أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-11-2014
19791
التاريخ: 5-11-2014
45824
التاريخ: 5-11-2014
3280
التاريخ: 5-11-2014
5862
|
مما لا ينبغي الغفلة عنها في تفسير القرآن واستكشاف معاني آياته ، أنه كما أن مضامين الآيات القرآنية ومعانيها قد قصدها وأنشأها الله تعالى ، كذلك استعمال وتنظيم ألفاظها وتنسيق كلماتها وترتيب جملها وآياتها ، بل ترتيب سورها يكون من جانب الله ، لا من جانب البشر ، بل ولا من جانب جبرئيل نفسه ، فضلاً عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) .
وتترتب على نظرية وحيانية ألفاظ القرآن وآثار مهمّة ، وهي :
1. قداسة خاصة لألفاظ القرآن وما يترتب عليها ؛ من حرمة مس القرآن بدون الطهارة ؛ نظراً الى اختصاص هذا الحكم بكلام الله ، ولا يأتي في كلام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والامام (عليه السلام) ، وحرمة إهانته واستحباب تعظيمه بتذهيب أوراقه وجعله من وجوه التعظيم ، كما جرت عليه سيرة المسلمين في تمادي الأعصار . وذلك لأن كلام الله من أبرز مصاديق شعائر الله ومحترمات الدين . وقد بحثنا عن وجه استحباب تعظيمها وحرمة إهانتها مفصلاً في كتابنا " مباني الفقه الفعّال " ، فراجع (1).
2. صيانة ألفاظ القرآن عن التغيّر . فلو كان كلام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، لجاز نقله بالمعنى ؛ نظراً الى جواز نقل الروايات بالمعنى . وقد بحثنا عن ذلك وأثبتناه في كتابنا " مقياس الرواية " (2) . فربّ مفسر كان حينئذٍ يغيّر ألفاظ القرآن ؛ اعتقاداً بحفظ المضمون وإصابة المعنى المقصود حسب زعمه ورأيه . فلم يبق حينئذٍ في طيّ القرون وتمادي الأعصار متن واحدٌ للقرآن ، ولكان ذلك موجباً لاضمحلال أحكام الشريعة واندراس الدين . ولكن وحيانية ألفاظ القرآن وكونها من جانب الله تعالى - لا من غيره - يمنع من صيرورتها في معرض التغيير والاختلاف .
كما لم يعرض الى حدّ الآن أيّ تغيُّر واختلاف على ألفاظ القرآن ، بل بقي متنه على ما كان عليه محفوظاً بعد طيّ القرون المتمادية من زمان نزوله . بل هذا دليل إني يكشف عن وحيانية ألفاظه .
3. صيانة القرآن من الاختلاف الشديد في معاني آياته ؛ حيث إن ألفاظ آياته وتنسيق كلماته لو كان من غير الله لتغيرت ألفاظه ، ولتغيرت بتبعه معانيه ، ولسرى الاختلاف العميق في مضامينها ، بل لكان يوجد التناقض في كثير من آياته ، كما اُشير إليه في قوله تعالى : { ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً } [النساء : 82] .
ويشهد لما قلنا ما دلّ على ذلك من الكتاب والسنة .
فمن الكتاب : قوله تعالى : {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا } [الإسراء : 106] حيث يستفاد منه أن تفريق القرآن وتنسيقه في قوالب الكلمات والجمل وتنظيمها على ترتيب السور والآيات إنما كان من جانب الله تعالى ، وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مأمور بالقراءة والتبليغ . فإن قوله : { لِتَقْرَأَهُ } يدل على قابلية القرآن من بدو نزوله ، فلابد من كونه في قالب ألفاظ وكلمات . وكذا قوله : {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة : 18] .
ولا يخفى أن الترتيب الموجود بين السور في القرآن الموجود مغايرٌ لترتيبها حسب النزول . وسيأتي ذكر ترتيب نزولها .
ومنه : قوله تعالى : {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} [المائدة : 15] فإن لفظ الكتاب إنما يطلق على مكتوبات منظمة في قالب الجملات ومفصلة على فصول ومبوّبة على ابواب . وليس المقصود اللوح المحفوظ ؛ لأن موطنه إنما هو قبل النزول والمجيء الى الدنيا ، والآية المزبورة إنما هي ناظرة الى الكتاب بعد نزوله ومجيئه بين الناس ، فليس المقصود ، إلا ما بين الدفّتين من السور والآيات . وقد أُسند الكتاب في هذه الآية بهذا المعنى - الذي هو المتبادر في الأذهان - الى الله .
ولا يلائم ذلك إلا ما قلنا .
ومما يدل على ذلك قوله تعالى : {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة : 6] حيث دل على اتصاف القرآن بالكلام المسموع في قالب الألفاظ والكلمات والجمل المترتبة المنظمة المقروءة . وليس ذلك إلا الآيات والسور القرآنية التي قرأها جبرئيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكتُبت بين الدفتين .
ومن ذلك قوله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ ...} [فاطر : 29] نظراً الى إسناد القرآن الى الله بوصف أنه كتاب يتلونه الناس .
ومن السنة
ومما يدل على وحيانية ألفاظ القرآن آيات التحدي ، كقوله : { قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } [الإسراء : 88] .
فإن القرآن المشار إليه بلفظ " هذا " ليس إلا الألفاظ والكلمات المرتبة المنظمة المكتوبة بصورة الآيات والسور بين الدفتين . والسر في التحدي هو ما في الآيات من اللطافة والظرافة وغاية الدقة من حيث التنظيم والترتيب والتنسيق بين الألفاظ والكلمات وأجزاء الآيات وسوق الكلام الى المعاني الراقية والمضامين الشامخة المقصودة . قول الامام الباقر (عليه السلام) : " لا خالق ولا مخلوق ، لكنه كلام الخالق " (3) .
وقول الصادق (عليه السلام) : " هو كلام الله وقول الله وكتاب الله ووحي الله وتنزيله ... " (4).
وقد ورد نظير ذلك عن الامام موسى الكاظم وعلي بن موسى الرضا (عليهما السلام) (5).
وقد وردت نصوص دلّت على وحيانية ألفاظ الآيات القرآنية ، وليس هاهنا موضع نقلها (6) . بل ذلك مورد اتفاق الفريقين ويُعدّ من ضروريات الدين .
___________________
1. مباني الفقه الفعّال : ج1 ، ص 147و253 .
2. مقياس الرواية : ص 22 .
3. بحار الأنوار : ج89 ، ص 120 ، ح8 .
4. المصدر : ص 17 ، ح3 .
5. المصدر : ص 117 ، ح 1و2و ص118 ، ح 4و5 .
6. راجع بحار الانوار : ج89 ، ص 40-77 .
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|