أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-7-2019
1756
التاريخ: 5-12-2016
1870
التاريخ: 2023-10-18
1061
التاريخ: 13-6-2021
2312
|
الإسراء والمعراج :
بعد بعثة النبي «صلى الله عليه وآله» ، وفي أثناء المرحلة السرية ، التي استمرت ثلاث ، أو خمس سنوات ، كان ـ على الأرجح ـ الإسراء والمعراج : الإسراء إلى بيت المقدس ، حسب نص القرآن الكريم.
والمعراج من هناك إلى السماء ، الذي وردت به أخبار كثيرة.
وحيث إن التفاصيل الدقيقة لهاتين القضيتين يصعب الجزم في كثير منها إلا بعد البحث الطويل والعميق.
ذلك لأن هذه القضية ، وجزئياتها قد تعرضت على مر الزمان للتلاعب والتزيد فيها ، من قبل الرواة والقصاصين ، ثم من قبل أعداء الإسلام ؛ بهدف تشويه هذا الدين ، وإظهاره على أنه يحوي الغرائب والعجائب ، والأساطير والخرافات ، لأسباب شخصية ، وسياسية وغيرها.
ولم يسلم من مكائد هؤلاء حتى رموز الإسلام ، وحفظته وأئمة المسلمين أيضا.
وقد حذر الإمام الرضا «عليه السلام» من هؤلاء ـ حسبما روي عنه ـ حيث قال لابن أبي محمود : «إن مخالفينا وضعوا أخبارا في فضائلنا وجعلوها على أقسام ثلاثة :
أحدها : الغلو.
وثانيها : التقصير في أمرنا.
وثالثها : التصريح بمثالب أعدائنا.
فإذا سمع الناس الغلو فينا كفّروا شيعتنا ، ونسبوهم إلى القول بربوبيتنا.
وإذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا.
وإذا سمعوا مثالب أعدائنا بأسمائهم ثلبونا بأسمائنا وقد قال الله عز وجل : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ»)(١).
وبعد ما تقدم ، فإن التعرض لبحث التفاصيل الدقيقة لقضية الإسراء والمعراج يحتاج إلى توفر تام ، وتأليف مستقل ؛ ولذا فنحن لا نستطيع في هذه الفرصة المتوفرة لنا أن نعطي تصورا دقيقا عنه.
وعلى هذا ، فسوف نكتفي بالإشارة إلى بعض الجوانب التي رأينا أن من المناسب التعرض لها ؛ فنقول :
متى كان الإسراء والمعراج؟!
إن المشهور هو : أن الإسراء والمعراج قد كان قبل الهجرة بمدة وجيزة ؛ فبعضهم قال : ستة أشهر.
وبعضهم قال : في السنة الثانية عشرة للبعثة ، أو في الحادية عشرة أو في العاشرة.
وقيل : بعد الهجرة (2).
وفي مقابل ذلك نجد البعض يقول : إنه كان في السنة الثانية من البعثة (3) ، وقيل : في الخامسة ، وقيل في الثالثة ـ وهو الأرجح عندنا ـ ولعل ابن عساكر يختار ما يقرب مما ذكرنا ، حيث إنه ذكر الإسراء في أول البعثة كما ذكره عنه ابن كثير (4).
وقال مغلطاي ، بعد أن ذكر بعض الأقوال : «وقيل : كان بعد النبوة بخمسة أعوام ، وقيل : بعام ونصف عام.
وقال عياض : بعد مبعثه بخمسة عشر شهرا» (5).
وقال ملا علي القاري : «وذكر النووي : أن معظم السلف ، وجمهور المحدثين والفقهاء على أن الإسراء والمعراج كان بعد البعثة بستة عشر شهرا» (6).
وقال ابن شهر آشوب : «ثم فرضت الصلوات الخمس بعد إسرائه في السنة التاسعة من نبوته» (7).
فإن قوله : «في السنة التاسعة» راجع إلى فرض الصلوات ، وقد ظهر من كلامه : أن فرضهما كان بعد الإسراء والمعراج ، ولكنه لم يبين لنا تاريخه بالسنة ولا باليوم والشهر.
وقال الديار بكري : «فأما سنة الإسراء ، فقال الزهري : كان ذلك بعد المبعث بخمس سنين.
حكاه القاضي عياض ، ورجحه القرطبي ، والنووي.
وقيل : قبل الهجرة بسنة إلخ» (8).
الأدلة على المختار :
وأما ما يدل على أن الإسراء قد كان في السنوات الأولى من المبعث ؛ فعدا عن الأقوال المتقدمة ، ولا سيما ما ذكره الزهري والنووي ، نشير إلى الأمور التالية :
١ ـ ما روي عن ابن عباس أن ذلك كان بعد البعثة بسنتين (9) وابن عباس كان أقرب إلى زمن الرسول ، وأعرف بسيرته من هؤلاء المؤرخين ، فإذا ثبت النص عنه قدم على أقوال هؤلاء.
ولربما لا يكون هذا مخالفا لما تقدم عن الزهري وغيره ، إذا كان ابن عباس لا يحسب الثلاث سنوات الأولى ، على اعتبار : أنه «صلى الله عليه وآله» إنما أمر بإنذار الناس بعدها.
٢ ـ قد ورد عن الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» : أن الإسراء قد كان بعد ثلاث سنين من مبعثه (10) ، وهذا هو الأصح والمعتمد.
٣ ـ ويدل على ذلك بشكل قاطع ما روي عن : ابن عباس ، وسعد بن مالك ، وسعد بن أبي وقاص ، والإمام الصادق «عليه السلام» ، وعمر بن الخطاب ، وعائشة ، من أنه «صلى الله عليه وآله» ـ حينما عاتبته على كثرة تقبيله ابنته سيدة النساء ، فاطمة «عليها السلام» ـ قال لها : نعم يا عائشة ، لما أسري بي إلى السماء أدخلني جبرئيل الجنة ، فناولني منها تفاحة ، فأكلتها ، فصارت نطفة في صلبي ، فلما نزلت واقعت خديجة ، ففاطمة من تلك النطفة ؛ ففاطمة حوراء إنسية ، وكلما اشتقت إلى الجنة قبلتها (11).
ومعلوم مما سبق : أن فاطمة قد ولدت بعد البعثة بخمس سنوات ؛ فالإسراء والمعراج كانا قبل ذلك بأكثر من تسعة أشهر ، ولعله قبل ذلك بسنتين.
حتى أذن الله لتلك النطفة بالظهور ، والاستقرار في موضعها.
٤ ـ إن سورة الإسراء قد نزلت في أوائل البعثة ، ويدل على ذلك :
أ ـ ما رواه البخاري وغيره ، من أن قوله تعالى في سورة الإسراء : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها)(12) قد نزل بمكة ، ورسول الله «صلى الله عليه وآله» مختف.
وكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن ؛ فإذا سمع المشركون سبوا القرآن ، ومن أنزله ، ومن جاء به إلخ (13).
ومعلوم : أن اختفاء النبي «صلى الله عليه وآله» في دار الأرقم إنما كان في أوائل البعثة ، والمقصود بالاختفاء هو التخفي عن أعين المشركين حين الصلاة.
وأجاب المحقق الروحاني على ذلك ، بأن من الممكن أن يكون «صلى الله عليه وآله» حينئذ مختفيا في شعب أبي طالب.
فلا تدل هذه الرواية على أن الإسراء كان في أول البعثة.
ولكن ، لنا أن نناقشه بأن الداعي إلى دخولهم الشعب لم يكن هو التخفي في الصلاة وتلاوة القرآن ، وإنما اضطرهم المشركون إلى دخوله ، وحاصروهم فيه ، فالتعبير بالاختفاء يدل على أن ذلك قد كان في أوائل البعثة.
ووجود هجوم في سورة الإسراء على عقائد المشركين لا يضر إذا كانت السورة قد نزلت في أوائل البعثة.
ب ـ ما ذكره البعض في مقال له (14) من أن سورة الإسراء قد نزلت بعد الحجر بثلاث سور (15) وسورة الحجر قد نزلت في المرحلة السرية.
وفيها جاء قوله تعالى : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ)(16).
الأمر الذي تسبب عنه الجهر بالدعوة وإظهارها.
وإيراد المحقق الروحاني هنا : بأن في السورة ما يدل على وجود الصدام بين النبي «صلى الله عليه وآله» والمشركين.
وهذا الصدام إنما حصل بعد الاختفاء في دار الأرقم ، وبعد الإعلان بالدعوة.
يجاب عنه بما تقدم : من أن من غير البعيد أن تكون هذه السورة قد نزلت تدريجا ؛ فبدأ نزولها في أول البعثة.
ثم أكملت في فترة التحدي والمجابهة بين النبي «صلى الله عليه وآله» والمشركين.
ويدل على قدم نزولها أيضا : قول ابن مسعود عن سور الإسراء ، والكهف ، ومريم : إنهن من العتاق الأول ، وهن من تلادي (17).
وابن مسعود ممن هاجر إلى الحبشة ، ورجع منها ، والنبي «صلى الله عليه وآله» يتجهز إلى بدر (18).
إلا أن يقال : إن ابن مسعود إنما هاجر إلى الحبشة بعد الطائف ، أي في الهجرة الثانية ، لا في الأولى ؛ فلاحظ ؛ فإن ذلك لا يلائم قوله : إنهن من العتاق الأول.
٥ ـ إن سورة النجم ـ التي يذكرون أنها تذكر المعراج في آياتها ـ قد نزلت هي الأخرى في أوائل البعثة ؛ فإنها نزلت بعد اثنتين أو ثلاث وعشرين سورة ، ونزل بعدها أربع وستون سورة في مكة (19).
وسيأتي في قصة الغرانيق المكذوبة أو المحرفة : أنهم يقولون : إنها إنما نزلت بعد الهجرة إلى الحبشة بثلاثة أشهر ، والهجرة إلى الحبشة إنما كانت في السنة الخامسة.
بل لقد قيل : إن سورة النجم هي أول سورة أعلن النبي «صلى الله عليه وآله» بقراءتها ؛ فقرأها على المؤمنين والمشركين جميعا (20).
والنقاش في كون آيات سورة النجم ناظرة إلى المعراج ، يمكن تجاوزه ، وعدم القبول به كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
٦ ـ ويؤيد كون هذه القضية قد حصلت في أوائل البعثة ، أنه حين عرج به «صلى الله عليه وآله» صار الملائكة يسألون : أو قد أرسل إليه؟ (21).
فإن هذا يشير إلى أن ذلك إنما كان في أول بعثته «صلى الله عليه وآله» لا بعد عشرة أو اثنتي عشرة سنة ، فإن أمره «صلى الله عليه وآله» كان قد اشتهر في أهل السماوات حينئذ.
بل يمكن أن يكون قد اشتهر ذلك منذ الأيام الأولى من البعثة.
٧ ـ ما يدل على أن الإسراء قد كان قبل وفاة أبي طالب : فإن بعض الروايات تذكر أن أبا طالب «عليه السلام» قد افتقده ليلته ، فلم يزل يطلبه حتى وجده ، فذهب إلى المسجد ، ومعه الهاشميون ، فسل سيفه عند الحجر ، وأمر الهاشميين بإظهار السيوف التي معهم ، ثم التفت إلى قريش ، وقال : لو لم أره ما بقي منكم عين تطرف.
فقالت قريش : لقد ركبت منا عظيما (22).
٨ ـ ما روي من أن جبرئيل قال للنبي «صلى الله عليه وآله» حين رجوعه : حاجتي أن تقرأ على خديجة من الله ومني السلام (23).
٩ ـ وعن عمر : أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قال : ثم رجعت إلى خديجة ، وما تحولت عن جانبها (24).
فكل ذلك يدل على أن هذا الحدث قد كان قبل وفاة شيخ الأبطح ، وأم المؤمنين خديجة «رحمها الله» وهما قد توفيا في السنة العاشرة من بعثة النبي «صلى الله عليه وآله» ، فكيف يكون الإسراء والمعراج قد حصل في الحادية عشرة أو الثانية عشرة أو بعدها؟!.
__________________
(١) الآية ١٠٨ من سورة الأنعام ، راجع : البحار ج ٢٦ ص ٢٣٩ وعيون أخبار الرضا ج ١ ص ٣٠٤.
(2) راجع : السيرة الحلبية ، وتاريخ الخميس ، وغير ذلك.
(3) البحار ج ١٨ ص ٣١٩ عن العدد ، ونقل ذلك عن الزهري في عدة مصادر.
(4) البداية والنهاية ج ٣ ص ١٠٨.
(5) سيرة مغلطاي ص ٢٧.
(6) شرح الشفاء للقاري ج ١ ص ٢٢٢.
(7) المناقب لابن شهر آشوب ج ١ ص ٤٣.
(8) تاريخ الخميس ج ١ ص ٣٠٧.
(9) البحار ج ١٨ ص ٣١٩ و ٣٨١ عن المناقب لابن شهر آشوب ج ١ ص ١٧٧ ، وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٢٦ ، حيث ذكر ذلك بعد المبعث ، وقبل الإنذار.
(10) البحار ج ١٨ ص ٣٧٩ عن الخرائج والجرايح.
(11) تاريخ بغداد ج ٥ ص ٨٧ ، والمواهب اللدنية ج ٢ ص ٢٩ ، ومقتل الحسين للخوارزمي ص ٦٣ / ٦٤ وذخائر العقبى ص ٣٦ ، وميزان الاعتدال ج ٢ ص ٢٩٧ و ١٦٠ ، ومستدرك الحاكم ج ٣ ص ١٦٥ ، وتلخيصه للذهبي ، ومجمع الزوائد ج ٩ ص ٢٠٢ ، وينابيع المودة ص ٩٧ ، ونزهة المجالس ج ٢ ص ١٧٩ ، ومناقب المغازلي ص ٣٥٨ والبحار ج ١٨ ص ٣١٥ و ٣٥٠ و ٣٦٤ ، ونور الأبصار ص ٤٤ و ٤٥ وعلل الشرائع ص ٧٢ ، وتفسير القمي ونظم درر السمطين ص ١٧٦ ومحاضرة الأوائل ص ٨٨ وملحقات إحقاق الحق للمرعشي ج ١٠ ص ١ ـ ١١ عن بعض من تقدم ، وعن : أرجح المطالب ص ٢٣٩ ، ووسيلة المآل ص ٧٨ / ٧٩ ، وإعراب ثلاثين سورة ص ١٢٠ ، وكنز العمال ج ١٤ ص ٩٧ وج ٣ ص ٩٤ ، ومفتاح النجا ص ٩٨ مخطوط وأخبار الدول ص ٨٧ وعن ميزان الاعتدال ج ١ ص ٣٨ و ٢٥٣ وج ٢ ص ٢٦ و ٨٤ والدر المنثور ج ٤ ص ١٥٣ عن الطبراني والحاكم.
(12) الآية ١١٠ من سورة الإسراء.
(13) صحيح البخاري طبع سنة ١٣٠٩ ه ج ٣ ص ٩٩ ، والدر المنثور ج ٤ ص ٢٠٦ عنه وعن : مسلم وأحمد والترمذي ، والنسائي ، وسعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن حبان ، وابن مردويه ، والطبراني والبيهقي.
(14) راجع : مجلة الوعي الإسلامي المغربية عدد ١٦٣ ص ٥٦.
(15) راجع : الإتقان ج ١ ص ١١ ، وتاريخ القرآن للزنجاني ص ٣٧.
(16) الآية ٩٤ من سورة الحجر.
(17) صحيح البخاري ج ٣ ط سنة ١٣٠٩ ص ٩٦ والدر المنثور ج ٤ ص ١٣٦ عنه وعن ابن الضريس وابن مردويه.
(18) فتح الباري ج ٧ ص ١٤٥.
(19) راجع الإتقان ج ١ ص ١٠ ـ ١١ و ٢٥.
(20) تفسير الميزان مجلد ١٩ ص ٢٦.
(21) مجمع الزوائد ج ١ ص ٦٩ / ٧٠ عن البزار والمواهب اللدنية ج ٢ ص ٦ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣١٠.
(22) مناقب ابن شهر آشوب ج ١ ص ١٨٠ ، والبحار ج ١٨ ص ٣٨٤.
(23) البحار ج ١٨ ص ٣٨٥ عن العياشي ، عن زرارة ، وحمران بن أعين ، ومحمد بن مسلم ، عن الباقر «عليه السلام».
(24) تاريخ الخميس ج ١ ص ٣١٥.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|