العصر الجاهلي قبل الإسلام

اليهود

مواضيع عامة في القصص القرآنية

العقائد في القرآن

أصول

التوحيد

النبوة

العدل

الامامة

المعاد

سؤال وجواب

شبهات وردود

فرق واديان ومذاهب

الشفاعة والتوسل

مقالات عقائدية عامة

قضايا أخلاقية في القرآن الكريم

قضايا إجتماعية في القرآن الكريم

مقالات قرآنية

التفسير الجامع

حرف الألف

سورة آل عمران

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

سورة إبراهيم

سورة الإسراء

سورة الأنبياء

سورة الأحزاب

سورة الأحقاف

سورة الإنسان

سورة الانفطار

سورة الإنشقاق

سورة الأعلى

سورة الإخلاص

حرف الباء

سورة البقرة

سورة البروج

سورة البلد

سورة البينة

حرف التاء

سورة التوبة

سورة التغابن

سورة التحريم

سورة التكوير

سورة التين

سورة التكاثر

حرف الجيم

سورة الجاثية

سورة الجمعة

سورة الجن

حرف الحاء

سورة الحجر

سورة الحج

سورة الحديد

سورة الحشر

سورة الحاقة

الحجرات

حرف الدال

سورة الدخان

حرف الذال

سورة الذاريات

حرف الراء

سورة الرعد

سورة الروم

سورة الرحمن

حرف الزاي

سورة الزمر

سورة الزخرف

سورة الزلزلة

حرف السين

سورة السجدة

سورة سبأ

حرف الشين

سورة الشعراء

سورة الشورى

سورة الشمس

سورة الشرح

حرف الصاد

سورة الصافات

سورة ص

سورة الصف

حرف الضاد

سورة الضحى

حرف الطاء

سورة طه

سورة الطور

سورة الطلاق

سورة الطارق

حرف العين

سورة العنكبوت

سورة عبس

سورة العلق

سورة العاديات

سورة العصر

حرف الغين

سورة غافر

سورة الغاشية

حرف الفاء

سورة الفاتحة

سورة الفرقان

سورة فاطر

سورة فصلت

سورة الفتح

سورة الفجر

سورة الفيل

سورة الفلق

حرف القاف

سورة القصص

سورة ق

سورة القمر

سورة القلم

سورة القيامة

سورة القدر

سورة القارعة

سورة قريش

حرف الكاف

سورة الكهف

سورة الكوثر

سورة الكافرون

حرف اللام

سورة لقمان

سورة الليل

حرف الميم

سورة المائدة

سورة مريم

سورة المؤمنين

سورة محمد

سورة المجادلة

سورة الممتحنة

سورة المنافقين

سورة المُلك

سورة المعارج

سورة المزمل

سورة المدثر

سورة المرسلات

سورة المطففين

سورة الماعون

سورة المسد

حرف النون

سورة النساء

سورة النحل

سورة النور

سورة النمل

سورة النجم

سورة نوح

سورة النبأ

سورة النازعات

سورة النصر

سورة الناس

حرف الهاء

سورة هود

سورة الهمزة

حرف الواو

سورة الواقعة

حرف الياء

سورة يونس

سورة يوسف

سورة يس

آيات الأحكام

العبادات

المعاملات

القرآن الكريم وعلومه : علوم القرآن : تاريخ القرآن : التحريف ونفيه عن القرآن :

مخالفات علمية : وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِلشَّيَاطِينِ

المؤلف:  محمد هادي معرفة

المصدر:  شبهات وردود حول القرآن الكريم

الجزء والصفحة:  ص322 -328 .

17-10-2014

3189

يبدو من ظاهر تعبير آيات قرآنيّة أنّ النجوم جُعلت شُهُباً يُرمى بها الشياطين ، قال تعالى : {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} [الملك: 5] .

وقال { إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} [الصافات: 6 - 10] .

وقال سبحانه: { وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا } [الجن: 8، 9].

وقال عزّ مَن قائل : {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ} [الحجر: 16 - 18].

غير خفيّ أنّ الشُهُب والنيازك إنّما تَحدث في الغلاف الغازي ( الهواء ) المحيط بالأرض ؛ وقايةً لها ، وقُدّر سُمكُه بأكثر من ثلاثمِئة كيلومتر ، وذلك على أثر سقوط أحجار هي أشلاء متناثرة في الفضاء المتبقّية من كواكب اندثرت تعوم عبر الفضاء ، فإذا ما اقتربت من الأرض انجذبت إليها بسرعة هائلة ما بين 50 و 60 كيلومتراً في الثانية ، تخترق الهواء المحيط بالأرض ، ولاحتكاكها الشديد بالهواء من جهةٍ ولتأثير الغازات الهوائيّة من جهةٍ أخرى تَحترق وتلتهب شعلة نار ، لتتحوّل إلى ذرّات عالقة في الهواء مُكوّناً منها الغُبار الكوني ، وهي في حال انقضاضها ـ وهي تشتعل ناراً ـ تُرى بصورة نجمة وهّاجة ذات ذَنب مستطيل تُدعى الشُهُب والنيازك .

فليست الشُهُب سِوى أحجار مُلتهبة في الهواء المحيط بالأرض ، قريبة منها ! فما وجه فَرضها نُجوماً في السماء يُرجم بها الشياطين الصاعدة إلى الملأ الأعلى ؟!

لكن يجب أنْ نعلم قبل كلّ شيء أنّ التعابير القرآنيّة ـ وهي آخذة في الحديث عن كائنات ما وراء المادّة ـ ليس ينبغي الأخذ بظاهرها اللفظي ؛ حيث الأفهام تقصر عن إدراك ما يفوق مستواها المادّي المحدود، والألفاظ أيضاً تضيق عن الإدلاء بتلك المفاهيم الرقيقة البعيدة عن متناول الحسّ .

وبتعبير اصطلاحي : إنّ الأفهام وكذا الألفاظ محدودة في إطار المادّة الكثيفة ، فلا تَنال المجرّدات الرقيقة .

وعليه ، فكلّ تعبير جاء بهذا الشأن إنّما هو مجاز واستعارة وتمثيل بِلا ريب .

فلا تَحسب مِن الملأ الأعلى عالَماً يشبه عالَمَنا الأسفل ، سوى أنّه واقع في مكان فوق أجواء الفضاء ؛ لأنّه تصوّر مادّي عن أمرٍ هو يفوق المادةّ ومُتجرّد عنها ، وعليه ، فَقِس كلّ ما جاء في أمثال هذه التعابير.

فلا تتصوّر من الشياطين أجساماً على مثال الأناسي والطيور ، ولا رَجمها بمِثل رمي النُشّاب إليها ، ولا مُرودها بمثل نفور الوحش ، ولا استماعها في محاولة الصعود إلى الملأ الأعلى بالسارق المتسلّق على الحيطان ، ولا قذفها بمثل قذف القنابل والبندقيات ، ولا الحرس الذين ملئوا السماء بالجنود المتصاكّة في القِلاع ، ولا رصدها بالكمين لها على غِرار ميادين القتال ... إذ كلّ ذلك تشبيه وتمثيل وتقريب في التعبير لأمرٍ غير محسوس إلى الحسّ لغرض التفهيم ، فهو تقريبٌ ذهني، أمّا الحقيقة فالبون شاسع والشُقّة واسعة والمسافة بينهما بعيدة غاية البُعد.

قال العلاّمة الطباطبائي : إنّ هذه التعابير في كلامه تعالى من قبيل الأمثال المضروبة ؛ ليُتصوّر بها الأمور الخارجة عن محدودة الحسّ في صور المحسوسات للتقريب إلى الأذهان ، وهو القائل عزّ وجلّ : {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت: 43] ( أي لا يتعقّلها ولا يعرف مغزاها إلاّ مَن عَرف أنها أمثال ظاهريّة ضُربت للتقريب محضاً ) .

قال : وأمثال هذه التعابير كثير في القرآن كالحديث عن العرش والكرسي واللوح والكتاب وغيرها .

قال : وعلى هذا ، فيكون المُراد من السماء التي مَلأَتْها الملائكة : عالَماً ملكوتيّاً هو أعلا مرتبة من العالم المشهود ، على مِثال اعتلاء السماء الدنيا من الأرض ، والمُراد من اقتراب الشياطين إليها واستراق السمع والقذف بالشُهب : اقترابهم من عالم الملائكة لغرض ؛ الاطّلاع على أسرار الملكوت ، وثَمّ طردهم بما لا يَطيقون تَحمّله مِن قذائف النور ، أو محاولتهم لتلبيس الحقّ الظاهر ، وثَمّ دحرهم ليعودوا خائبينَ (1) {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} [الأنبياء: 18] .

والآيات من سورة الجنّ لعلّها إشارة إلى هذا المعنى ، حيث هي ناظرة إلى بعثة نبيّ الإسلام ، وقد أَيسَ الشيطان من أنْ يُعبد وعلا نفيره .

قال الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( ولقد سمعتُ رنّةَ الشيطان حين نَزل الوحي عليه ( صلّى الله عليه وآله ) فقلتُ : يا رسولَ الله ، ما هذه الرنّة ؟ فقال : هذا الشيطان قد أيسَ من عبادته ) (2) .

يقول تعالى في سورة الجنّ : {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} [الجن: 1]  ـ إلى قوله : ـ {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا} [الجن: 8، 9] ، فهي حكاية عن حالٍ حاضرة وَجَدَتها الجنّ حينما بُعث نبيّ الإسلام .

وبهذا يشير قوله تعالى : {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر: 9] ، وقوله : {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [الفتح: 28].

نعم، كانت تلك بُغية إبليس أنْ يتلاعب بوحي السماء ولكن في خيبة آيسة : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى ( ظهور شريعته ) الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الحج: 52] ، أي حاول إبليس الحؤول دون بلوغ أُمنيّة الأنبياء ، فكان يَندحر ويَغلب الحقّ الباطل وتَفشل دسائسه في نهاية المطاف .

أمّا عند ظهور الإسلام فقد خاب هو وجنوده منذ بدء الأمر وخَسِر هنالك المُبطلون .

قال الإمام الصادق (عليه السلام) : ( فلمّا وُلد رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) حُجِب ( إبليس ) عن السبع السماوات ورُميت الشياطين بالنجوم ... ) (3) .

وفي حديث الرضا عن أبيه الكاظم عن أبيه الصادق ( عليهم السلام ) في جواب مُساءَلة اليهود : ( أنّ الجنّ كانوا يَسترقون السمعَ قَبل مَبعث النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) فمُنِعت مِن أوان رسالته بالرجوم وانقضاض النجوم وبُطلان ( عمل ) الكَهَنة والسحرة ) (4) .

وهكذا حاول الشيخ الطنطاوي تأويل ظواهر التعابير الواردة في هذه الآيات إلى إرادة التمثيل ، قال ـ ما مُلخّصه ـ : إنّ العلوم التي عَرفها الناس تُراد لأَمرَين : إمّا لمعرفة الحقائق لإكمال العقول ، أو لنظام المعايش والصناعات لتربية الجسم ، وإلى الأَوّل أشار بقوله تعالى : {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا} [الحجر: 16] ، وإلى الثاني قوله : {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ} [الحجر: 20] و [الأعراف: 10] ، وكلّ مَن خالف هاتَين الطريقتَين فهو على أحد حالَين : إمّا أنْ يُريد ابتزاز أموال الناس بالاستعلاء بلا فائدة ، وإمّا أنْ يُريد الصيت والشُهرة وكسب الجاه ، وكلاهما لا نفع في عِلمه ولا فضل له .

فمَن طلب العِلم أو أكثر في الذِكر ؛ ليكون عالةً على الأُمّة فهو داخلٌ في نوع الشيطان الرجيم ، مرجوم مُبعدٌ عن إدراك الحقائق ومُعذّبٌ بالذّل والهوان ، وهذا مِثال قوله تعالى : {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى} ( فلا يعرفون حقائق الأشياء ) {وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا} [الصافات: 6 - 9]  بما رُكّب فيهم من الشهوات وما اُبتلوا من العاهات ( وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ ) أي في أَمل متواصل مُلازم لهم مدى الحياة ، فلو حاول أنْ يَخطِف خَطفة من الحقائق حالت دون بلوغه لها الأميال الباطلة {فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} [الصافات: 10] (5).

نعم {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ } [الأعراف: 40] ، ولا شكّ أنّها كناية عن حرمانهم العناية الربّانيّة المُفاضة مِن مَلكوت أعلى ، الأمر الذي أُنعِمَ به الرّبانيّون في هذه الحياة : {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ} [فصلت: 30] ، فملائكة الرَحمة تَهبط إليهم وهم في مواضعهم آمنون مستقرّون سائرون في طريقهم صُعُداً إلى قمّة الكمال .

وكذلك قوله تعالى : {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} [إبراهيم: 24] ، أي آخذ في الصعود إلى سماء العزّ والشرف والسعادة . {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10] ، فما هذا الصعود وهذا الرفع ؛ إلاّ ترفيعاً في مدارج الكمال .

وهكذا جاء التعبير بفتح أبواب السماء كنايةً عن هطول المطر {فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ} [القمر: 11] ، وأمثال هذا التعبير في القرآن كثير(6) ، والجميع مَجاز وليس على الحقيقة سواء في المعنويّات أم الماديّات ، فلو كان عيباً لعَابَه العرب أصحاب اللغة العَرباء في الجزيرة ، لا أرباب اللغة العجماء من وراء البحار.

وأمّا النجوم التي يُرجم بها الشياطين ( أبالسة الجنّ والإنس ) فهم العلماء الربّانيّون المتلألئون في أُفق السماء ، يقومون في وجه أهل الزيغ والباطل فيَرجموهم بقذائف الحُجج الدامغة ودلائل البيّنات الباهرة ، ويَرمونهم من كلّ جانب دحوراً .

فسماء المعرفة مُلئت حرساً شديداً وشُهُباً . قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : ( يَحمل هذا الدِّين في كلِّ قَرن عدولٌ يَنفون عنه تأويل المُبطلينَ وتحريف الغالينَ وانتحال الجاهلين... ) (7) .

وقد أطلق النُجوم على أئمة الهُدى ومصابيح الدُجى من آل بيت الرسول ( عليهم السلام ) فقد روى عليّ بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى : {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الأنعام: 97] قال : النُجوم آل مُحمّد ( صلّى الله عليه وآله ) (8) .

وفي حديث سلمان الفارسي رضوان الله عليه قال : خَطَبنا رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) فقال : ( مَعاشرَ الناسِ ، إنّي راحل عنكم عن قريب ومُنطلق إلى المَغيب ، أُوصيكم في عترتي خيراً وإيّاكم والبِدع ، فإنّ كلّ بِدعةٍ ضلالة وكلّ ضلالة وأهلها في النار ، معاشرَ الناسِ ، مَن افتقدَ الشمس فليتمسّك بالقمر ، ومَن افتقدَ القمر فليتمسّك بالفرقَدَين ، ومَن افتقدَ الفرقَدَين فليَتمسّك بالنجوم الزاهرة بعدي ، أقول قولي واستغفر اللّه لي ولكم ) .

قال سلمان : فتَبِعتُه وقد دَخل بيت عائشة وسألتُه عن تفسير كلامه فقال ـ ما ملخّصه ـ : ( أنا الشمس وعليٌّ القمر ، والفرقَدان الحسن والحسين ، وأمّا النجوم الزاهرة فالأئمة مِن وُلد الحسين واحداً بعد واحد... ) (9) ( كلّما غابَ نجمٌ طلعَ نجمٌ إلى يوم القيامة ) كما في حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس رحمة اللّه عليهما قاله في شأن أهل البيت ( عليهم السلام ) (10) .

وفي حديث أبي ذر رضوان اللّه عليه التعبير عنهم بـ ( النُجُوم الهادية ) (11) وأمثال ذلك كثير .

______________________________

(1) تفسير الميزان ، ج 17 ، ص 130 نقلاً مع تصرّفٍ يسير .

(2) نهج البلاغة ، الخطبة القاصعة ، ص 301 .

(3) الأمالي للصدوق ، ص 253 ، المجلس 48 ، وبحار الأنوار، ج 15 ، ص 257 .

(4) بحار الأنوار ، ج 17 ، ص 226 عن قرب الإسناد للحميري ، ص 133 .

(5) الصافّات 37 : 6 ـ 10 . راجع : تفسير الجواهر ، ج 8 ، ص 13 ، وج 18 ، ص 10 .

(6) الأنعام 6 : 44 ، الأعراف 7 : 96 ، الحجر 15 : 14 ، النبأ 78 : 19 .

(7) بحار الأنوار ، ج2 ، ص93 ، رقم 22 من كتاب العلم .

(8) تفسير القميّ ، ج1 ، ص211 .

(9) بحار الأنوار ، ج36 ، ص 289 ، عن كتاب كفاية الأثر للخزّار الرازي ، باب ما جاء عن سلمان في النصّ على الأئمة الاثني عشر ، ص293 .

(10) بحار الأنوار ، ج40 ، ص203 عن جامع الأخبار للصدوق ، ص15 .

(11) راجع : بحار الأنوار ، ج28 ، ص275 .

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي