المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2777 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الشكر قناة موصلة للنعم الإلهية
2025-01-12
أسباب ودوافع الكفران وطرق علاجه
2025-01-12
عواقب كفران النعمة
2025-01-12
معنى كفران النعمة
2025-01-12
دور الإدارة الحكوميـة فـي التنـميـة التكـنولوجـيـة 2
2025-01-12
دور الإدارة الحكوميـة فـي التنـميـة التكـنولوجـيـة 1
2025-01-12



النظام النحوي (القرائن النحوية)  
  
7300   09:24 صباحاً   التاريخ: 22-2-2019
المؤلف : تمام حسان
الكتاب أو المصدر : اللغة العربية معناها ومبناها
الجزء والصفحة : ص191- 204
القسم : علوم اللغة العربية / علم اللغة / مستويات علم اللغة / المستوى النحوي /

 

القرائن المعنوية (1):
ذكرنا من قبل أن الغاية التي يسعى إليها الناظر في النصِّ هي فهم النص, وأن وسيلته إلى ذلك أن ينظر في العلامات المنطوقة أو المكتوبة في النصِّ ليصل بواسطتها إلى تحديد المبنى, وأن الوصول إلى المبنى بواسطة العلامة ليس من العمليات العقلية الكبرى في التحليل؛ لأنها مسألة تعرّف يعتمد على الإدراك الحسي بواسطة السمع أو البصر, كما تتعرّف على فلان بواسطة حضوره أمامك, فلا يحتاج منك ذلك إلّا إلى الاعتماد في الفهم على قرينة العهد الحضوري أو حضور المعهود. أما ما هو أكثر صعوبة من ذلك دون شكٍّ فهو القفز العقلي من المبنى إلى المعنى؛ لأن ذلك يحتاج إلى قرائن معنوية وأخرى لفظية, ويصدق على كليهما اصطلاح: "القرائن المقالية", لأن هذين النوعين من القرائن يؤخذان "من المقال" لا من "المقام"، وتأتي الصعوبة في هذا المجال مما أشرنا إليه سابقًا من أن المبنى الصرفي الواحد يصلح لأكثر من معنى, وكانت هذه الإشارة تحت عنوان: "تعدد المعنى الوظيفي للمبنى الواحد". فإذا تعدد المعنى الوظيفي للمبنى الواحد على إطلاقه فليس معنى ذلك أنه يتعدد بالنسبة لعلامته بخصوصها في النص. فعلينا إذًا عند النظر في نصٍّ بعينه أن نقرِّر أيّ المعاني المتعددة هو الذي يتعين هنا؛ إذ لا بُدَّ في نص بعينه أن يكون المعنى محددًا, ووسيلة الوصول إلى هذا المعنى المعين هي استخدام القرائن المتاحة في المقال سواء ما كان معنويًّا وما كان لفظيًّا. فإذا كان الوصول إلى تحديد المبنى من العلامة يتمّ بحضور المعهود, وكان استحضار المعنى من المبنى لا يتمّ إلّا باستخدام القرائن, فلا شكَّ أن العملية الثانية أصعب من الأولى. والمعروف أن التحليل اللغوي "الإعراب" يحتاج إلى الأمرين جميعًا.
والعلاقات السياقية قرائن معنوية تفيد في تحديد المعنى النحوي "الباب الخاص كالفاعلية مثلًا" فعلاقة الإسناد مثلًا وهي العلاقة الرابطة بين المبتدأ
ص191

والخبر, ثم بين الفعل والفاعل أو نائبه, تصبح عند فهمها وتصورها قرينة معنوية على أن الأول مبتدأ والثاني خبر, أو على أن الأول فعل والثاني فاعل أو نائب فاعل, ويصل المعرب إلى قراره أن ذلك كذلك عندما يفهم العلاقة الرابطة بين الجزءين, ولكن علاقة الإسناد لا تكفي بذاتها للوصول إلى هذا القرار؛ لأنها يمكن أن تكون إسنادًا في جملة اسمية أو إسنادًا في جملة فعلية, ويمكن أن تكون إسنادًا خبريًّا أو إسنادًا إنشائيًّا, وهلمَّ جرّا. ومن هنا تحتاج إلى قرائن أخرى لفظية تعينها على تحديد نوعها, فنلجأ إلى مباني التقسيم لنرى إن كان طرفا الإسناد اسمين أو اسمًا وصفة أو اسمًا وفعلًا أو فعلًا واسمًا إلخ. ونلجأ أيضًا إلى مباني التصريف لنلمح الشخص والنوع والعدد والتعيين, وإلى العلامة الإعرابية لنرى ما إذا كانت الأسماء مرفوعة أو منصوبة أو مجرورة, وإلى الرتبة لنرى من أي نوع هي, وإلى المطابقة بين الجزءين ما نوعها, وهلمَّ جرا مما يعتبر قرائن لفظية, وذلك إيضاح لظاهرة هامة جدًّا في التعليق هي ظاهرة تضافر القرائن لإيضاح المعنى الواحد. ومثال هذا التضافر ما رأيناه عند إعراب "ضرب زيد عمرًا" من قبل؛ إذ أعربنا "زيد" فاعلًا بشهادة سبع قرائن, واحدة منها فقط معنوية وهي الإسناد, أما البقية فلفظية. كما أعربنا "عمرًا" مفعولًا به بخمس قرائن؛ إحداهما معنوية وهي التعدية, وهكذا يكون الإسناد في اللغة العربية إحدى القرائن, أما في اللغات الغربية فهو دائمًا لا يفهم إلّا بواسطة نوع من القرائن اللفظية التي يسمونها الأفعال المساعدة copula, فلا يمكن بدون هذه القرينة أن نفهم علاقة الإسناد بهذه اللغات, ولما كانت اللغة الإنجليزية مثلًا غير مشتملة في تركيبها على ما نسميه مبنى الجملة الفعلية, بل تقع الجملة الإنجليزية في صورة ما نعرفه تحت اسم الجملة الاسمية, جاءت هذه الأفعال المساعدة لتحمل في دلالتها فكرة الإسناد والزمن, وفي رتبتها الفرق بين الإثبات والاستفهام. انظر مثلًا إلى الأمثلة الآتية وترجمتها باللغة العربية.
earth is rond الأرض كروية.
is eath round هل الأرض كروية؟

ص192

والواضح أن الجملة الاسمية في اللغة العربية لا تشتمل على معنى الزمن, فهي جملة تصف المسند إليه بالمسند, ولا تشير إلى حدث ولا إلى زمن, فإذا أردنا أن نضيف عنصرًا زمنيًّا طارئًا إلى معنى هذه الجملة جئنا بالأدوات المنقولة عن الأفعال, وهي الأفعال الناسخة, فأدخلناها على الجملة الإسمية فيصبح وصف المسند إليه بالمسند منظورًا إليه من وجهة نظر زمنية معينة, فهذه النواسخ في دلالتها على الزمن تشبه ما أشرنا إليه من الأفعال المساعدة في اللغة الإنجليزية, ولكنها لا تشبهها فيما وراء ذلك, ومن هنا كانت ترجمة earth is round بعبارة "الأرض تكون كروية" ترجمة خطأ؛ لافتئاتها على طرق التركيب العرفية باللغة العربية الفصحى, وهي لغة تفهم علاقة الإسناد دون حاجة إلى مساعد, بل تتخذها هي نفسها قرينة على معنى الباب المفرد.
ولقد حاول بعض الباحثين بالنظر إلى استغناء اللغة العربية عن هذه الضمائم الزمنية بالنسبة للجملة الاسمية وعدم الحاجة إلى النواسخ إلّا حين إرادة إدخال معنى الزمن على الجملة الاسمية أن يصوّر ذلك بصورة الميزة التي تمتاز بها اللغة العربية على لغات أخرى أجنبية؛ من حيث يمكن للمتكلم بهذه اللغة أن يلمح العلاقة لمحًا عقليًّا, وتحتاج اللغات الأخرى إلى كلمات خاصَّة للدلالة على الإسناد, ولست أحب أن أدخل في مجال حصر نواحي عبقرية اللغة العربية وامتيازها على غيرها من اللغات؛ لأن هذه القضية في نظري تعتبر مما وراء منهج اللغة meta linguistic, ولأمرٍ ما كانت هذه القضية مما اشتمل عليه كتاب لفيلسوف معاصر(2). أما ما اهتم له اهتمامًا كبيرًا فهو التأكيد على علاقة الإسناد باعتبارها قرينة معنوية لتمييز المسند إليه من المسند في الجملة في ظلّ ظاهرة كبرى تحكم استخدام القرائن جميعًا هي ظاهرة "تضافر القرائن", وهي ظاهرة ترجع في أساسها إلى أنه لا يمكن لظاهرة واحدة أن تدل بمفردها على معنى بعينه, ولو حدث ذلك لكان عدد القرائن بعدد المعاني النحوية, وهو أمر يتنافَى مع مبدأ عام آخر هو تعدد المعاني
ص193

الوظيفية للمبنى الواحد. وعلاقة الإسناد هي علاقة المبتدأ بالخبر, والفعل بفاعله, والفعل بنائب فاعله, والوصف المعتمد بفاعله أو نائب فاعله, وبعض الخوالف بضمائمها.
والملاحظ أن النحاة كانوا يلمحون قرينة الإسناد بين طرفي الجملة الاسمية والفعلية والوصفية كما كانوا يلمحونه أيضًا بين المعاني النحوية في داخل الجملة الواحدة, وهذا هو المعنى الذي نلاحظه في إعراب جملة مثل {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ} حين نعرب "من" مفعولًا أولًا على رغم تأخرها, والحكمة مفعولًا ثانيًا على رغم تقدمها, ويكون ذلك بإدراك ما بينهما من علاقة شبيهة بفكرة الإسناد؛ إذ تقول: إن "من" هي الآخذ, و"الحكمة" هي المأخوذ. والخلاصة: إن مراعاة الآخذية  والمأخوذية هنا هي الاعتبار الذي تَمَّ إعراب المفعولين طبقًا له, وهو اعتبار من قبيل قرينة الإسناد, ويتم كل فهم للقرينة معنوية كانت أو لفظية في حدود ما تسمح به نمطية اللغة.
والتخصيص علاقة سياقية كبرى, وإن شئت فقل: قرينة معنوية كبرى تتفرع عنها قرائن معنوية أخص منها على النحو الآتي:

القرينة المعنوية

المعنى الذي تدل عليه

1- التعدية

2- الغائية

 

 

3- المعية

4- الظرفية

5- التحديد والتوكيد

6- الملابسة

7- التفسير

8- الإخراج

9- المخالفة

المفعول به

(وهي تشمل المفعول لأجله والمضارع بعد اللام غائية العلة وغائية المدى) وكي والفاء ولن وإذن الخ.

المفعول معه والمضارع بعد الواو

المفعول فيه

المفعول المطلق

الحال

التمييز

الاستثناء

الاختصاص وبعض المعاني الأخرى

 

 

ص194

وهذه القرائن الخاصة كلها تجتمع كما سبق في قرينة معنوية كبرى أعمّ منها تشملها جميعًا وتسمَّى قرينة التخصيص, وإنما سميت هذه القرينة الكبرى قرينة التخصيص لما لاحظته من أنَّ كلِّ ما تفرع عنها من القرائن قيود على علاقة الإسناد, بمعنى أن هذه القرائن المعنوية المتفرعة عن التخصيص يعبِّر كلٌّ منها عن جهة خاصة في فهم معنى الحدث الذي يشير إليه الفعل أو الصفة.
فإذا قلنا: ضرب زيد عمرًا, أو يضرب زيد عمرًا, أو زيد ضرب عمرًا, أو زيد يضرب عمرًا, أو زيد ضارب عمرًا, أو أضارب زيد عمرًا, أو فليضرب زيد عمرًا, أو اضرب عمرًا, أو ضربًا عمرًا, فإن إسناد الضرب إلى المسند إليه كان في كل مثال مما سبق مخصَّصًا بوقوعه على عمرو, أي: إن الوقوع على عمرو كان قيدًا في إسناد الضرب إلى من أسند إليه, وكان أيضًا جهة في الضرب حالت بينه وبين أن يفهم على إطلاقه فطوعته لِأَنْ يفهم من جهة وقوعه على عمرو, وهذا هو المعنى الذي قصدت إليه بقولي: إن المفعول به هنا يعتبر تعبيرًا عن الجهة, وأن التعدية تخصيص لعلاقة الإسناد التي بين الضرب وبين من أسند إليه. يقول عبد القاهر(3): "كذلك إذا عديت الفعل إلى المفعول فقلت: ضرب زيد عمرًا, كان غرضك أن تفيد التباس الضرب الواقع من الأول بالثاني ووقوعه عليه", ومعنى هذا في تفسيرنا لقول عبد القاهر: إن التباس الضرب بالثاني جهة في إسناد الضرب إلى الأول. وينبغي هنا أن نشير إلى أن التعدية إذا كانت معنى أحد مشتقات مادة ما فهي معنى لبقية المشتقات من هذه المادة, كما يتضح في مشتقات الضرب التي أوردناها منذ قليل؛ إذ وجدنا التعدية في الفعل والصفة والمصدر على السواء. وأود أيضًا أن أضيف أن الجهة هنا قيد في الحدث لا في الزمن, وسنرى تفصيل الكلام في النوعين عند الكلام عن الجهة, وهو آت إن شاء الله.
وإذا قلت: أتيت رغبة في لقائك أو كي ألقاك أو لألقاك إلخ. فإنك قد أسندت الإتيان إلى نفسك مقيدًا بسبب خاصٍّ وهذا القيد, وهو الغائية, يعتبر جهة في فهم الإتيان؛ لأن هذا الإتيان بدون سبب أعم منه وهو مسبب, فالإتيان
ص195

هنا مفهوم من جهة كونه مسببًا عن الرغبة في اللقاء, وتكون الغائبة وهي قرينة معنوية دالة على المفعول لأجله, أو على معنى المضارع بعد الأدوات المذكورة, ومقيدة للإسناد الذي لولاها لكان أعمّ, وتكون أيضًا بسبب تقييدها هذا للإسناد دالة على جهةٍ في فهم الحدث الذي يشير إليه الفعل. ويقال الشيء نفسه في: أنا آتٍ رغبة في لقائك، وأنا آتي رغبة في لقائك, وسآتي رغبة في لقائك, وأآت أنا رغبة في لقائك, وهلمَّ جرا. وهي أيضًا قرينة نصب المضارع بعد الفاء واللام وكي وحتى.
وأما المعية فهي قرينة معنوية تستفاد منها المصاحبة على غير طريق العطف أو الملابسة الحالية, والعطف والملابسة معنيان آخران يعبَّر عنهما بالواو كما يعبَّر بها عن المعية, ولسنا هنا بصدد الكلام عن الواو؛ لأن الواو قرينة لفظية, وكلامنا هنا في القرائن المعنوية, وفي قرينة معنى المعية بصفة خاصة. واصطلاح المعية مقصود على قرينة المفعول معه والمضارع بعد الواو, أي: إنه خاص بهذين البابين, ومن أمثلة المضارع المذكور نحو: "لا تأكل السمك وتشرب اللبن", ومع أن معنى الواو هنا هو نفسه معنى الواو التي في المفعول معه, كما يتشابه المعنى هنا والمعنى هناك, أحب النحاة أن يفرقوا بين معنيين متشابهين بسبب الاختلاف في التضامّ بين الواو وما يتبعها, فالذي يضامّ الواو في المعية اسم منصوب, والذي يضام الواو في المصاحبة مضارع منصوب, ومن هذا يتضح أن نصب المضارع بعد الواو على المعية من نوع نصب المفعول معه بعد الواو ذاتها.
والظرفية قرينة معنوية على إرادة معنى المفعول فيه, فلقد سبق أن ذكرنا أن الظروف في اللغة العربية قسم من أقسام الكلم قائم بذاته, وأن بعض ما ينتمي إلى الأقسام الأخرى من الكلم ينقل إلى معنى الظرف فيستعمل كما يستعمل الظرف مفعولًا فيه, ويسمَّى معظمه متصرفًا, وذلك كالمصدر وصيغتي الزمان والمكان, وبعض حروف الجر كمذ ومنذ, وبعض الضمائر الإشارية كهنا وثَمَّ, وبعض المبهمات مثل كم, والأعداد والجهات, وأسماء الأوقات المبهمة, وأسماء العلاقات المفتقرة إلى الإضافة كقبل وبعد وتحت

ص196

وفوق, وأسماء الأوقات المحددة المعينة كالآن وأمس وسحر وبكرة إلخ. كل هذه الكلمات ليست ظروفًا ولكنها تشترك مع الظروف في أمر هامٍّ, هي أنها تنقل إلى الظرفية فتفيد معنى المفعول فيه, فتخصص زمان الحدث ومكانه على معنى الاقتران. والظرفية هنا غير الظرفية التي يفيدها حرف الجر "في" أو ما يأتي بمعناها"؛ لأن الظرفية هنا قرينة معنوية على باب نحوي, ولكنها في حروف الجر علاقة احتواء بين معنى الحدث المستفاد من الفعل وبين الاسم التالي لحرف الجر, أو بعبارة أخرى يكمن الفرق في أن الظرفية هنا للتخصيص, أي: لتقييد زمن الإسناد أو مكانه, والظرفية هناك لنسبة الحدث إلى ظرف يحتويه, فالمعنيان من القرائن المعنوية, وهما على ما بينهما من تشابه شديد جدًّا لا ينبغي اعتبارهما معنى واحدًا لما بينهم من اختلاف المبنى كما يتضح في المقابلات الآتية:
-1 صحوت إذ تطلع الشمس                     ظرف                     تخصيص

-2 صحوت في طلوع الشمس                   حرف                     نسبة

-3 أصحو متى تطلع الشمس           ظرف                     تخصيص

-4 صحوت وقت طلوع الشمس                مبهم منقول إلى الظرف        نسبة

-5 أصحو في وقت طلوع الشمس              حرف                               نسبة

فظرفية الظرف وما نقل إليه أشبه شيء بمعنى الاقتران الزماني أو المكاني, أما ظرفية الحرف فهي على معنى الاحتواء الزماني أو المكاني.
فالذي أراه أن هناك طائفتين مما يستعمل مفعولًا معه, إحداهما الظروف الجامدة التي يقول النحاة إنها تضاف إلى الجمل, وهي التي جعلناها جديرة باسم الظرف عند تقسيم الكلام, وهذه ظرفيتها ظرفية اقتران حدثين, فإذا قلت: حضر زيد إذ حضر عمرو, فإن "إذ" تقرن بين الحضورين. والطائفة الأخرى هي ما ينقل إلى معنى الظرف مما ليس ظرفًا, وهذا قد يدل على ظرفية احتواء حدث واحد, فإذا قلت جاء زيد يوم الجمعة, فذلك معناه أن اليوم هو ظرف المجيء, ولا دلالة هنا على الاقتران. وأحب أن أضيف هنا أن

ص197

الظروف الدالة على الاقتران يبقى لها معناها عند استعمالها أدوات شرط, وتتحول عن هذا المعنى إلى معنى الاحتواء عند استعمالها أدوات استفهام, وأما حرف الجر "في" فهو أصل معنى الاحتواء, وتكون ظروف الاحتواء بمعناه, وهو هنا شاع في تحديد معنى الظرف أنه بمعنى "في".
وأما التحديد والتوكيد فهي القرينة المعنوية الدالة على المفعول المطلق, والمقصود بالتحديد والتوكيد: تعزيز المعنى الذي يفيده الحدث في الفعل, وذلك بإيراد المصدر المشترك مع الفعل في مادته؛ لأن المصدر هو اسم الحدث, ففي إيراده بعد الفعل تعزيز لعنصر الحدث ومعنى الفعل, وتكون التقوية بواسطة ذكره مفردًا منونًا على سبيل التأكيد, أو مضافًا لمعين لإفادة النوع, أو موصوفًا لإفادة النوع أيضًا, أو مميزًا لعدد فيكون العدد نفسه مفعولًا مطلقًا, والمصدر تمييزًا وقد يكون المصدر اسم مرة, أو مثنى اسم المرة فيفيد العدد أيضًا. والذي يهمنا من كل ذلك هو أن التقوية بالتأكيد أو التحديد قرينة معنوية على معنى المفعول المطلق, أما كونه يلزم فيه أن يكون بواسطة صيغة المصدر فذلك قرينة لفظية سنشير إليها فيما بعد إن شاء الله.
وأما الملابسة للهيئات فهي قرينة معنوية على إفادة معنى "الحال" بواسطة الاسم المنصوب أو الجملة مع الواو وبدونها. فإذا قلت: "جاء زيد راكبًا", فالمعنى جاء زيد ملابسًا لحال الركوب, وكذلك إذا قلت: جاء زيد وهو يركب, فالحال هنا عبَّر عنها بالجملة والواو -وتسمَّى هذه الواو واو الحال وواو الابتداء- وقدَّرها سيبويه والأقدمون بإذ, ولا يريدون أنها بمعناها إذ لا يرادف الحرف الاسم, بل إنها وما بعدها قيد للعامل السابق(4)", وعلى هذا الاقتباس من شرح الأشموني ملاحظات:
1- إن تقدير سيبويه والأقدمين لهذه الواو المعبِّرة عن الملابسة "بإذ" يبرر ما رأيته منذ قليل أن معنى ظرفية الظرف أقرب إلى الاقتران، ومعنى ظرفية الحرف أقرب إلى الاحتواء.
ص198

2- قوله: "إذ لا يرادف الحرف الاسم" مبنى على التقسيم التقليدي للكلم, وفيه أن الظرف من الأسماء, أما بحسب فهمي أنا للمشكلة فأَوْلَى للعبارة أن تكون: "إذ لا يرادف الحرف الظرف", وفي هذا تبرير آخر لما زعمته منذ قليل من المغايرة بين ظرفية الظرف وظرفية الحرف.
3- قوله: "بل إنها وما بعدها قيد للعامل السابق" ينسجم تمامًا مع رأيي أن كلَّ المنصوبات تندرج تحت عنوان التخصيص.
والتفسير للذوات قرينة معنوية على باب التمييز, وواضح أن التفسير يكون عند الحاجة إلى الإيضاح, ولا تكون هذه الحاجة إلّا عند المبهم, والمبهم الذي يفسره التمييز إما أن يكون:
1- معنى الإسناد: نحو طاب محمد نفسًا.
2- معنى التعدية: زرعت الأرض شجرًا.
3- اسم مفرد دالّ على مقدار مبهم: اشتريت مترين حريرًا "فهذا مبهم من حيث المقياس والعدد".
ولا شكَّ أن الإبهام عموم, وأن التقييد تخصيص لهذا العموم, وما دام التفسير يزيل الإبهام فهو تخصيص يزيل العموم, وكون التمييز تخصيصًا هو ما نسعى إلى إثباته هنا مع دعوى أن كل المنصوبات مخصصات لعموم الدلالة في الإسناد أو في نطاق الإسناد, وهي من ثَمَّ دالة على "جهة" معينة في فهم علاقة الإسناد. ومن هنا يصدق على الأسماء المنصوبة أنها تعبيرات عن "الجهة", وسنرى ذلك في حينه إن شاء الله.
وعلاقة الإخراج قرينة معنوية على إرادة "باب المستثنى" فالمستثنى يخرج من علاقة الإسناد حين نفهم هذه القرينة المعنوية من السياق. فإذا قلنا: جاء القوم إلا زيدًا, فإننا قد أسندنا المجيء إلى القوم وأخرجنا زيدًا من هذه الإسناد. وكما أنَّ المعية والمصاحبة والملابسة والعطف وغيرها من القرائن المعنوية تتضافر معها الواو لبيان إعراب ما بعد هذه الواو, فيكون ذلك من قبيل ما أشرنا إليه من قبل تحت اسم "تضافر القرائن" فتسمَّى الواو واو المعية

ص199

أو المصاحبة أو الحال أو العطف, فكذلك تتضافر "إلا" وهي قرينة لفظية مع معنى الإخراج وهو قرينة معنوية ليفهم من كليهما ومعهما "النصب" وغيره من القرائن معنى الاستثناء, وكذلك تتضافر "أو" مع الإخراج لنصب المضارع, فيكون نصبه على معنى نصب المستثنى, وفي الإخراج تقييد للإسناد وتخصيص له, ومن هنا ساغ لي أن أضع "المستثنى" بين الأبواب المعبرة عن معنى الجهة, وأن أطلق على ما تفيده هذه القرائن المعنوية مجتمعة عنوانًا شاملًا هو "التخصيص".
وأما المخالفة فهي مظهر من مظاهر تطبيق استخدام القيم الخلافية بجعلها قرائن معنوية على الإعرابات المختلفة, ومن قبيل اعتبار المخالفة قرينة معنوية أننا لا نحسّ ارتياحًا إلى تفسير النحاة لمعنى باب الاختصاص؛ إذ يجعلون الاسم المنصوب على الاختصاص مفعولًا لفعل محذوف تقديره "أخص" أو "أعني", ومع أن تقدير "أخص" منسجم مع اعتبار الاسم المختص من قبيل ما يدخل تحت عنوان "التخصيص", إلّا أنني أحسّ عزوفًا تامًّا عن هذا التقدير الذي ينقل مبدأ وجوب الاستتار من الضمائر إلى الأفعال. والذي يبدو لي هنا أن القيمة الخلافية المراعاة في نصب الاسم هي المقابلة بينه وبين الخبر الواقع بعد مبتدأ مشابه لما قبل الاسم المنصوب هنا, وانظر إلى الجملة الآتية:
نحن العربُ نكرم الضيف ونغيث الملهوف.
نحن العربَ نكرم الضيف ونغيث الملهوف.
فالعربُ في الجملة الأولى خبر, وما بعده مستأنف, والعرب في الجملة الثانية مختص, وما بعده خبر, ولو اتحد المعنى لاتحد المبنى, فأصبحت الحركة واحدة فيهما, ولكن إرادة "المخالفة" بينهما كانت قرينة معنوية تتضافر مع اختلاف الحركة لبيان أن هذا خبر وهذا مختص. وقرينة المخالفة يمكن استخدامها في عدد آخر من أبواب النحو, فتكون مثلًا هي التفسير لما يرد من تعدد حركة المضارع في نحو: "لا تأكل السمك وتشرب اللبن", وكذلك حركة

ص200

المستثنى المنقطع في ما قام القوم إلا حمارًا"(5), ونصب الاسم بعد ما أفعل في التعجب وبعد الصفة المشبهة, ولكننا لسنا هنا بصدد تفصيل القول فيها, فلنكتف بالإشارة إلى اتخاذها قرينة معنوية على إطلاقها.
وكذلك المنصوبات التي يتغيّر المعنى برفعها في نحو: وعد الله حقًّا وسقيًا لك ورعيًا ورأسك والسيف والبدار البدار وندلًا زريق المال إلخ, وكذلك نصب تمييز كم الاستفهامية, وعدم الاستثناء أو العطف بلا بعدها في مقابل ما يرد من ذلك مع كم الخبرية.
ويقول الفراء في معاني القرآن عند إعراب هذا زيد أسدًا: إن أسدًا منصوب لعدم وجود رافع.
قلنا: إن المخالفة من قبيل القيم الخلافية, ونضيف هنا أن المخالفة قرينة معنوية فقط, ولكن القيم الخلافية أعمّ من أن تكون معنوية فقط. فكما نلاحظ القيم الخلافية بين المعنى والمعنى, نلاحظها كذلك بين المبنى والمبنى, وحين تكون بين المعنى والمعنى تصحب معنوية كما رأينا من أمر المخالفة, وأما حين تكون بين المبنى والمبنى فإنها تصبح قرينة لفظية؛ لأن المبنى يتحقق بالعلامة والعلامة لفظ. وسنرى فيما بعد تحت عنوان خاص ما القرائن اللفظية وكيف تدل كل منها على مدلولها وكيف تتضافر فيما بينها وتتضافر مع القرائن المعنوية للدلالة على المعاني الوظيفية.
وأما النسبة فهي قرينة كبرى كالتخصيص, وتدخل تحتها قرائن معنوية فرعية كما دخلت القرائن المعنوية المتعددة تحت عنوان التخصيص, والنسبة قيد عام على علاقة الإسناد, أو ما وقع في نطاقها أيضًا, وهذا القيد يجعل علاقة الإسناد نسبية. وواضح أن معنى النسبة غير معنى التخصيص؛ لأن معنى التخصيص تضييق ومعنى النسبة إلحاق, والمعاني التي تدخل تحت عنوان النسبة وتتخذ قرائن في التحليل والإعراب وفي فهم النصِّ بصورة عامَّة هي ما نسميه: معاني حروف الجر, ومعها معنى الإضافة. ولقد كان الكوفيون يطلقون لفظ الإضافة على المعاني المذكورة جميعًا, ولكن ما يوقر مصطلح "الإضافة"
ص201

من تقاليد العرف الخاص في استعماله يجعلني أفضِّل للدلالة على ما يشمل معاني الحروف والإضافة مصطلح "النسبة". يقول الأشموني في باب الاستثناء(6): "وإنما لم تعمل "أي "إلا" الجر؛ لأن عمل الجر بحروف تضيف معاني الأفعال إلى الأسماء وتنسبها إليها، و" إلّا" ليست كذلك، فإنها لا تنسب إلى الاسم الذي بعدها شيئًا، بل تخرجه من هذه النسبة", وأود أن أشير هنا بصفة خاصة إلى الكلمات الآتية:
تضيف - تنسب - تخرج - النسبة.
فهي تذكرنا بقرائن "الإضافة" "وهي داخلة في النسبة"، و"الإخراج" "وقد سبق الكلام عنها تحت عنوان التخصيص"، و"النسبة" وهي القرائن التي نتكلم في تفصيلها هنا.
وحروف الجر حتى في اصطلاح النحاة القدماء "أدوات تعليق", ومن عباراتهم المشهورة قولهم: "والجار والمجرور متعلق"، فكلمة "متعلق" هنا تفيد أن النحاة كانوا حريصين على شرح ما تفيده معاني الجر "أي القرائن المعنوية المفهومة من حروف النسبة" من تعليق, على أن التعلق بين الجار والمجرور وبين ما تعلق به إنما يكون بمعنى الحدث لا بمعنى الزمن, فإذا قلنا: جلس زيد على الكرسي, فإن الكرسي تعلق بالجلوس بواسطة حرف الجر, ولم يتعلق بالمضي كما يتضح من الشكل الآتي.
جلس زيد على الكرسي

     جلس                           زيد على الكرسي

زمن      حدث

       =مضى   = جلوس

والجملة بهذا تعني: مضى جلوس زيد على الكرسي, فلا صلة للكرسي بالمضي, وإنما تقوم الصلة بينه وبين الجلوس, وأما العلاقة المباشرة للمضي فهي بالجلوس؛ لأن معنى الفعل يشتمل عليهما جميعًا.
ص202

وأما معنى الإضافة فيكفي لبيان قوة التعليق فيه أن النحاة لم يغفلوا النصّ على أن المضاف والمضاف إليه كالكلمة الواحدة, غير أن هناك فرقًا بين النسبة التي يفيدها حرف النسبة, والنسبة التي تفيدها الإضافة, فالنسبة مع حرف النسبة أنها على حدِّ تعبير الأشموني "تضيف معاني الأفعال إلى الأسماء وتنسبها إليها", وعلى حد تعبيرنا نحن: إنها تجعل علاقة الإسناد نسبية, سواء كانت هذه العلاقة بين مبتدأ وخبره, أو فعل وفاعله, أو غير ذلك, على حين تكون النسبة في الإضافة بين المتضايفين الواقعين في نطاق الإسناد. ولكل حرف من حروف النسبة عدد من المعاني المتباينة على أساس ما ذكرنا من ظاهرة تعدد المعاني الوظيفية للمبنى الواحد, والذي يلتمس معاني هذه الحروف كما حددها النحاة فسيجدها في عمومها كما يأتي:
1- ابتداء الغاية.
2- انتهاء الغاية.
3- البعضية.
4- الظرفية.
5- التعليل.
6- المجاوزة.
7- الاستعانة.
8- الاستعلاء.
9- المصاحبة.
10- الإلصاق.
11- القسم.
12- التشبيه
13- بيان الجنس.
14- التوكيد.
15- الملك.
16- الاستحقاق.
17- النسب.
18- العاقبة.
19- المقايسة.
20- التعويض.
21- التعجب.
22- الاستدراك.
23- التبليغ.
24- التبيين.
25- البعدية.
26- البدلية.
27- العندية.
28- التعدية.
29- الزيادة.
فإذا زدنا هذه القرائن المعنوية قرينة "الإضافة", صارت هذه القرائن الداخلة تحت مفهوم النسبة ثلاثين قرينة معنوية, ومعنى النسبة واضح في كل هذه القرائن على نحو ما نرى فيما يلي:

ص203

القرينة النسبة:
ابتداء الغاية الطرف الأول: الحدث "ملابس الابتداء" الطرف الثاني: الغاية.
البعضية الطرف الأول: الحدث "ملابس البعض" الطرف الثاني: الكل.
الظرفية الطرف الأول: الحدث "المظروف" الطرف الثاني: ظرفه.
التعليل الطرف الأول: الحدث "المعلول" الطرف الثاني: العلة.
المجاوزة الطرف الأول: الحدث "المجاوز" الطرف الثاني: المجاوَز.
وكذلك الأمر في البواقي. فالتعليق بواسطة ما يفهم بالحرف من نسبة هو في حقيقته إيجاد علاقة نسبية بين المجرور وبين معنى الحدث الذي في علاقة الإسناد, وهذا النوع من التعليق بمعنى الحرف واسع حقل التطبيق في اللغة العربية الفصحى, كما يمكن أن يرى من كثرة القرائن المعنوية التي تستخدم في هذا التعليق.
وأما التبعية فهي أيضًا قرينة معنوية عامَّة يندرج تحتها أربع قرائن هي: النعت والعطف والتوكيد والإبدال, وهذه القرائن المعنوية تتضافر معها قرائن أخرى لفظية أشهرها قرينة المطابقة, ثم إن أشهر ما تكون فيه المطابقة بين التابع والمتبوع هو العلامة الإعرابية, كما أن هناك قرينة أخرى توجد فيها جميعًا هي الرتبة؛ إذ رتبة التابع هي التأخُّر عن المتبوع دائمًا أيًّا كان نوعهما.
فأما النعت فهو يصف المنعوت ويكون مفردًا حقيقيًّا وسببيًّا, وجلمة وشبه جملة, وأما التوكيد فمنه لفظي ومعنوي؛ فاللفظي بتكرار المؤكد, والمعنوي بألفاظ معينة. وأما عطف البيان فليس يتم بواسطة الحرف وإنما يفسر التابع فيه ما كان في متبوعة من إبهام, فهو مما قبله في وضع يقترب نوع اقتراب من معنى المفعول المطلق المبين للنوع من جهة, ومن معنى التمييز أو النعت من جهة أخرى, إلّا أنه يمتاز عنهما بقرينة التبعية, وبعض القرائن اللفظية, وتفسير متبوعة يكون بتخصيصه إذا كان نكره, وتوضيحه إذا كان معرفة. والنسق تتضافر فيه قرينة التبعية وقرينة الأداة ومطابقة الحركة. والبدل إما مطابق أو اشتمال أو بعض أو إضراب, وكل ما صح أن يكون عطف بيان صحَّ أن يكون بدلًا إلّا عند امتناع إعادة بناء الجملة مع حذف المبدل منه وإقامة البدل مقامه, فإذا امتنعت هذه التجربة فالتابع للبيان لا للإبدال.

ص204

 

 

__________
(1) انظر الرسم البياني على الصفحة السابقة الذي يتضح فيه مكان قرائن التعليق من بقية القرائن, ثم تفصيل علاقة كلٍّ منها بالآخريات.

(2) فلسفة اللغة العربية للدكتور عثمان أمين.

(3) دلائل الإعجاز ص118.

(4) شرح الأشموني ص258 تحقيق محيي الدين.

(5) والمثال للمتقطع من المقام المنفي, ويحمل نصب المثبت عليه.

(6) شرح الأشموني ص228 "محيى الدين".

 




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.