أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-2-2019
2139
التاريخ: 22-2-2019
1263
التاريخ: 13-12-2018
5412
التاريخ: 28-11-2018
3999
|
اللغة، الكتابة، الإيماءات، الإشارات، الرموز:
إذا نحن قبلنا التعريف الاشتقاقي الضیق للغة بأنھا "تلك التي تتعلق باللسان الإنساني" إننا يجب أن نظل دائما على ذكر بتعريفنا إن جھاز النطق الإنساني "اللسان يعتبر فقط أھم عضو من أعضائه" قادر على إنتاج أصوات وأنواع من الضجیج تبعد عن اللغة بقدر ما تبعد عنھا أصوات آلة متحركة، لیكون الصوت لغويا- بالمعنى العام- فإن الأصوات الصادرة عن الجھاز النطقي يجب أن تكون ذات معنى، وتنقل رسالة محددة معینة من عقل إنسان إلى آخر. وربما ذھب المرء بشروطه أبعد من ھذا وقال إنه لا بد في مثل ھذه الأصوات أن تكون من النوع الذي يمكن كذلك أن يغطي المواقف غیر الفورية، إن نباح كلب ربما حذرك من خطر محدق عاجل، ولكن حینما أستعمل الكلام في إصدار تحذير من خطر يترقبك خلف تل أو ينتظرك في الغد فإني أستعمل اللغة الإنسانیة في مجالھا الواسع العريض، وأمیزھا عن مجرد الضجیج الذي يصدر عن حیوان كرد فعل لمثیر مباشر.
لا أحد يعرف متي أو أين أو على أي صورة ابتدأ الكلام الإنساني، على الرغم من وجود افتراضات كثیرة في الموضوع (1) إننا نعرف جیدا أنه لا يوجد
ص38
على سطح الأرض أي جماعة إنسانیة -مھما قل حظھا من الحضارة والمدنیة- بدون لغة تتفاھم وتتبادل الأفكار بھا.
إن الكلام يمكن أن يتم بینما يباشر الإنسان عملا آخر يدويا، ويمكن أن يحدث في الظلام، ولست في حاجة إلى ضوء لتباشر عملیة الحديث مع شخص آخر، ولعل ھذا ھو السبب الذي حدا بأجدادنا القدماء أن يفضلوا الحديث على غیره من طرق التفاھم، مثل الإيماءات التي ربما كانت أسبق وجودًا من الكلام، ومثل التعبیر بالصور الذي ربما كان متأخرا في الوجود وأدى إلى اختراع الكتابة.
وحتى عصر قريب جدًا كانت اللغة المكتوبة تتمتع بمیزتین لا توجدان في اللغة المتكلمة. إنھا كانت باقیة بینما كانت المنطوقة زائلة، وكان من الممكن نقلھا عبر مسافات بعیدة على عكس المنطوقة، أما الآن، فإن التسجیلات والأشرطة وغیرھا من الأشكال "الأحاديث المحفوظة" تحقق للغة المنطوقة میزة الاستمرار والانتقال إلى آماد بعیدة، حتى إن من العلماء من يتساءل الآن ما إذا كان الوقت لم يحن بعد لأن تختفي لغة الكتابة وتحل محلھا لغة الحديث، ولكن لیس ھناك حتى الآن أي علامة على احتمال حدوث ذلك قريبا وإن معرفة القراءة والكتابة لتنتشر الآن بین أبناء الدول المختلفة في نفس الوقت الذي تتضاعف فیه استعمالات اللغة المكتوبة.
ص39
ولكن الحقيقة الباقية حتى الآن أن لغة الحديث هي أهم وسائل الاتصال الإنساني وأوسعها انتشارا. ومتوسط ما ينتجه الإنسان من حديث أكثر بكثير مما ينتجه من كلام مكتوب وإيماءات وإشارات. ولهذا فإنه من السائغ للغوي linguist – على عكس دارس فقه اللغة philologist- أن يهتم أولا باللغة المنطوقة، ثم ثانيا باللغة المكتوبة (باعتبارها – إلى حد كبير أو صغير – تمثيلا صادقا للغة المنطوقة)، وأخيرا – وبدرجة ضئيلة إن وجد اهتمام ألبتة- بنظم الاتصال الأخرى.
ص40
_________________
(1) بعض ھذه الافتراضات مشوبة بالخیال إن لم يكن محض خیال، فما يسمى بنظرية
bow-wow مثلا يفترض أن اللغة نشأت أولا محاكاة لأصوات سمعت في الطبیعة نباح كلب حوكي كـ bow-wow وسقوط شجر حوكي كـ Crash أما نظرية pooh-pooh فتزعم أن اللغة ترجع إلى صرخات دھشة أو صیحات انفعال، أو غیرھما مما يعبر عن التأثیر المفاجئ من ألم أو خوف أو فرح. وإذا هذا يسري على كلمة مثل Ouch فإنه لا يبين لماذا يفضل المتكلمون بلغات أخرى كلمات مثل ay أو au حينما يهاجمهم الألم فجأة. أما نظرية Yo-he-ho فتدعي أن اللغة بدأت كسلسة من التقبضات العضلية أو الأزيز الداخلي نتيجة إجهاد عضلي (مثل كلمة ey ukhnem المستعملة بين مراكبية الـ Volga. أم نظرية Singsong فتدعي أن الكلام نشأة أولا تمثيلا لتعبيرات سارة بدائية غير لغوية، كما يحدث من طفل صغير حينما ينطق ببعض ألحان ألفها بنفسه. وهناك نظريات أخرى كثيرة غير ذلك) .
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|