أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-12-2016
2433
التاريخ: 22-9-2016
2147
التاريخ: 10-9-2020
2414
التاريخ: 1-7-2017
12119
|
العمارة:
تعتبر العمارة أولى أشكال الفنون وأهمها على الإطلاق, وقد ارتبطت بمجموعة من العوامل الطبيعية والسياسية والاقتصادية, غير أن أهم هذه العوامل التي كان لها الأثر الأولى لخدمة الدين، وقد ساعد ذلك بشكل فعال الحكام والكهنة من تحقيق ما يصبون إليه في إثبات شرعية سلطتهم، وعن دور هذا العامل في تطور العمارة يقول أنطوان مورتكات: "أن من يود الإلمام بجوهر العمارة والفن في بلاد ما بين النهرين ووحدتها ينبغي له أن يحاول استيعاب فكرة الإله التي كانت مقبولة آنذاك، وما يرتبط من مفاهيم عن الملكية بصفة مباشرة، وذلك بدراسة الأبنية والأعمال الفنية المكتشفة..."(1).
وهو ما يؤكده أيضا قبيلة المالكي في قوله: "وخصائص العمارة السومرية تعرف جيدا من خلال المعتقدات الدينية مما دفع إلى عمارة نصبية وأكثر أبنيتها كانت المعابد. وأهم نتاج لعمارة بلاد الرافدين التي تلت العمارة السومرية هي العمارة البابلية بعهديها القديم والحديث..."(2).
أ. العمارة الدينية:
يعتبر المعبد أحد أهم العناصر المعمارية في حضارة وادي الرافدين(3), ويعود ظهوره إلى العصر المعروف بتل حلف في بداية الألف الخامس ق.م وقد استمر في التطور إلى أن أخذ صورته كاملة حوالي 3000 ق.م(4), وقد اعتبر مكان سكن الإله وزوجته وأولاده وأفراد حاشيته(5), فكان بذلك ذا مكانة مقدسة في المجتمع لأنه ارتبط أساسا بالمعتقدات الدينية وخدمة الدين, لأنه مكان عبادة الإله وإقامة الطقوس والشعائر الخاصة به كالاحتفالات الدينية (6).
لقد كان بناء معبد جديد من المهمات التي تستلزم أداء طقوس معينة من أجل التأكد من رغبة الإله الخاص بذلك المعبد قد حققت على الوجه الأكمل, وكان الإله يفصح عن رغبته في بناء معبد جديد من خلال الأحلام التي يراها الملك أو الكاهن في منامه, أي أن بناء أي معبد يكون بأمر إلهي يجسد في الحلم, ومن الأمثلة على ذلك الرؤيا التي رآها جوديا حاكم لكش 2120 ق.م, فقد رأى الإله ننكرسو على شكل إنسان ذي قامة هائلة وعلى رأسه تاج إلهي وله جناحا طير ذا رأس أسد, والجزء الأسفل منه كالطوفان والأسود على جانبيه وأمره ببناء معبد(7), والمثال الآخر عن نبو بلاصر: "بأمر من آيا, وبناء على نصيحة مردوخ, وتلبية لنصيحة نابو ونيسابا, ولثقتي بالمهمة الكبرى التي وضعها على كاهلي الإله الذي خلقني, اتخذت من محرابي الخاص الكبير قرار, فقمت بقياس الإبعاد لمساعدة عمال ماهرين مزودين بوحدة القياس..."(8)
وتوضح إحدى الألواح مشهدا دينيا يمثل الملك أورنامو مؤسس سلالة أور الثالثة وهو يقدم سكب الماء المقدس إزاء إله القمر سين الخاص بمدينة أور ويتسلم الملك من الإله الأوامر المقدسة لتشييد زقورة أور(9).
ولما كان للمعابد هذه القداسة الدينية فقد كان الناس يطهرون الموقع الذي يراد بناء المعبد فيه بالنار قبل بدء البناء(10), على أن وقت البناء عادة كان في شهر جوان لأنهم اعتبروه الفأل الطيب للبداية في بناء معبد أو قصر حيث يضع الملك اللبنة الأولى بنفسه على أن تكون قالبا من نوع خاص من الخشب يظل بعد ذلك في المعبد, ويملأ الملك ذلك القالب بالطين مصحوبا بالأدعية وتقديم الأضاحي وعزف الموسيقى(11).
وقد كان للعناصر الأساسية المستعملة في البناء أهمية دينية وسحرية (12), فاستعمال مادة الطين في البناء راجع إلى كونه المادة التي خلق منها الإنسان وأعطى ذلك له نوعا من القداسة (13), ومن جهة أخرى أن بناء المعابد باللبن دون المواد الأخرى كان غرضه أيضا المحافظة على المآثر الدينية لأن أولى المعابد الدينية كانت كذلك(14), كما أن مقاس اللبنة كانت تتحكم فيه الآلهة ويظهر ذلك جليا من خلال ما رواه جوديا في حلمه من أن الآلهة هي التي أشارت عليه مقاسها في بنائه معبد ننكرسو, وكان استعمال التماثيل أيضا ذا دافع ديني سحري, فقد كانت تنحت على شكل أسافين وتكون أساس البناء من أجل دك الشر(15) باتجاه العالم الأسفل (16), كما كان اتجاه زوايا المعبد اتجاه الجهات الأربع ذا مغزى ديني..(17).
وقد قسم المؤرخون المعابد من حيث أهميتها إلى:
- المعابد الرئيسية المركزية وهي معابد لها صفة قومية, وتعتبر المركز الرئيسي للإله ولها يتوجه الجميع عند رغبتهم في التعبد إليه, كمعبد الإله القمر ومركزه في أور ومعبد أيا في وأريدو ومردوخ في بابل...
- المعابد الثانوية ومعابد المدن وهذه كانت لآلهة ذات صفات محلية ولم تستمر لأكثر من فترة زمنية معينة ومنها معبد سن في خفاجي الذي استمر إلى بداية العصر البابلي القديم...
- معابد الأحياء السكنية وهي معابد صغيرة أقرب إلى المزارات أشهرها معبد خندور سانغا في الحي السكني البابلي القديم في مدينة أور... ولا تختلف معابد القصور عن المعابد الرئيسية وغالبا ما تكون قربها أو ملتصقة بها(18).
كما عرف السومريون والبابليون عدة أنواع من المعابد-من حيث الشكل- أهمها معابد الآلهة الرئيسية المنفردة وهي عادة معابد أرضية تكون في مناطق مركزية داخل مواقع المدن مهيئة لهذا الغرض, وهناك المعابد المرتفعة فوق المصاطب المشيدة من اللبن بطبقة أو طبقتين وهي في حقيقتها استمرار لمعابد عصري العبيد والوركاء وجمدة نصر, وهناك المعابد الملاصقة للزيقورة وهي معابد أرضية منخفضة تكون في الصحن المحيط بالزيقورة ولها واجبات تكميلية أو معوضة للمعبد (19).
____________
(1) أنطوان مورتكات, الفن في العراق القديم، تر: عيسى سلمان، طه التكريتي، مطبعة الأديب البغدادية، بغداد، 1975 ، ص 15.
(2) قبيلة المالكي، تاريخ العمارة عبر العصور، دار المناهج للنشر والتوزيع، عمان، 2007 ، ص 26 .
(3) يوسف خنفر, فنون الزخرفة والأثاث عبر العصور, دار راتب الجامعية, بيروت, 2000 , ص 26 .
(4) صالح لمعي مصطفى, عمارة الحضارات القديمة المصرية, ما بين النهرين, اليونانية, الرومانية, دار النهضة العربية, بيروت, 1979 , ص 5
(5) نور الدين حاطوم وآخرون, المرجع السابق, ص 197 )
(6) فاضل عبد الواحد علي, (من سومر إلى التوراة), المرجع السابق, ص ص 78-81.
(7) فراس السواح, (دين الإنسان), المرجع السابق, ص 210 .
(8) Marguerite Rutten, (Babylone), Op.Cit, P 85.
(9) طه باقر, (مقدمة في تاريخ الحضارات), المرجع السابق, ص 489-450.
(10) طه باقر, (معابد العراق القديم), المرجع السابق, ص25.
(11) محمد بيومي مهران, حضارات الشرق الأدنى القديم – الحياة السياسية والاقتصادية والتشريعية- ج 2, دار المعرفة الجامعية, مصر, 1999 , ص 68.
(12) أنطوان مورتكات, (الفن في العراق القديم), المرجع السابق, ص 192 .
(13) أحمد أمين سليم, (دراسات في حضارة الشرق الأدنى القديم), المرجع السابق, ص 251.
(14) طه باقر, (معابد العراق القديم), المرجع السابق, ص 25 .
(15) أنطوان مورتكات, (الفن في العراق القديم), المرجع السابق, ص 192 .
(16) عبد الحكيم الذنون, (الذاكرة الأولى)، المرجع السابق, ص 141.
(17) طه باقر, (معابد العراق القديم), المرجع السابق, ص
(18) مؤيد سعيد وآخرون, العمارة من عصر فجر السلالات إلى نهاية العصر البابلي الحديث, (حضارة العراق), ج 3، المرجع السابق, ص 112 - 113
(19) نفسه, ص 104.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|