العلاقة بين الاختصاص التشريعي والقضائي الدولي وضرورة التمييز بينهما |
5058
02:26 صباحاً
التاريخ: 7-2-2022
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-4-2016
4553
التاريخ: 18-3-2021
10801
التاريخ: 2-12-2021
2211
التاريخ: 19-1-2023
1672
|
الأصل هو استقلال المحكمة المختصة والقانون الواجب التطبيق وانعدام التلازم بينهما، و من المبادئ المستقرة في فقه القانون الدولي الخاص أنه لا تلازم بين الاختصاص القضائي والاختصاص التشريعي، فالمحكمة المختصة يصح أن تكون غير محكمة الدولة التي يجب تطبيق قانونها، وبالعكس فإن القانون المطبق بواسطة محكمة لا يصح أن يكون قانونا غير قانون دولة هذه المحكمة، واعتمد الفقه في إقرارهم لهذا المبدأ والتأكيد عليه على مبررات عديدة (1) أهمها عدم اقتصار المحكمة المختصة على تطبيق قانونها بشأن كل المنازعات (2)، وما اتفق عليه الفقه من أسبقية تعيين المحكمة المختصة على تحديد القانون الواجب التطبيق (3)، واختلاف الاعتبارات التي يبني عليها كل من الاختصاصين التشريعي والقضائي (4) والتي يقوم أهمها على أنه على الرغم من كون كل من قواعد التنازع وقواعد الاختصاص يضعان حلا لمسألة التزاحم؛ حيث تفصل الأولى في مسألة تزاحم القوانين، وتفصل الثانية في مسألة تزاحم المحاكم، إلا أن قواعد تنازع القوانين تختلف عن قواعد تنازع الاختصاص القضائي في كون الأولى قواعد غير مباشرة لا يؤدي تطبيقها إلى الحسم النهائي للنزاع المعروض على القاضي بطريقة مباشرة، وإنما تقتصر وظيفتها على مجرد الإشارة إلى القانون الواجب التطبيق على النزاع، أما قواعد الاختصاص القضائي فهي قواعد فاصلة وبصورة مباشرة في مسألة اختصاص محاكم الدولة الوطنية بنظر النزاع المطروح على القاضي من عدمه(5)
ولكن لزاما علينا القول بأن مسألة الاختصاص القضائي الدولي أسبق في ظهورها عن الاختصاص التشريعي اعتبارا من كون مشكلة تحديد القانون الواجب التطبيق لا تظهر إلا في حالة السماح للقوانين الأجنبية بالتطبيق بجانب قانون القاضي، أما مسألة الاختصاص القضائي الدولي فإنها مسألة أولية يتعين على القاضي أن يبت فيها بمجرد عرض النزاع عليه(6) ، ووفقا للتسلسل الطبيعي عندما تثور منازعة ناشئة عن علاقة خاصة دولية، فإنه ينبغي تحديد مسألتين مهمتين:
الأولى: ما المحكمة المختصة بنظر هذه المنازعة؟ وهو ما يعرف بالاختصاص القضائي الدولي
الثانية: ما القانون الواجب التطبيق على العلاقة؟ وهو ما يسمى بتنازع القوانين أو الاختصاص التشريعي ولكن يجب الفصل بين كل من الاختصاصين القضائي والتشريعي وضرورة التمييز بينهما، فانعقاد الاختصاص القضائي لمحاكم دولة معينة بنظر منازعة خاصة دولية قد يراعى فيه اعتبارات الأمن والسلامة في الإقليم إيمانا بأنها الأقدر على تحقيق العدالة، أما الاختصاص التشريعي واختيار أنسب القوانين وأكثرها ملاءمة وارتباطا بالعلاقة محل النزاع قد تؤدي إلى الإسناد لقانون أخر غير القانون الوطني (7) .
كما أن قواعد الاختصاص القضائي الدولي تراعى فيها اعتبارات المواءمة التي وفقا لها قد ينعقد الاختصاص الدولي لمحكمة دولة معينة في نظر منازعة ذات صبغة دولية لم تكن في الأصل مختصة بنظرها، إلا أنه يتم نظرها أمام تلك المحكمة بسبب ارتباطها بدعوى أصلية وانطلاقا من اعتبارات حسن سير العدالة وتلافي تضارب الأحكام، أما قواعد الاختصاص التشريعي فإن قوامها العمل على تحقيق نوع من التعايش المشترك بين مختلف الأنظمة القانونية والتعاون بينهما، وما يترتب على ذلك من قبول كل دولة تطبيق قوانين الدول الأخرى(8) .
الاستثناء: التلازم والارتباط بين الاختصاصين التشريعي والقضائي.
إذا كان الأصل هو عدم التلازم بين الاختصاص التشريعي والاختصاص القضائي، إلا أنه لاعتبارات معينة قد يتحقق بينهما تلازم وتعاون على سبيل الاستثناء فتكون المحكمة المختصة هي محكمة الدولة التي يجب تطبيق قانونها على المنازعة الخاصة الدولية، أو بالعكس يكون القانون الواجب التطبيق هو قانون دولة المحكمة المطروح أمامها النزاع. ولما كانت محاكم كل دولة تقوم بتطبيق قواعد الإسناد الوطنية، فإنها في أثناء ذلك تجرى عدة عمليات قانونية:
أولها: عملية التكييف اللازمة للعلاقة الخاصة الدولية وتحديد طبيعتها القانونية من حيث كونها من مسائل الأحوال الشخصية أو من مسائل الأموال أو العقود أو غيرها حتى يتسنى إدراجها تحت إحدى الفكر المسندة في قانونها الوطني تمهيدا للوصول لقاعدة الإسناد المناسبة لها ومن ثم تعيين القانون الواجب التطبيق عليها، ومما لا جدال فيه أن اختلاف التكييف سيؤدي إلى اختلاف قاعدة الإسناد ومن ثم اختلاف القانون الواجب التطبيق والحل النهائي للنزاع المعروض (9)،
حيث إن معظم التشريعات قد أخذت بنظرية بارتان في شأن إخضاع التكييف القانون القاضي(10)، ولكن عملية التكييف للعلاقة القانونية محل النزاع وإعطاؤها الوصف القانوني السليم تختلف من تشريع إلى أخر، مما يرسى في النهاية إلى اختلاف القانون الواجب التطبيق على هذه العلاقة.
وثانيها: مسألة التحديد للقانون الواجب التطبيق الذي أشارت إليه قاعدة الإسناد ومدى التزام القاضي بتطبيق الأخيرة (حيث إن اختلاف موقف المحكمة المختصة من مسألة الالتزام بتطبيق قاعدة الإسناد الوطنية من عدمه يمكن أن يؤثر في تحديد الاختصاص التشريعي لأن التشريعات المقارنة لا تتبنى موقف موحدة بشأن هذه المسألة، ففي الوقت الذي يلزم فيه القانون الإيطالي والسويسري والنمساوي ولإسباني والألماني القاضي بأن يطبق قاعدة الإسناد الوطنية حتى ولو أشارت إلى تطبيق قانون أجنبي، لم يجز القانون الإنجليزي للقاضي هذه السلطة)، ومن ثم بيان موقفها من الإحالة في نطاق تنازع القوانين والتي تتحقق عندما تشير قاعدة الإسناد في قانون المحكمة المختصة إلى قانون أجنبي فتحيل قاعدة الإسناد الموجودة في هذا الأخير إلى قانون نفس المحكمة أو أن تشير إلى اختصاص قانون أجنبي آخر(11) ومدى إمكانية الدفع بالنظام العام (12)، ولعل تباين مواقف التشريعات الوطنية من مسائل قواعد الإسناد والإحالة والتكييف والدفع بالنظام العام سيؤثر بلا شك في الحل النهائي للنزاع، وهو ما يجعل للاختصاص القضائي الدولي تأثيرا مهما في الاختصاص التشريعي فيما يخص كل مسألة من هذه المسائل (13).
ثالثها: عملية التفسير للقانون الأجنبي الواجب التطبيق والذي أشارت إليه قاعدة الإسناد والتي قد يصاحبها عدم استعداد من جانب قضاة المحاكم الوطنية المعروض عليها النزاع لبذل مزيد من الجهد في سبيل الوصول إلى مضمون القانون الأجنبي وإيجادهم صعوبة بالغة في ذلك في حال عدم قدرته على التفسير السليم للقاعدة الأجنبية الواجبة التطبيق خاصة إذا كانت هذه القاعدة القانونية تنتمي إلى نظام قانوني مختلف تماما عن قانون القاضي، مما قد يؤدي إلى الفصل في النزاع على وجه مغاير تماما عما يمكن أن تقضى به محاكم الدولة التي ينتمي القانون الواجب التطبيق إلى نظامها القانوني(14) .
ويتخذ التأثير المتبادل بين الاختصاصين التشريعي والقضائي صورتين: فالاختصاص التشريعي قد يكون جالبة للاختصاص وقد يكون طاردة له. الصورة الأولى: جلب الاختصاص التشريعي للاختصاص القضائي.
قد يجلب الاختصاص التشريعي الاختصاص القضائي وذلك في الحالات التي تكون فيها محاكم الدولة غير مختصة أصلا بالمنازعة المتضمنة عنصرة أجنبية ولكنها تختص بها في حالة ما إذا كان القانون الواجب التطبيق على موضوع هذه المنازعة هو القانون الوطني، فمن الأفضل منطقية أن تكون للمحاكم الوطنية الأحقية والأولوية في تطبيق قانونها الوطني لأنها ستكون الأكثر حرصا على كفالة احترام أحكامه ونصوصه من أي محكمة أخرى، وقد عبر المشرع المصري عن هذه الفكرة في المادة 30/7 من قانون المرافعات المدنية والتجارية والتي نصت على أنها تختص المحاكم المصرية بنظر الدعاوى التي ترفع على الأجنبي الذي ليس له موطن أو محل إقامة في مصر إذا كانت الدعوى متعلقة بمسألة من مسائل الأحوال الشخصية، وكان المدعي وطنية أو أجنبية له موطن في مصر وذلك إذا كان القانون المصري واجب التطبيق على تلك الدعاوى.
الصورة الثانية: طرد الاختصاص التشريعي للاختصاص القضائي.
يرى البعض أن الاختصاص التشريعي في إمكانه طرد الاختصاص القضائي، وأن انعقاد الاختصاص التشريعي القانون أجنبي قد يؤدي إلى زوال الاختصاص القضائي الدولي عن المحاكم الوطنية وذلك في ثلاث حالات (15) :
الحالة الأولى: وتكون عند اختلاف أحكام القانون الأجنبي الواجب التطبيق عن أحكام القانون الوطني اختلافا جوهرية، ومن أمثلة ذلك ما كانت تفعله المحاكم الإنجليزية في مواجهة الزواج المتعدد؛ حيث كانت تتنحى عن نظر المنازعات المتعلقة بهذا الزواج المقرر في الشريعة الإسلامية محتجة في ذلك بأن المنازعة المثارة والقانون الأجنبي الواجب التطبيق عليها يختلفان كلية عن قانونها الوطني الذي لا يعرف نظام تعدد الزواج، ولا يعترف إلا بنظام وحدة الزواج (16) .
الحالة الثانية: وتكون بمجرد عقد الاختصاص التشريعي القانون أجنبي، لأن ذلك قد يستتبعه قيام المحاكم الوطنية بالتخلي عن نظر هذه المنازعات والسماح للقضاء الأجنبي بالفصل فيها، ومن أمثلة ذلك ما ذهب إليه القضاء الفرنسي بخصوص المنازعات المتعلقة بحالة الأشخاص الأجانب من إمكانية تخلى المحاكم الفرنسية عن نظر هذه المنازعات وإحالتها إلى القضاء الأجنبي ليتولى الفصل فيها (17).
الحالة الثالثة: وتكون في حالة ما إذا طلب من المحكمة المختصة اتخاذ إجراء غريب عليها غير مقرر في القانون الوطني للمحكمة كما في حالات الطلاق الديني الذي تعرفه بعض الأنظمة الأجنبية (18)، فقد يتطلب القانون الأجنبي الواجب التطبيق اتخاذ إجراء غريب تماما عن المبادئ العامة المستقرة والمعروفة في الدولة المختصة محاكمها بنظر النزاع؛ ففي هذه الحالة يتعين على القاضي أن يحكم بعدم اختصاصه(19)، ومثال ذلك ما قررته بعض المحاكم الألمانية من أنه لا يجوز للقاضي أن يقوم بالتصديق على عقد تبني شخص أجنبي راشد بعد تقرير مدى ملاءمته للأجنبي المطلوب تبنيه، ما دام أن القانون الوطني الألماني لا يستلزم رقابة المحكمة على عقود التبني إلا في الأحوال التي يكون فيها المتبني قاصرة أو عديم الأهلية، وبالتالي فعلى القاضي وفقا لذلك أن يحكم بعدم اختصاصه لمجرد أن القانون الأجنبي الواجب التطبيق يتطلب اتخاذ إجراء محدد في حالة لم ينص عليها القانون الوطني الألماني(20) وقد تحفظ البعض على المسالك السابق للقضاء الألماني مؤكدين على عدم أحقية الحكم بعدم الاختصاص بنظر النزاع للدواعي المذكورة، فقد كان من الأفضل أن تعمد هذه المحاكم إلى استبعاد القانون الأجنبي الواجب التطبيق بحسبان مخالفته للنظام العام لديها وأعمال القانون صاحب الاختصاص في هذه الحالة أيا ما كان الأخير بدلا من الاستسهال بالحكم بعدم اختصاصها بنظر النزاع (21) .
الحالة الرابعة: وهي حالة ما إذا تطلب القانون الأجنبي الواجب التطبيق على النزاع اتخاذ إجراء وقتي وعاجل، وقد اتفق الفقه والقضاء في كافة دول العالم على اختصاص المحاكم الوطنية بالفصل في هذه الإجراءات الوقتية والعاجلة حتى ولو كان هذا الإجراء الذي يتطلبه القانون الأجنبي الواجب التطبيق غريبا تماما عن دور القاضي المعتاد وفقا لقانونه الوطني (22) ، ويرى البعض أن اختصاص القضاء الوطني بالإجراءات الوقتية مرجعه أن قانون القاضي الوطني هو الواجب التطبيق أصلا في هذه الحالة أيا كانت صفته هل بصفته القانون الذي يحكم الإجراءات أو بصفته من قوانين البوليس والأمن المدني، ولكن واجه أصحاب هذه النظرة نقدة منطقية وهو أن مسألة تحديد المحكمة المختصة هي أمر سابق على مسألة تحديد القانون الواجب التطبيق فكيف للأمر اللاحق أن يكون سببا للأمر السابق ؟، فالمفروض أن يحدث العكس، وهو ما يصعب معه منطقية التسليم بأن القانون الوطني الواجب التطبيق هو الذي أدى إلى عقد الاختصاص الدولي للمحكمة المعنية(23)، بينما يرى البعض الآخر أن اعتبارات حماية الأمن والسكينة العامة ونشر الطمأنينة في المجتمع من أجل توفير الحماية للأشخاص والأموال في الدولة هي ما وراء اختصاص المحاكم الوطنية بالطلبات المؤقتة (24) .
الحالة الخامسة: وتحوى حالات استثنائية خاصة يجلب فيها الاختصاص التشريعي الاختصاص القضائي، ومثالها المادة 8/هـ من القانون الدولي الخاص الكويتي والتي تنص على أنه "استثناء من أحكام المواد السابقة، يجوز رفع الدعوى أمام المحاكم الكويتية، إذا لم يكن للمدعى عليه موطن في الكويت في الأحوال الآتية:
هـ -........ أو إذا كان القانون الكويتي واجب التطبيق في موضوع الدعوى"، والمادة 30/7 من قانون المرافعات المصري الحالي والتي تنص على أنها تختص محاكم الجمهورية بنظر الدعاوى التي ترفع على الأجنبي الذي ليس له موطن أو محل إقامة في الجمهورية وذلك في الأحوال الآتية: .
7- إذا كانت الدعوى متعلقة بمسألة من مسائل الأحوال الشخصية وكان المدعي وطنية أو كان أجنبية له موطن في الجمهورية، وذلك إذا لم يكن للمدعى عليه موطن معروف في الخارج أو إذا كان القانون الوطني واجب التطبيق في الدعوى"(25).
الخلاصة :
تخلص من ذلك بنتيجة مهمة وهي أن المبدأ العام يقضي باستقلال كل من الاختصاص التشريعي عن الاختصاص القضائي، إلا أن ذلك لا يعني القطيعة التامة بينهما بل إن هناك أحيانا يكون لأحدهما تأثير على الآخر، ويرجع ذلك إلى أسبقية إثارة مسألة الاختصاص القضائي على مسألة الاختصاص التشريعي من الناحية العملية والزمنية عند عرض النزاع الخاص بعلاقة خاصة دولية على القضاء، ولكن الذي لا يمكن إنكاره أنهما معا يمثلان جناحي الحق، فثبوت الحق للأشخاص لا تظهر قيمته العملية إلا إذا استطاع أصحابه حمايته عن طريق القضاء، ومن ثم فإن تنظيم الحالات أو المراكز القانونية الأجنبية لا تقتصر على تحديد الاختصاص التشريعي فقط بل تستلزم أيضا تحديد الاختصاص القضائي لمحاكم الدولة بمنازعات التجارة الدولية الخاصة التي تتضمن عنصرا أجنبية
_______
1- انظر تفصيلا حول مبدأ عدم التلازم ومبرراته: د. حسام الدين فتحي ناصف: الاختصاص القضائي الدولي وتنفيذ الأحكام الأجنبية، 2012م، دار النهضة العربية، القاهرة ، ص 37 وما بعدها.
2- حيث إنه لو اقتصرت محاكم دولة معينة على تطبيق قانونها بشأن كل المنازعات الوطنية والدولية لما كان هناك تنازع بين القوانين، ومن هنا ينبع وجوبية تحديد القضاء المختص حتى يمكن معرفة القانون الواجب التطبيق، وقد قيل بأن الربط بين المحكمة المختصة والقانون الواجب التطبيق هو عودة لتطبيق لمبدأ الإقليمية المطلقة في شأن تطبيق القوانين والمهجور من الأنظمة القانونية الحديثة وتبنيها مبدأ شخصية القوانين، وأن القول بغير ذلك من شأنه تهديد سلامة وأمان واستقرار المعاملات الخاصة الدولية التي أملت من ناحية قيام مسألة تنازع القوانين بهدف معرفة القانون الملائم لحكم العلاقة الخاصة الدولية، ومن ناحية أخرى قيام مسألة تنازع الاختصاص القضائي بغية تحديد المحكمة الأكثر جدارة وكفاءة لنظر النزاع المتعلق بالعلاقة الخاصة الدولية - انظر تفصيلا د. حسام الدين فتحي ناصف: المرجع السابق، ص 38
3- ويتحفظ البعض على قاعدة أسبقية الاختصاص القضائي على الاختصاص التشريعي، ويوردون قولهم بأن اختصاص المحكمة يتحدد بالرجوع إلى قواعد الإسناد المقررة في قانونها الوطني كقاعدة الإسناد المقررة في القانون المدني المصري في المادة 20 والتي تنص على أنه يسري على قواعد الاختصاص...... قانون البلد الذي تقام فيه الدعوى....."، ومن ثم فإن اختصاص المحكمة يتحدد بقاعدة إسناد أولى مقتضاها أن قواعد الاختصاص بالدعوى يحددها قانون البلد الذي تباشر فيه الدعوى فتحدد المحكمة المختصة ثم تطبق قواعد الإسناد المقررة في قانونها أيضا لتعيين القانون الواجب التكييف - انظر تفصيلا د. حسام الدين فتحي ناصف المرجع السابق، ص 42، 43 .
4- فالاختصاص التشريعي يقوم على الاهتمام بموضوع المسألة المتنازع عليها واختيار أنسب القوانين لها وأكثرها اتصالا وارتباطا بها حتى يتسنى له حل النزاع وتسويته تسوية عادلة وفقا الظروف العلاقة وملابساتها، أما الاختصاص القضائي، فلا ينظر إلى جوهر المسألة المتنازع عليها بل يسعى إلى عقد الولاية للمحاكم الوطنية بخصوص نزاع معين ضمانا لراحة المتقاضين وتجنيبهم العناء وتحقيقا لحسن التنظيم والإدارة المرفق القضاء ومراعاة لاعتبارات الأمن والسكينة والسلامة على الإقليم.
5- د. هشام على صادق: القانون الدولي الخاص، دار الفكر العربي الاسكندرية 2005 ، ص 9.
6- د. أحمد عبد الكريم سلامة: فقه المرافعات المدنية الدولية، الطبعة الأولى، 2000م، دار النهضة العربية، القاهرة ، ص 27.
7- د. هشام خالد: القانون القضائي الخاص الدولي، 2001م، دار الفكر الجامعي، ص 43 .
8- د. طلال ياسين العيسى: دراسة قانونية في علاقة الاختصاص القضائي الدولي بقواعد النظام العام، بحث منشور بمجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 25، العدد الأول، 2009م، ص 311
9- ومثال ذلك الضرب غير المبرح من الزوج المسلم لزوجته، حيث يتم تكييفه من جانب المحاكم الإسلامية والتي تقرر بأنه حق للزوج في تأديب زوجته أي أنه أثر من آثار الزواج ومن ثم يخضع لقانون جنسية الزوج وقت انعقاد الزواج فيكون هو القانون الواجب التطبيق ويكون الزوج قد أتى عملا مشروعة ومباحا ولا عقاب عليه، أما إذا كانت المحكمة المختصة أجنبية فإنها قد تكيف مسلك الزوج على أنه فعل ضار يخضع لقاعدة الإسناد التي تقرر خضوع الفعل الضار القانون دولة محل وقوعه فيكون هو القانون الواجب التطبيق ومن ثم يخضع الزوج للمسئولية والعقاب والمطالبة بالتعويض.
10- ومنها التشريع المصري والذي نص في المادة 10 من القانون المدني على أن القانون المصري هو المرجع في تكييف العلاقات عندما يطلب تحديد نوع هذه العلاقات في قضية تتنازع فيها القوانين، لمعرفة القانون الواجب تطبيقه من بينها".
11- ويتضح تأثير المحكمة المختصة في تعيين القانون الواجب التطبيق من ناحية أنه قد تقبل المحكمة الأجنبية الإحالة كما هو الحال في فرنسا، وقد ترفض المحكمة هذه الإحالة كما هو الحال في مصر (وفقا للمادة 27 من القانون المدني المصري)، ففي حالة قبول المحكمة الفرنسية إحالة الاختصاص التشريعي الثابت وفقا لقواعد الإسناد الفرنسي للقانون الإنجليزي إلى قانونها، ومن ثم يثبت الاختصاص التشريعي لقانونها، أما في مصر فإذا أشارت قاعدة الإسناد المصرية إلى اختصاص القانون الإنجليزي فأحالت قاعدة الإسناد في القانون الأخير إلى القانون المصري أو إلى القانون الألماني فإن المشرع المصري يرفض هذه الإحالة بنوعيها ويعطى الاختصاص في هذه الحالة للقواعد الموضوعية في القانون الأجنبي الواجب التطبيق وذلك وفقا للمادة 27 من القانون المدني المصري.
12- حيث إن فكرة النظام العام فكرة نسبية ومتغيرة ومرنة تتغير بتغير المكان والزمان، فمن الممكن تصور تأثير اختصاص محكمة دولة معينة بنظر النزاع في تحديد القانون الواجب التطبيق عليه فقد تستبعد محكمة الدولة "س تطبيق القانون الأجنبي الواجب التطبيق لمخالفته نظامها العام، بينما لو اختصت محكمة الدولة "ص" بذات النزاع لالتزمت تطبيق القانون الأجنبي عليه لعدم تعارضه مع مقتضيات النظام العام الوطني.
13- د. طلال ياسين العيسى: دراسة قانونية في علاقة الاختصاص القضائي الدولي بقواعد النظام العام، مرجع سابق، ص 311.
14- بل والأكثر من ذلك أن جهل القضاة في بعض الأحيان بمضمون القانون الأجنبي الواجب التطبيق وكلهم عن بذل مزيد من الجهد والبحث عن المضمون الحقيقي والمعنى المقصود قد يدفعهم إلى تطبيق القانون الوطني على خلاف ما تقضى به قاعدة الإسناد بحجة تعذر الوصول إلى مضمون القانون الأجنبي أو مخالفته للنظام العام، وبالتالي فإن اختلاف رغبة كل قاضي عن الآخر سيكون لها تأثيرها على الحل النهائي للنزاع المعروض - انظر تفصيلا د. هشام صادق: القانون الدولي الخاص، مرجع سابق، ص 14.
15- د. طلال ياسين العيسى: دراسة قانونية في علاقة الاختصاص القضائي الدولي بقواعد النظام العام مرجع سابق، ص 312.
16- وقد أدت الانتقادات اللاذعة لهذا المسلك من جانب المحاكم الإنجليزية إلى تعديل المشرع الإنجليزي موقفه سنة 1973م وصارت المحاكم الإنجليزية تنظر الدعاوى المتعلقة بالزواج المتعدد إذا كان الزواج قد انعقد صحيحة وفقا للقانون الواجب التطبيق عليه، ولكنها مازالت إلى الآن بصمة واضحة على جبين القضاء الإنجليزي - انظر في ذلك د. عكاشة محمد عبد العال: القانون الدولي الخاص، 1996م، دار الجامعة الجديدة للنشر والإسكندرية، ص 411، وكذلك د. هشام صادق، د حفيظة السيد حداد: مبادئ في القانون الدولي الخاص، الكتاب الثالث القانون القضائي"، 2001م، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، ص 26 وما بعدها
17- د. هشام صادق، د. حفيظة السيد حداد: المرجع السابق، ص 27، وكذلك د. هشام صادق: تنازع الاختصاص القضائي الدولي، 1972م، منشأة المعارف، الإسكندرية، ص26.
18- وجدير بالذكر أن المشرع المصري في قانون المرافعات الملغي سنة 1949م كان يعتنق فكرة التخلي عن الاختصاص للمحاكم المصرية في المادة 865 والتي كانت تنص على أنه في الأحوال المنصوص عليها في المادتين 891 فقرة 2، 892 وحيث يكون القانون الواجب التطبيق هو قانون الدولة التي ينتمي إليها الخصوم بجنسيتهم يجوز للمحكمة مراعاة لحسن سير العدالة، أن تكلف المدعى برفع دعواه أمام محاكم هذه الدولة إذا كان رفعها إليها جائزة"، ولكن جاء قانون المرافعات الحالي خالية من أي نص مماثل معلنة إلغاء الحكم وتخليه عن فكرة التخلي عن الاختصاص.
19- د. هشام على صادق: القانون الدولي الخاص، مرجع سابق، ص 19.
20- د. هشام صادق: المرجع السابق، ص 15.
21- د. هشام خالد: القانون القضائي الخاص الدولي، دار الفكر العربي 2001 ، ص 48.
22- د. هشام صادق: القانون الدولي الخاص، مرجع سابق، ص 20.
23- د. حسام الدين فتحي ناصف: الاختصاص القضائي الدولي وتنفيذ الأحكام الأجنبية، 2012م، دار النهضة العربية، القاهرة ، ص 48.
24- د. هشام صادق: القانون الدولي الخاص، مرجع سابق، ص 21.
25- وكذلك ما نصت عليه المادة السابعة من قانون أصول المحاكمات السوري والتي نصت على أنه يجوز رفع الدعوى على الأجنبي أمام المحاكم في سورية في مسائل الأحوال الشخصية التي تدخل في الحالات السابقة، حتى ولو لم يكن للمدعى عليه موطن أو سكن في سورية في الأحوال الآتية:
هـ - إذا كان المدعى سوريا أو له موطن في سورية، وذلك إذا لم يكن للمدعى عليه موطن معروف في الخارج أو إذا كان القانون السوري واجب التطبيق في موضوع الدعوى.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|