أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-12-2018
1193
التاريخ: 13-11-2018
3690
التاريخ: 4-12-2018
1614
التاريخ: 25-11-2018
3340
|
عوامل كسب الطفل للغة
يتوقف التقليد اللغوي عند الطفل على عوامل كثيرة, من أهمها ما يلي:
1- وضوح الإحساسات السمعية وتمييزها بعضها عن بعض:
يولد الطفل أصم، ويتمد صممه هذا حتى اليوم الرابع أو الخامس، وحينئذ تبدو لديه أمارات السمع, غير أن إحساساته السمعية تظل مبهمة إبهامًا كبيرًا, ويظل عاجزًا عن تحديد مصادرها حتى أواخر الشهر الرابع، ثم ترتقي ارتقاءً بطيئًا حتى أوائل السنة الثانية، ثم تدخل في دور النضج الذي يستغرق أمدًا غير قصير.
فالموازنة بين هذه المراحل والمراحل التي تسير فيها لغة الطفل، والتي سبق الكلام عنها في الفقرة السابقة، يتبين أن ظاهرة التقليد اللغوي تتبع في رقيها ظاهرة الإحساس السمعي.
أما السبب في ذلك فلا يحتاج إلى بيان؛ فالطفل في تقليده يحاكي ما يصل إليه عن طريق السمع, فمن البديهي أن تتوقف هذه المحاكاة على وجود قدرة السمع لديه, وأن تتأثر في ارتقائها بما ينال هذه الحاسة من دقة وتهذيب.
ولذلك نرى أن من يولد أصم ينشأ أبكم, ولو كانت أعضاء نطقه سليمة.
ص151
2- الحافظة والذاكرة السمعيتان, ونعني بذلك القدرة على حفظ الأصوات المسموعة, وعلى تذكرها واستعادتها عند الحاجة إليها.
ولا تبدو هذه القدرة عند الطفل إلّا بعد بضعة أسابيع بعد ولادته(1)، وتظل ضعيفة حتى أواخر الشهر الرابع، ثم ترتقي ارتقاءً بطيئًا حتى أوائل السنة الثانية، وحينئذ تبدأ مرحلة نضجها.
فهذا العامل يقطع في طريق نموه المراحل نفسها التي يقطعها العامل الأول، وتصحبهما في سيرهما ظاهرة التقليد اللغوي؛ تظهر بظهورهما، وتنمو بنموهما.
أما وجه توقف التقليد اللغوي على هذه الظاهرة فلا يقل وضوحًا عن توقفه على الظاهرة الأولى، وذلك أن الكلمة التي يحاكيها الطفل لا تصبح جزءًا من لغته إلّا إذا استطاع حفظها واستعادتها عند الحاجة إلى التعبير عما تدل عليه.
3- فهم الطفل لمعاني الكلمات, على الرغم من أن فهم الطفل لمعاني الكلمات يسبق قدرته على النطق بها - كما سبقت الإشارة إلى ذلك- فإن هذا الفهم شرط ضروري للتقليد اللغوي, وعامل أساسي من عوامل نموه, وقد عرضنا في الفقرة السابقة لأمور كثيرة تدل على توقف التقليد اللغوي على هذا العامل، وتثبت أن كل ارتقاء في تفكير الطفل ودرجة فهمه يتبعه ارتقاء في تقليده ونمو في محصوله اللغوي، وتبين وجوه العلاقة بين الأمرين(2), ولا أدل على هذا التوقف وهذا التلازم من أن الطفل الذي يولد مصابًا بجنون يحول بينه وبين فهم معاني الكلمات ينشأ أبكم, ولو كانت أعضاء سمعه ونطقه سليمة.
فالعوامل الثلاثة السابقة مرتبطة بعضها ببعض ارتباطًا وثيقًا،
ص152
والتقليد في اللغة متوقف عليها مجتمعة في نشأته وفي تطوره, فعدم ظهوره قبل الشهر الخامس يرجع سببه إلى عدم وجودها قبل هذه السن، وضعفه في مرحلة "التمرينات النطقية" يرجع سببه إلى ضعفها في هذه المرحلة، وقوته في المرحلة التالية "مرحلة التقليد اللغوي" مدين بها الطفل لقوتها في هذا الدور.
غير أنه يحدث عند بعض الأطفال أن يتخلف التقليد عن هذه العوامل الثلاثة, فقد لوحظ أن بعض الأطفال يفهمون في سن مبكرة معظم ما يقال لهم "وفي هذا دليل على توافر العوامل الثلاثة توافرًا كاملًا"، ومع ذلك لا تظهر لديهم بوادر المحاكاة اللغوية إلّا في السنة الثالثة أو الرابعة أو الخامسة. ولوحظ كذلك أن بعض الأطفال يتقدمون كثيرًا في السن ولا يتكلمون إلّا بمعالجة واستخدام وسائل غير طبيعية مع سلامة أعضاء نطقهم وسمعهم وقواهم الفكرية، ومع أن سلوكهم في مرحلة بكمهم هذه يدل على فهمهم لما يوجه إليهم أو يقال حولهم من حديث، ولوحظ أن هذا التأخر اللغوي يتبعه غالبًا تأخر في المشي عند الطفل.
ويرجع في الغالب سبب هاتين الظاهرتين معًا "تأخر الكلام وتأخر المشي" إلى خمول محلي في أعضاء النطق والحركة، أو كسل طبيعي عام، أو تراخي الطفل وقلة نشاطه, وضعف رغبته في الاشتراك في الحياة الاجتماعية.
ولهذا يجدر أن نضيف إلى هذه العوالم الثلاثة عاملًا رابعًا، وهو نشاط الطفل الحيوي وقوة عزمه وإرادته ورغبته في الاشتراك في حلبة الحياة.
ص153
__________________
(1) تظهر متأخرة عن موعد ظهور "الذاكرة البصرية" "ذكر الأشياء المنظورة".
(2) انظر مميزات الدلالة في هذا الدور بصفحات 143-150, وخاصة من آخر ص 147 إلى 149.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تستعدّ لتكريم عددٍ من الطالبات المرتديات للعباءة الزينبية في جامعات كركوك
|
|
|