أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-11-2020
3335
التاريخ: 31-1-2023
1260
التاريخ: 29-11-2020
2884
التاريخ: 2025-01-12
66
|
ثانياً: إحلال رأس المال وتكثيف التقـنية :
يمكن وصف العملية الإنتاجية بأنها في الأساس عملية مزج لعناصر الإنتاج بنسب معينة للحصول على مخرجات بمواصفات خاصة. وفي الأنشطة الاقتصادية المعاصرة أصبح عنصر رأس المال بصوره وأشكاله المختلفة بديلاً إلى حد كبير للعناصر الطبيعية كمورد المياه النادرة، أو العمل البشري العضلي. وأصبح تكثيف رأس المال في الصناعات العصرية طابعاً مميزاً للتطور والنمو على كل المستويات. ولقد تسارعت خطى التقدم بالاكتشافات والابتكارات في الهندسة والكيمياء والأحياء والإدارة ، وأضحى الاقتصاد المعرفي مدخلاً للكفاءة الاقتصادية من خلال التوسع قدر الإمكان في تطوير أساليب الإنتاج وفنونه بجوانبها الهندسية، والأحيائية، والكيميائية والإدارية .
ففي المملكة العربية السعودية وحيث الظروف البيئية الجافة وذات الحرارة الشديدة وندرة المياه المتجددة وشح الموارد الطبيعية اللازمة لإنتاج الغذاء، رأى متخذو القرار وصُنّاع السياسة الاقتصادية في وفرة رأس المال مدخلاً مناسباً للتغلب على جل هذه الصعاب، حيث ساعد رأس المال على إحلال السلالات المحلية من الأبقار والحيوانات الحلابة ذات الإنتاجية الشحيحة بالأبقار الهولندية والألمانية الفريزان هيلوشتاين ذات الإنتاجية العالية ، بل ومن خلال التهجين الوراثي أمكن إنتاج سلالات أكثر تحملاً لظروف الحرارة والجفاف المميزة للمملكة وتَجلّت التقانة البيولوجية في هذه القفزات الهائلة التي لعبها رأس المال في الإنتاج. ومن ناحية أخري سُخرَت التقنيات الهندسية لتحسين الظروف الجوية الصعبة ، إذ يلاحظ الزائر لمزارع الأبقار الحلاّبة توربينات ضخمة لتكييف حظائر الأبقار الحلابة وأحدث معدات الحلب والتخزين والبسترة لتحل محل العناصر الإنتاجية الشحيحة كالعمالة.
وبنظرة فاحصة إلى مشروعات الزراعة المحمية في المملكة، يبدو دور تكثيف رأس المال وإحلاله محل الموارد الزراعية الشحيحة في المملكة، فعلى سبيل المثال إذا كان من الممكن إنتاج مائة طن من الطماطم من مساحة مُقام عليها بيت محمي (تكثيف رأس المال) فأن هذه الكمية لا يمكن إنتاجها في ظروف الزراعة المكشوفة إلا من خلال زراعة مائة دونم وما يتبع ذلك من عمل بشري ومياه لازمة للري الذي يندر توفره ، فهذا بطبيعة الحال مثال على أن رأس المال (اللازم لإنشاء دونم بيوت محمية) قد تم إحلاله محل مائة دونم وما يتبعها من مياه ري وعمل بشري قد يصعب توفيره.
إن إحلال عنصر رأس المال محل عناصر الإنتاج الأخرى (كالأرض مثلاً) يعني أهمية تحليل ودراسة ممكنات الحصول على ناتج أكبر من ذات المساحة المزروعة، أو الحصول على نفس الناتج من مساحة زراعية أقل. ومن البديهي يمكن تحقيق الحالة الأولى باستخدام المزيد من التقانة في الزراعة وأن ذلك القدر المضاف من التقانة يعتبر بديلاً لعنصر الأرض وما يرتبط بها من مياه لازمة للري أو العمل البشري لخدمة هذه المساحة .
ولقد تناولت دراسات تطبيقية عديدة استخدام التقنيات الحديثة كصورة عصرية من صور تكثيف استخدام رأس المال كبديل للموارد الطبيعية الشحيحة، مثل إحلال عنصر السماد (كصورة من صور رأس المال ممثلاً للتقانة الكيميائية في المجال الزراعي) محل عنصر الأرض الزراعية ، وذلك لتقدير إسهامات التسميد في إنتاج الغذاء مُقومَة في شكل وحدات أرضية (مساحة) زراعية وذلك نتيجة لتكثيف استخدام عنصر السماد. ولتقدير معدلات الإحلال الحدية لصور رأس المال المختلفة (يمكن اعتبار السماد ومساحة الأرض كمثال). فقد أوضح الاقتصادي Heady( 1963) إمكانية تقدير الدالة الإنتاجية التي تمثل أثر تغيرات كمية السماد المضاف إلى دونم واحد من الأرض على الإنتاج الكلي لهذه الوحدة المساحية الأرضية من محصول معين (وليكن القمح على سبيل المثال) ، ثم إدخال متغير الأرض إلى هذه الدالة الإنتاجية البسيطة في ظل افتراض تجانسها بدرجة الوحدة. ومن خلال عمليات جبرية بسيطة (التفاضل الجزئي الأول لمتغير السماد بالنسبة لتقدير مقدار السماد اللازم للإحلال محل وحدة واحدة من المساحة بشرط ثبات الإنتاج الكلي).
ويمكن استخدام بيانات تجريبية عن استجابة إنتاجية وحدة المساحة (نوعية محددة من التربة) من محصول ما للكمية المستخدمة من السماد كما هو موضح في الخطوات التالية :
١ - الدالة التالية توضح أن إنتاجية الوحدة المساحية من القمح دالة في كمية السماد المستخدمة :
Y = f (F)
حيث :
Y = هي إنتاجية الدونم الواحد من القمح.
F = هي كمية عنصر السماد المضافة للدونم من الأرض المزروعة بالقمح.
f= دالة.
وإذا فرض أنه تم تقدير هذه الدالة قياسياً بمعادلة تربيعية على النحو التالي :
١- تحويل الدالة الإنتاجية Transformation لتضمين متغير مساحة الأرض (A) في الدالة الإنتاجية السابقة، وذلك بغرض شرح أثر كل من السماد (F) ومساحة الأرض (A) على الإنتاج الكلي من القمح. ففي حالة التجانس بدرجة الوحدة (هذا الشرط يعني العائد الثابت للسعة.C.R.S) أي إن زيادة المساحة المزروعة بالقمح وفي نفس الوقت زيادة كمية السماد المضافة بنسبة ما، فإن الإنتاج الكلي من القمح يزيد بنفس النسبة).
ولتحقيق هذا الشرط جبرياً يتم الضرب في المتغير الجديد المساحة (A) وقسمة المتغير الأصلي (F) على المتغير A مرفوعاً لقوة المتغير F كما يلي :
ومن الواضح أن الدالة السابقة تحقق شرط التجانس من الدرجة واحد وهو يعني أن
الإنتاج الكلي = الإنتاجية الحدية للوحدة المساحية من القمح مضروباً في المساحة + الإنتاجية الحدية لوحدة السماد من القمح مضروباً في كمية السماد المضافة .حيث يمكن بالتفاضل إيجاد الإنتاجية الحدية لكل من وحدة المساحة ووحدة السماد وإثبات تحقق هذا الشرط .
2 ـ من الدالة الإنتاجية للقمح التي تشرح تأثير كل من السماد والمساحة على الإنتاج الكلي من القمح يمكن تقدير المعدل الحدي لإحلال السماد (العنصر الرأسمالي أو التقني) محل الأرض (العنصر الطبيعي الذي يعكس شح المياه والعمالة الزراعية المصاحبة) من خلال قسمة الإنتاجية الحدية لعنصر السماد على الإنتاجية لعنصر الأرض. وتفيد مثل هذه الدراسات في تحديد المدى الممكن لإحلال التقنية محل العناصر الإنتاجية الشحيحة فكثير من البلدان وفقاً لظروف الموارد فيها فقد أظهرت دراسات سابقة فيما قبل ستينيات القرن الماضي أن وحدة السماد يمكن أن تحل محل نحو 64 إيكراً من الأرض الزراعية في الهند ، ونحو ٥٣ إيكراً في كندا، ونحو ٢٤ إيكراً في الولايات المتحدة ونحو ٢٢ إيكراً في السويد ، ونحو ١٦ إيكراً في مصر. وهذه بالطبع تقديرات عامة ومتوسطة، تختلف مع الزمن وباختلاف المحاصيل ومستوى تكثيف رأس المال في كل حين وظرف على حدة . وبنفس المنطق يمكن تقدير ممكنات إسهام مختلف صور رأس المال وأوجه التقانة كبديل للموارد الطبيعية ومورد العمل البشري. كما أن المثال يمكن أن يُوسّع لتشمل الدالة الإنتاجية العديد من صور رأس المال والموارد الأخرى. وتوجد معايير اقتصادية أخرى لتحديد أمثل نسب استخدام رأس المال مع عناصر الإنتاج الأخرى بمعرفة الأسعار النسبية ومساواة معدل الإحلال الحدي بين العناصر مع الأسعار النسبية لتلك العناصر ثم الحَل لتحديد التوليفات الموردية المثلى الواجب تطبيقها وتؤدي معادلة التساوي بين المعدل الحدي للإحلال وبين رأس المال والموارد الأخرى وأسعارها النسبية إلى ما يعرف بالممر التوسعي الأمثل والذي يبين مدى تكثيف رأس المال كما هو موضح في الشكل (١١) .
ويُعتبر الممر التوسعي الأمثل من المفاهيم الاقتصادية ذات الأهمية الكبيرة في رسم السياسات الإنتاجية ، والخطط المُثلى لمزج عنصر رأس المال مع عناصر الإنتاج الأخرى، وتحديد برامج التمويل المناسبة، التي تعكس الحاجة الفعلية إلى العناصر الرأسمالية بشتى صورها .
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|