الفصل الثامن عشر

   دور إدارة الموارد البشرية في تطوير وتنمية الثقافة التنظيمية لتطوير رأس المال البشري

تقديم :

استعرضنا في الفصل الخامس عشر ان من بين الاسباب التي ساهمت في التحول نحو الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية التحديات التنافسية. فلقد كانت التحديات المحلية والعالمية التي تواجه المؤسسات المختلفة ، خاصة تحديات العولمة وتداعياتها الإيجابية والسلبية بمثابة الدافع للتفكير في زيادة القدرة التنافسية حتى يتسنى زيادة المزايا التنافسية تمهيدا لاحتلال مركز الريادة في استغلال الفرص التسويقية المتاحة على المستوى المحلي والعالمي. ومن بين مجالات زيادة القدرة التنافسية تطوير رأس المال البشري بإعتباره العنصر الحاكم والرئيسي في التأثير على الكفاءة والفعالية الإدارية للمؤسسات.

من هذا المنطلق تسعى المؤسسات الرائدة ، اي التي تحتل مركز الريادة في مجال الصناعة التي تعمل بها، إلى التطوير المستمر لرأس المال البشري بها من خلال مداخل متعددة. ومن بين تلك المداخل مدخل الدراسة والتحليل المستمر لكافة المحددات المؤثرة على السلوك الوظيفي للعنصر البشري لتحويله من سلوك وظيفي سلبي إلى سلوك إيجابي ويأتي في مقدمة تلك المحددات المؤثرة على السلوك الوظيفي كل من الثقافة التنظيمية والجدارات البشرية مع التركيز في الدراسة والتحليل على تلك الفئات المتميزة من حيث التفرد والقيمة هذا ويطلق على هذا المدخل باللغة الانجليزية ما يعرف بأسم منظومة " C " الثلاثية : The Three C

الثقافة – الجدارات – مكونات رأس المال البشري .

وتأتي اهمية هذا المدخل بإعتباره احد الركائز الاساسية لتصميم خارطة طريق الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية ، حيث ان نقطة البداية في تصميم تلك الخارطة هو تشخيص وتحليل الاوضاع الخارجية والداخلية ذات العلاقة بالموارد البشرية. ويأتي في مقدمة تحليل الأوضاع الداخلية عناصر المنظومة الثلاثية السابقة والتي تتمثل في الثقافة التنظيمية السائدة بالمؤسسة والجدارات البشرية السائدة ثم عناصر مكونات رأس المال البشري. هذا وقد سبق الحديث عن مكونات رأس المال البشري وتأثيره على ممارسة منظومة إدارة الموارد البشرية عند الحديث عن مفهوم وخصائص إدارة الموارد البشرية من المنظور الاستراتيجي. واستكمالا لتطوير رأس المال البشري من خلال تلك المنظومة الثلاثية، فإننا سوف نركز في هذا الفصل على دراسة تأثير الثقافة التنظيمية – كأحد المحددات المؤثرة على السلوك الوظيفي – على تطوير رأس المال البشري من خلال منظومة إدارة الموارد البشرية ثم نركز في الفصل التالي على دراسة اثر الجدارات البشرية ، كأحد محددات السلوك الوظيفي على تطوير رأس المال البشري من خلال منظمة إدارة الموارد البشرية.

لذلك يستهدف هذا الفصل القاء الضوء على مفهوم وخصائص الثقافة التنظيمية وتأثيرها السلبي والايجابي على السلوك الوظيفي للعنصر البشري ومن ثم على دور إدارة الموارد البشرية في تغيير وبناء الثقافة التنظيمية الايجابية. هذا ويتم تحقيق تلك الاهداف من خلال الاجابة على التساؤلات التالية :

* ما مفهوم وخصائص الثقافة التنظيمية ؟

* ما استراتيجيات تطوير مستوى جودة الثقافة التنظيمية ؟

* ما علاقة الثقافة التنظيمية بتطوير رأس المال البشري ؟

* ما العلاقة بين الثقافة التنظيمية كأحد المتغيرات البيئية الداخلية وبين منظومة إدارة الموارد البشرية ؟ وبمعنى آخر كيف تؤثر الثقافة التنظيمية على إدارة الموارد البشرية ؟ وكيف تتعامل إدارة الموارد البشرية مع الثقافة التنظيمية وتحويلها من ثقافة تنظيمية سلبية إلى ثقافة ايجابية ذات مردود إيجابي على السلوك الوظيفي للعاملين ؟ وبمعنى آخر كيف تساهم إدارة الموارد البشرية في تغيير وبناء الثقافة التنظيمية الإيجابية بالمنظمة.