أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-10-2016
2123
التاريخ: 25-10-2016
1900
التاريخ: 2023-07-24
1202
التاريخ: 24-10-2016
6844
|
خلفـــاء سرجون
ـ سنحاريب:
خلف سنحاريب أباه سرجون في عام 709 ق.م، وحكم إلى عام 681 ق.م. وقد وجه نشاطه الحربي بالدرجة الاولى إلى الجبهة الغربية (بلاد الشام) وبلاد بابل. اما في الجبهتين الشمالية والشرقية اللتين صرف فيهما أبوه جهوداً كبيرة فقد سادهما شيء من الهدوء والاستقرار النسبيين في عهد سنحاريب. فاقتصر الأمر على إرسال حملات حربية ليست كبيرة إلى جبال "زاجروس" وآسية الصغرى ولا سيما إقليم "كيليكية". وجاء ذلك اليونان، وبوجه خاص اليونان الأيونيين، لأول مرة في أخبار الدولة الآشوري في كتابات سنحاريب (1).
وظهرت في زمن سنحاريب أقوام جديدة اندفعت من الانحاء الجنوبية من روسية، وهم "الكميريون" (Cimmerians) الذين ورد ذكرهم في أخبار هذا الملك بهيئة "كميرايا" (Gimirrai). وقد عبرت هذه القبائل جبال القوقاس في نهاية القرن الثامن ق.م إلى آسية الغريبة وبلاد الأناضول. وفي بلاد فينيقية وفلسطين اظهرت جملة دويلات العصيان والثورة على السلطة الآشورية، وقد جاء في هذه المرة جيش مصري لمساعدتها، وكان من بينها مملكة "يهوذا" في عهد ملكها المسمى "حزقياً"، فبادر سنحاريب إلى ضرب هذه الدويلات في عام حكمه الرابع (701 ق.م). ولما ان تم له إخضاعها نصب بدلاً من الحكام والأمراء السابقين حكاماً جدداً. وضيق الخناق على مملكة يهوذا وحاصر عاصمتها أورشليم، وترك على حصارها كبير قواده الذي ذكر في التوراة باسم الـ "ابشاقة" (معناه كبير السقاة). وروت التوراة الحوار الطريف (2) الذي جرى بين اليهود المحاصرين وبين قادة الجيش الآشوري. وقد أبى الملك "حزقياً" الخضوع والاستسلام بتحريض النبي "اشعيا". ولا تعلم نتيجة الحصار بوجه اليقين، فتروي التوراة ان الجيش الآشوري حل فيه الوباء وفتك به، ولكن المرجح ان الجيش رفع الحصار عن أورشليم مقابل دفع جزية كبيرة من الفضة والذهب والنساء، من بينهن بنات الملك، كما جاء في حوليات سنحاريب (3).
ويبدو ان سنحاريب وضع الخطط وهو في فلسطين لغزو بلاد مصر، وشرع بالزحف في الطريق البري التأريخي من فلسطين حتى بلغ موضع العريش أو "رفح"، على بعد نحو (30) ميلاً شرقي القناة الآن ولكن هذه الحملة لم تحرز النجاح بسبب العواصف والزوابع الترابية التي حالت دون مواصلتها السير إلى داخل الأراضي المصرية، اما التوراة فتنسب إخفاء الحملة إلى التدخل الإلهي حيث إن "ملاك الرب خرج ليلاً وضرب مائة وثمانين ألف وخمسة آلاف". ويروي هيرودوتس رواية طريفة عن الموضوع إذ يعزو الإخفاق إلى أن حشوداً من الجرذان قضمت الجلود والحبال في سلاح الجيش، على أن المصادر الآشورية لم تذكر شيئاً عن ذلك الحدث.
وفي بلاد بابل اظهر سنحاريب القسوة البالغة إزاءها بسبب ظهور الثائر القديم مردوخ بلادان الذي ثار في عهد أبيه واستقل في بلاد بابل فترة طويلة على نحو ما مر بنا. فعاجله سنحاريب في العام 703 ق.م وقضى على جموعه، ولكنه استطاع الإفلات من الأسر. ونصب سنحاريب على بابل احد أتباعه من البابليين المسمى "بيل ــ انبي" الذي نشأ وترى في نينوى، على أن مردوخ ــ بلادان ظهر مرة اخرى من بعد ثلاث سنوات، ولكنه أخفق في مسعاه. وبعد ستة أعوام على هذه الأحداث صمم سنحاريب على غزو المدن العيلامية في سواحل الخليج، فجهز لهذا الغرض حملة بحرية وبرية ضخمة في عام 696 ق.م وطهر الأجزاء الجنوبية من الثوار من أنصار الثائر "مردوخ بلادان" والتقى من بعد ذلك الجيش البري بالأسطول الذي سبره الملك من نينوى إلى مدينة "اويس" وعندها نقله إلى الفرات، وكان موضع الالتقاء المدينة المسماة" باب ساليميتي" القريبة من مصب الفرات بالخليج (4)، حيث كان النهران يصبان في الخليج منفردين. ونجح سنحاريب في غزو المدن العيلامية الساحلية، ورجع يحمل الغنائم وأسلوب الحرب الكثيرة، ولكن هذه الضربة لم تفض على تجدد الأطماع العيلامية ببلاد بابل، إذ إنها استمرت من بعد ذلك في تحريضها على العصيان، فثار البابليون في عام 689 ق.م، وعندئذ صب سنحاريب جام غضبه على بلاد بابل فدمر المدينة المقدسة ودك حصونها وقصورها وسلط ماء الفرات على أنقاضها وأقسم أن بابل لن تقوم قائمة طوال 70 عاماً (5). ولما ترك البلاد عين ابنه أسرحدود والياً عليها بالنيابة عنه.
طرف من أعمال سنحاريب العمرانية:
حكم سنحاريب ثلاثة وعشرين عاماً (681 – 704 ق.م)، وقد مر بنا موجز بأبرز أعماله الحربية ولكنه إلى جانب ذلك اشتهر بنشاط كبير في حقل البناء والتعمير ومشاريع الري الزراعية في بلاد آشور. واول ما نذكر من أعماله العمرانية أنه جعل نينوى العاصمة الرئيسية للامبراطورية، ومن اجل ذلك وجه الشطر الأكبر من نشاطه العمراني إلى تجديد أبنيتها وتجميلها وتوسيعها وتحصينها. فقد زينها بإقامة المعابد والقصور الجديدة وغرس الحدائق الباسقة، وجعلنا عاصمة تليق بالامبراطورية الواسعة التي تطورت إليها المملكة الآشورية. فمن ناحية سعتها حولها من مدينة ذات محيط لا يتجاوز الميلين إلى مدينة بلغ محيطها زهاء ثمانية أميال، وضمت قسمين جديدين خصصهما الملك سنحاريب للقصور والمعابد، وهما الموضعان المعروفان الآن باسم تل "قوينجق" وهو القسم الشمالي من المدينة، تل النبي يونس، في الجانب الثاني من المدينة على يمين الطريق الحديث من الموصل إلى بغداد.
وقد اقتصرت التنقيبات القديمة على الموضع الاول، أي تل قوينجق. اما منطقة تل النبي يونس فلم تمسه معاول المنقبين بعد.
وقد جعل في سور المدينة الداخلي خمس عشرة بوابة تحرسها الثيران المجنحة، وكل منها سمي باسم خاص منسوب على الأكثر إلى اسم أحد الآلهة المشهورة. وكان سنحاريب مولعاً بغرس الحدائق والبساتين فجلب لتجميل عاصمته الأشجار النادرة من أقطار مختلفة إلى حدائق نينوى. والمرجح أنه كان أول من ادخل زراعة القطن إلى العراق، وقد سماه الشجرة التي تحمل الصوف. وجلب إلى العاصمة ماءً عذباً من المنابع الخاصة بنهر الكومل بطريق قناة شيدها بأحجار الكلس، وهي تعبر المرتفعات والوديان فشيد لها القناطر في بعض الوديان مما لا تزال آثارها باقية. وتبدأ تلك القناة من الموضع المسمى "جروانة"، مسافة خمسين ميلاً عن نينوى (6). ونحتث عند صدر القناة (عند القرية المسماة خنس) على وجه حجرة شاهقة منحوتات تمثل الآلهة المختلفة مع كتابة موجزة عن هذا المشروع. ومما يجدر ذكره بهذا الصدد أن سنحاريب خلف جملة منحوتات جبلية اخرى، مثل منحوتات "معلثاي"، في مدخل وادي دهوك، وفي جبل "جو دي داغ" عند الحدود العراقية ــ التركية (7).
_____________
(1) حول اخبار سنحاريب ونصوصه الرسمية راجع:
(1) Luckenbill, The Annals of Sennacherib, (1924).
(2) ARAB, II, 231-496.
(3) A. Heidel, in SUMER, IX (1953), 117 ff.
(4) Waterman, Royal Correspondence.
(2) راجع سفر الملوك الثاني 24: 19 , 13:18، وسفر الأيام الثاني، 2-1 :32 وسفر أشعيا 37-1 :36.
(3) ARAB, II, 240.
(4) حول "باب ساليميتي" وموضعي النهرين قبل اتصالهما بالقرنة في الأزمان المتاخرة، راجع الفصل الخاص بالمقدمة.
(5) ومن الطريف ذكره بصدد هذا القسم أن "أسرحدون" لما خلف أباه في الحكم وعزم على إعادة بناء بابل، ولكي لا يحنث بقسم أبيه، فسر الرقم (70) بأنه رقم (11)، وكلا الرقمين يكتب بطريقة العدد الستينية بعلامتين مسماريتين متطابقتين مع تغيير مرتبتهما العددية.
(6) حول قناة سنحاريب التي تحراها جماعة من الآثاريين من جامعة شيكاغو انظر:
Jacobsen and Lloyd, Sennacerib Aqueduct at Jerwan (1935).
وعن المنحوتات الجبلية من عهد سنحاريب وغيره من الملوك الأشوريين:
W. Bachmanm, Felsreliefs in Assyrien, (1927).
(7) حول قناة سنحاريب التي تحراها جماعة من الآثاريين من جامعة شيكاغو انظر:
Jacohsen and Lloyd, Sennacerib Aqueduct at Jerwan (1935).
وعن المنحوتات الجبلية من عهد سنحاريب وغيره من الملوك الآشوريين:
W. Bachmanm, Felsreliefs in Assyrien, (1927).
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تستعدّ لتكريم عددٍ من الطالبات المرتديات للعباءة الزينبية في جامعات كركوك
|
|
|