الفضائل
الاخلاص والتوكل
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
الإيثار و الجود و السخاء و الكرم والضيافة
الايمان واليقين والحب الالهي
التفكر والعلم والعمل
التوبة والمحاسبة ومجاهدة النفس
الحب والالفة والتاخي والمداراة
الحلم والرفق والعفو
الخوف والرجاء والحياء وحسن الظن
الزهد والتواضع و الرضا والقناعة وقصر الامل
الشجاعة و الغيرة
الشكر والصبر والفقر
الصدق
العفة والورع و التقوى
الكتمان وكظم الغيظ وحفظ اللسان
بر الوالدين وصلة الرحم
حسن الخلق و الكمال
السلام
العدل و المساواة
اداء الامانة
قضاء الحاجة
فضائل عامة
آداب
اداب النية وآثارها
آداب الصلاة
آداب الصوم و الزكاة و الصدقة
آداب الحج و العمرة و الزيارة
آداب العلم والعبادة
آداب الطعام والشراب
آداب الدعاء
اداب عامة
حقوق
الرذائل وعلاجاتها
الجهل و الذنوب والغفلة
الحسد والطمع والشره
البخل والحرص والخوف وطول الامل
الغيبة و النميمة والبهتان والسباب
الغضب و الحقد والعصبية والقسوة
العجب والتكبر والغرور
الكذب و الرياء واللسان
حب الدنيا والرئاسة والمال
العقوق وقطيعة الرحم ومعاداة المؤمنين
سوء الخلق والظن
الظلم والبغي و الغدر
السخرية والمزاح والشماتة
رذائل عامة
علاج الرذائل
علاج البخل والحرص والغيبة والكذب
علاج التكبر والرياء وسوء الخلق
علاج العجب
علاج الغضب والحسد والشره
علاجات رذائل عامة
أخلاقيات عامة
أدعية وأذكار
صلوات و زيارات
قصص أخلاقية
قصص من حياة النبي (صلى الله عليه واله)
قصص من حياة الائمة المعصومين(عليهم السلام) واصحابهم
قصص من حياة امير المؤمنين(عليه السلام)
قصص من حياة الصحابة والتابعين
قصص من حياة العلماء
قصص اخلاقية عامة
إضاءات أخلاقية
أقسام الصدق
المؤلف: محمد مهدي النراقي
المصدر: جامع السعادات
الجزء والصفحة: ج2 , ص345-349
18-8-2016
2431
الصدق كالكذب له أنواع ستة : الأول- الصدق في القول ، وهو الاخبار عن الأشياء على ما هي عليه ، و كمال هذا النوع بترك المعاريض من دون ضرورة ، حذرا من تفهيم الخلاف و كسب القلب صورة كاذبة ، و رعاية معناه في الفاظه التي يناجي بها اللّه سبحانه ، فمن قال : «وجهت وجهي للذي فطر السماوات و الأرض» و في قلبه سواه ، أو قال : «إياك نعبد» وهو يعبد الدنيا بتقيد قلبه بها ، إذ كل من تقيد قلبه بشيء فهو عبد له ، كما دلت عليه الاخبار، فهو كاذب.
الثاني - الصدق في النية و الارادة ، ويرجع ذلك إلى الإخلاص ، وهو تمحيص النية و تخليصها للّه ، بألا يكون له باعث في طاعاته ، بل في جميع حركاته و سكناته ، إلا اللّه.
فالشوب يبطله و يكذب صاحبه.
الثالث - الصدق في العزم ، أي الجزم على الخير: فان الإنسان قد يقدم العزم على العمل ، و يقول في نفسه: إن رزقني اللّه كذا تصدقت منه كذا ، و إن خلصني اللّه من تلك البلية فعلت كذا. فان كان في باطنه جازما على هذا العزم ، مصمما على العمل بمقتضاه ، فعزمه صادق ، و إن كان في عزمه نوع ميل و ضعف و تردد ، كان عزمه كاذبا ، إذ التردد في العزيمة يضاد الصدق فيها ، و كان الصدق هنا بمعنى القوة و التماميه ، كما يقال : لفلان شهوة صادقة ، أي قوة تامة ، أو شهوة كاذبة ، أي ناقصة ضعيفة.
الرابع - الصدق في الوفاء بالعزم : فان النفس قد تسخو بالعزم في الحال ، إذ لا مشقة في الوعد فإذا حان حين العمل بمقتضاه ، هاجت الشهوات و تعارضت مع باعث الدين ، و ربما غلبته بحيث انحلت العزيمة و لم يتفق الوفاء بمتعلق الوعد ، و هذا يضاد الصدق فيه ، و لذلك قال اللّه سبحانه : {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب : 23].
الخامس - الصدق في الاعمال : وهو تطابق الباطن و الظاهر و استواء السريرة و العلانية ، أو كون الباطن خيرا من الظاهر، بألا تدل أعماله الظاهرة على أمر في باطنه لا يتصف هو به لا بأن يترك الاعمال ، بل بأن يستجر الباطن إلى تصديق الظاهر.
وهذا أعلى مراتب الإخلاص ، لإمكان تحقق نوع من الإخلاص بما دون ذلك ، وهو أن يخالف الباطن الظاهر من دون قصد ، فان ذلك ليس رياء فلا يمتنع صدق اسم الإخلاص عليه.
توضيح ذلك : أن الرياء هو أن تقصد غير اللّه سبحانه في الاعمال و قد تصدر عن انسان اعمال ظاهرة تدل على أنه صاحب فضيلة باطنة ، من التوجه إلى اللّه و الانس به ، أو السكينة و الوقار، أو التسليم و الرضا و غير ذلك , مع أنه فاقد لها ، لحصول الغلبة المانعة عن تحققها أو اتفاق صدور الاعمال الظاهرة بهذه الهيئة من دون أن يقصد بها مشاهدة غيره سبحانه ، فهذا غير صادق في عمله ، كاذب في دلالة الظاهر على الباطن و إن لم يكن مرائيا ولا ملتفتا إلى الخلق ، فأذن مخالفة الظاهر للباطن ان كانت من قصد سميت رياء ، و يفوت بها الإخلاص ، و ان كانت من غير قصد سميت كذبا و يفوت بها الصدق ، وربما لم يفت بها بعض مراتب الإخلاص.
وهذا النوع من الصدق - اعني مساواة السر و العلانية أو كونه خيرا منها - أعز من الانواع السابقة عليه ، و لذلك كرر طلبه من اللّه سيد الرسل (صلى اللّه عليه و آله) في دعواته بقوله : «اللهم اجعل سريرتي خيرا من علانيتي ، و اجعل علانيتي صالحة» , و ورد : «أنه إذا ساوت سريرة المؤمن علانيته ، باهى اللّه به الملائكة ، يقول : هذا عبدي حقا!» , وكان بعض الأكابر يقول : «من يدلني على بكاء بالليل بسام بالنهار؟» , و لنعم ما قيل :
اذا السر و الاعلان في المؤمن استوى فقد عز في الدارين و استوجب الثنا
وان خالف الاعلان سرا فما له على سعيه فضل سوى الكد و العنا
كما خالص الدينار في السوق نافق و مغشوشة المردود لا يقتضي المنى
ومن جملة هذا الصدق : موافقة القول و الفعل ، فلا يقول ما لا يفعل و لا يأمر بما لا يعمل.
فمن وعظ و لم يتعظ في نفسه كان كاذبا , ومن هنا قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : «انى و اللّه ما احثكم على طاعة إلا و اسبقكم إليها ، و لا انهاكم عن معصية إلا و أتناهى قبلكم عنها».
السادس : الصدق في مقامات الدين : من الصبر، و الشكر، و التوكل و الحب ، و الرجاء ، و الخوف ، و الزهد ، و التعظيم ، و الرضا ، و التسليم ، و غير ذلك.
وهو أعلى درجات الصدق وأعزها ، فمن اتصف بحقائق هذه المقامات و لوازمها و آثارها و غاياتها فهو الصديق الحق ، و من كان له فيها مجرد ما يطلق عليه الاسم دون اتصافه بحقائقها وآثارها و غاياتها فهو كاذب فيها.
أما ترى أن من خاف سلطانا أو غيره كيف يصفر لونه و يتعذر عليه أكله و نومه و يتنغص عليه عيشه و يتفرق عليه فكره و ترتعد فرائصه و تتزلزل اركانه و جوانبه؟ , وقد ينزح عن وطنه و يفترق عن أهله و ولده ، فيستبدل بالأنس الوحشة ، و بالراحة التعب و المشقة فيعترض للأخطار و يختار مشقة الاسفار، كل ذلك من درك المحذور.
فمثل هذا الخوف هو الخوف الصادق المحقق , ثم إن من يدعى الخوف من اللّه أو من النار و لا يظهر عليه شيء من ذلك عند إرادة المعصية و صدورها عنه ، فخوفه خوف كاذب ، قال النبي (صلى اللّه عليه و آله) : «لم أر مثل النار نام هاربها ، و لم ار مثل الجنة نام طالبها».
ثم لا غاية لهذه المقدمات حتى يمكن لأحد أن ينال غايتها ، بل لكل عبد منها حظ بحسب حاله و مرتبته ، فمعرفة اللّه و تعظيمه و الخوف منه غير متناهية ، فلذلك لما رأى النبي (صلى اللّه عليه و آله) جبرئيل على صورته الاصلية ، خر مغشيا عليه ، و قال - بعد عودته إلى صورته الأولى و افاقته - «ما ظننت أحدا من خلق اللّه هكذا! قال له : فكيف لو رأيت إسرافيل إن العرش على كاهله ، وان رجليه قد مرقتا تخوم الأرضين السفلى ، وأنه ليتصاغر من عظمة اللّه حتى يصير كالوصع!» : أي كالعصفور الصغير وقال (صلى اللّه عليه و آله) : «مررت ليلة أسرى بي - أنا و جبرئيل - بالملإ الأعلى كالحلس البالي من خشية اللّه» : اي كالكساء الذي يلقى على ظهر البعير.
فانظر إلى اعاظم الملائكة و النبين ، كيف تصير حالهم من شدة الخشية و التعظيم ، وهذا انما هو لقوة معرفتهم بعظمة اللّه و جلاله ، و فوق ما لم يدركوه من عظمته و قدرته مراتب غير متناهية.
فاختلاف الناس في مراتب الخوف و التعظيم و الحب والانس إنما هو بحسب اختلافهم في معرفة اللّه ، و ليس يمكن أن يوجد من بلغ غايتها ، فاختلاف الناس إنما هو في القدر الذي يمكن أن يبلغ إليه ، و البلوغ إليه في الجميع أيضا نادر، فالصادق في جميع المقامات عزيز جدا.
ومن علامات هذا الصدق : كتمان المصائب و الطاعات جميعا ، و كراهة اطلاع الخلق عليها. وقد روى : «ان اللّه تعالى أوحى إلى موسى (عليه السلام) : إني إذا أحببت عبدا ابتليته ببلايا لا تقوى لها الجبال ، لأنظر كيف صدقه ، فان وجدته صابرا اتخذته وليا و حبيبا ، وان وجدته جزوعا يشكوني إلى خلقي خذلته و لم أبال» , وقال الصادق (عليه السلام) : «اذا أردت أن تعلم أصادق أنت أم كاذب ، فانظر في صدق معناك و عقد دعواك ، وعيرهما بقسطاس من اللّه عز و جل كأنك في القيامة ، قال عز و جل : {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ} [الأعراف: 8] .
فإذا اعتدل معناك بغور دعواك ثبت لك الصدق , و أدنى حد الصدق ألا يخالف اللسان القلب و لا القلب اللسان ، و مثل الصادق الموصوف بما ذكرنا كمثل النازع لروحه ، إن لم ينزع فما ذا يصنع» .