أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-12-2017
2123
التاريخ: 25-10-2015
2440
التاريخ: 15-6-2018
12871
التاريخ: 10-1-2023
1321
|
الثقافة بمعناها الواسع مجموع السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية التي تميز مجتمعاً بعينه أو فئة اجتماعية بعينها وأنها تشمل الفنون والآداب وطرائق الحياة والإنتاج الاقتصادي كما تشمل الحقوق الأساسية للإنسان ونظم القيم والتقاليد والمعتقدات. إن سياسات ومآرب العولمة في المجال الثقافي التي تستهدف الهويات القومية ومقوماتها الرئيسة اللغة والدين والسمات التاريخية، وأنماط العيش والسلوك والعادات والتقاليد ومعطيات الاختلاف والتمايز بين المجتمعات تضعنا أمام المسؤوليات المادية والمعنوية والروحية الجوهرية في الحياة البشرية (1)، من أجل الحفاظ على المكتسبات هذه أمام محاولات العولمة ومجابهة أي تهديد يؤدي إلى التغيير القسري، والعمل على الاستفادة من الثقافات الأخرى من خلال الحوار البناء. إن مخاطر العولمة على الهوية الثقافية إنما هي مقدمة لمخاطر أعظم على الدولة الوطنية والاستقلال الوطني والإرادة الوطنية والثقافة الوطنية، فالعولمة تعني مزيداً من تبعية الأطراف لقوى المركز (2) إن الدول والمنظمات الداعية والعاملة لفرض ظاهرة العولمة تعمل على استثمار منجزات ثورة الاتصالات والتقدم التقني والتكنولوجي في نشر ثقافة جماهيرية واحدة، وبقوالب محددة مسبقة الصنع عمودها الفكري الاستهلاك، وهذا ما نجده في المحطات الفضائية والذي يستنتج المراقب كأنها مخصصة للإعلان وترويج البضائع الاستهلاكية، فالإعلان أصبح سيد الموقف في كل الفضائيات وشكلت المواد الإعلانية هذه الهاجس والمسيطر والبوصلة التي توجه الأجيال الجديدة في التفكير والتعامل والبيع والعرض والترويج وأسلوب الحياة بكاملها، وبذلك فإن هذه العولمة ستؤدي إلى تغيير في القيم الحالية والخصوصية الموجودة في مجتمعاتنا وتؤدي إلى حدوث تغييرات اجتماعية عميقة (3) .
إن الغرب / سياسياً وثقافياً واقتصادياً / يرمي إلى تحقيق أهدافه بكل الوسائل الممكنة، ويضعها على راس مشاريعه وسياسته، ومنها فرض التبعية من خلال الاختراق والغزو الثقافيين وتخريب قيم الآخرين واستقطاب الأجيال الصاعدة بتوجيه ميولها والتركيز على ماهو في سطح الاهتمامات البشرية لديها، لحصرها في حيز السطح من الاهتمامات والمهام والتطلعات، مستفيداً من فاعلية التفوق والقوة والسيطرة والثروة التي لديه في هذا المجال، للوصول إلى زعزعة الثقة ثم محو الشخصية ومقومات الآخر، ونحن نعرف أن أهم مقومات الشخصية الثقافية لأمة من الأمم، اللغة والدين وبقية السمات والعادات والتقاليد والأعراف ومكونات الذاكرة التاريخية للأمة (4) وقد تجاوز مخطط التفتيت للمجتمع العربي الأبعاد السياسية والجغرافية إلى الأبعاد الاجتماعية والثقافية والفكرية والروحية، وتأتي العولمة لتحقيق هذه الأهداف، إن النظام الأمريكي يعمل على تدمير البنى الثقافية للبلدان النامية، من خلال تدمير بناها المجتمعية وعزل الثقافة عن الواقع، وتهميش المثقف والحد من فاعليته في حياة مجتمعه، لذا فإن العولمة أصبحت تحمل في طياتها نوعا آخر من الغزو الثقافي، أي قهر الثقافة الأخرى لثقافة أضعف منها، لأن العولمة لا تعني مجرد صراع الحضارات أو ترابط الثقافات، بل أنها توصي أيضا باحتمال نشر الثقافة الاستهلاكية والشبابية عالميا (5) والخطورة في هذه الثقافة وبهذا تختلف العولمة عن العالمية والتي تعني إغناء للهوية الثقافية، بينما العولمة تعني اختراقا فالاختراق العولمي، يعني إلغاء الحوار والتبادل الحضاري والحلول محله، ويستهدف العقل والنفس والذين هما الأداتان التي بهما يتم التفسير والتأويل والتسريع وقبول ما هو مفيد، ومحاربة ومواجهة ما لا يتناسب مع خصائصنا، بحيث انتقل من السيطرة عن طريق الايدولوجيا إلى السيطرة عن طريق الصورة السمعية والبصرية التي تسعى إلى تسطيح الوعي (6) . تعمل العولمة على تهميش الهوية وتدمير وتحطيم الثقافة الوطنية، وذلك بسبب محاولتها تحطيم وتدمير كل القوى الممكن أن تقف في وجهها، وفي ظل سقوط التجربة الأممية والاشتراكية التي كانت تقف كجدار في طريق انتشارها، كان لابد من اختراع عدو جديد من أجل تسخير القوى الامبريالية لمحاربته، وافساح الطريق أمام مشروعها، فكان لا بدمن تحويل الصراع نحو الثقافات الوطنية والإيديولوجيات الدينية، التي كانت السبب الرئيس لتطور المجتمعات ماضياً، ومن أهمها الثقافة العربية والإيديولوجية الإسلامية، فبالرغم من أن العولمة الاقتصادية هي الأساس والهدف، فإن الانعكاسات والامتدادات الاجتماعية والثقافية أصبحت واضحة، ولا يمكن التغاضي عنها أو إغفالها مع التطورات السياسية العالمية من ناحية، وانتشار ثورة المعلومات والاتصالات من ناحية أخرى، وكانت هذه الامتدادات كجسر يصل قوى العولمة للهدف الاقتصادي المنشود، الذي لا يتحقق بإيديولوجيات وهويات قوية، تستطيع التأسيس لقوى ذات أخلاقيات رافضة لظاهرة العولمة (7) إن عالم الاتصالات والتبادلات الحديث يستلزم توافر تعليم أساسي وتدريب، ونحن نجد بعض البلدان الفقيرة حققت تقدما ا رئعا في هذا المجال، ولكن بلدانا أخرى آخذة في التخلف بفارق
كبيرو طبيعي أن المساواة في الفرص الاقتصادية، وفي الفرص الثقافية مهمة للغاية في عالم متعولم. وهذا تحد مشترك أمام العالمين الاقتصادي والثقافي (8)، و لذلك لا بد من (9) :
حتمية الإصلاح الاقتصادي والتعليمي والسياسي والإداري، فأهمية إصلاح الأجهزة الإدارية والحكومية تكمن في كونها تمثل العصب الأساسي للدولة، وذلك وفقاً لرؤى جديدة تجعل أجهزة الدولة ومؤسساتها أكثر قدرة على التكيف مع المتغيرات الجديدة.
كذلك فإن إصلاح نظم سياسات التعليم والتدريب والتأهيل يمثل عنصرًا جوهرياً في هذا الاطار، حيث سيخلق قوة عمل مدربة ومؤهلة وقادرة على استيعاب التطورات المرتبطة بظاهرة العولمة فالتعليم يشكل العمود الفقري لجهود تنمية الموارد البشرية، وهذا يستدعي إيلاء نظم التعليم والتدريب أهمية خاصة، لتكون في مقدمة الأوليات التنموية والجهود الرامية إلى التطوير والتحديث، ومواكبة المستجدات، ويتقاطع التعليم مع حركة العولمة في أكثر من موقع، فتقنيات المعلومات اولاتصالات الحديثة بدأت بإحداث ثورة في أساليب التعليم وآلياته. للإعلام دور هام جداً في مواجهة العولمة، وهذا يتطلب تأهيل واعداد الموارد الإعلامية المتخصصة في معرفة الثورة الإعلامية التي تقودها قوى العولمة، ومعرفة الأساليب والطرق التي تستخدمها هذه القوى من أجل فرض الهوية الخاصة بها والتي تعتمد على الاستهلاك وتدمير وتفتيت وتهميش الإيديولوجيات القائمة والعدو الأوحد والأكبر لها، وبذلك فإن الكوادر الإعلامية يجب أن تكون مدربة ومؤهلة ومتخصصة في جميع مجالات الحياة الاقتصادية والثقافية والسياسية والاجتماعية والدينية، بحيث تعمل على وضع البرامج والخطط القادرة على مجابهة برامج العولمة الدعائية والإعلامية (10)
من خلال توصلنا إلى الآثار السلبية الكبيرة الم ا رفقة لظاهرة العولمة وامكانية الاستفادة من بعض الايجابيات، فإننا نجد أن على البلدان العربية أن تحاول قدر الامكان الاستفادة من الإيجابيات التي يمكن الاستفادة منها، والمرافقة لهذه الظاهرة الواقعية والتخفيف من السلبيات عن طريق تهيئة وتنمية الموارد البشرية القادرة، على أن تكون فاعلة في ظل هذه الظاهرة، وفي المجالات كافة بحيث تكون هناك كوادر بشرية تقوم بدراسة أبعاد هذه الظاهرة وأهدافها، وتقوم هذه الكوادر بوضع الخطط والبرامج على المستوى الكلي وفي المجالات كافة خاصة الثقافية والإعلامية، بحيث تستطيع هذه الكوادر التأسيس لمجتمع قوي مدرك لأبعاد هذه الظاهرة، قادرة على مجابهة المخاطر التي تحملها على المستوى الثقافي والسياسي والاقتصادي (11) . إن العولمة بالمفهوم المعاصر الذي يعني "' الأمركة" ليس مجرد سيطرة وهيمنة، والتحكم بالسياسة والاقتصاد فحسب، ولكنها أبعد من ذلك بكثير، فهي تمتد لتطال ثقافات الشعوب والهوية القومية الوطنية، فالعولمة بهذا المفهوم إذن تعني الانتقال من "الاختلاف" أو الترفع الثقافي إلى التجانسية الثقافية للعالم، مما يشكل تهديدا للهوية الثقافية التي حرصت مختلف الشعوب صيانتها وضحت من أجلها، و هذا ما يسمى "الاختراق الثقافي" (12) وهذه المخاطر التي تكتسح الهوية الثقافية، إنما هي مقدمة لمخاطر أعظم عصر الدولة الوطنية والاستقلال الوطني وللإدارة ال وطنية والثقافة الوطنية، تعني العولمة مزيدا من تبعية الأطراف للمركز. تجميعا لقوى المركز و تفتيتا لقوى الأطراف، بما في ذلك الدولة الوطنية التي قامت بدور التحرر الوطني وتحديث المجتمع، والتي قاومت شتى أشكال الهيمنة القديمة والجديدة، كمفهوم حقوق الإنسان، وحقوق الأقليات، حقوق المراة، وقوي الدعم الغربي لمراكز حقوق الإنسان بالمفهوم الغربي الفردي دون مراعاة لحقوق المواطنة وحقوق الشعوب(13) .
_______________
1- وليد جميل الأيوبي، العولمة والعرب وبداية التاريخ، المؤسسة الحديثة للكتاب، 2009 ، ص 234
2- سهيل الفتلاوي، ص 56
3- محمد مسعد، دور الدولة في ظل العولمة، مركز الإسكندرية للكتاب، الطبعة الأولى، 2002 ، ص 117
4- محمد أبو عامود، العلاقات الدولية المعاصرة، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، الطبعة الأولى، 2007 ، ص 76
5- علي العطار، العولمة والنظام العالمي الجديد، دار العلوم العربية للطباعة والنشر، بيروت، الطبعة 1، 2002ص 146
6- جلال أمين أحمد ثابت وغيرهم، العولمة وتداعياتها على الوطن العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، 2012 ، ص 56
7- تامر محمد الحزرجي، العلاقات السياسية الدولية واستيراجية إدارة الازمات، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع ، الطبعة . الأولى، 2005، ص 56
8- سهيل الفتلاوي، المرجع السابق، ص 456
9- حسن البزاز، ص 56
10- محمد ابو عامود، المرجع السابق، ص 34
11- حسين عبد الله العايد، انعكاسات العولمة على السيادة الوطنية، دار كنوز المعرفة العلمية للنشر والتوزيع ،2009ص 99
12- وليد عبد الحي، انعكاسات العولمة على الوطن العربي، مركز الجزيرة للدراسات، الدار العربية للعلوم ، 2012ص 55
13- سهيل الفتلاوي، المرجع السابق، ص 234
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|