أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-4-2019
478
التاريخ: 17-4-2019
1819
التاريخ: 17-4-2019
1022
التاريخ: 17-4-2019
1996
|
المعاجم الدلالية الخاصة ذات الترتيب الهجائي:
هناك عدد كبير من الكتب رتبت فيها الألفاظ وفق الحروف الأصول، أو حروف الكلمة كاملة أو وفق الموضوعات أو وفق الأبنية، وقد تناولت المعاجم
ص111
الدلالية الخاصة مستوى بعينه من مستويات اللغة، فهناك معاجم لألفاظ القرآن الكريم ومعاجم لألفاظ الحديث. ومعاجم للمصطلحات العلمية العربية. وإلى جانب هذا فهناك معاجم بحثت الألفاظ الدخيلة في العربية من الناحيتين الاشتقاقية والدلالية وهذه المعاجم الدلالية الخاصة تختلف عن المعاجم العامة السابقة في أنها لم تهدف إلى ألفاظ اللغة عموما أو إلى جمهرة هذه الألفاظ, بل كانت تتناول مجموعة محدودة من الألفاظ وتبحثها من النواحي الدلالية وتصنفها هجائيًّا.
ومن أهم المعاجم الدلالية المؤلفة لألفاظ القرآن الكريم، "المفردات في غريب القرآن" للراغب الأصفهاني، ت 502 هـ، يختلف كتاب المفردات عن الجهود السابقة عليه في نفس الموضوع من ناحية الترتيب، فكتاب "مجاز القرآن" لأبي عبيدة معمر بن المثنى، ت 209 هـ أو 213 هـ، يضم بعد مقدمة عامة عن قضايا المجاز تفسيرًا للألفاظ القرآنية من الجوانب الدلالية والصرفية مستشهدًا على ذلك بشواهد من الشعر والأحاديث والأمثال. ولكن "مجاز القرآن" لم يرتب موضوعاته أو ألفاظه ترتيبًا معجميًّا بل جاء بها وفق السور، وشرح أبو عبيدة في إطار كل سورة ما ورد بها من قضايا. وقد ظل هذا المنهج سائدًا عند كثير من المؤلفين الذين بحثوا القضايا الدلالية لألفاظ القرآن الكريم في إطار تفسيرهم للسور، ولذا لا يعتبر جهدهم معجميًّا. نجد هذا أيضا في كتاب "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة، ت 276 هـ، لقد ذكر ابن قتيبة في أول كتابه أسماء الله الحسنى، ثم الألفاظ الشائعة في القرآن الكريم، وأخذ يشرح بعد ذلك الكلمات الغريبة مرتبة وفق السور، كان يذكر الآية القرآنية ويشرح ما بها من غريب شرحًا مختصرًا دون إفاضة في تفصيلات صرفية أو نحوية أو دلالية. لا يعد مجاز القرآن لأبي عبيدة ولا تفسير غريب القرآن لابن قتيبة من معاجم مفردات القرآن الكريم، فإنهما وإن تضمنا قضايا دلالية كثيرة إلا أن الكتابين لم يتخذا منهجًا معجميًّا في ترتيب الألفاظ التي شرحت فيهما وبذلك يختلف هذان الكتابان وغيرهما من الكتب عن كتاب
ص112
المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني، وقد رتب الراغب الأصفهاني مفردات القرآن باعتبار حروفها الأصول ترتيبًا هجائيًّا، واتبع بذلك ما جرت عليه المعاجم العربية العامة من ترتيب الكلمات وفق حروفها الأصول.
ويعد كتاب "النهاية" في غريب الحديث لابن الأثير الجزري، ت 606هـ، ثمرة كتب كثيرة تناولت موضوع غريب الحديث وقد أشار ابن الأثير إلى هذه الجهود في مقدمة كتابه، ويرجع الاهتمام بألفاظ الحديث إلى أبي عبيدة معمر بن المثنى والأصمعي وأبي عبيد القاسم بن سلام وابن قتيبة، ولكن هؤلاء لم يرتبوا الألفاظ التي شرحوها ترتيبًا معجميًّا بل كانت تشرح وفق الأحاديث، وقد اعتمد ابن الأثير الجزري في معجمه "النهاية في غريب الحديث" على معجمين ألفا قبله في هذا الموضوع. ففي القرن الرابع الهجري ألف أبو عبيد الهروي أول معجم لألفاظ الحديث. ثم ألف أبو موسى الأصفهاني معجمًا مكملا لمعجم الهروي. وقام ابن الأثير الجزري بالجمع بين معجمي الهروي والأصفهاني في معجم واحد خاص بألفاظ الحديث وحدها. وقد رتب ابن الأثير معجمه مثل ترتيب الهروي والأصفهاني وفق الحروف الأوائل. ولكن منهج ابن الأثير اختلف عن معجمي الهروي والأصفهاني والمعاجم العربية العامة من ناحية أساسية. فقد وجد أنه من الصعب الالتزام بفكرة ترتيب الكلمات وفق حروفها الأصول فقط، وعدم مراعاة باقي حروف الكلمة، وإذا كانت المعاجم العربية من كتاب العين إلى تاج العروس قد رتبت الكلمات وفق حروفها الأصول فقط، فإن ابن الأثير كان قد وجد في هذا صعوبة عملية، فرتب الكلمات بمراعاة كل حروفها دون تمييز بين الأصول والزوائد، وفي هذا يقول ابن الأثير: وجدت في الحديث كلمات كثيرة في أوائلها حروف زائدة قد بنيت
ص113
الكلمة عليها حتى صارت كأنها من نفسها ..... فرأيت أن أثبتها في باب الحرف الذي هو في أولها وإن لم يكن أصليا ونبهت عند ذكره على زيادته لئلا يراها أحد في غير بابها فيظن أني وضعتها فيه للجهل بها(1). ومن هذا الجانب أيضا يختلف كتاب النهاية في غريب الحديث عن المعاجم العربية العامة.
وأهم المعاجم العربية الخاصة بالألفاظ الدخيلة هو كتاب "المعرب من الكلام الأعجمي" للجواليقي، ت 540هـ، وقد حدد الجواليقي موضوع كتابه بالبحث في الألفاظ الدخيلة من اللغات الأجنبية المختلفة والتي استخدمت في القرآن المجيد وأخبار الرسول والصحابة وفي أشعار العرب وأخبارها. وقد أثبت الجواليقي أن هذه الألفاظ الدخيلة من لغات مختلفة، مثل: الفارسية والآرامية التي تسمى عنده بالنبطية. ولذا لم يكن ترتيب هذه الألفاظ باعتبار حروفها الأصول أمرًا مقبولا، فإجراء الألفاظ غير العربية وغير السامية على النمط الصرفي للغة العربية نوع من التعسبف غير المقبول علميًّا. ولذا رتب الجواليقي الألفاظ التي ناقشها في كتابه من الجانبين الدلالي والاشتقاقي ترتيبًا معجميًّا يراعي كل حروف الكلمة، وبذلك خرج الجواليقي على المبدأ السائد في المعاجم العربية العامة.
وهناك عدد من المعاجم الخاصة بالمصطلحات العلمية، منها التعريفات لعلي بن محمد الجرجاني، ت 816هـ، وكشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي المؤلف 1158هـ، ويعد كتاب التهانوي أكبر معجم عربي للمصطلحات العلمية، والتهانوي مؤلف هندي وجد المصطلحات المتداولة في التراث العربي في العلوم المختلفة بحاجة إلى معجم دلالي يوضح معانيها. فإذا كانت المعاجم العربية العامة قد اعتمدت على حركة جمع اللغة والشعر القديم في القرن الثاني الهجري فإن المصطلحات العلمية لم تنشأ في البادية عند القبائل التي اعتمد عليها اللغويون، لقد كثرت المصطلحات العملية العربية مع تنوع جوانب المعرفة العربية واتساع الأفق العلمي في القرن الثالث والقرون التالية،
ص114
ولذا كانت المصطلحات خارج إطار اهتمام المعاجم العربية، وليس مصادفة أن يكون الاهتمام بهذه المصطلحات واضحًا عند عدد من العلماء غير العرب، فهؤلاء وجدوا صعوبة في فهم هذه المصطلحات، فأثارت اهتمامهم. وكانت ثمرة هذا الاهتمام معجمًا كبيرًا، مثل كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي، وفي هذا يقول التهانوي "ولم أجد كتابا حاويا لاصطلاحات جميع العلوم المتداولة بين الناس وغيرها، وقد كان يختلج في صدري أوان التحصيل أن أؤلف كتابًا وافيًا لاصطحلات جميع العلوم، كافيًا للمتعلم من الرجوع إلى الأساتذة العالمين بها"(2).
قدم التهانوي لكتابه بعرض عام حول العلوم وتصنيفها، أما المصطلحات العلمية فقد جاءت عنده مرتبة ترتيبًا معجميًّا وفق الحرف الأول من حروفها الأصول، وبهذا نهج التهانوي نهج بعض المعاجم العربية مثل أساس البلاغة للزمخشري.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) النهاية في غريب الحديث 1/ 11.
(2) كشاف اصطلاحات الفنون 1/ 1.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية يصدر كتاب الفلسفة الغربية برؤية الشيخ مرتضى مطهري
|
|
|