المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



التشبيهات البعيدة الغلو  
  
1967   12:54 صباحاً   التاريخ: 19-1-2020
المؤلف : عيار الشعر
الكتاب أو المصدر : ابن طباطبا العلوي
الجزء والصفحة : ص73-75
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد القديم /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-3-2018 6274
التاريخ: 23-3-2018 7847
التاريخ: 18-1-2020 2087
التاريخ: 18-1-2020 1612

 

ومن التشبيهات البعيدة التي لم يلطف أصحابها فيها، ولم يخرج كلامهم في العبارة عنها سلساً سهلا قول النابغة:

تخْدى بهم أُدم كأن رِحالها           علقٌ أريق على  متونِ صوارِ

وكقول زهير بن أبي سلمى:

فزلَّ عنها وأوفى رأس رقبتِهِ         كمنصل العترِ دمى رأسه النُّسك

وكقول خفاف بن ندبه:

أبقى لها التعداء من عتداتها         ومتونها كخيوطه الكتَّان

والعتدات القوائم. أراد أن قوائمها دقت حتى عادت كأنها الخيوط، وأراد ضلوعها فقال متونها وقول بشر بن أبي خازم:

وجر الرامسات بها ذيولا          كأن شمالها بعد الدبورِ

رماد بين أظارٍ ثلاثٍ         كما وشِم النواشِر بالنؤورِ

فشبه الشمال والدبور بالرماد.

وكقول أوس بن حجر:

كأن هِراً جنينا عند غُرضتِها        والتفَّ ديك برجلها وخنزير

وكقول لبيد بن ربيعة:

فخمةٌ زفراء ترتِي بالعرى         قردمانياً وتركا كالبصلْ

وكقول النابغة الجعدي:

كأن حجاج مقلتها قليب         من السمقين أخلق مستقاها

والحجاج لا يغور لأنه العظم الذي ينبت عليه شعر الحاجب؟ وقول ساعدة بن جؤية:

كساها رطيب الريش فاعتدلت لها        قداح كأعناقِ الظباء الفوارِقِ

شبه الهام بأعناق الظباء، ولو وصفها بالدقة كان أولى.

الأبيات التي زادت قريحة قائليها على عقولهم

 

73

 

ومن الأبيات التي زادت قريحة قائليها على عقولهم قول كثير:

وما زالت رقاك تسلُّ ضغني           وتخرج من مكامنها ضِبابي

ويرقيني لك الحاوون حتى             أجابت حية تحت الحجابِ

وقوله أيضاً:

ألا ليتنا يا عز من غير ريبةٍ        بعيران نرعى في الخلاء ونعزب

كِلانا به عر فمن يرنا يقُلْ          على حسنها جرباء تعدى وأجرب

نكون لذي مالٍ كثيرٍ مغفَّل           فلا هو يرعانا ولا نحن نُطلب

إذا ما وردنا منْهلاً صاح أهلُه           علينا فلا ننفك نرمى ونضرب

وددت وبيتِ الله أنك بكرةٌ           هجان وأني مصعب ثم نهرب

فقال له عزة: لقد أردت بي الشقاء الطويل، ومن المنية ما هو أوطأ من هذه الحال. وكقول الآخر في زبيدة أم محمد الأمين:

أزبيدة ابنة جعفرٍ          طوبى لسائِلكِ المثاب

تُعطين من رجليكِ ما       تُعطى الأكفُّ من الرغاب

وكقول جرير بن عطية:

هذا ابن عمي في دمشق خليفةٌ        لو شئت ساقكُم إلي قطينا

فقيل له: يا أبا حزرة لم تصنع شيئاً، أعجزت أن تفخر بقومك حتى تعديت إلى ذكر الخلفاء؟! وقال له عمر بن عبد العزيز: جعلتني شرطياً لك. أما لو قلت: لو شاء ساقكم إلي قطينا، لسقتهم إليك عن آخر.

يا بشر حقَّ لوجهِك التبشير        هلا غضبت لنا وأنت أمير

قد كان حقُّك أن تقولَ لبارقِ        يا آل بارق فيم  سب جرير

فقال بشر: أما وجد ابن اللخناء رسولاً غيري وقال: وكقول الأخطل:

ألا سائِلِ الجحاف هلْ هو ثائِر         لقتلي أصيبتْ من سليمٍ وعامِر

 

74

 

فقدر أن يعير الجحاف بهذا القول ويقصر به فيه، فأجراه الجحاف مجرى التحريض، ففعل بقومه ما دعى

الأخطل إلى أن يقول:

لقد أوقع الجحافُ بالبِشْرِ وقْعةً         إلى اله منها المشتكى والمعولُ

فلو سكت عن هذا بعد ذلك القول الأول لكان أجمل به، ثم لم يرض حتى أوعد وتهدد عند ذلك الخليفة

فقال:

فإن لم تُغيرها قُريشٌ بملكها           يكُن عن قُريشٍ مسَتمار ومرحلُ

وكقوله أيضاً:

فلا هدى الله قيساً من ضلالتها           ولا لعاً لبني ذكوان إذ عثروا

ضجوا من الحرب إذا عضت غواربهم       وقيس عيلان من أخلاقِهم الضجر

فقال له عبد الملك: لو كان كما زعمت لما قلت:

لقد أوقع الجحافُ بالبشر وقعة          الى الله منها المشتكي والمعولُ

وكقول الفرزدق

أوجدت فينا غير غدرِ مجاشِعِ         ومجر جعثِن والزبير مقالا

فأقر بأشياء لو سكت عنها كان أستر.

قال: وكقوله أيضاً:

وإن تميماً كلها غير سعدِها       زعانفُ لولا عز سعدٍ لذلَّتِ

وقد وضع من قومه وهجاهم بهذا القول قال: وكقول بشر:

تكن لك في قومي بد يشكرونها         وأيدي الندي في الصالحين فروض

وقول النابغة الجعدي:

وما رابها من ريبةٍ غير أنها         رأت لمتي َ شابتْ وشابت لِداتيا

وأي ريبة أعظم من أن رأته قد شاب: وقول الأعشى:

رأت رجلاً غائر الوافدين           منتشلُ النحضِ أعمى ضريراً

وقوله:

وأنكرتني وما كان الذي نكرت           من الحوادثِ إلا الشّيب والصلعا

وقوله:

 

75

 

صدت هريرةُ ما تكلِّمنا           جهلاً بأم خليدٍ حبلَ من َتصِلُ

أأن رأت رجلاً أعشى أضر           به ريب المنون ودهر خاتِلُ َ خبِل

وكقول الكميت:

إليك يا خير من تضمنتِ الأرض            وإن عاب قولي العيب

يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يعيب قوله في وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم عائب إلا كافر بالله مشرك.

وقول حسان:

أكرم بقومٍ رسولُ الله شيعتهم           إذا تفرقت الأهواء والشيع

كان يجب أن يقول: هم شيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن في هذا الكلام جفاء.

وقول جنادة بن نجية:

من حبها أتمنى أن يلاقيني            من نحو بلدتها ناع فينعاها

لكي أقول فراقٌ لا لقاء له           أو تضمن النفس يأساً ثم تسلاها

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.