أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-10-2014
2610
التاريخ: 11-12-2015
5762
التاريخ: 20-10-2014
2816
التاريخ: 12/10/2022
1783
|
لعل تميّز الإنسان عن غيره من المخلوقات هو محل ملاحظة وتأمل للإنسان نفسه، فيجعله دائم التفكير فيما يتميز به جنسه عن الأجناس الأخرى.
والمشاهد الحية التي يستعرضها القرآن الكريم في كيفية خلق الإنسان لا نجدها تستعرض بالنسبة لبقية المخلوقات، وما ذلك إلا لبيان هذه المراحل التي يمرّ فيها الإنسان المخلوق حتى يرى نور الوجود، وتكمن في هذه المراحل مجموعة أسرار وخفايا لا يستكشفها الإنسان نفسه، وان استكشفها العلم الحديث فهو يبقى عاجزا عن معرفة كل الأسرار وجل الخفايا، فيقول سبحانه وتعالى : {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون : 12 - 14]
وينصبّ التفكير في مبدأ خلق تلك النطفة النتنة التي تكون منها هذا الإنسان، من قطرة ماء تصرّفت يد القدرة فيها، فخلقت منه رجلا سويّا، يبصر ويمشي ويأكل ويتكلم ويسمع ويعقل ويفكّر {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} [الطارق : 5 - 7] ، {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا } [الإنسان : 2] .
فالقرآن يحرص على تذكير الإنسان بكيفية خلقه وتقلبه وضعفه، فيلفته إلى تكونه من تراب أو طين أو من نطفه، وكل ذلك كي لا يتجاوز الإنسان حدوده التي تكوّن منها، ويعرف أن مصيره مرهون بهذه الخلقة.
فحينما يفكر في بدايته كيف كانت ؟ فيعرف من هو وكيف يجب أن يكون مصيره.
فكما يجب عليه أن ينظر إلى تلك البداية ومراحلها، عليه أن يتمعن جيدا لكي يكون مصيره حسنا عند اللّه، فقد وهبه اللّه تعالى وسائل التعقل والتبصر، والتمييز بين الخير والشر، وذلك جوهر إنسانيته، وحمّله الأمانة، فعليه أن يتحمل التبعات، ويكون مسئولا عن تصرفاته وسلوكه، يقول سبحانه : {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى} [النجم : 39 - 41] {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا } [الإسراء : 13، 14] .
فلهذا الإنسان قصة عجيبة في رحلته العابرة بين الحياة والموت فكما دعاه القرآن إلى التفكير ليرفع عن نفسه الحيرة والشك، والتفكير ليس في بدايته وحياته التي يعيشها في الدنيا، بل النظر والتأمل إلى ما بعد هذه الحياة المادية حيث الحياة الأخروية دفعا لحيرة الإنسان، وما يشغل باله، فجاء من أمر تلك الحياة التي أكدتها رسالات الدين، وما يجهده من التفكير الدءوب في تصوره، فيقول سبحانه : {وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66) أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا } [مريم : 66، 67] .
ويقول أيضا : {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} [القيامة : 3، 4] ويقول أيضا : { أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } [يس : 77 - 79] .
ليس هذا فحسب ما يقدمه القرآن إلى الإنسان في إمكان البعث، بل انه يضع أمام بصره وبصيرته وحسه ووجدانه آية القدرة الإلهية في إرجاع الخلق الأول، فيقول سبحانه وتعالى : أَ {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ} [ق : 15] ويقول أيضا : {وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (49) قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (50) أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الإسراء : 49، 51] .
ما زال ولا يزال القرآن يثير عقل الإنسان حول الكثير من القضايا ويحرك تفكيره، مستعرضا له مجموعة من الشواهد، التي تبين بدايته، ومراحلها، ومصيره، وما يلاقيه في الحياتين الدنيا والآخرة.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية يصدر كتاب الفلسفة الغربية برؤية الشيخ مرتضى مطهري
|
|
|