أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-4-2019
4652
التاريخ: 23-4-2019
2727
التاريخ: 21-4-2019
2769
التاريخ: 21-4-2019
6640
|
التخلص :
لقد عرفنا أن السكون وحدة في النظام الصوتي للغة العربية يقف في مقابل الحركة أيًّا كانت هذه الحركة فتحة أو كسرة أو ضمة فيكون بينهما قيمة خلافية, فالنظام الصوتي يشتمل على السكون بهذا الوصف. وهو يشتمل على السكون أيضًا في القواعد الصوتية الخاصة نحو: "ليس في اللغة ابتداء النطق بالساكن" و"ليس في اللغة التقاء الساكنين" و "من قواعد اللغة الوقف بالسكون" وهلمَّ جرا. ويشتمل النظام الصوتي على ظواهر تتحقق
ص295
بإسكان حرف من الحروف؛ كالتصغير يتحقق بياء ساكنة, ويشتمل النظام النحوي على ظواهر تتحقق بالإسكان كبناء بعض الصيغ والكلمات على السكون. ومعنى كل ذلك أن النظام اللغوي في صوره المختلفة الصوتية والصرفية والنحوية يقرر السكون علامة على وظائف لا تؤدى إلّا به.
ولكن السياق كما ذكرنا من قبل ديناميكي متحرك, ويأتي عن حركته أن تكون له بعض المطالب, فقد تكون الكلمة السابقة مبنية على السكون والكلمة اللاحقة مبدوءة بحرف ساكن كما في قولك: "اعرض اقتراحك" فالكلمة الثانية تبدأ بحرف ساكن هو القاف, وليست الألف التي قبلها إلّا علامة إملائية على الوصل ولا تنطق الألف هنا, وإنما ينتقل المتكلم من الضاد إلى القاف بواسطة كسرة التخلص.
وقد تكون الكلمة السابقة مجزومة بالسكون واللاحقة مبدوءة بالساكن نحو: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} أو "لم يطل انتظاري", فيتطلب السياق في هذه الحالة شيئًا غير الذي قدَّره النظام؛ لأن النظام قرر السكون, ولكن السياق قرَّر التخلص من هذا السكون, وعمدت اللغة إلى أن تجعل من مطلب السياق قاعدة فرعية خاصة أو نظامًا فرعيًّا ضيقًا يسمَّى التخلص من التقاء الساكنين.
وطريقة التخلص من التقاء الساكنين كما رأينا هي كسر أولهما إذا كان صحيحًا -وهذه الكسرة ليست جزءًا من بنية الكلمة وليست جزءًا من هيكلها الحركي, وليست حركة إعرابية لها, ولكنها علامة على موقع معين التقى فيه ساكنان في وسط الكلام, ومن ثَمَّ يكون التخلص من التقاء الساكنين ظاهرة موقعية من ظواهر السياق, وتكون الصلة الوحيدة بينه وبين نظام اللغة هي صلة التعارض وهي صلة سلبية.
والمعروف أن اللغة العربية قد تقبل التقاء الساكنين وتغتفره إذا كان هناك من مقررات النظام ما هو أولى بالاعتبار من التقاء الساكنين, وذلك نحو الوقف بالسكون على آخر الكلام وبعده سكون الصمت, وتفادي فك المثلين المتحركين في وسط الكلام, ومن المغتفر أن يلتقي الساكنان في الوقف نحو: قبل -بعد - عين - قوم إلخ. ومن المغتفر كذلك أن يلتقي الساكنان إذا كان
ص296
ثانيهما أول مثلين مدغمين, وقد يحدث أن يكون الأول منهما في هذه الحالة حرف لين مشكلًا بالسكون, أو أن يكون حرف مدٍّ وبعدهما في الحالتين حرف مشدد, وذلك نحو: دويبه - مدهامتان- أتحاجوني - ولا الضالين - الحاقة ما الحاقة - الطامة - الصاخة - الصافات, وتصغير هذه الكلمات المؤنثة نحو: حويقّة - طويمة - صويخة - صويفة إلخ, وكذلك قولك: ما النافية، لا الناهية، في الجارة إلخ.
وظاهرة التخلص من التقاء الساكنين في السياق تصحب جزءًا من سليقة العربي, وعادة من عاداته النطقية, فإذا تعلَّم لغة أجنبية لا تمنع التقاء الساكنين فإنّ هذا العربي سرعان ما يخضع للعادات النطقية العربية فيسعى إلى التخلص من التقاء الساكنين كلما صادفه, فإذا صادف كلمة مثل: display في اللغة الإنجليزية, فإما ألّا يكون عارفًا بتركيب الكلمة من جزءين هما dis و play وفي هذه الحالة يكسر السين, وإما أن يكون عالمًا بذلك فيكسر الباء, ويكون النطق إما في صورة disiplay, وإما في صورة dispilay على الترتيب.
وفي الفصحى المعاصرة صورة من صور الاغتفار دعت إليها ضرورة التفريق بين المعاني, ولست أدري ما إذا كانت هذه الصورة مراعاة في القديم أو لا, فإذا قرأنا العبارة الآتية:
"ولما وصل الضيف تقدَّم حاملًا العلِمْ إلى المنصَّة" أدركنا أنها يمكن أن تلتبس بعبارة "ولما وصل الضيف تقدمَ حاملَ العلمِ إلى المنصَّة", والشيء الوحيد الذي يمنع هذا اللبس هو مد الألف في كلمة "حاملًا" واغتفار الساكنين في هذا الموضع ونحوه, فهل كان القدماء يفعلون ذلك في إلقائهم الكلام؟ لا أحد يدري. ومثل ذلك ما كنا نسمعه في الإذاعة من قولهم: "سافر مندوبو الرئيس إلى العواصم العربية المختلفة" ليدعو الملوك والرؤساء إلى الالتزام بسياسة عربية واحدة ضد المصالح الأمريكية إذا أعطت أمريكا الأسلحة والطائرات للعدو الصهيوني" فلا يفهم من هذه الجملة "المسموعة" ما إذا كان هناك مندوب واحد أو مندوبون متعددون إلّا بمعونة السياق الأكبر أو اغتفار الساكنين بمد الواو من كلمة "مندوبو الرئيس".
ص297
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|