أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-11-2019
3837
التاريخ: 27-6-2016
7050
التاريخ: 2023-12-12
975
التاريخ: 19-1-2016
4350
|
الوالدان، والاولاد، والاخوان هم ليسوا منفصلين عن إطار الناس، بل هم الاولون والاقربون في هذا الإطار. وعليه فإن هناك قواعد مشتركة كثيرة في التعامل مع الناس، وفي التعامل مع الوالدين، والاولاد، والاخوان.
ويمكن ايجاز قواعد التعامل مع الوالدين في ما يلي:
1ـ الإحسان والبر والمعروف.
2ـ الإحترام والتقدير واجتناب النهر (*).
3ـ القول الكريم.
4ـ الرحمة بهما.
5ـ الدعاء لهما.
6ـ عدم اطاعتهما في ما لا يرضي الله.
7ـ مصادقتهما.
يقول تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 23، 24].
ويقول الإمام علي بن الحسين (عليه السلام)، في تبيانه لطريقة التعامل مع الوالدين باعطائهما حقوقهما: (...وأما حق أمك: فأن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحدٌ احداً، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحدٌ احداً، ووقتك بجميع جوارحها، ولم تبال أن تجوع وتطعمك، وتعطش وتسقيك، وتتعرى وتكسوك، وتضحي وتظلك، وتهجر النوم لأجلك، ووقتك الحر والبرد لتكون لها، وإنك لا تطيق شكرها الا بعون الله وتوفيقه) (1).
(واما حق ابيك: فان تعلم انه اصلك وانه لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك ما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك ولا قوة الا بالله).
وفيما يرتبط بالتعامل مع الأولاد واعطائهم حقوقهم يقول (عليه السلام): (واما حق ولدك: فان تعلم انه منك ومضاف اليك في عاجل الدنيا بخيره وشره وأنك مسؤول عما وليته به من حسن الأدب، والدلالة على ربه - عز وجل - والمعونة له على طاعته، فاعمل في أمره عمل من يعلم انه مثاب على الإحسان اليه، معاقب على الإساءة اليه).
وعن التعامل مع الأولاد:
جاء في كتاب (كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس) لدايل كارنيجي، ذكر مقالة نشرت أول الأمر في مجلة (بيبولزهوم جورنال) ثم نشرت بعد ذلك آلاف المرات، وقصة المقالة، أن شخصا انتقد طفله، وعنفه، ثم اصيب بحالة من الندم، ونص المقالة هو كالتالي: یا بني!، اكتب هذا وانت راقد امامي على فراشك سادر في نومك وقد توسدت كفك الصغير وانعقدت خصلات شعرك الذهبي فوق جبهتك الغضة.
فمنذ لحظات خلت كنتُ جالساً الى مكتبتي اطالع الصحيفة، واذا بفيض غامر من الندم يطغى علي فما تمالكت الا أن تسللت الى مخدعك ووخز الضمير يصليني ناراً.
واليك الأسباب التي اشاعت الندم في نفسي:
اتذكر صباح اليوم لقد عنفتك وانت ترتدي ثيابك تأهباً للذهاب الى المدرسة، لأنك عزفت عن غسل وجهك واستعضت عن ذلك بمسحه بالمنشفة ولمتك لأنك لم تنظف حذاءك كما ينبغي وصحت بك مغضباً لأنك نثرت بعض الأدوات عفوا على الأرض.
وعلى مائدة الإفطار احصيت لك الأخطاء واحدة واحدة: فقد أرقت حساءك والتهمت طعامك واسندت مرفقيك الى حافة المائدة، ووضعت نصيباً من الزبد على خبزك أكثر مما يقتضيه الذوق.
وعندما وليت وجهك شطر ملعبك، واتخذت أنا الطريق إلى محطة القطار، التفت إليّ ولوّحت لي بيدك، وهتفت: (مع السلامة يا بابا)، وقطبت لك جبيني ولم أجبك، ثم أعدت الكرة في المساء، ففيما كنت أعبر الطريق لمحتك جاثياً على ركبتيك تلعب (البلي)، وقد بدت على جواربك ثقوب، فأذللتك أمام أقرانك، إذ سيّرتك أمامي إلى المنزل مغضباً، باكياً، إن الجوارب، يا بني، غالية الثمن، ولو كنت أنت الذي تشتريها لتوفّرت على العناية بها والحرص بها والحرص عليها.
أفتتصور هذا يحدث من أب ؟!،
ثم أتذكر بعد ذلك، وأنا أطالع في غرفتي، كيف جئت تجر قدميك متخاذلاً، وفي عينيك عتاب صامت، فلما نحيت الصحيفة عني وقد ضاق صدري لقطعك علي حبل خلوتي، وقفت بالباب متردداً، وصحت بك أسألك: (ماذا تريد؟!).
لم تقل شيئاً، ولكنك اندفعت إلي، وطوقت عنقي بذراعيك وقبلتني، وشددت ذراعيك الصغيرين حولي في عاطفة أودعها الله قلبك الطاهر مزدهرة، لم يقو حتى الإهمال على أن يذوي بها!.
ثم انطلقت مهرولا تصعد الدرج إلى غرفتك!
يا بني!، لقد حدث بعد ذلك ببرهة وجيزة، أن انزلقت الصحيفة من بين أصابعي، وعصف بنفسي ألم عاتٍ.
يا الله! إلى أين كانت (العادة) تسير بي؟! عادة التفتيش عن الأخطاء؟! عادة اللوم والتأنيب؟! أكان ذلك جزاؤك مني على أنك ما زلت طفلا؟!
كلا! لم يكن مرد الأمر أني لا أحبك، بل كان مرده أني طالبتك بالكثير، برغم حداثتك! كنت أقيسك بمقياس سني، وخبرتي، وتجاربي.
ولكنك كنتَ في قرارة نفسك تعفو وتغضي، وكان قلبك الصغير كبيراً كبر الفجر الوضّاء في الأفق الفسيح، فقد بدا لي هذا في جلاء من العاطفة المهمة التي حدت بك إلى أن تندفع وتقبلني قبلة المساء!
لا شيء يهم الليلة يا بني! لقد أتيت إلى مخدعك في الظلام، وجثوت أمامك موصوماً بالعار!، وإنه لتفكير ضعيف!.
أعرف أنك لن تفهم مما أقول شيئا لو قلته لك في يقظتك، ولكني من الغد سأكون أباً حقاً. سأكون زميلا وصديقاً. سأتألم عندما تنام، وسأضحك عندما تضحك، وسأغض لساني إذا اندفعت إليك كلمة من كلمات اللوم والعتاب، وسأرد على الدوام ـ كما لو كنت أتلو صلواتي ـ (إن هو إلا طفل)!
لشدّ ما يحز في نفسي أنني نظرت إليك كرجل، إلا أنني وأنا أتأملك الآن منكمشأ في مهدك، أرى أنك ما زلت طفلا، وبالأمس القريب كنت بين ذراعي أمك، يستند رأسك الصغير إلى كتفها، وقد حمّلتُك فوق طاقتك!.
وفيما يرتبط بالتعامل مع الأخوان واعطائهم حقوقهم يقول الإمام علي بن الحسين (عليه السلام): (وأما حق أخيك: فأن تعلم أنه يدك وعزك وقوتك فلا تتخذه سلاحاً على معصية الله ولا عدة للظلم بخلق الله ولا تدع نصرته على عدوه، والنصيحة له فإن أطاع الله والا فليكن الله أكرم عليك منه ولا قوة الا بالله).
والحق أن الإنسان بالتزام العدالة يمكنه حسن معاملة والديه وابنائه وإخوانه، وزوجته، وكل إنسان لأنها وضع للشيء في موضعه، واعطاء كل ذي حق حقه، وهي جامعة لكثير من الفضائل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) النهر: الزجر، النهي والمنع.
(۱) مکارم الاخلاق، ص421 ، رسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين (عليه السلام).
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية يصدر كتاب الفلسفة الغربية برؤية الشيخ مرتضى مطهري
|
|
|