أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-9-2016
1215
التاريخ: 5-9-2016
947
التاريخ: 18-8-2016
1162
التاريخ: 6-9-2016
1133
|
الظنّ الذي يكون حجّة بمقتضى المقدّمات هل هو أيّ ظنّ؟ فنقول: هنا احتمالات
الأوّل: أن يكون الحكم والتكليف نفيا وإثباتا دائرا مدار الظنّ وتابعا له، فإذا حصل الظنّ بالتكليف حكم بإثباته، وإذا حصل بعدمه حكم بالعدم، والحاصل يعامل مع الظنّ في كلّ مورد حصل، معاملة العلم، وفي الموارد المشكوكة يرجع إلى الاصول الثابتة في تلك الوقائع، وهذا هو مراد المشهور القائلين بحجيّة الظنّ المطلق.
والثاني: أن يؤتي بالموافقة الظنيّة ويعمل بالظنّ على مقدار عدد التكاليف المعلومة بالإجمال، بأن يلاحظ أنّ القدر المتيقّن من العلم الإجمالي بالتكليف في الوقائع المشتبهة أيّ عدد، فيعمل بمظنونات الوجود بهذا العدد، فلو فرض أنّ القدر المتيقّن مائة تكليف وكان الظنون المثبتة للتكليف خمسمائة فلا يجب علينا إلّا العمل بمائة من هذه الخمسمائة ونترك الاحتياط في عداها؛ فإنّ قضيّة العلم الإجمالي بمائة تكليف أوّلا هو الامتثال القطعي لمائة تكليف بأن يؤتى بتمام المحتملات، فإذا فرض التنزّل عن هذه المرتبة كان الواجب بعد ذلك الامتثال الظني لمائة تكليف.
فإذا كانت الظنون المثبتة خمسمائة فأوّلا لا بدّ من ملاحظتها من حيث القوّة والضعف، فيرجّح الظنّ الأقوى على غيره، فإنّ المرتبة النازلة بعد الامتثال على وجه القطع هو الامتثال على وجه الظنّ الاطمئناني، فإن كان بين الظنون شدّة وضعف فيعمل بمائة من الظنون الاطمئنانية، ولا يجب بالظنون الآخر، وإن لم يكن بين الظنون تفاوت كان المكلّف مخيّرا في اختيار كلّ مائة منها شاء.
والحاصل: ليس يجب على هذا الوجه إلّا العمل بالظنّ والامتثال الظنّي على المقدار المتيقّن من العلم الإجمالي، وتظهر الثمرة بين هذا والوجه المتقدّم في الظنون المثبتة زائدا على هذا المقدار، فيجب العمل بها على الأوّل دون الثاني.
فإن قلت: بعد تعذّر العلم لا بدّ من التنزّل إلى أقرب المراتب إلى العلم، ولا شكّ أنّه الإتيان بما عدى مقدار دفع الحرج جميعا، لا الاقتصار على المائة من الظنون الاطمئنانيّة، ضرورة أنّ الكلّ أعظم من الجزء، فإنّ احتمال عدم التكليف في هذه المائة موهوما ينسدّ كثير منه بإتيان سائر الظنون والاحتمالات.
قلت: بعد فرض كون ثبوت التكليف في هذه المائة مظنونا بظنّ اطمئناني متاخم للعلم، فلا يصير الاطمئنان بمائة موافقة وامتثال أقوى بإتيان سائر المظنونات والمحتملات، لاستحالة تحصيل الحاصل، فإتيان المظنونات إنّما يؤثّر في الزائد عن المائة، وكذلك المحتملات، يعني يطمئنّ المكلّف بعد إتيان الكلّ بمائة موافقة ويظنّ أو يحتمل الزيادة على المائة، والحاصل: الاطمئنان بالمائة قد يحصل بكثرة الأطراف المأتيّ بها، وهذا إذا لم يكن بشخص مائة منها الاطمئنان، وقد يحصل بشخص مائة طرف اطمئناني.
والثالث: أن يتعيّن ترك الاحتياط في الظنون الاطمئنانيّة بعدم التكليف ويجب الاحتياط في الظنون الضعيفة بالعدم، والمشكوكات ومظنونات الوجود، وإن لم يدفع الحرج بهذا القدر يقيم مقدار الدافع له من الظنون الضعيفة، وهذا هو الذي يعبّر عنه بالتبعيض في الاحتياط.
ثمّ يتبيّن تحقيق الحقّ من هذه الوجوه بتصفية الكلام في مبنيين، وهو أن يقال: المقدار الذي علم إجمالا به من التكليف ما ذا يكون قضيّة العلم الإجمالي بحسب حكم العقل في تنجيز هذا المقدار؟ فهذا العلم الإجمالي ينجّز على المكلّف الموافقة لهذا المقدار بطريق القطع وإلّا فبالظنّ، أو ينجّز عليه عدم المخالفة لهذا المقدار قطعا وبعده ظنّا، مثلا لو علم إجمالا بنجاسة أحد الإنائين فالتكليف المعلوم إجمالا واحد، فهل يوجب عليه موافقة التكليف الواحد أو عدم مخالفة التكليف الواحد؟ وتظهر الثمرة في ما شرب أحدهما وترك الآخر فانكشف بعد ذلك كون كليهما نجسا.
فعلى الأوّل لا يستحقّ العقوبة، فإنّ غرض الشارع قد حصل وهو موافقة «اجتنب» واحد، فإنّه قد وافق تكليفا واحدا بالاجتناب وإن كان هو غير ملتفت إليه، لكنّه في علم اللّه يكون كذلك، نعم صدر عنه مخالفة تكليف واحد أيضا، لكن لم يصحّ عقوبته عليها، لعدم علمه إلّا بتكليف واحد.
وعلى الثاني يستحقّ العقوبة، فإنّ المطلوب منه عدم مخالفة تكليف واحد، ويصدق في هذا المثال أنّه خالف تكليفا واحدا، والمفروض أنّ الحجّة بالنسبة إلى عدم مخالفة تكليف واحد كانت عليه تامّة.
فإن قلت: كما أنّه في صورة طلب المولى الموافقة الواحدة قد خرج عن العهدة باجتناب الإناء الواحد لكون المطلوب فردا منتشرا ونكرة يقبل الانطباق على كلّ طرف على نحو البدليّة، كذلك لو كان المطلوب ترك المخالفة الواحدة على سبيل النكرة، فقد خرج عن العهدة بواسطة تسليم مخالفة واحدة متروكة، وأيضا فاللازم ممّا ذكرت اجتماع الموافقة والمخالفة بالنسبة إلى تكليف واحد في المثال، فإنّك اعترفت بصدق الموافقة لتكليف واحد بلا عنوان، ومع هذا اعترفت بصدق المخالفة، فقد اجتمع الضدّان في أمر واحد.
قلت: ليست لنا قضيّة لفظيّة نتكلّم في صدق ألفاظها، وبعبارة اخرى: ليس نزاعنا في صدق الإسم، وإنّما النزاع في أمر عقلي، وهو أنّ قضيّة العقل عند عرض المثال المذكور عليه كون هذا العبد عاصيا ومستحقّا للعقوبة، أو متجرّيا وغير عاص، فإن حكم بالأوّل كما هو الذي نجده بالوجدان كان هذا معنى حكم العقل بترك حقيقة المخالفة، وسمّ ذلك ما شئت، وإن كان حكمه بالثاني كان هذا معنى اكتفائه بموافقة واحدة، وسمّه أيضا ما شئت.
والحاصل: فإن قلنا بالثاني فلا محيص عمّا ذكره شيخنا المرتضى من الوجه الثالث، وذلك لأنّ من علم بمائة تكليف يجب عليه بمقتضى العلم الإجمالي أوّلا القطع بعدم مخالفة مائة تكليف، ولا يحصل إلا بإتيان جميع محتملات الوجوب وترك جميع محتملات الحرمة، فإذا تنزّلنا عن القطع كان الواجب عليه الظنّ الاطمئناني بعدم مخالفة مائة تكليف، وهذا لا يحصل إلّا بتخصيص ترك الاحتياط في الظنون الاطمئنانيّة بعدم التكليف، فإنّه لو ترك الاحتياط في المشكوكات لم يحصل الظنّ الاطمئناني بعدم مخالفة المائة، بل يحتمل خلافه، فلو كان هناك مائة ظن اطمئناني بثبوت التكليف لا يجوز الاقتصار عليها؛ إذ لا يحصل الظنّ الاطمئناني بعدم مخالفة مائة تكليف بموافقتها، بل يتوقّف على الاقتصار في ترك الاحتياط على موارد الظنّ الاطمئناني بعدم التكليف، فإن حصل العسر يضمّ بعض من موارد الظنّ الضعيف بعدم التكليف إلى حدّ انتفى الحرج.
وإن قلنا بالوجه الأوّل تعيّن ما لا قائل له من الوجه الثاني، فإنّ من علم بمائة تكليف كان الواجب عليه أوّلا بحكم العقل موافقة مائة تكليف قطعا بأن يأتي بجميع محتملات الوجوب ويترك جميع محتملات الحرمة فإذا تنزّلنا عن القطع كان الواجب عليه الظّن الاطمئناني بموافقة مائة تكليف، فإذا عمل على طبق مائة ظن اطمئناني مثبت للتكليف حصل ذلك ولا يجب عليه العمل بالظنّ أزيد من هذا، فقد تحقّق أنّ ما ذكره الجمهور القائلين بمطلق الظنّ من الوجه الأوّل لا يستقيم على قاعدة.
ثمّ التحقيق من المبنيين هو الثاني، بمعنى أنّ حكم العقل في العلم الإجمالي تنجيز عدم مخالفة المقدار المعلوم الإجمالي على المكلّف لا تنجيز موافقة هذا المقدار، والدليل على ذلك أنّه لو فرض أنّ المكلّف علم إجمالا بنجاسة أحد الإنائين وكان كلاهما في الواقع نجسا فشرب أحدهما وترك الآخر يستحقّ العقاب على شرب هذا الواحد لمكان العلم الإجمالي الذي هو الحجّة على التكليف.
لا يقال: فيلزم أن يكون الشارب لكليهما في هذا المثال مستحقّا لعقوبتين مع أنّه واضح البطلان، فإنّ العقاب على مقدار علمه وهو تكليف واحد.
لأنّا نقول: بل لا يلزم إلّا استحقاقه لعقاب واحد على مخالفة التكليف الواحد المعلوم إجمالا، ولكن هذا التكليف الواحد الذي يعاقب على مخالفته ليس له علامة، فلا يمكن تعيينه في خصوص هذا النجس ولا في ذاك، فنقول: لا فرق بين صورة ارتكاب الجميع وبين ارتكاب أحد الطرفين وترك الآخر في أنّه يصدق أنّه خالف تكليفا واحدا مع كون حجّة المولى عليه تماما، غاية الأمر أنّه في الصورة الثانية صدر منه موافقة تكليف واحد أيضا.
ووجهه ما ذكرنا من أنّ العلم الإجمالي صار حجّة على تكليف واحد، وهذا التكليف بلا علامة يصدق على كلّ من الطرفين، فلا يمكن أن يقال: إنّه خصوص هذا الذي حصل موافقته، فيكون الآخر الذي حصل مخالفته بلا حجّة، فيكون العقاب عليه قبيحا، بل من الواضح بطلان هذا وصحّة العقاب على مخالفة الواحد الذي شرب، وهذا دليل على أنّ المطلوب في باب العلم الإجمالي عدم المخالفة لا الموافقة، ومعه فقد عرفت أنّه لا محيص عن الوجه الأخير من الأوجه الثلاثة، فيكون نتيجة المقدّمات تبعيض الاحتياط دون حجيّة الظن، نعم يكون الظنّ الاطمئناني بعدم التكليف حجّة على هذا.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|