الفضائل
الاخلاص والتوكل
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
الإيثار و الجود و السخاء و الكرم والضيافة
الايمان واليقين والحب الالهي
التفكر والعلم والعمل
التوبة والمحاسبة ومجاهدة النفس
الحب والالفة والتاخي والمداراة
الحلم والرفق والعفو
الخوف والرجاء والحياء وحسن الظن
الزهد والتواضع و الرضا والقناعة وقصر الامل
الشجاعة و الغيرة
الشكر والصبر والفقر
الصدق
العفة والورع و التقوى
الكتمان وكظم الغيظ وحفظ اللسان
بر الوالدين وصلة الرحم
حسن الخلق و الكمال
السلام
العدل و المساواة
اداء الامانة
قضاء الحاجة
فضائل عامة
آداب
اداب النية وآثارها
آداب الصلاة
آداب الصوم و الزكاة و الصدقة
آداب الحج و العمرة و الزيارة
آداب العلم والعبادة
آداب الطعام والشراب
آداب الدعاء
اداب عامة
حقوق
الرذائل وعلاجاتها
الجهل و الذنوب والغفلة
الحسد والطمع والشره
البخل والحرص والخوف وطول الامل
الغيبة و النميمة والبهتان والسباب
الغضب و الحقد والعصبية والقسوة
العجب والتكبر والغرور
الكذب و الرياء واللسان
حب الدنيا والرئاسة والمال
العقوق وقطيعة الرحم ومعاداة المؤمنين
سوء الخلق والظن
الظلم والبغي و الغدر
السخرية والمزاح والشماتة
رذائل عامة
علاج الرذائل
علاج البخل والحرص والغيبة والكذب
علاج التكبر والرياء وسوء الخلق
علاج العجب
علاج الغضب والحسد والشره
علاجات رذائل عامة
أخلاقيات عامة
أدعية وأذكار
صلوات و زيارات
قصص أخلاقية
قصص من حياة النبي (صلى الله عليه واله)
قصص من حياة الائمة المعصومين(عليهم السلام) واصحابهم
قصص من حياة امير المؤمنين(عليه السلام)
قصص من حياة الصحابة والتابعين
قصص من حياة العلماء
قصص اخلاقية عامة
إضاءات أخلاقية
علائم محبة اللّه
المؤلف: محمد مهدي النراقي
المصدر: جامع السعادات
الجزء والصفحة: ج3 , ص174-179
19-7-2016
2149
محبة العبد للّه - سبحانه- له علامات : الأولى - أن يحب لقاءه بطريق المشاهدة و العيان في دار السّلام ، و لتوقفه على الموت يحب الموت و يتمنيه ، إذ كل من يحب شيئا يحب لقاءه و وصله و إذا علم أنه يمتنع الوصول إليه إلا بالارتحال من الدنيا بالموت لاحب الموت لا محالة ، و كيف يثقل على المحب أن يسافر من وطنه إلى مستقر محبوبه ليتنعم بمشاهدته ، و لذا قال (حذيفة) عند موته : «حبيب جاء على فاقة ، لا أفلح اليوم من ندم».
قال بعض الأكابر : «لا يكره الموت إلا مريب ، لان الحبيب لا يكره لقاء الحبيب على كل حال».
ثم من يكره الموت ، فان كانت كراهته له لحب الدنيا و التأسف على فراق الأهل و الاولاد و الأموال ، و كان حبه للدنيا و تأسفه على مفارقتها في غاية الكمال ، بحيث لم يحب الموت و لم يسر قلبه أصلا بما يترتب عليه من لقاء اللّه - تعالى- ، و لم يجد في قلبه شوقا إليه مطلقا ، فلا ريب في كون مثل هذه الكراهة منافيا لاصل الحب ، و لو لم يكن حبه للدنيا في غاية الكمال بحيث لم يجد في قلبه ميلا إلى ما يترتب على الموت من لقاء اللّه ، بل كان محبا للدنيا إلا أنه كان له شوق إلى لقاء اللّه - تعالى- أيضا ، او كان لذلك كراهته للموت ضعيفة ، فمثل هذا الحب للدنيا ينافي كمال حب اللّه ، لان الحب الكامل هو الذي يستغرق كل القلب ، و لا يبعد أن تكون معه شائبة ضعيفة من حب اللّه ، فان الناس متفاوتون في حب اللّه ، فمنهم من يحبه بكل قلبه ، و منهم من لا يحبه بكل قلبه ، بل يحب معه غيره أيضا من الأهل و الولد و المال ، فلا جرم يكون فرحه بلقاء اللّه عند القدوم عليه على قدر حبه و كراهته لفراق الدنيا عند الموت على قدر حبه لها ، وإن كانت كراهته للموت لأجل إرادته الاستعداد و التهيؤ للقاء اللّه ، و مشاهدته بتحصيل زيادة العلم و العمل ، لا لحب الأهل و المال ، و لا للتأسف على فراق الدنيا ، فهو لا يدل ضعف الحب و لا ينافي أصله ، و هو كالمحب الذي وصل إليه خبر قدوم حبيبه ، فأحب أن يتأخر قدومه ساعة ليعمر داره و يفرشها و يهيء أسبابها ، ليلقاه فارغ القلب عن الشواغل ، و علامة ذلك : الجد في العمل ، و استغراق الهم في تحصيل المعرفة ، والاستعداد للآخرة الثانية أن يؤثر مراد اللّه - سبحانه- على مراده ، إذ المحب لا يخالف هوى محبوبه لهوى نفسه ، كما قيل :
أريد وصاله و يريد هجرى فاترك ما أريد لما يريد
فمن كان محبا للّه ، يمتثل أوامره و يجتنب نواهيه ، و يحترز عن اتباع الشهوات ، و يدع الكسالة و البطالة ، و لا يزال مواظبا على طاعته و انقياده ، و يكون مبتهجا متنعما بالطاعة و لا يشغلها ، و يسقط عنه تعبها ، و قد روى : «أن زليخا لما آمنت ، و تزوج بها يوسف (عليه السلام)، انفردت عنه ، و تخلت للعبادة ، و انقطعت إلى اللّه - تعالى-، و كان يوسف يدعوها إلى فراشه نهارا فتدافعه إلى الليل ، و إذا دعاها ليلا سوفت إلى النهار، فعاتبها في ذلك ، فقالت : يا رسول اللّه! إنما كنت أحبك قبل أن أعرف ربك ، فاما إذ عرفته فلا أؤثر على محبته محبة من سواه ، و ما أريد به بدلا».
ثم الحق أن العصيان يضاد كمال المحبة لا أصلها ، و لذا قد يأكل الرجل المريض ما يضره و يزيد في مرضه مع أنه يحب نفسه ، و يحب صحته ، و السبب ضعف المعرفة ، وغلبة الشهوة فيعجز عن القيام بحق المحبة.
الثالثة - ألا يغفل عن ذكر اللّه - سبحانه- ، بل يكون دائما مستهترا بذكره ، إذ من أحب شيئا أكثر ضرورة ذكره و ذكر ما يتعلق به ، فمحب اللّه لا يخلو عن ذكر اللّه و ذكر رسوله و ذكر القرآن و تلاوته ، لانه كلامه ، و يكون محبا للخلوة ليتفرد بذكره و بمناجاته ، و يكون له كمال الانس و الالتذاذ بمناجاته ، و في اخبار داود : «كذب من ادعى محبتي و إذا جنه الليل نام عني أليس كل محب يحب لقاء حبيبه؟ , فها أنا ذا موجود لمن طلبني».
الرابعة - ألا يحزن و لا يتألم عن فقد شيء ، و لا يفرح بوجود شيء ، سوى ما يقرّبه إلى اللّه او يبعده عنه : فلا ينبغي ان يحزن و يجزع في المصائب و لا يسر بنيل المقاصد الدنيوية ، و لا يتأسف على ما يفوته إلا على ما فات منه من طاعة مقربة إلى محبوبه ، او على صدور معصية مبعدة ، او على ساعة خلت عن ذكر اللّه و الانس به.
الخامسة - أن يكون مشفقا رءوفا على عباد اللّه ، رحيما على أوليائه ، و شديدا على اعداء اللّه كارها لمن يخالفه و يعصيه ، إذ مقتضى الحب الشفقة و المحبة لأحباء المحبوب و المنسوبين إليه ، و البغض لأعدائه و مخالفيه.
السادسة - أن يكون في حبه خائفا متذللا تحت سلطان العظمة و الجلال ، و ليس الخوف مضادا للحب ، كما ظن ، إذ ادراك العظمة يوجب الهيبة ، و ادراك الجمال يوجب الحب ، و لخصوص المحبين خوف الاعراض ، و خوف الحجاب ، و خوف الابعاد ، و خوف الوقوف ، و سلب المزيد.
وقال بعض العرفاء : «من عبد اللّه بمحض المحبة من غير خوف هلك بالبسط و الإدلال ، و من عبده من طريق الخوف من غير محبة انقطع عنه بالبعد والاستيحاش ، و من عبده من طريقهما أحبه اللّه ، فقربه و مكنه و علمه».
السابعة - كتمان الحب و الشوق من إظهاره و من إظهار الوجد و اجتناب الدعوى ، تعظيما للمحبوب و اجلالا له ، و هيبة منه و غيرة على سره ، فان الحب سر من أسرار المحبوب ، فلا ينبغي افشاؤه ، و لأنه ربما يدخل في الدعوى ما يجاوز حد الواقع ، فيكون من الافتراء ، و تعظم به العقوبة في العقبى و البلية في الدنيا .
نعم ، ربما غشيته سكرة في حبه ، حتى يدهش فيها ، و تضطرب أحواله ، فيظهر عليه حبه من دون اختيار و تمحل , فمثله معذور، لأنه تحت سلطان المحبة مقهور، و من عرف أن حصول حقيقة المعرفة و المحبة التي تنبغى أن تكون في حق اللّه يستحيل أن يحصل لأحد ، و أن يطلع على ما اعترف عظماء الإنسان - أعنى الأنبياء و الأولياء - من العجز و القصور، و ان صنفا واحدا من الأصناف الغير المتناهية من ملائكته ملائكة بعدد جميع ما خلق اللّه من شيء ، هم أهل المحبة للّه ، ما خطر على قلوبهم مذ خلقهم اللّه - و هو ثلاث مائة ألف سنة قبل خلق العالم سوى اللّه - سبحانه-، و ما ذكروا غيره ، لاستحيى منه حق الحياء أن يعدّ ما عليه من المعرفة و المحبة معرفة و محبة ، و خرس لسانه عن التظاهر بالدعوى.
و روى في بعض الأخبار : «ان بعض أهل اللّه سأل بعض الصديقين أن يسأل اللّه - تعالى- أن يعطيه ذرة من معرفته ، ففعل ذلك ، فحار عقله ، و ذهل لبه ، و وله قلبه ، و هام في الجبال و بقى شاخصا سبعة ايام ، لا ينتفع بشيء و لا ينتفع به شيء ، فسأل له الصديق ربه أن ينقص بعض الذرة من المعرفة التي أعطاه ، فأوحى اللّه - تعالى- اليه : (إنا اعطيناه جزءا من مائة ألف جزء من ذرة من المعرفة ، و ذلك ان مائة ألف عبد سألونى شيئا من المحبة في الوقت الذي سألنى هذا ، فأخرت اجابتهم إلى أن شفعت أنت لهذا ، فلما أجبتك فيما سألت أعطيتهم كما اعطيته ، فقسمت ذرة من المعرفة بين مائة ألف عبد ، فهذا ما أصابه من ذلك).
فقال : سبحانك سبحانك! أقتصه مما أعطيته ، فأذهب اللّه عنه جملة ما أعطاه ، و أبقى فيه عشر معشاره و هو جزء من عشرة آلاف جزء من مائه ألف جزء من ذرة ، فاعتدل خوفه و حبه و رجاؤه ، و سكن ، و صار كسائر الكمل من العارفين» .
والحق ان حقائق الصفات الإلهية أجل و أعظم من ادراك العقول البشرية ، ولا تطيق أحد من الكمل أن يتحمل لفهم جزء من الأجزاء الغير المتناهية منها ، فالوصول إلى ما عليه الحضرة الربوبية من العظمة و الجلال و سائر صفات الكمال في حين المحال ، (و ما قيل أو يقال فيه) وهم أو خيال ، فاين يحصل لأحد ما يليق به من المعرفة و المخبة؟ , فلو امكن ان تدخل أمثال هذه العوالم المخلوقة من السماوات و الأرضين و ما فوقهما و اضعافهما بقدر غير متناه في جوف خردلة ، لامكن أن تدخل في أعظم العقول ذرة من عظمته و جلاله ، و غاية المعرفة ان يعرف عظمته وقدرته وجلاله وعزته و سائر اوصافه الكمالية بأمثال هذه العنوانات و التمثيلات وهي أيضا لو ضوعفت إلى غير النهاية في ازمنة غير متناهية ، لكانت بيانات قاصرة ، بل و همية خيالية ، فسبحان من لا سبيل إلى معرفته إلا بالعجز عن معرفته! و من علامات المحبة الانس و الرضا.
وقد جمع بعض العارفين علامات المحب في أبيات ، فقال :
لاتخدعنَ فللمحب دلائل ولديه من تحف الحبيب وسائل
منها تنعمه بمر بلائه وسروره في كل ما هو فاعل
فالمنع منه عطية مقبولة والفقر إكرام و بر عاجل
و من الدلائل ان ترى من عزمه طوع الحبيب و ان ألح العاذل
و من الدلائل ان يرى متبسما و القلب فيه من الحبيب بلابل
و من الدلائل ان يرى متفهما لكلام من يحظى لديه سائل
و من الدلائل ان يرى متقشفا متحفظا عن كل ما هو قائل
و من الدلائل ان تراه مشمرا في خرقتين على شطوط الساحل
و من الدلائل حزنه و نحيبه خوف الظلام فما له من عاذل
و من الدلائل ان تراه باكيا ان قد رآه على قبيح فاعل
و من الدلائل أن تراه راضيا بمليكه في كل حكم نازل
و من الدلائل زهده فيما ترى من دار ذل و النعيم الزائل
و من الدلائل ان تراه مسلما كل الأمور إلى المليك العادل
و من الدلائل ضحكه بين الورى و القلب محزون كقلب الثاكل
و من الدلائل أن تراه مسافرا نحو الجهاد و كل فعل فاضل.