أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-28
5759
التاريخ: 11-10-2014
1348
التاريخ: 11-10-2014
1446
التاريخ: 2024-07-12
764
|
يتفاوت المفسّرون في تحديد شخصية «العزيز» الذي اشترى يوسف ، هل هو الملك أم وزيره ؟ إلاّ أنّ نصّاً وارداً عن الإمام السجاد (عليه السلام) يذهب إلى أنَّ العزيز هو الملك نفسه .
ولا يهمّنا تحديدُ هويّته بقدر ما يهمّنا أن نتعرّف على دوره في القصة ، بصفته بطلا ثانوياً ينطوي دورُه على أفكار تستهدفها القصة ، كما ينطوي على مهمّات فنيّة في تطوير أحداث القصة .
ودور هذا البطل ينحصر في ثلاث وقائع :
أوّلها : موقفه من يوسف في صراعه مع امرأة العزيز .
الثاني : رؤياه التي فسّرها يوسف .
الثالث : توليته ليوسف على خزائن الأرض .
أمّا موقفه من يوسف في صراعه هذا الأخير مع امرأة العزيز ، فيتميّز بكونه صادراً عن شخصيّة ضعيفة لا تستطيع حسم الاُمور بقدر ما تنصاع لأوامر امرأة متحكّمة ، تستبدّ بها أهواؤها ، إلى الدرجة التي تفرضها على زوجها . بالرغم من معرفة زوجها تماماً بالمُنكر الذي صدرت امرأتُه عنه .
ويتمثّل موقفه المتميّع هذا في انصياعه لأوامر امرأته بحبس يوسف ، بالرغم من معرفته تماماً ببراءة يوسف ونظافته من التهمة الموجهة إليه .
إنّ الشاهد من أهل امرأة العزيز ، أوضح بما لا لُبس فيه أنّ يوسف كان بريئاً كلّ البراءة ، بل إنّ امرأة العزيز نفسها أقرّت ببراءته . إلاّ أنّ العزيز مع ذلك كلّه وقع تحت تأثير امرأته التي استعطفت زوجها من أنّ سمعتها ستسوء ما لم يُسجن يوسف .
وحتّى إذا انسقنا مع التفسير الذاهب إلى أنّ إيداعه يوسف في السجن لم يكن بتحريض من امرأة العزيز ، بل من قِبَل مستشاري العزيز أو أهله حيث رأوا أنّ إيداعه في السجن يشكّل إنقاذاً لسمعة امرأة العزيز . . .
أقول : حتّى مع هذا الافتراض ، فإنّ انصياع العزيز إلى مثل هذه الأوامر ، يُعدّ تعبيراً واضحاً عن شخصية ضعيفة لا تنصاع إلى الحقّ بقدر ما تنصاع إلى موقف عاطفي مُنكر ، وإلاّ كيف يسمح الإنسانُ لنفسه أن يوقع الأذى بشخصية نظيفة مثل يوسف ، بغية إنقاذ سمعة زوجته؟ كيف لا يفكّر بسمعة يوسف مع إنّه بريء ، ثمّ يفكّر بسمعة امرأته مع إنّها غير بريئة . . . ؟
إنّ مثل هذا الموقف ، يُعدّ ـ دون أدنى شك ـ نقطة ضعف كبيرة تُسجّل على العزيز .
وأهمّ ما ينبغي استخلاصه من عظة في هذا الصدد :
هو أنّ الانصياع لأوامر المرأة يُفسد الشخصية ويوقعها في سلوك منكر ، وهو أمرٌ تؤكّده السماء لنا ، حينما تطالب الرجل بألاّ ينصاع لزوجته ، بل المفروض أن تنصاع الزوجة لزوجها مادام الرجل قوّاماً عليها حسب الحكمة التي انطوى التشريعُ عليها .
أمّا العظة الثانية التي ينبغي أن نستخلصها في هذا الصدد ، هي ضرورة أن يصدر المرء في سلوكه عن الحقّ ، والتزام جانب الحيدة والموضوعية ، لا أن يسمح لعواطفه وذاتيته بالتحكم في الاُمور ، وبخاصة في مواقف قضائية خطيرة تتصل بسمعة الشخصية وشَرَفها .
* * *
الدور الثاني لشخصية الملك في هذه القصة ، هو رؤياه التي رآها عن البقرات والسنابل ، ثمّ تفسير يوسف لهذه الرؤيا بواسطة أحد السجّينين اللذين كانا مع يوسف ، حيث كان الذي نجا منهما قد تولّى مهمة التعريف بشخصية يوسف وقدرته على تأويل الأحلام .
وفعلا بعد أن فسّر يوسف لهذا الوسيط رؤيا الملك . . . حينئذ استدعى الملكُ يوسف .
إلاّ أنّ يوسف قبل أن يواجه الملك ، قال للوسيط : إرجع إلى الملك واسأله عن النسوة اللاتي قطّعن أيديهنّ . وقد نفّذ المَلكُ هذا الطلب ، وسأل النسوة عن حقيقة الأمر مع معرفته سلفاً ببراءة يوسف طبعاً . فأجبنه ببراءة يوسف . . . ممّا اضطرّ امرأة العزيز إلى الإقرار بدورها ببراءة يوسف . . .
ويبدو أنّ تنفيذ الملك لهذا الطلب ، كان بمثابة تفريج عن أزمته النفسية التي كان يعاني مرارتها دون أدنى شك ، وهو يعرف تماماً أنّ هذا الشخص البريء قد اُودع السجن ظلماً وعدواناً ، فجاء هذا الطلب تفريجاً لأزمته من جانب ، وفرصةً كبيرة لإنقاذ يوسف ، وبخاصة أنّ هذا الأمر قد اقترنَ بالإفادة من شخصية يوسف بصفتها شخصية علمية قدمت عطاءها العلمي في ميدان تفسير الأحلام وهو ميدان قد انعكست خطورتُه على الحقل الاقتصادي الذي انطوى عليه الحُلُم ، فالبلد على أبواب كارثة اقتصادية . . . وها هو يوسف يقدّم تخطيطاً إقتصادياً وبرنامجاً إدارياً دقيقاً لتلافي الكارثة .
وإذا كان الأمرُ كذلك ، فإنّ اقتران هذه الإفادة العلميّة مع إثبات براءته ـ عن طريق نسوة المدينة وامرأة العزيز ـ يُعدّان فرصةً ذهبية لإخراج يوسف من السجن والإفادة منه ، فضلا عن اقتران ذلك كلّه بتخليص الملك من أزمته النفسية التي نجمت من ظلم الملك ليوسف .
إذن ، كانت خطوة إنقاذ يوسف من السجن أوّل تغيير في سلوك الملك ، أو لنقل حسب المصطلح القصصي : أوّل خطوة في نموّ الشخصية ، وانتقالها من السلب إلى السلوك الإيجابي .
* * *
ثمّ كانت الخطوة النهائية في نموّ السلوك نحو الإيجاب ، هي تعيين الملك ليوسف خازناً على الأرض . . .
وهذه هي قمّة التقدير لشخصية يوسف والتكفير عن الخطأ السابق . . .
وهكذا ـ بهذا الدور الثالث للبطل : الملك ـ تنتهي علاقة الملك بالقصة وتبدأ الأحداث والمواقف تأخذ منعطفاً آخر في القصة يتصل بيوسف وإخوته وأبويه .
ولا جدال أنّ لهذا الدور الأخير أهمية خطيرة كلّ الخطورة ، لأنـّه دورٌ حاسمٌ في تطوير الوقائع ، والسماح لشخصيات يعقوب وبنيامين وإخوة يوسف بالتحرّك في مجالات جديدة ، فضلا عمّا ينطوي عليه من تطوير لشخصية يوسف نفسه ، ثمّ انعكاس ذلك على الحقل السياسي والاقتصادي للبلد .
|
|
هل تعرف كيف يؤثر الطقس على ضغط إطارات سيارتك؟ إليك الإجابة
|
|
|
|
|
معهد القرآن الكريم النسوي يقدم خدماته لزائري الإمام الكاظم (عليه السلام)
|
|
|