أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-8-2016
1249
التاريخ: 1-8-2016
1075
التاريخ: 23-8-2016
854
التاريخ: 18-5-2020
1180
|
هل الاستصحاب جار في الامور التدريجيّة الغير القارّة كنفس الزمان والحركة والطيران والجريان والتكلّم وأشباه ذلك من الزمانيات لإثبات ما لها من الآثار والأحكام أو لا؟.
تحقيق المقام أنّ إشكال الجريان أمران.
أحدهما: أنّ من أركان الاستصحاب الشكّ في البقاء، والأمر التدريجي يتجدّد شيئا فشيئا، ويتصرّم كلّ جزء منه بتجدّد لا حقه، فليس له قرار في آنين متّصلين، فلا يتّصف بالبقاء حتّى نفرض له الشكّ في البقاء.
والثاني: أنّ من أركان الاستصحاب وحدة متعلّق اليقين والشكّ بأن يكون الموجود في الآن الثاني المشكوك، مع الموجود في الآن الأوّل المعلوم شيئا واحدا، والأمر التدريجي وجودات متبادلة متغايرة، فالموجود في الآن الثاني المقصود إثباته بالاستصحاب مغاير مع الموجود في الآن الأوّل المعلوم.
والحقّ اندفاع كليهما، أمّا الثاني فلأنّ التحقيق أنّ الأمر التدريجي ما دامت أجزائه متّصلة ولم يحصل الوقفة موجود واحد شخصي عقلا- كما حقّق في محلّه- وعرفا، فالتدريجيّة والقرار نحوان من الوجود، فالموجود الثانى متّحد مع الموجود الأوّل شخصا، نعم لا يندفع بذلك الإشكال الأوّل؛ لأنّ هذا الموجود على التدريج ليس له قرار في آنين متّصلين حتّى يتّصف بالبقاء، بل هو ما دام موجودا يكون في التجدّد والحدوث، فكلّ من اليقين والشكّ متعلّق بمرحلة حدوثه.
لكنّه يندفع أيضا بأنّه لا يعتبر في الاستصحاب سوى صدق نقض اليقين بالشك
وعدم نقضه به، ولا يعتبر في ذلك سوى وحدة الموجود في الآن الثاني مع الموجود في الآن الأوّل، غاية الأمر ينطبق على ذلك في الامور القارّة البقاء، فلا ضير في عدم انطباقه في غير القارّة.
لكن هذا كلّه إنّما يتمّ في الحركة التوسطيّة التي هي عبارة عن الآن السيّال بين المبدا والمنتهى، وأمّا الحركة القطعيّة التي هي عبارة عن مجموع ما بين الحدّين كالليل إذا قلنا بأنّه عبارة عن مجموع ما بين الغروب والفجر، فلا يمكن تحقّق اليقين والشكّ فيه عقلا؛ لأنّ العلم بالمجموع يتوقّف على اليقين بجزئه الأخير، وهذا لا يجتمع مع الشكّ في أنّه هل بقي منه جزء أولا؟.
فلا بدّ حينئذ من دعوى المسامحة العرفيّة التي ذكرها شيخنا المرتضى- إن صحّت- بأن يقال: إنّ العرف يرى هذا المجموع متحقّقا بتحقّق أوّل جزء منه، فيقول بعد تحقّق الغروب قد تحقّق الليل، وبعد طلوع الشمس قد تحقّق النهار، مع أنّهما اسمان لمجموع ما بين الحدّين؛ إذ حينئذ يفرض الشكّ في البقاء حقيقة فيقال: إنّ الليل الذي قد علم بحدوثه بتحقّق الغروب نشكّ الآن في بقائه وارتفاعه.
وهذا بخلاف ما إذا قلنا بأنّ الليل عبارة عن الآن السيّال فيما بين الغروب والفجر، ويكون كلّ من الآنات المتوسطة ليلا حقيقة لا بعضا من الليل؛ إذ يمكن على هذا تحقّق اليقين والشكّ فيه حقيقة من دون حاجة إلى المسامحة العرفيّة بناء على ما عرفت من اتّحاد الوجود الشخصي وإن كان لا يفرض له البقاء.
وحاصل الكلام في الزمان والزماني أنّهما إن اعتبرا في موضوع الحكم على نحو الحركة التوسطيّة، فلا إشكال في تحقّق اليقين والشكّ فيهما على وجه الحقيقة، وإن اعتبرا على نحو الحركة القطعيّة فلا بدّ في تحقّق الشكّ في (1) اليقين فيهما من دعوى المسامحة العرفيّة.
نعم يشكل هذا الاستصحاب في خصوص الزمان في كلا الموردين فيما إذا اريد تطبيق العنوان على الجزء الموجود في حال الشكّ كما إذا لوحظ في موضوع الحكم كون الأجزاء الخارجيّة نهارا مثلا، فإنّ استصحاب وجود النهار لا يفيد لإثبات كون الجزء الموجود نهارا، اللهمّ إلّا أن يقال بكون الواسطة خفيّة، نعم إذا لوحظ في موضوع الحكم وجود العنوان لا اتّصاف الأمر الخارجي به كما هو الحال في الزماني فليس لهذا الإشكال مجال، هذا هو الكلام في الزمان والزمانيّات.
وأمّا المقيّد بالزمان كالجلوس والإمساك الواجب ايقاعهما في النهار على وجه التقييد لا على نحو الظرفيّة كما إذا قيل: اجلس، أو صم في النهار، لا ما إذا قيل: اجلس أو صم ما دام النهار موجودا، فلو شكّ في بقاء حكمه من جهة الشكّ في انقضاء القيد فالأنحاء المتصوّرة من الاستصحاب ثلاثة.
أحدها: استصحاب نفس المقيّد كأن يقال: إنّ الجلوس كان في السابق في النهار، والآن نشكّ في كونه في النهار، فنستصحب، وهذا ممّا ينبغى القطع بجريانه بعد ما فرغنا عن إشكال استصحاب نفس الزمان، فإنّ الجلوس مثلا واحد شخصي وثبت كون النهار أيضا كذلك، وحينئذ فهذا الاستصحاب نظير استصحاب مضريّة الصوم بلا فرق.
ثانيها: استصحاب الحكم، أعني حكم العمل المقيّد بالنهار مثلا، وهذا ممّا ينبغي القطع بعدم جريانه؛ لأنّه فرع إحراز الموضوع، والمفروض الشكّ فيه.
والثالث: استصحاب القيد وهو أيضا كذلك؛ لعدم إمكان إثبات التقيّد بسببه.
هذا وشيخنا المرتضى قدّس سرّه ذكر في أوّل كلامه أنّه إذا جرى الاستصحاب في القسمين الأوّلين أعني الزمان والزماني فهو يجري في القسم الثالث أعني المقيّد بالزمان بطريق أولى، وكأنّه أراد أنّ عيب هذا القسم ناش من ذينك القسمين، فإذا ارتفع العيب منهما كان هذا بلا عيب.
ولكنّه قال في أواسط كلامه: وأمّا القسم الثالث فممّا ينبغي القطع بعدم جريان الاستصحاب فيه، ومراده ثمّة وإن كان صورة القطع بانتفاء القيد والشكّ في بقاء الحكم، لكن في تعبيره بهذه العبارة ما لا يخفى، فانّها موهنة لاتّحاد هذا مع ما حكم في السابق بجريان الاستصحاب فيه.
وكيف كان فالشكّ في بقاء الحكم المعلّق على الفعل المقيّد بزمان تارة يكون من جهة الشكّ في انقضاء هذا الزمان، واخرى يكون مع القطع بانقضاء هذا الزمان من جهة احتمال ثبوت هذا الحكم للفعل المقيّد بما بعد هذا الزمان لا على نحو تعدّد المطلوب بأن يكون المقيّد بما بعد هذا الزمان مطلوبا مستقلّا، وثالثة يكون مع القطع بانقضاء هذا الزمان من جهة احتمال ثبوت الحكم لذات المقيّد على نحو تعدّد المطلوب، بأن يكون الفعل المقيّد بهذا الزمان مطلوبا أتمّ، ونفس الفعل في ما بعد هذا الزمان مطلوبا أدون بالغا حدّ الوجوب، وهنا صورة رابعة وهو أن يؤخذ الزمان ظرفا للفعل، فشكّ في بقاء الحكم بعد انقضاء الظرف.
فلا إشكال في جريان الاستصحاب في الصورة الاولى في نفس المقيّد دون حكمه، كما لا إشكال في عدم الجريان في الصورة الثانية؛ لأنّ الفعل المقيّد لا بقاء له مع ارتفاع قيده، مثلا لو قيل: الجلوس في النهار واجب، فشكّ في ما بعد النهار في أنّ الجلوس في الليل هل هو واجب أيضا أو لا؟ فليس هذا مقام استصحاب الوجوب؛ فإنّ الجلوس الذي جعل موضوعا للوجوب يكون النهار مقوّما له، فيرتفع بارتفاع النهار لا محالة، والجلوس المقيّد بكونه في الليل مباين معه كمباينة العمرو مع الزيد.
وأمّا الصورة الثالثة، فالظاهر جريان الاستصحاب فيها، فيقال بأنّ الجلوس في ما بعد النهار وإن علم بارتفاع مطلوبيّته بتلك المرتبة، ولكن يحتمل بقاء مطلوبيّته بما دونها، فيستصحب، كما أنّه لا إشكال في الجريان في الصورة الرابعة، كما إذا قيل: الجلوس واجب في النهار، فشكّ في ما بعد النهار في بقاء وجوب الجلوس وارتفاعه.
وعلى هذا يبتنى اعتراض شيخنا المرتضى قدّس سرّه على بعض معاصريه وهو النراقي قدّس سرّهما في مثال ما إذا كان الجلوس واجبا إلى الزوال، حيث إنّه نقل عنه أنّه لو شكّ في بقاء الوجوب في ما بعد الزوال فمن حيث إنّ جلوس ما بعد الزوال لم يكن واجبا في السابق كان المستصحب عدم الوجوب، ومن حيث إنّ الجلوس واجب في ما قبل الزوال يكون المستصحب هو الوجوب، فيتعارض استصحابا الوجود والعدم في جلوس ما بعد الزوال.
ثمّ اعترض عليه بأنّه إن اعتبر الزمان في الدليل قيدا للجلوس كما لو قيل:
الجلوس من الصبح إلى الزوال واجب، فحينئذ لا يجرى إلّا استصحاب العدم دون الوجود؛ لأنّ الجلوس بهذا النظر يتعدّد أشخاصه وافراده عرفا بتعدّد الأزمنة، فالجلوس في ما قبل الزوال فرد، والجلوس في ما بعده فرد آخر مباين للأوّل، وكذلك الوجوب على تقدير تعلّقه بالثاني وجوب آخر مغاير للوجوب المتعلّق بالأوّل، وحينئذ فانتقاض العدم بالوجود في أحد هذين الفردين لا يدلّ على انتقاضه بالوجود في الفرد الآخر، بل هو باق بحاله من دون انتقاضه بالوجود.
وإن اعتبر الزمان في الدليل ظرفا للجلوس كما لو قيل: الجلوس واجب من الصبح إلى الزوال فحينئذ لا يجري إلّا استصحاب الوجود دون العدم؛ لأنّ الزمان بهذا الاعتبار ليس معدّدا لأفراد الجلوس عرفا، بل هو أمر واحد في جميع الأزمنة فإذا فرض انتقاض عدم هذا الأمر الواحد بالوجود في زمان من الأزمنة فهو في الأزمنة المتأخّرة محكوم ببقاء وجوده بحكم الاستصحاب.
أقول: ويمكن انتصار المحقّق النراقي بأن يقال أوّلا: إنّا نختار الشقّ الأوّل وهو أن يكون الزمان قيدا للجلوس، قولكم: لا يجري حينئذ إلّا استصحاب العدم دون الوجود غير مسلّم؛ لأنّ الطبيعة المهملة أعني أصل الجلوس متّحدة مع المقيّد أعني الجلوس في ما قبل الزوال، ضرورة كونها مقسما له ولغيره، والمقسم متّحد وجودا مع كلّ واحد من أقسامه، وعرض كلّ واحد منها يصحّ إضافته إليه على وجه الحقيقة من غير فرق بين الوجود والوجوب، فكما إذا صار زيد موجودا يصحّ إضافة الوجود إلى أصل الإنسان، كذلك لو اتّصف الجلوس المقيّد بكونه في ما قبل الزوال بالوجوب يصحّ إضافة الوجوب إلى أصل الجلوس، ولا يعتنى مع ذلك بعدم وجود سائر الأفراد أو عدم وجوبها، فلا يقال بواسطة ذلك: إنّ الطبيعة متّصفة بعدم الوجود أو عدم الوجوب، وهذا واضح.
وعلى هذا يبتنى القول بالبراءة في الأقلّ والأكثر الارتباطيين.
وحينئذ فنقول: إذا حصل الزوال فالوجوب المتشخّص بكون منتهاه هو الزوال وإن علم بارتفاعه، لكن يحتمل مقارنا لارتفاعه حدوث فرد آخر من الوجوب متشخّص بكون مبدئه ما بعد الزوال، فإذا جاء هذا الاحتمال يصحّ أن يقال: إنّا نشكّ في بقاء أصل الوجوب فيكون مقتضى الاستصحاب بقائه، وهذا من أفراد القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلّي، وهو معارض باستصحاب عدم وجوب الجلوس المقيّد بكونه في ما بعد الزوال.
نعم لو قلنا بعدم جريان الاستصحاب في القسم الثالث من استصحاب الكلّي كما اختاره شيخنا المرتضى كان الاستصحاب الثاني بلا معارض، فيستقيم كلام شيخنا في هذا الشقّ بناء على مختاره ثمّة.
وثانيا: نختار الشقّ الثاني أعني كون الزمان ظرفا، قولكم: لا يجري حينئذ إلّا استصحاب الوجود دون العدم، مخدوش بأنّ اعتبار الزمان في لسان الدليل ظرفا للجلوس لا يوجب إلّا عدم كون أثر الوجوب مرتّبا شرعا على الجلوس المقيّد
بالزمان، لكن لو فرض تحقّق اليقين والشكّ في هذا الموضوع المقيّد باعتبار أثر عدم الوجوب فلا ينافي هذا أن يشمله أدلّة الاستصحاب.
مثلا الجلوس المقيّد بكونه في ما بعد الزوال وإن كان لم يرتّب الشرع عليه أثر الوجوب لما هو المفروض من اعتبار الزمان في موضوع الوجوب ظرفا، وقد اعتبرناه في هذا الموضوع قيدا، إلّا أنّ لنا بالوجدان قطعا سابقا وشكّا لاحقا متعلّقين بهذا الموضوع، فإنّا نعلم بعدم وجوب هذا الجلوس المقيّد في السابق ونشكّ الآن في عدم وجوبه، فيكون مقتضى الاستصحاب بقائه على عدم الوجوب وهذا معارض باستصحاب بقاء وجوب مطلق الجلوس إلى ما بعد الزوال.
وفيه أنّه لا معارضة بين مدلولي الاستصحابين؛ فإنّ مقتضى أحدهما عدم وجوب الجلوس المقيّد بما بعد الزوال، ومقتضى الآخر كون مطلق الجلوس واجبا إلى ما بعد الزوال، ومن الواضح عدم التناقض والتعارض بين هذين المضمونين؛ لتعدّد الموضوع فيهما عقلا وعرفا، نعم يقع الكلام بحسب مقام العمل، فنقول: لا شبهة بحسبه أيضا في ترجيح جانب الوجوب وعدم مزاحمته لعدم الوجوب، فإنّ الشيء الواحد المنطبق عليه عنوانان بأحدهما يكون فيه مقتضى الوجوب وبالآخر يكون فيه مقتضى عدم الوجوب لا يعقل مزاحمة الجهة المقتضية للوجوب فيه بالجهة المقتضية لعدمه، بل لا بدّ من تقديم الاولى بلا كلام.
وبالمقايسة على هذا يعلم الحال في الصورة الاولي بناء على جريان الاستصحاب في القسم الثالث من استصحاب الكلّي، ففي كلتا الصورتين يكون الجاري استصحاب الوجود من دون معارضته باستصحاب العدم، وعلى مبنى شيخنا المرتضى يكون الجاري في الاولى استصحاب العدم دون الوجود، وفي الثانية استصحاب الوجود دون العدم، كما ذكره قدّس سرّه.
______________
(1) كذا، و الصحيح ظاهرا: الشكّ و اليقين.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
قسم الإعلام يقيم ندوة تعريفية عن موقع مشاريع العتبة العباسية الإلكتروني
|
|
|