أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-4-2018
5865
التاريخ: 30-4-2018
1304
التاريخ: 21-4-2019
1574
التاريخ: 25-4-2018
602
|
ان التحاليل المنطقية المقدمة لم تأخذ بنظر الاعتبار ما ندعوه عادة بمعنى الجمل التي درسناها، بل تكتفي بفحص صحتها او خطأها، وشكلها المنطقي. يبدو من الطبيعي ان علينا ان نحاول توسيع اساليب التفاضل المنطقي لتشمل ايضا ما الذي تعنيه الجمل. احدى هذه المحاولات هي ما سمي بالدلالة الشكلية او الدلالة الاشتراطية الصحة (على الرغم من ان من سوء الحظ ان لفظة شكلي تستعمل بمعنى آخر، للإشارة الى اللغات الشكلية المجردة للمنطق).
ص226
وتشترك الدلالة الشكلية مع التفاضل المنطقي في تبني الافتراض القائل ان الجمل (او الفرضيات) هي صحيحة او مخطوءة، الا ان صحتها او خطأها، نسبية الى العالم (او العالم الممكن). اضافة الى هذا، فان هذا يعتبر مسألة معنى او دلالة، اذ ان معرفة معنى جملة ما، كما يزعم البعض، هي معرفة الظروف التي تكون فيها الجملة صحيحة. ولم يقترح احد على كل حال، ان هذه المسألة متشمل كل ما نعنيه عادة بالمعنى. ووضع لهذا السبب تمييز بين الدلالة والنفعية، بحيث ان ما يعامل فقط بموجب الصحة والخطأ (اشتراط الصحة) هو مسألة دلالة. وكل ما يتبقى، خاصة كل الاحكام التي يصدرها المتكلمون في قراراتهم حول ما يجب ان يقال ومتى يقال، هي مسائل نفعية.
ان نقطة البداية في الرأي القائل ان معرفة معنى جملة ما هي معرفة الظروف التي تكون فيها جملة ما صحيحة هي عموما تعريف تارسكي – " الجملة الصحيحة هي التي تقرر ان حالة الاشياء هي كذا وكذا، وان حالة الاشياء كذا وكذا " ويناقش هذا التعريف غالبا مع المثال:
الثلج ابيض اذا كان وفقط اذا كان الثلج ابيض. الواقع اذ تارسكي اقترح هذا اساسا لنظرية صحة، الا اذ من السهل ان نرى كيف يمكن تحويلها الى نظرية معنى. قد لا يبدو للوهلة الاولى في هذا الرأي من جديد. فمن الطبيعي ان الثلج ابيض اذا كان الثلج ابيض ! الا ان هذا اغفال لما هو مقصود هنا. لان هذا الرأي يصبح ذا قيمة فقط اذا ميزنا بوضوح بين الجملة التي نتكلم عنها (الممثلة هنا بأقواس اقتباس)، التي هي جزء من صلب اللغة وبين ما نقوله عنها، وهو جزء من ما وراء اللغة. وهكذا فنحن نزاوج شيئا من اللغة بمجموعة من الظروف في العالم، ولن يهم ما اذا ظهرت الكلمتان: الثلج، ابيض، في كلتيهما لان كلا منهما (اي صلب اللغة وما وراء اللغة، هي في هذه الحالة الانكليزية (او العربية). الا انه كان بإمكاننا بسهولة استعمال لغة اخرى بمثابة
ص227
ما وراء اللغة، او حتى مجموعة معادلات منطقية.
الاهم من هذا انه ستكون للتمرين قيمة محدودة.اذا اخذنا كل جملة شخصية وقررنا المجموعة الشخصية للظروف التي تكون صحيحة فيها. ان ما علينا عمله (كما هو الحال في الحقول الاخرى للسانيات) هو قصر المسألة على تحليل عدد صغير من الجمل البسيطة ذات الظروف البسيطة للصحة، ثم كتابة القوانين التي تفسر الجمل الاكثر تعقيدا في اللغة، ومجاميعها الاكثر تعقيدا لظروف الصحة. ولتوضيح ذلك ببساطة يمكن تحديد معنى: جون يحب ماري، بموجب الظرف الذي نميز فيه شخصين في العالم بأسم جون و ماري، وبوجود علاقة حب بينهما. ويمكن تقرير معنى الجملة الاكثر تعقيدا: هاري يعتقد ان جون يحب ماري، اولا بتبيان القوانين التي يمكن بواسطتها بناء هذه الجملة من جمل بسيطة وثانيا، بتوضيح كيفية قيام هذه القوانين بتحديد ظروف الصحة.
ان الفرضية في الفقرة الاخيرة هي اننا نستطيع ان نقرر ظروف الصحة بموجب الافراد و الاشياء والاحداث وحالات الامور، الخ، في العالم. الا ان هذا يعني التعامل معها بموجب توسيعاتها. اليس من الاسهل التعامل معها بموجب تكثيفاتها ؟ دعنا ننظر بصورة تجريبية، وبإيجاز(وربما ببعض السذاجة) في كيفية القيام بذلك.
في تعاملنا فقط مع تكثيفات وتوسيعات التعابير الاسمية مثل: العميد، و: الرجل الذي سرقه. ويمكن عفويا اعتبار التكثيفات مجموعة الخواص التي تتضمنها، والتوسيعات مجموعة الكيانات التي تشير اليها في العالم الفعل (او في عالم محتمل). فتكثيف " بقرة " هو الخاصية البقرية، وتوسيعها (في العالم الفعلي) هو مجموعة كل الابقار في العالم. وبشكل ادق، تعرف التكثيفات على انها: الوظائف من العوالم الممكنة الى التوسيعات، اي ان تكيف تعبير ما هو بالضبط ما يسمح لنا بالتقاط توسيع ذلك التعبير في اي عالم خارجي.
ص228
وينطبق هذا التمييز على الجمل ايضا، اذ يمكن رؤية توسيع جملة ما على انها حالة الامور، الخ، التي تشير اليها. ماذا يكون التكثيف اذن؟ الجواب المألوف هو " فرضية ". فكما ان علينا ان نزاوج تكثيف بقرة (اي بقري) بتوسيعها (كل الابقار في العالم) يتوجب علينا مزاوجة تكثيف جملة ما (الفرضية التي تعبر عنها) بجميع حالات امورها التي قد تشير اليها في اي عالم محتمل.
بوسعنا الأن ان نفكر بالعالم او بأي عالم محتمل يمكن ان يكون عالما تكثيفيا، كمجموعة فرضيات وليس حالة امور. ولهذا مزايا اقل وضوحا. اولا، انه يمكننا من تجنب الاستفسار عما يكون عليه عالم الخبرة فعلا - ما هي الكيانات فيه، وما هي حالات الامور، وبدلا من ذلك، لدينا ما هي اساسا اوصاف يمكننا مبدئيا على الاقل، ان نزاوجها بالعالم التوسيعي. ثانيا، يمكننا ان نحدد علاقات منطقية بين الفرضيات، وان نستفيد بشكل خاص من مفهومي " صحيح " و" خطأ " لان كل فرضية يمكن ان تكون صحيحة او مخطوءة، وان تعتبر اما ضمن او خارج ذلك العالم التكثيفي. فالفرضية التي تعبر عنها جملة: تستطيع الخنازير ان تطير، ليعت ضمن العالم الفعلي وليست صحيحة فيه، لكنها في العالم الخيالي (: اذا استطاعت الخنازير ان تطير.... الفرضيات على كل حال، مقررة عادة بموجب التحميل - للأشخاص والاحمال، كما هو مبين في المعادلة لجملة: الخنازير تطير. Aس ( خ "س " ← ط "س" ). حيث تحمل كل من خ (خنازير) و ط (تطير) للأفراد. وهذا ما سيلتقط في العالم التوسيعي الكيانات التي هي خنازير وتلك التي تطير، زائدا حقيقة ان المجموعة الثانية تتضمن الاولى.
وان مقولة بلغة فرضية ستحل غالبا بعض الابهامات الموجودة في اللغة الاعتيادية والتي لا يمكن حلها بأي تحليل قواعدي واضح. اننا نحتاج الى هذه الازالة للغموض قبل ان نحدد ظروف الصحة لمثل هذه الجمل. سوف نحتاج مثلا الى مجموعتين مختلفتين من ظروف الصحة
ص229
لجملة: كل واحد يحب شخصا ما. ولا يتبع على كل حال، اننا سنستعمل التفاضل الحملي التقليدي الصيغة. ان احدى مشاكله انه يهيء تحاليل مختلفة كليا لما تبدوانها ظواهر متشابهة. لكننا بحاجة الى نوع ما من اللغة غير المبهمة.
وسيكون لنموذج لغوي عبر هذه الخطوط خمسة مستويات او مكونات: (1) اللغة نفسها (2) الوصف القواعدي لتلك اللغة (3) اللغة غير المبهمة (المنطقية) (4) العالم التكثيفي للفرضيات (5) العالم التوسيعي. ومن اشهر انواع الدلالة التي تشترط الصحة هي قواعد مونتين. والمكونان لهذه القواعد هما: النحو والدلالة، لكنهما يتوافقان بشكل تقريبي مع (3) و (4). ويقول المكون النحوي شيئا قليلا نسبيا عن النحو بالمفهوم القواعدي الاعتيادي (على الرغم من انه يستخدم نموذجا وصفيا غالبا ما يستثمر في النحو القواعدي)، لكنه اساسا لغة غير مبهمة، وهو يحاول، اضافة الى ذلك، ان يعالج بطرق مشابهة بعض الجمل التي يعالجها المنطق الحملي بشكل مختلف كليا. نجد مثلا، بنيتين متشابهتين للجملتين: كل رجل يحب امرأة، و:جون يريد احادي القرن، مما يسمح بمدخل اسهل للدلالة المصاغة بموجبه ظروف الصحة المرتبطة بصيغ النحو.
ان كثيرا من الجهد في الدلالة الاشتراطية للصحة ذو طبيعة تقنية عالية، وقد يقال ان من غير الممكن تقويمها جيدا بدون عرض مفصل. غيرانه ستكون لدى اللساني شكوك جدية بشأن قيمتها له اذا اعتقد ان الدلالة يجب بالحد الادنى على الاقل، ان تخبره شيئا ما عن العلاقة بين لغته وعالم الخبرة. اضافة الى هذا، فانه قد يتوقع منها ان تخبره عن حالة الامور، وظروف الصحة، الخ. الا انه قد يصاب بخيبة امل. فبدءا، ستبدو فكرة عالم تكثيفي مؤلف من مجموعة فرضيات غير مشجعة الى حد ما، ان لم نر كيف يمكن بالضبط ربطها
ص230
بالعالم التوسيعي الحقيقي. ان تعريف التكثيف بموجب ها يسمح لنا بالتقاط التوسيعات يبدو بحاجة الى كل الاستيضاحات المهمة، لأننا نحتاج بالتأكيد الى فكرة واضحة عن كيف يكون العالم قبل ان نحاول اعطاءه وصفا تكثيفيا. الا انه قد يصاب بخيبة امل أكبر عندما يجد ان العالم التوسيعي للمنطق ايضا ليس حقا مشابها ابدا لعالمه الخبروي، لكنه اساس نظام مجرد آخر. فعلى الرغم من ان من المفيد كما يقول كارناب (1956) ان نتحدث عن التوسيعات والتكثيفات، وعن الاصناف والخواص، فإنها عمليا طريقتان مختلفتان للنظر الى الاشياء نفسها. بوسعنا، ان حاولنا، انتاج لغة محايدة تماما بين هاتين الطريقتين للحديث. ولكن ان عملنا ذلك، فإننا لن نترك دنيا اللغات الشكلية،ويبقى مفتوحا على مصراعيه السؤال المتعلق بأهمية الوصف التكثيفي او التوسيعي للغة الطبيعية او لعالم الخبرة. ثانيا، وكما لاحظنا اعلاه، ان اللغة ليست فقط، ولا اساسا، مسألة خبريات. مع ذلك فليس اكيدا ان بإمكان هذه اللغات الشكلية ان تتعامل جيدا مع الاسئلة والطلبيات. ثالثا، سواءا كان لدينا وصف تكثيفي بموجب المفاهيم الفردية وخواصها، او وصف توسيعي بموجب الافراد والاصناف التي ينتمون اليها، فان هذه طريقة غريبة الى حد ما للنظر الى اللغة والخبرة، لان الوصف الكامل سيكون بموجب العلاقات بين المجاميع، بين الاشياء الطائرة مثلا والخنازير(او المفاهيم التكثيفية التي تحوي الخواص ذات العلاقة). هن الضروري تهيئة مثل هذا التحليل حتى لجمل مثل: جون يمشي، جون يحب ماري، وحتى لـ: يأمل جون ان ماري ستكون غدا افضل.
ولا يعني هذا انه ليست ثمة قيمة في المناقشات، اذ ان مفهوم اللغة غير المبهمة مفيد مثل فائدة التمييز بين التكثيف والتوسيع في حل المشاكل التي ناقشناها. غير اذ الفائدة معدودة. فالمشكل في اللغات الشكلية هوانها
ص231
تستنبط رجاحتها هن ثباتها الداخلي وتناسقها وليس من انطباقيتها على المشاكل الحقيقية.
ص232
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|