أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-11-2014
2217
التاريخ: 2023-12-17
1675
التاريخ: 27-04-2015
4204
التاريخ: 14-11-2014
2269
|
أ- في اللغة
ورد في لسان العرب ، تحت مادة (أول) ما نصه
: «الأول الرجوع ، آل الشيء يؤول أولا ومالا رجع. وآل إليه الشيء رجعه. وآلت عن
الشيء ارتددت ... وقوله عز وجل : { وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ } [يونس : 39] أي لم يكن معهم علم تأويله. وسئل أبو العباس أحمد بن
يحيى عن التأويل فقال : التأويل التغيير والمعنى واحدا (1).
وفي القاموس :
«آل إليه أولا ومالا، رجع، وعنه ارتد. ثم
قال : وأول الكلام تأويلا وتأوله دبره وقدره وفسره ، والتأويل عبارة عن الرؤيا» (2).
قال الزمخشري : «آل الرعية يؤولها إيالة
حسنة ، وهو حسن الإيالة وائتالها ، وهو مؤتال لقومه قتال عليهم أي سائس محتكم ...» (3).
ب - في الاصطلاح :
لقد اختلف علماء العامة اختلافا كبيرا في
تشخيص الفرق بين التفسير والتأويل وتفرقوا بعدد عقول رجالهم (الأصنام) سواء بالرأي
والاجتهاد الجزافي أو الموروث (...) حتى قال ابن حبيب النيسابوري : نبغ في زماننا
مقرءون لو سئلوا عن الفرق بين التفسير والتأويل ما اهتدوا إليه» (4)؟! وقد أنكر ابن تيمية المجاز- كما سيأتي- ولا
يخفى أن المجاز عماد التأويل؟! وكذلك مشكلتهم في تصدرهم في مجال علم الكلام والأصول
بل ويكادون أن يضيقوا ذرعا لوروده في القرآن الكريم! يقول أمين الخولي : «و أحسب
أن منشأ هذا كله هو استعمال القرآن لكلمة التأويل، ثم ذهاب الأمويين إلى اصطلاح
خاص فيها، مع شيوع الكلمة على ألسنة المتكلمين من أصحاب المقالات والمذاهب» (5).
وكعادة مدعي أهل السنة الذين بدل أن يعترفوا
أنهم تنطعوا عند ما أخذ رجل عن واعظ سلطان الذي قوى مركزهم بالسيف والمال لينصبوا
أنفسهم وكلاء عن السنة، وتعصبوا عنادا وان بدا جهلهم وانحرافهم عن الحق، فقد وقعوا
بالخلط والخبط بتأويل التأويل ولو على غير مراد التأويل بل بما انتجته عقول رجالهم
الذين سموهم مكابرة بالأئمة ؟! وبعد فترة عسيرة وعلى مدى العصور توصلوا إلى أنه
يعني : «صرف اللفظ عن المعنى الراجح من المعنى المرجوح إليه يقترون به» ! وهذه
القاعدة كشبيهاتها من الادّعاءات العريضة الفارغة التي يحكمها الهوى والارتجال بل
التعصب الأعمى الغير مستند على هدى ولا كتاب بل وعقل سليم. لحيرتهم أن ما ذكره
الماتريدي وأبو طالب الثعلبي، والبغوي ، والكواشي وغيرهم من المتأخرين من تعريفات
فيكون بينهما تباين ؟!! (6) وهنا أحاول توجيه وتسديد انحرافهم - وإن كانوا يدعون أن كل ما عندهم
الحق وغيرهم الباطل- بأنه ينبغي وضع ضوابط معينة- علمية ولغوية وتفسيرية - وإلا
يستحيل تأويلا مستنكرا ، يمكن الهوى والاعتقاد. وعليه فالتأويل فيه مطالب بأمرين :
أ- بيان احتمال اللفظ للمعنى الذي ادعاه.
ب - بيان الدليل الموجب للعرف إليه في
المعنى الظاهر(7).
فكان لا بد أن ننعي عقولهم القاصرة وفهمهم
الموصل إلى الضلال - الذي أوقعهم بالتجسيم والتشبيه - وإن كان علينا تحمل
اتهاماتهم وطعونهم المتعصبة فنقول رأفة بهم : ما تقولوه وما اعتقدوه من أن
المتشابه ما أريد به خلاف ظاهره، ووصفه بأنه اصطلاح محق وهذا لا يمكن استفادته من
قوله تعالى : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ
الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ
فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ
ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ } [آل عمران : 7].
إن المتشابه إنما هو متشابه من حيث تشابه
مراده ومدلوله- تشابه على من وضع نفسه ندا لأهل الذكر والراسخون في العلم- وليس
المراد من التأويل والمعنى المراد من المتشابه حتى يكون المتشابه متميزا عن المحكم
بأن له تأويلا- حسب فساد عقولهم ومعتقدهم الباطل- بل التأويل يشمل المحكم
والمتشابه ! كما أن ليس في القرآن آية أريد فيها ما يخالف ظاهرها، وما يوهم ذلك من
الآيات وإنما أريد بها معان تعطيها كما آيات أخرى محكمة- لو كنتم أهل السنة كما
تزعمون- والقرآن يفسر بعضه بعضا (8)؟!
وهناك ارتجال وصرعة من صرعات ابن تيمية
المعهودة، بأن يكابر بفرض ما يفرزه عقله- ولم لا والاجتهاد بالرأي مفتوح حتى
للجهلة- حيث قال : إن المراد بالتأويل هو نفس المراد بالكلام، فإن كان الكلام طلبا
كان تأويله نفس العقل المطلوب، وإن كان خبرا كان نفس الشيء المخبر به، وعليه
فالتأويل هو نفس الأمور الموجودة في الخارج سواء كانت ماضية أو مستقبلية- هذه
طبيعته بأنه لا يحترم حتى عقول سلفه- فإذا قيل (طلعت الشمس) فتأويل هذا نفس طلوعها
وهذا الوضع والعرف، وهو لغة القرآن التي نزل بها- كعادته لا يتحرّج ولا يتّقي من
أن ينسب الأمور للقرآن وإجماع أهل السنة والجماعة وما هي كذلك- فتأويل الأحاديث
التي هي رؤيا المنام والتي تأولها يوسف عليه السّلام في نفس مدلولها الذي تؤول
إليه (9) ؟! بل هذا من سخف التأويل البعيد والمرتجل ممن ليس من أهل هذا العلم
بل من المتطفلين عليه! الحق في تفسير التأويل إنه الحقيقة الواقعية التي تستند
إليها البيانات القرآنية من حكم موعظة أو حكمة، وأنه موجود لجميع الآيات القرآنية
لحكمها وتشابهها، وأنه ليس من قبيل المفاهيم المدلول عليها بالألفاظ، بل هي من
الأمور العينية المتعالية من أن تحيط بها شبكات الألفاظ، وإنما قيدها اللّه سبحانه
بقيد الألفاظ لتقريبها من أذهاننا بعض الشيء فهي كالأمثال تضرب لتقرب بها المقاصد
وتوضح بحسب ما يناسب فهم السامع (10).
ويستفاد مما تقدم أن المفسر يحذر أهل السنة
والجماعة، بأنكم قد تعملون الرأي والارتجال في كثير من ادعاءاتكم في فرقكم- مذاهبكم-
ولكن حاذروا في كتاب اللّه تعالى أن لا يجوز لكم التأويل إلا ضمن ضابط قرآني- لا
قياسات عقولكم ولا استحسانات أهوائكم- وبأقلها حتى لا تتجاسروا على القرآن ومراميه
العالية، كما ضيقتم الإسلام بمنع غير مذاهبكم وفرقكم الجامدة، المحددة وكان العقبة
لمنع تحرير العقول وكشف معاني الإسلام العليا والتي يدعو إليها القرآن ؟! فنورد
مثالا على ذلك، لما جاء في قوله تعالى : { وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا
كِلْتُمْ وزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } [الإسراء : 35].
فإنه حسب تأويلاتهم القاصرة المعهودة، لم
يكن الميزان- كما جمد عليه السلف- إلا تلك الآلة القديمة وما دونها بدع، لأنه خلاف
الظاهر من الكيل والوزن. ولكن علماءنا أعطوا القرآن منزلته البصيرة الآفاق، بأن
جعلوا المراد من التأويل في الكيل والوزن الوضع الاقتصادي والسوق والمعاملات
التجارية، وهذا ليس خلاف الظاهر من الكيل والوزن، بل هو حقيقة خارجية ومعنى أوجدت
في الكيل والوزن، تقوى وتضعف بواسطة استقامة المعاملة وعدم استقامتها. علما أن
الآية لم تزل دلالة لفظية على هذه الحقيقة الخارجية (11). وأن الناس إذ خسروا بالتطفيف.
__________________
(1) لسان العرب : 13/ 33.
(2) القاموس المحيط : 3/ 331.
(3) الزمخشري ، أساس البلاغة : 1/ 15.
(4) الحسن بن محمد بن حبيب النيسابوري (ت
406 هـ) نحوي ، مفسر، بغية الدعاة ص 227. الاتقان 2/ 173.
(5) أمين الخولي، التفسير، معالم حياته ،
نهجه اليوم ص 6. نقلا عن التفسير والمفسرون للذهبي 1/ 19.
(6) الاتقان 2/ 273، البغوي، تفسير البغوي
1/ 18 البرهان 2/ 149.
(7) أنظر : ابن تيمية ، مجموعة الرسائل
الكبرى - رسالة الإكليل - 2/ 17. بيروت 1392 هـ .
على طبيعة ابن تيمية تكلفا وعنادا ثم يحمل
السلف وأهل السنة إفرازات تعصبه الذي لا واقع له!
(8) للمزيد راجع الميزان : 3/ 38، تفسير آية
-7- من سورة آل عمران.
(9) ابن تيمية : مجموعة الرسائل الكبرى-
رسالة الإكليل- 2/ 18 وانظر : التفسير والمفسرون 1/ 17.
(10) للمزيد راجع الميزان : 3/ 49. وهنا وهذا
مما يحدث كثيرا أن يأتي أحد من الخلف المتأخر لينسف كل ما بناه السلف، يقول د.
مصطفى زيد : وجميع هذا المواضع التي استدل القرآن فيها اللفظ والتأويل أريد به
الأمر العملي الذي يقع في المال تصديقا لخبر أو رؤيا أو تصديقا لعمل غامض يقصد به
شيء في المستقبل، دراسات في التفسير- ص 77 القاهرة 1971 م.
(11)
للمزيد انظر : القرآن في الإسلام- الطباطبائي- الإسراء : 35، ص 45.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|