أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-11-2018
3748
التاريخ: 25-11-2018
11522
التاريخ: 13-11-2018
3759
التاريخ: 27-11-2018
11352
|
مستويات الاستخدام اللغوي:
النظام الرمزي الصوتي لا يصبح لغة إلا إذا استخدم للتعامل في بيئة إنسانية، ولذا فالبحث اللغوي يتناول البنية اللغوية ويربطها بالعلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية السائدة في هذه البيئة اللغوية. فطبيعة اللغة ووظيفتها شيئان مترابطان، فلو حاولنا أن نكتب اليوم عن الحياة اللغوية في العالم العربي الحديث فإننا نجد عددا من مستويات الاستخدام اللغوي تستخدم اللغة الفصحى في التأليف الأدبي والثقافي وفي كثير من برامج الإذاعة وتستخدم في المحاضرات العامة إلى حد كبير، ولكنها لا تكاد تستخدم في الحديث بين المثقفين، أما اللهجات المحلية فيدور بها الحديث اليومي في أمور الحياة.
وليس من الصحيح أن نقول بوجود مستويين اثنين هما الفصحى والعامية، فبين هذه وتلك عدة مستويات لغوية. وللنظر في حديث المثقفين العرب حيث تتخذ
ص22
عناصر كثيرة من الفصحى مكانها إلى جانب عناصر أخرى من اللهجات المحلية، نجد المصطلحات العلمية فصيحة وصيغ الأفعال عامية والضمائر عامية، ففي عامية المثقفين هذه تستقر عناصر من الفصحى وأخرى من العامية.
ولا يجوز أن نعمم هذا التقسيم، فكل مجتمع يعرف علاقاته اللغوية الخاصة ففي المجتمعات الأوربية المثقفة يدور الحديث باللغة الأدبية الفصحى، ويحاول كل مثقف في حديثه أن يجرد نفسه المثقف بقدر الإمكان عن التأثير باللون المحلي أو اللهجة الإقليمية، ويحاول الشباب المثقف في وسط أوربا استخدام الفصحى بقدر الإمكان، حتى إن الكثير من مثقفى المدن لم يعد يستخدم اللهجة المحلية على الاطلاق واقتصر استخدام اللهجات على التعامل المحلي بين أبناء القرية الواحدة أو القرى المتجاورة وهو استخدام متناقص مع الزمن.
فمجالات استخدام اللغة الفصحة في البيئات الأوروبية المثقفة وبيئات المدن عموما أكثر من مجالات استخدام العربية الفصحى في العالم العربي. وتبدو هذه الحقيقة من مقارنة الاستخدام اللغوي في المدارس والمعاهد العلمية هنا وهناك، كما تبدو هذه الحقيقة واضحة بمقارنة الاستخدام اللغوي بين المثقفين الأوربيين والمثقفين العرب.
ويلاحظ في بعض المجتمعات ارتباط لغة بعينها بجماعة بشرية محددة، ففي واحة سيوة الواقعة في صحراء مصر الغربية يتحدث الرجال اللغة العربية بجانب استخدام اللغة السيوية وهي لغة مستقلة تختلف عن العربية، وأما النساء فلا يتحدثن إلا باللغة السيوية ولا يستطعن التعامل بالعربية. وشبيه بهذا ما نجده في المناطق النوبية في مصر أو البربرية في المغرب العربي والمهرية في شرق اليمن الجنوبية. وارتباط لغة بعينها بالرجال دون النساء يرجع إلى طبيعة العلاقات الاجتماعية. فمجتمع النساء في هذه البيئات منفصل تمامًا عن التعامل الخارجي ولذا لم تدخله العربية لغة التعامل الخارجي ولغة التعليم والثقافة. ففي هذه المجتمعات يسود ازدواج لغوي والمقصود
ص23
بهذا استخدام لغتين في بيئة واحدة. ونجد الازدواج اللغوي في الجزر اللغوية غير العربية في شمال العراق مثلا، فهناك عدة جزر لغوية آرامية في عدد من القرى الجبلية، وتستخدم العربية في هذه الجزر اللغوية بدرجة اتصال أبناء هذه المناطق بالجماعة اللغوية العربية وبدرجة انتشار التعليم بينهم, وفي مثل هذه الحالات ينبغي على الباحث أن يحدد مجالات استخدام كلتا اللغتين فإحداهما تستخدم في الحياة المنزلية والأخرى وسيلة التعامل الثقافي، ومن النادر أن نجد اللغتين تستخدمان في البيئة اللغوية الواحدة في كل المجالات، بل هناك ضرب من تقسيم مجالات الاستخدام. وتصدق هذه الملاحظة على الجزر اللغوية في أوربا وعلى المناطق التي تتعامل بلغتين في نفس الوقت، ففي دولة لوكسمبورج يسود ازدواج لغوي، تستخدم اللوكسمبورجية وهي لهجة ألمانية في الحياة اليومية، أما الثفافة والتعليم والتعامل مع الدوائر الرسمية فيتم باللغة الفرنسية، فلكل لغة منهما وظيفة محددة.
ص24
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تحتفي بذكرى ولادة الإمام الجواد (عليه السلام) في مشاتل الكفيل
|
|
|