أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-1-2021
1692
التاريخ: 10-1-2021
2832
التاريخ: 27-8-2018
2173
التاريخ: 26-5-2022
1411
|
بني قانون الجيوبوليتيك الكلاسيكي على تضاد قوتين: أولا، قوى البحر، أو التالاسوكراتيا (Thalassocracy) وهي تسمية يونانية ترمز إلى القوة البحرية، أو السيطرة على البحر، مكونة من كلمتين: التالاسا وهي البحر، وكراتيا وتعني القوة والسيطرة، وقد ارتبط المصطلح بالحضارة المينوسية (المينوية) في العصر البرونزي في القرن السادس عشر قبل الميلاد، التي اعتمدت قوتها على السفن، والتي سيطر ملكها مينوس على البحر المتوسط، وارتبطت باسا. أما التيلوروكراتيا (Tellurocracy) فهي أيضا كلمة يونانية تعني القوة البرية، حيث التيلوس ترادف الأرض أو البر، وارتبطت استعارتها بإسبرطة، ولاحقا بإمبراطوريات روما، والمغول، وليست هذه الثنائية منفصلة، بل إن تعاظم قوة إحداهما هو في رأي الثانية خطر، واتساع نطاق واحدة منهما فيه انحسار لنطاق الثانية.
إن جوهر الجيوبولتيكيا هو تحليل العلاقات السياسية الدولية على ضوء الأوضاع والتركيب الجغرافي. ولهذا فإن الآراء الجيوبوليتكية يجب أن تختلف مع اختلاف الأوضاع الجغرافية التي تتغير بتغير تكنولوجية الإنسان وما ينطوي عليه تلك من مفاهيم وقوي جديدة لذات الأرض، وفي هذا قال ماكيندر" لكل قرن جيوبوليتكية٠ والى اليوم فإن نظرتنا إلى الحقائق الجغرافية ما زالت ملونة بمفاهيمنا المسبقة المستمدة من الماضي لتلك الحقائق وذلك لأغراض عملية.
وعلى هذا فإن نظرتنا إلى الأوضاع الجغرافية في هذا القرن هي تلك القائمة على الترابط بين توزيع اشكال سطح الأرض وانماط الحركة. بينما كانت النظرة في القرن الماضي مبنية على توزيع الكتل القارية فقط. وفيما قبل القرن التاسع عشر كانت النظرة إلى الأوضاع والحقائق الجغرافية نابعة من التوزيعات المناخية وأشكال السطح الإقليمية. وتشير المناقشات الجارية بين المختصين الى أن أسس النظرة الى الأوضاع والحقائق الجغرافية في القرن القادم سوف ترتكز على توزيع الكتل السكانية والتكاملات الاقتصادية أكثر بكثير مما يعطي لها من وزن في الوقت الحاضر.
لكن ما هو هدف و غرض التحليل الجيوبولتيكي؟ يرى بعض الباحثين أن التنطير الجيوبولتيكي قد يخدم اغراض تخطيط السياسة والدعاية أو غير ذلك من الأغراض السياسية العملية. مثال ذلك أعمال الجيوبولتيكيين الألمان في خلال العهد النازي.
والحقيقة أن الأفكار الجيوبوليتكية قديمة قدم الفكر الإنساني في حضاراته العليا القديمة. ولعل أقدم فكرة صريحة وصلت الينا هي أفكار الفيلسوف الإغريقي أرسطو الذي أكد أن موقع اليونان الجغرافي في الإقليم المعتدل المناخي قد أهل الإغريق الى السيادة العالمية على شعوب الشمال البارد والجنوب الحار (ارسطو في كتاب السياسة). وعلى أية حال فان الجيوبوليتكا تخدم كافة الأغراض العلمية والعملية من وجهة النطر المشار اليها سابقا. على شرط إلا يشوه الكاتب عمدا تفسيره ونظرته إلى الأوضاع الجغرافية، وهذا يتطلب من الكاتب الا يكون مشاركا أو داعيا للتطبيق العملي لاتجاهات فكرية أو سياسية معينة. لكن السؤال الأخطر هو: هل يمكن للكاتب أن يتحرى الموضوعية الدقيقة في الكتابة؟ يقوم التحليل الجيوبوليتيكي على موضوعين أساسيين:
الأول: وصف الوضع الجغرافي وحقائقه كما تبدو بالارتباط بالقوى السياسية المختلفة.
الثاني: وضع ورسم الإطار المكاني يحتوي على القوى السياسية الدول المتفاعلة والمتصارعة.
ومن الصعب - في الوقت الحاضر- ان نحاول القيام بمثل هذا التحليل بالقياس الى سهولة ذلك في الماضي. وذلك راجع الى تداخل الأطر المكانية لقوى والتكتلات الدولية الحالية وما يتبع ذلك من استمرار العملية ادخال أو اخراج واحدة من القوى داخل حلف او آخر. وبذلك لا يمكن وضع حدود مكانية واضحة وفاصلة - إذ لا بد ان تعتريها التداخلات الرمانية من أن الى اخر.
ولعل من أوضح الأمثلة على ذلك أن الحدود المكانية للكتلتين الشرقية والغربية في اوروبا كانت خلال الخمسينات واضحة كل الوضوح في صورة خط حد فاصل بين المانيا الغربية من جانب والمانيا الشرقية وتشيكوسلوفاكيا من جانب أخر - بينما يتميع الخط الفاصل تميعا يجعل الأمور غير واضحة المعالم في منطقة النمسا باسرها، ومنطقة يوغسلافيا باسرها. ويعود الخط الى الوضوح متمثلا في الحدود المشتركة بين بلغاريا من جانب، واليونان وتركيا من جانب آخر و اليوم - مرورا بالستينات - نجد بداية تميع واضح في خطوط الفصل المكاني للكتلتين نتيجة الوحدة الألمانية، والتقارب المسبق بين المانيا الغربية والاتحاد السوفيتي وبولندا وتوقيع اتفاقيات الاعتراف بحدود بولندا الجديدة على الأودر والنيسة. فتفاعل القوى السياسية يغير الإطارات المكانية بصورة سريعة على مر الزمن يصعب معها تنطير محدد في التحليل الجيوبوليتيكي.
في الماضي كانت المحاولات الجيوبوليتكية ممكنه. فحتى نهاية القرن التاسع عشر كانت القوي الدولية الرئيسة عبارة عن ارتباطات بالإمبراطوريات الاستعمارية الأوروبية، فمركز هذه القوى كان محددا بمنطقة ضيقة في أوروبا ودول البحر المتوسط البحرية. وفي خلال ثلاثة الاف سنة كانت مراكز القوى العالمية عبارة عن " قلوب صغيرة" تنقلت من مكان إلى آخر في الشرق الأوسط وأوروبا : مصر - العراق - فارس الغربية - الإغريق - قرطاجة - روما - بيزنطة -
بغداد (الخلافة العباسية) - القاهرة (الفاطمية و المملوكية) - الاستانة العثمانية اسبانيا والبرتغال - فرنسا - إنجلترا - هولندا - ألمانيا.
هذه المراكز السياسية على مر الزمن تزامنت او تلاحقت الواحدة تلو الأخرى بعد صراع زمنى. وكانت هذه في مجموعها تكون " العالم ذو الأهمية" في راي جيمس فرجريف. فهذا العالم - بموقعه - واوضاعه الجغرافية الخاصة مكن شعوبه وسكانه من أن يطوروا وينموا موارد بلادهم المحلية أولا، ثم التوسع بعد ذلك إلى أقاليم وموارد خارجية في مناطق أقل نموا وتقدما.
وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر وجد بعض الجيوبولتيكيون أن " العالم ذو الأهمية" لم يعد قاصرا على اوروبا الغربية والوسطي، بل تمدد ليشمل الكتل الأرضية في نصف الكرة الشمالي بين درجات العرض ٣٠ و٦٠. ووجد آخرين أن هذا النمط السائد لم يعد قاصرا على دول سواحل أوروبا الغربية بل اخذ ينتقل تدريجيا إلى داخلية القارات في العروض ٣٠ و ٦٠ شمالا : أو بعبارة أخرى أخذت مراكز القوى تظهر في كل من الولايات المتحدة وروسيا.
ولكن في الوقت الحاضر لا تستطيع أن تتفق مع تحديدات السابقين على أن ما بين درجتي العرض ٣٠ و ٦٠ هي مراكز القوى العالمية، فالأساس الحالي المرتبط بالتكتل السكاني عدديا والموارد الاقتصادية ورغبات الشعوب والأيديولوجيات القومية وغيرها تجعل من المستحيل على الباحث أن يقول أن النطاق الشمالي سيظل محتكرا لمراكز القوى العالمية. وعلى هذا فأننا نجد بوادر ظهور مراكز قوى عالمية تمثلها الهند والصين والبرازيل. وفوق هذا يمكننا أن لطرح سؤالا للمستقبل عن مراكز قوى أخرى في العالم العربي ككل أو في جزء منه.
ومن ثم فإن اصطلاح " العالم ذو الأهمية" لم يعد وجوده بالوضوح الذي كان عليه في أوائل هدا القرن. ولكن هل يعني هدا انه لا يمكن تبين مناطق من العالم ستظل في ظل دول قوى اخرى؟ هل أصبح او سيصبح العالم متكافئة تماما؟ إن الإجابة على هذا التساؤل لا يجب أن تكون جازمة وملزمة لكن الحقائق الجغرافية تضع امامنا احتماليات كثيرة.
فلا شك أن هناك مناطق اسهل اتصالا بالموارد الاقتصادية الهامة من غيرها بحكم التنظيم العام لأشكال السطح والعلاقة المكانية. وهناك مناطق تتمتع بكفاءة أعلى (تكتيك) في استخدام الموارد، ولمثل هذه المناطق احتمالات بقاء واستمرار لنفوذها الذي تبسطه على أجزاء من العالم بحكم حقائق الجغرافيا الطبيعية والحضارية معا.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|