أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-2-2019
2390
التاريخ: 24-8-2020
2116
التاريخ: 28-6-2019
3178
التاريخ: 5-4-2020
2179
|
قال علي (عليه السلام) : (اعلموا علما يقينا ان الله لم يجعل للعبد – وان عظمت حيلته ، واشتدت طلبته ، وقويت مكيدته – أكثر مما سمي له في الذكر الحكيم ، ولم يحل بين العبد في ضعفه وقلة حيلته وبين ان يبلغ ما سمي له في الذكر الحكيم ، والعارف لهذا ، العامل به ، أعظم الناس راحة في منفعة ، والتارك له الشاك فيه ، أعظم الناس شغلا في مضرة ، ورب منعم عليه مستدرج بالنعمى، ورب مبتلى مصنوع له البلوى ، فزد أيها المستمع في شكرك ، وقصر من عجلتك ، وقف عند منتهى رزقك).
تتضمن الحكمة بيان امرين :
الأول : ان العبد لا يستطيع ان يصل لأكثر مما سمي الله تعالى له في اللوح المحفوظ ، بما يمثله من حالة تقدير وتقسيم، فعليه ان لا يستعمل الحيلة ، ولا يجهد نفسه ، ولا يركن إلى مكيدة لأحد.
الثاني : ان العبد الذي لا يستطيع تأمين مورده – لضعف جسد او قلة تدبير - ، غير محروم من الرزق ، - عطاءا او توسعة.
فالدعوة إلى ان يتأكد الإنسان من ذلك ، ويعمل على أساسه ، فيقتنع بضمان الله سبحانه للرزق ، في قوله تعالى : {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } [هود : 6] ، {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا } [الإسراء : 30] ، { اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [العنكبوت : 62] ، {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يونس : 107] ، لينعكس ذلك على قناعاته ، وتوجهاته ، وما يفعل او يقول ، وعندئذ فيامن المجتمع من سلبيته التي قد تطغى به إلى حد تأثيره العملي في مجتمعه ، فتسوء الحالة ، ويتفشى الحرص او البخل او الجشع او اللؤم او سوء الظن بالله تعالى او غير ذلك مما يحدث تغييرات غير حميدة ، فضلا عن النزوع الاجرامي الذي يتزايد عندما لا يطمئن الانسان بعمق ان المخصص له آت لا يناله الغير ، كما ان المحتوم مقضي لا يصيب الغير ، وليس على العبد سوى العمل والسعي الموجب لديمومة عجلة الحياة ، مع التسليم لله تعالى المطلع على المصالح والمفاسد ، الذي لم يجعل الإنسان مجبورا على افعاله ، بل اتاح له مصادر الرزق ، وهيء له اسبابه ، وجعله يسعى في تحصيله وجمعه ، فلذا من قصر في ذلك ، فعلى نفسه ضيق ، فانحصر التأثير وجوده وعدما بالخالق ، الرازق ، المقدر ، ليطمئن العبد ، فتنقطع ، او تقل محاولاته في الالتفات على الاخرين من اجل الزيادة لنفسه ، او المنع لغيره ، كي تتقلص حالات التعدي والتجاوز التي تشيع لدى بعض الاشخاص ، بدوافع متنوعة، ومبررات متعددة – وهي جميعا غير وجيهة ، لا مقبولة - ، فينبغي التخلي عنها ، لئلا يطول عناء الإنسان ، وتعظم حسرته ، عندما يجد ان سعيه غير مؤثر، بل انه محاسب عليه ، ولم ينفعه تغافله عن حقيقة قوله تعالى : {وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى} [النجم : 40] ، ليجد نفسه امام قوله تعالى : {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ } [المدثر: 48] وعندها لا يجديه ما جمعه ، ولا يدفع عنه ما منعه عن غيره ، وكان من المهم – في ظل هذه الحالة – العمل على تقليصها ، او التقليل منها فأكد (عليه السلام) من خلال جمعه بين العلم ، وهو نقيض الجهل(1)، واليقين ، وهو زوال الشك(2)، على حتمية ان ما قدره سبحانه لعباده كائن ، وان محاولات الحصول على المال ، او الجاه ، او التوفق في سائر مناحي الحياة ، مما لا يؤدي إلى نتيجة محمودة ، بعد ان يكون المقدر القائم على أسس العدالة في التوزيع ، المبنية على مراعاة الاصلح ، مما اختص بعلمه تعالى دون سواه ، للفرق بين الواجب الذي علمه بالأشياء عين ذاته ، والممكن المفتقر في مراحله الحياتية إلى تعليم ، وتسديد ، ولطف ورعاية، مما لا يترك مجالا للمقارنة ، بل هي مع الفارق الواضح ، فعلى الإنسان ان يتوجه إلى توظيف الطاقات التي يتصف بها والعمل بطاعة الله المنعم تعالى ، من خلال أنشطته الحياتية المباحة العديدة ، ليكون عضوا صالحا في مجموعته ، فيلزمه اقتناص الفرصة واستثمارها ، دون الانشغال بما لا يتصل به ، وهذا مقتضى الحكمة ، وإلا فالإصرار على التشبث بتحصيل ما لم يكتبه تعالى ، هدر للوقت والجهد ، لا يليق بعاقل الإقدام عليه ، فهو (عليه السلام) يقرر حقيقة واقعية ، فمن عمل على تطبقها استهلك وقته في نفعه ، وإلا فهو ساه عما يصلحه.
وان الاقتناع المؤدي للعمل لما يكسب الإنسان الراحة ، وهي ما يبحث عنها ، في طلبه أسباب الرزق ، وان هذه الحقيقة لا تعني التثبيط عن ممارسة الانشطة والفعاليات ، بل تعني الجد في النافع منها ، وإلا فيضيع عليه العمر ، ولا يمكن تعويضه ، او استرجاع الفائت ، فالمهم إدراك انه أمام فضاء واسع من الإمكانيات التي وهبها الله تعالى له ، فعليه الإفادة منها ضمن مساحته ، لئلا يستبد به الامل بنفسه ، فيتصور انه قادر على ان يفعل ويفعل، وهو ما يوجب وقوعه في خلل كبير ، يؤدي به إلى خسارة معنوية عظيمة ، حيث لا يحسن التأدب في مقام عبوديته لله سبحانه ، لينزلق في الغرور ويتيه في لوازمه من مغريات الدنيا ، فلا ينتبه حتى يرد موردا صعبا ، ليقع ضحية جهله وسوء تقديره ، كما انه إذا تحقق من هذا الأمر وعمل بموجبه ، فقد ارتاح وانتفع في الوقت ذاته ، فلا يقلق من أفضلية غيره ، لعلمه بضمان الرزق ، وهو مستثمر لعمره ، فلا يتحسر على شيء فاته ، لما يعتقده من ان التوسعة في الرزق ليست معيارا للأفضلية، بل يعتقده من أن التوسعة في الرزق ليست معيارا للأفضلية ، بل الامر متصل بما يخفى على العباد ، من مصالح وحكم ، وأمل لو لم يتحقق من ذلك – سواء عرفه واهمله ، ام شك فيه – فيبقى مشغولا ، مهموما ، وهو ما يؤثر عليه نفسيا ثم جسديا، فيتضرر جراء ذلك ، والعاقل لا يختار ذلك حتما ، لما يعلمه من ان المال لا يمثل كل شيء في الحياة ، بل هو من الوسائل التي قد ينتفع بوجوده البعض ، فعدمه لا يساوي المنقصة ، بل سيدخر لمن حجب عنه ، لما هو أصلح لحالة ، وهذا ما يجعل العبد مستقر النفس ، فالغنى لا يعني غاية التكامل ، والفقر لا يعني العكس انما هما بحيثيات يجهلها العباد ، وبهذا نضمن عدم تعيير الفقير بفقره ، بعد ان ضمنا عدم افتخار الغني بغناه ، ليعمر طريق الحياة من دون حصول جفوة او فجوة، وانما العمل بالشكر للمنعم ، لاستحقاقه ذلك عقلا وشرعا ، وعدم العجلة ، لأنها لا تنتج ، وفسح المجال لآخرين ، لأن إشغاله مضيعة للوقت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مقاييس اللغة 4/110.
(2) المصدر نفسه 6/157.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|