أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-4-2022
2399
التاريخ: 2023-12-19
1535
التاريخ: 27-3-2019
8399
التاريخ: 23-8-2016
1695
|
لا يمكن أن تحدد فوائد التقوى بحدود ما دامت هي من نتائج الشعور بهيمنة الله تعالى ، والإحساس بالمسؤولية أمامه، والشعور بالتقصير إزاء حقوقه ونذكر بعض فوائدها في حدود الله ما دلتنا عليها روايات اهل بيت العصمة صلوات الله عليهم ... هذه الفوائد يمكن ان نقسمها إلى قسمين : فوائد في الدنيا واخرى في الآخرة ، وهذا التقسيم (للتوضيح لا التبعيض)؛ ما دام امر الدنيا في الإسلام ملازم لأمر الآخرة.
أما اهم الفوائد التي دلت عليها الأحاديث الشريفة فهي:
1- دواء لكل الامراض النفسية:
الامراض التي يصاب بها القلب كثيرة منها: الجهل، والنفاق، والحقد والتكبر ... والتقوى هي العلاج الوحيد الواقي من هذه الخبائث.
فلا تجد متقياً حقيقياً يعرف الحقد، او التكبر، او النفاق، او غيرها إلى قلبه سبيلاً ، وادق بيان لفوائد التقوى ما جاء عن امير المؤمنين علي (عليه السلام) حيث يقول : (فإن تقوى الله دواء داء قلوبكم، وبصر عمى افئدتكم، وشفاء مرض أجسادكم ، وصلاح فساد صدوركم ، وطهور دنس انفسكم ، وجلاء عشا أبصاركم، وأمن فزع جأشكم وضياء سواد ظلمتكم)(1).
2- التقوى إحدى منابع المعرفة :
(اعتبر القرآن الكريم القلب مركزاً لسلسلة من الإلهامات والإلقاءات الإلهية حيث ان كل إنسان وفي اي مستوى محافظ على طهارته القلبية ، وعامل ومنفذ لها فإن هذا المركز سيكون طريقاً للخلاص والعبودية ، وقد صرح القرآن بذلك كقوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } [الأنفال: 29] (2).
وهذه الحالة لا تتحقق إلا بتزكية النفس من الادران ، يقول {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا } [الشمس: 7 - 10].
فإذا طهرت النفس من خبائث الآنية والانانية ، ومذاق الاخلاق، وادران الذنوب اصبحت مؤهلة ، لتلقي الفيض الإلهي، ورد عن امير المؤمنين (عليه السلام) انه قال : (العلم صبغ النفس، وليس يفوق صبغ الشيء حتى ينظف من كل دنس)(3) وهذه بديهية فإن الورقة الملوثة لا تظهر عليها الكتابة واضحة؛ ولذا فإن نقاء صفحة القلب وبياضها شرط لانطباع العلم فيها فإذا لوث القلب بمرض الحقد والحسد ، والعجب ، والتكبر، والغرور ... الخ .
فلا يكون قابلا لتلقي الفيوضات الإلهية ، ولا يمكن ان يكون مصباحاً يشع النور على الآخرين ، ويفيض الحب والحنان عليهم وعندما يمتلئ بتقوى الله يرزقه الله قوة التميز بين الحق والباطل والشر، وبين الهدى والضلال {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: 29].
بمعنى ان تتقوا الله لم يختلط عندكم ما يرضي الله في جميع ما تقدم بما يسخطه ويكفر عنكم سيئاتكم ، ويغفر لكم، والله ذو الفضل العظيم)(4).
إن المعرفة لا تحجب عن القلوب الطاهرة ، وانما الذي يحجبها عنها هي الذنوب والمعاصي، وذمائم الأخلاق، فإنها تكدر القلب وتجعله مظلماً لا يقبل النور؛ لأن (القلوب كالأواني ما دامت ممتلئة بالماء لا يدخلها الهواء، فكذلك القلوب المشغولة بغير الله لا تدخلها المعرفة بجلال الله، وإليه الإشارة بقولة (صلى الله عليه واله): لولا ان الشياطين يحومون على قلوب بني آدم، لنظروا إلى ملكوت السماوات)(5).
ومن هنا يتضح ان إشراق القلب ، وجلاء البصيرة، لا يتحقق بدون تحصيل التقوى فالتقوى تساعد على صفاء القلب ، وترسخ العلم فيه ، وجريان الحكمة منه وهذا يحتاج إلى تخلية من كل الأدران بالمجاهدة الشديدة للنفس فلا تحصل التحلية بدون حصول التخلية كما يقول علماء الاخلاق ، قال تعالى : {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } [العنكبوت: 69].
والجهاد في الله هو مجاهدة النفس العدو الباطني للإنسان ، وهو مفتاح أبواب الجهاد الاخرى؛ ولذا صار سبيلاً يفتح الله به على عباده سبل الهداية من اوسع ابوابها.
إن المرآة الملوثة لا تعكس الصورة كاملة، والمصباح الذي تراكم عليه الدخان لا يشع النور، كذلك القلب الملوث بالأدران وذمائم الاخلاق لا يمكن ان يتقبل النور الإلهي فضلاً عن أن يشعه.
3- التقوى هي المخرج من الشدائد والأزمات والمحن :
عقبات وأشواك طريق السير والسلوك إلى الله اكثر من ان تحصى؛ ولذا جاء التعبير القرآني في هذا المجال دقيقاً، وصريحاً ، حيث يقول تعالى : {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} [الأنفال: 7] فهناك المشاكل : العائلية ، والنفسية والاجتماعية، وعلى مختلف الاصعدة السيارة ، والاقتصادية ، والفكرية والعسكرية وغيرها من التحديات القوية التي تواجه المؤمن في سيره الرسالي وإذا أراد ان يواجهها بنفسه وقوته فإنه سوف يعجز لا محال ؛ ولذا جعل الله تعالى التقوى السبيل الواضح الذي ينزل به شآبيب رحمته فيمنح الإنسان بها الإرادة الصلبة، والعزيمة الماضية من خلال إحساسه وايمانه بالمدد الإلهي، وهكذا جاءت الآيات والاحاديث مؤكدة لهذه الحقيقة، يقول تعالى : { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا * وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا * ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} [الطلاق: 2 - 5] اي ومن يتق الله ، وتورع عن محارمه ولم يتعد حدوده، والتزم بشرائعه فعمل بها يجعل له مخرجاً من مضائق مشكلات الحياة. (6).
وفي هذا الباب وردت أحاديث كثيرة نذكر منها : قول أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) : (ولو ان السماوات والأرضين كانتا على عبد رتقاً ثم اتقى الله لجعل منهما مخرجاً)(7).
(واعلموا انه من يتقي الله يجعل له مخرجاً من الفتن ونوراً من الظلم)(8).
وقال رسول الله (صلى الله عليه واله) : (من انقطع إلى الله كفاه كل مؤونة، ومن انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها)(9).
4- التقوى مفتاح بركات السماوات والأرض :
قال تعالى : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأعراف: 96].
والمقصود بالتقوى هنا هي التقوى الاجتماعية، اي لو وجد المجتمع المتقي لله لفتح الله عليهم بركات السماء والأرض، يقول العلامة الطباطبائي : (إن افتتاح أبواب البركات مسبب لإيمان أهل القرى جميعاً وتقواهم ، اي ان ذلك من آثار إيمان نوع الإنسان وتقواه لا إيمان البعض وتقواه ، فإن إيمان البعض وتقواه لا ينفك عن كفر البعض الآخر وفسقه ، ومع ذلك لا يرتفع سبب الفساد وهو ظاهر)(10).
ومن هذا فعلى المستوى الفردي ايضاً التقوى مفتاح بركات الله تعالى : {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا } [الطلاق: 2، 3]
وقد روي ان هذه الآية نزلت في عوف بن مالك الاشجعي ، حيث (اسر العدو ابناً له فأتى النبي (صلى الله عليه واله) ، وذكر ذلك ، وشكا إليه الفاقة ، فقال له : اتق الله واصبر ، واكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله ، ففعل الرجل ذلك ، وبينما هو في بيته إذا أتاه ابنه ، وقد غفل عنه العدو فأصاب إبلاً وجاء بها إلى ابيه)(11).
قال صاحب الكشاف : (فبينا هو في بيته إذ قرع ابنه الباب ومعه مائة من الإبل تغفل عنها العدو فاستاقها)(12).
وأروع تعبير وبيان لهذه الحقيقة ما قاله امير المؤمنين علي (عليه السلام) :
(أوصيكم عباد الله بتقوى الله فإنها الزمام والقوام فتمسكوا بوثائقها واعتصموا بحقائقها تؤول بكم إلى أكنان الدعة ، وأوطان السعة، ومعاقل الحرز ومنازل العز)(13)
5- المدحة والثناء : قوله تعالى : { وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [آل عمران: 186] .
6- الحفظ والحراسة من الاعداد : قوله تعالى {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [آل عمران: 120].
7- التأييد والنصرة : قوله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128].
8- إصلاح العمل : قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ } [الأحزاب: 70 - 71].
10- المحبة : قوله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ } [التوبة: 4].
11- القبول : {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ } [المائدة: 27].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نهج البلاغة خطبة : 198 .
(2) الشهيد المطهري، من كتاب جهان بيني باللغة الفارسية.
(3) ابن ابي الحديد، شرح نهج البلاغة: 20 / 268 ، ط/ دار احياء الكتب العربية.
(4) العلامة الطباطبائي ، الميزان في تفسير القرآن : 9/56.
(5) الفيض الكاشاني ، المحجة البيضاء : 5/16 .
(6) العلامة الطباطبائي ، الميزان في تفسير القرآن : 19/314.
(7) نهج البلاغة خطبة : 130 .
(8) نهج البلاغة خطبة : 183.
(9) المحدث المجلسي ، بحار الأنوار : 77/180 .
(10) العلامة الطباطبائي ، الميزان في تفسير القرآن : 8/201.
(11) الطبرسي، مجمع البيان ، 5/360.
(12) الزمخشري، الكشاف : 4/556.
(13) نهج البلاغة خطبة : 195.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|