أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-28
1086
التاريخ: 25-11-2014
2611
التاريخ: 2023-03-31
3563
التاريخ: 2024-06-22
818
|
القرآن بظاهرة أحكام وحدود ومعارف دينية في قوالب الألفاظ والسور والآيات . ولكن بحقيقته وباطن معناه وواقعه ، نور إلهي ملكوتيٌ ، كما قال تعالى : {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا} [النساء : 174] ، و {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا ...} [التغابن : 8] و {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف : 157] .
فالمقصود من النور الذي أُنزل مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لهداية الناس ، هو القرآن . وقد اُمر الناس بالإيمان به واتباعه .
وهذا النور المعنوي الإلهي لا ينفذ في وجود القارئ ولا يدخل في قلبه ، بل ولا يمكن إدراكه ومشاهدته ، إلا بإراد الله وجعله تعالى ، كما قال : {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور : 40] ولا يجعل الله نوراً في قلب أحد إلا بالايمان والتقوى معاً ، لا بأحدهما وحده . وقد نفي النور عنه في هذه الآية على نحو العموم ؛ لأنّ النكرة في سياق النفي يفيد العموم . وعليه فالمنفي في الآية بجميع مراتبه .
لا يحصل هذا النور إلا بالتقوى
وهذا النور إنّما يحصل للإنسان ويستقرّ في قلبه بسبب التقوى ، كما قال تعالى : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ} [الحديد : 28] .
يُفهم من هذه الآية أوّلاً : أنّ الإيمان الذي يستقرُ في القلب - وهو الذي أمر به ثانياً في الآية - إنما يمكن تحصيله في ظلِّ التقوى ؛ نظراً الى إرداف الايمان الثاني بعد الأمر بالتقوى في لفظ الآية .
وثانياً : أن الله تعالى يؤتي أهل التقوى والايمان نصيباً أوفر ، وحظاً أكثر مضاعفاً بالنسبة الى ساير المسلمين ويجعل لهم في ظلّ التقوى والايمان نوراً يعرفون به الحق ويميّزونه من الباطل .
وهذا النور هو المقصود من الفرقان في قوله تعالى : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال : 29] والفرقان في هذه الآية بمعنى قوة الفهم والادراك التي يُميز بها بين الحق والباطل ويُعرف بها حقائق العلوم . وإنّ لها دلالة بيّنه وظهوراً واضحاً في ترتّب جعل الفرقان على التقوى .
كما هو المقصود من العلم الذي يعلّمه الله الانسان ، كما اُشير إليه في قوله تعالى : {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة : 282] . ولا يخفى ظهور هذه الآية أيضاً في ترتب تعليم الله الانسان على تقواه .
هذا النور يتلألؤ في ظلمات القيامة ويُضيء طريق الجنة
كما أن هذا النور يتلألؤ ويسعى بين أيدي المؤمنين في ظلمات يوم القيامة ويُضيء لهم عرصة المحشر .
ويستدعي المنافقون منهم ان ينظروا اليهم حتى يستضيئون بنور وجههم ، وحينئذٍ ينادي منادٍ من الله : ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً ، فإذا رجعوا الى رواء ظهورهم وحدث الفصل بينهم ، يضرب الله بينهم بسور وحاجزٍ ويخلق في جانب باطنه - الذي فيه المؤمنون - الرحمة والرضوان وأنواع النعم ، ويخلق في جانب ظاهره - الذي وقع فيه المنافقون بالرجوع الى ورائهم والتخلُّف عن المؤمنين - النار والعذاب . وبذلك يمكر الله بهم الله يوم القيامة كما كانوا يمكرون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمؤمنين في الدنيا ، {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران : 54] {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} [الطارق : 15 - 17] .
وهذا تفسير قوله تعالى : {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ } [الحديد : 12، 13] . كما ورد في النصوص .
وقيل : إن المنادي يدعوهم بندائه الى رجوعهم الى الدنيا ليكتسبوا بأعمالهم النور ، وذلك غير ممكن .
والغرض أنّ هذا النور له اثر في الدنيا وهو فهم الحقائق وتمييز الحق عن الباطل ، وأثرٌ في الآخرة ، وهو إضاءة طريق الجنة وهداية صاحبه إليها .
والذي يستفاد من مجموع هذه الآيات أنّ فهم معاني الآيات القرآنية واستكشاف حقيقة مراد الله منها ، إنما بالإيمان بالولاية - واتّقاءِ المحرمات والمعاصي . وأيّة معصية عُظمى من عصيان أمر الله ونبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) بالإيمان بالولاية واتباع الأئمة المعصومين من آل بيته ؟ بل هم الطريق الذي جعله الله تعالى الى فهم معاني الآيات القرآنية واستكشاف مضامينها الراقية الشامخة . وعليه فدعوى حصول فهم معاني الآيات القرآنية وكشف مراد الله منها للمخالفين ، جُزافية غير مسموعة ، كما اتضح على ضوءِ ما يستفاد من الآيات المزبورة عدم امكان فهم حقايق معاني القرآن ولا استكشاف مراد الله من آياته لغير أهل التقوى ، ممن لا يبالي بارتكاب المعاصي ، وإن كان معتقداً بالولاية .
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|